الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة العصا والجزرة .

صباح حزمي الزهيري

2024 / 3 / 28
الادب والفن


مقامة العصا والجزرة :

في السبعينات من القرن الماضي اذكر ان المرحوم د.نزار الطبقجلي في احدى محاضراته في علم السياسة , قال ان العصا والجزرة تعبير مجازي مصدره اوروبا حيث كانوا يروضون البغال والحمير بأستخدام العصا والجزرة , وهو اصطلاح يشير إلى سياسة تقديم مزيج من المكافآت والعقاب للحث على سلوك معين, وقد أُطلقت هذه التسمية في إشارة إلى عربة سائق تتدلى منها جزرة أمام بغل, مع حمل العصا خلفه, سيتحرك البغل نحو الجزرة لأنه يرغب في الحصول على مكافأة الطعام , مع الابتعاد عن العصا خلفه, لأنه لا يريد العقاب الذي سيتسبب له بالألم , العصا والجزرة أسلوب لترويض البغال كان متبعًا في عدد من الدول, فإن سمعت وأطاعت فلها الجزرة, وإن عصت فلها العصا, وفي الدبلوماسية التي تتميز باصطلاحات مهذبة جميلة, يتم الاستغراب من استخدام تعبير الجزرة والعصا في الخطابات السياسية والكتابات الأكاديمية, فقد أصبحت لغة العصا مرفوضة بعد ما حققته قوانين حقوق الإنسان من مساواة بين البشر في القرن العشرين, كما أن استعارة جزرة الحمار تعبير لا ينم عن الاحترام في الأدب الغربي, مع أن الحمار استعارة للصبر والحكمة في الأدب العربي.
يُستخدم هذا التعبير بشكل كبير في مجال العلاقات الدولية، لوصف مفهوم الواقعية لـ “القوة الصارمة”, تشير الجزرة إلى خفض الضرائب, أو غيرها من الفوائد, أما العصا فتشير إلى استخدام العنف النفسي والتهديدات من قبل الحكومة, وسبق أن أثار رد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في مقابلة عبر برنامج “Meet the Press” على قناة “NBC” الأمريكية, موجة من الغضب في أوساط السعوديين لاستخدامها مصطلح “العصا والجزرة” في التعامل مع السعودية, إثر رفض الرياض زيادة الإنتاج من النفط , حيث أعربت كلينتون عن خيبة أملها من قرار السعودية, واعتبرته قرارًا “قصير المدى جدًا”, ولا يخدم مصلحة أي أحد , بما في ذلك السعودية نفسها, وبينما أكدت كلينتون سعيها لتكون أكثر إقناعًا, قاطعها المذيع قائلًا “بالجزر أم بالعصي؟”, لتعقب كلينتون قائلة, “أعتقد أنه عليك القيام بالاثنين معًا, فنحن في أزمة وجودية الآن”.
وفي علم النفس يرتبط اصطلاح الجزرة والعصا بنظريات القرن التاسع عشر, التي تعتقد بأن الجشع والخوف يحفزان البشر على زيادة الإنتاج , ولطالما كانت العصا في تاريخها الطويل أداة للسيطرة والهيمنة لذلك أرادها الخطباء أن تكون لهم معينا وسندا.
يتساءل العروبيون اليوم بعد أن انفلتت غرائز البعض منهم من عقالها لممارسة العنف الأكثر توحشا: هل ينبغي رفع شعار العصا لمن عصى لاستتباب الأمن أم الأفضل المناوبة بينها وبين الجزرة أو بينها وبين المزمار كما يفعل رعاة العرب على مرّ التاريخ؟ رعاة غنم ورعاة بشر على حدّ السواء؟ فللعصا قصّة فصولها لا تنتهي في الثقافة العربية وتتجدّد روايتها مع كلّ عصر.
ترى هل أن الدكتاتورية هي قدر الشعوب العربية؟ وهل تتخذ العصا من الأهمية الثقافية عند العرب إلى درجة أنه لا يمكنهم تسيير شؤونهم السياسية دون الاعتماد عليها كوسيلة للحكم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال