الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزواج وزوجات 1992(وودي ألن): الأزمة

بلال سمير الصدّر

2024 / 3 / 29
الادب والفن


العنوان ومن اول وهلة،يذكر مباشرة بفيلم مشاهد من الحياة الزوجية لأنغمار بيرغمان...ولكن هل من الضروري أو المعتاد أن اي فيلم جاد خارج عن اللكنة المالوفة لوودي ألن ان نربطه بأنغمار بيرغمان...؟!
خاصة ان الفيلم مبني على تجربة واقعية في حياة وودي ألن،حيث تم عرض الفيلم بعد نهاية علاقة وودي الن مع الممثلة الأثيرة لديه ميا فارو،وهي العلاقة التي انتهت من طرفيها الرومانسي والمهني حيث كان هذا الفيلم آخر أفلامهم الثلاثة عشر معا.
حقق الفيلم أصداء نقدية ايجابية واسعة،بالاضافة الى ترشحه الى جائزتين أوسكار لأفضل ممثلة مساعدة (جودي ديفيس)،وأفضل نص أصلي وهو النص الذي كتبه وودي ألن.
وبالرغم من ذلك،لاقى الفيلم فشلا تجاريا ذريعا على شباك التذاكر،وهو الأمر المخالف لعادة أفلام وودي الن التي تحافظ،أو التي تحاول الحفاظ على التوازن بين المستوى الفني وشباك التذاكر،ولكن التوازن في هذا الفيلم لم يكن حاصلا بحيث مال مخرجنا الى الشخصانية وترجيح النخبوية والثقافة المختلطة-كالعادة-بين الفلسفة والأدب وعلم النفس على المداعبة الجميلة الممكنة من قبله لشباك التذاكر،فكليشيهات وودي الن غائبة تقريبا عن الفيلم،والتي مهما كانت وفي الكثير من احيانها سطحية وسخيفة ولكنها تتميز بذلك العنصر الغريب الذي يخلق البسمة على فم المشاهد بالرغم من كل شيء.
كما انه فضل ان يقيم حوار انشائي مفتوح بين الشخصيات مدعما له بالوثائقية،حيث يعمد الى عمل مقابلات مع الشخصيات تتعلق بالحدث قيد السرد،على ان يقيم كوميديا سوداء ذات علاقة كبيرة بالثقافة أو بالحوار الثقافي،وذات علاقة ايضا بالموقف،مما جعل هذا الفيلم يغرد خارج السرب المألوف لوودي ألن...
غاب (وودي ألن) يستمع في التلفاز الى هذا الاقتباس عن اينشتاين:
لايلعب الله لعبة الزهر في الكون
فيرد غاب:لا...بل يلعب لعبة الاستخباء
من الواضح ان هذا انسحاب من عدم اقامة الدليل على وجود الله الى الدليل الوجودي الممكن المدعو طبعا بالاهمال،ولكن الفيلم بمجمله تبدو فيه الفلسفة أقل حضورا ووضوحا من الأدب.
جاك(سيدني بولاك)،وزوجته سالي (جودي ديفيس)،صديقين مقربين لغاب وزوجته جودي(ميا فارو) يعلنان:
قبل الذهاب الى العشاء نريد ان نخبركم بشيء:سننفصل أنا وجاك عن بعضنا
وهنا،هذه الاربعة شخصيات التي هي في اواسط العمر بحيث من الممكن ان يكون الفيلم-مع شيء من التحفظ-عن ازمة منتصف العمر،والجزء التوثيقي يلاحق التفاصيل،ويلاحق الانطباع الشخصي وانطباع الآخرين،بالاضافة الى المشاعر الخاصة بالشخصية التي تتعلق على الغالب بالحدث قبل السرد.
يلاحق الفيلم الشخصيات الاربعة بداية من جاك الذي لاحق عاهرة ذات مرة قبل قراره بالانفصال عن زوجته،ويوثق هذا الحدث بعقد مقابلة مع العاهرة التي قالت أنه اصبح يلاحق صديقتها ايضا...
جودي تعمل في مجلة للفنون وليس لديها اطفال من غاب بينما لديها ابنة من زواج سابق...هذا الانفصال الذي حدث باعتراف بدأ يعيد ترتيب أوراق كلا من غايب وجودي...
جودي:هل تظن بأننا سننفصل في يوم الأيام...؟!
وتتابع:ولكني لا أدري ما هو شعوري عندما ترفض ان تجعلني حاملا بطفل
غاب:أنه لمن الظلم أن نحضر طفلا الى هذه الدنيا الرهيبة
لا تبرر رفضك ببنائه على قواعد فلسفية،أتجذبك النساء الأخريات...؟
عمن تتكلمين...؟!
كانساء الموجودات في الصف،صاحبات المواهب والتطلعات المستقبلية،أنا متأكدة بأنه يعبدونك
هل استطيع ان المح لك بأنهن لايرغبن برجل عجوز
هذا الحوار السابق يشكل نقاط كثيرة ومكررة في اي زواج استمر حتى منتصف العمر،انه علامات الشرخ في اي زواج،وليس من الضروري عند توارد مثل هذه الافكار والاسئلة أن يفشل الزواج نفسه...بل هي احد معطيات أزمة منتصف العمر
في وقت لاحق،تتواعد سالي مع بول وتؤكد كلام صديقتها:
عندما تصل المرأة الى مثل هذا العمر يصبح الأمر مختلطا تماما...لاتدافع عن جنسك،هذه حقيقة الأمر،كل شيء يكون رائعا الى ان تظهر عمرك عندهايبدأون بالبحث عن نموذج جديد...
بالنسبة لغايب،فهو على وشك الانزلاق لعلاقة مع أحد طالباته التي لانعرف ان كانت موهوبة أو هو مجرد أختلاق ذاتي داخلي من قبل غايب وهو الذي في السابق قبل زواجه من جودي كان مرتبط بهاربيت هارمون،وهي نموذج المرأة الجامحة من كل النواحي والأطراف...يقول غاب في معرض الوثائقية:
وفي مطلق الاحوال،انتهت في مصح،كانت رائعة لكنها مجنونة
أترى:كنت دائما مولعا بالنساء اللواتي كما ادعوهن(نساء كماكازي)،وادعوهن كذلك لأنهن يقضين على حياتهن بطريقة انتحارية،واثناء قيامهن باعمالهن الانتحارية يسببن موتك ايضا...
مع اواسط العمر تصبح العشرة الزوجية أمرا مكروها مرتبط جدا بالملل،وكما تقول جودي:
ما لم يقله انه خلال السنتين الماضيتين من زواجنا كان عاجزا عن مضاجعتي،فالمعاشرة الزوجية ضرورية لبناء مكتمل لأي علاقة زوجية...
بالاضافة الى المتطلبات التي كانت موجودة ولكنها تحولت الى حقيقة تنم عن الشخص نفسه أو عن ملل الشخص نفسه
تقول جودي عن زوجها السابق:
...ولم اتقبل حقيقة انه لم يكن رومانطيقيا من اي ناحية،كان من النوع الذي سيهديك أداة للمطابخ في عيد ميلادك
ينجر غاب نحو تلميذته راين(جولييت لويس)،وهو يعتقد أن العلاقة بينهما أدبية،خاصة أنه يتمتع بقدر كبير من ضبط النفس.
في معرض الوثائقية،يعلق جاك على تصرفات صديقه غاب:
غاب،لطالما اختار المراة الخطأ ما عدا جودي
كانت المراة الأولى التي وقع في حبها،كان منجذبا دائما الى النساء المجنونات
لدي نظريتان حو الموضوع،الأولى هي:يعلم بأن العلاقة لن تنجح ويريد ان يكفر عن ذنب رافقه منذ القدم لا أدري ما هو...
والسبب الآخر،هو مثل بقية الناس تربى على افلام وقصص خيالية حيث الحب من دون امل يعتبر رومانطيقيا.
تحاول جودي ان تملأ الفراغ في حياة سالي من خلال تعريفها على مايكل،ولكن تعود سالي الة زوجها جاك فيحدث الانقلاب لن مايكل(ليام نيسون) سيملا فراغه بالاهتمام بجودي.
نلاحظ ان هناك حالات كثيرة مكررة،ولا يمكن التعامل معها كحبكة فيليمية أصيلة،فرجل ترك زوجته واهتم بالعاهرات وارتبط بمدربة رياضية فارغة وسطحية،وزوج لايرغب بالانجاب،وغراميات مختلطة لزوجات منفصلات أو على وشك الانفصال،وزوج في اواسط العمر منجر طوعيا الى علاقة مبتذلة مع تلميذته الشابة والتي يعرف بأنها مسار خاطئ منذ البداية.
وودي الن عندما دعم كل ذلك بالوثائقية،فهو لم يرد ان يروي شيئا مكررا،وحتى لو كان مكررا فهو معفي من الابتذال.
وودي الن اراد ان يتحدث بشيء من التفصيل المقنع عن ازمة منتصف العمر ولكلا الطرفين.
11/11/2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح


.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال




.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل