الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكاليات مفهوم الامة العراقية / 8

رياض سعد

2024 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


لعل سائلاً يسأل ، ما سبب تحامل وحقد الاقليات ولاسيما الطائفة السنية الكريمة على الاغلبية العراقية العربية الاصيلة وشيعة العراق ؛ بهذه الصورة المبالغ بها والتي لفتت انظار العرب والعالم اجمع ؛ ولعل السبب الذي جرأ مواطني الدول العربية والاسلامية على الطعن في سكان العراق الاصلاء ؛ قيام تلك الشراذم بذم الاغلبية العراقية على مرأى ومسمع من كل الاجانب والغرباء والدخلاء ...؟!

وللإجابة على ذلك ؛ لابد لنا من تقديم توطئة :

اولا : هنالك فوارق جوهرية بين ابناء الطائفة السنية الكريمة في العراق ؛ ففي سنة العراق يوجد العربي والكردي والتركماني والعجمي والاجنبي , وبين عرب السنة يوجد العراقي العربي الاصيل والعربي الغريب الدخيل .

ثانيا : اختلط الحابل بالنابل واندمجت الفئة الهجينة بالطائفة السنية الكريمة و اختبأت تحت عباءتها , واثرت فيها تأثيرا سلبيا , مما جعل بعض ابناء السنة الاصلاء يتبعون خطوات ابناء الفئة الهجينة الدخلاء .

ثالثا : ان غياب الهوية الحقيقية لبعض ابناء الفئة الهجينة من الذين جاء بهم الاتراك العثمانيين من الاصقاع البعيدة , وكذلك شعور البعض الاخر منهم بعدم الانتماء للعراق , بالإضافة الى شعور البعض الثالث منهم بمشاعر الغربة والاقلية والضعف ؛ ولاسيما و ان الشخص اذا كان دعيا في (نسبه) ومشكوكا في اصله ، يجعل من السهل على الدخيل الحقد على الاصيل , وحمل الضغينة على سكان البلد الاصلاء والكرماء ؛ فهم يشعروه بنقصه وعقد الاغتراب والضياع والضعف والدونية ؛ مما يدفع هؤلاء المهجنين والمجنسين الى الاضطراب السلوكي والسلوك العدواني الاجرامي والتحلل الاخلاقي ... ؛ فلانهم متهمون في اصولهم وقومياتهم وجذورهم ودياناتهم ؛ يميلون الى الالتواء واللف والدوران والادعاء والشذوذ والمبالغة والغلو والتعصب الذي يصل حد الاجرام والارهاب , بالتالي يصبح تحامل هؤلاء الغرباء والدخلاء واللؤماء على العراقيين الاصلاء , ورميهم بالموبقات والعيوب , ونسبة أسوأ الصفات اليهم ؛ تحصيل حاصل .

ومن البديهي ان الوطن يعني لسكانه الاصلاء الشيء الكثير , فهو الملاذ والمأوى والبيت الكبير الذي يجمع الأهل والأحبة والاصدقاء والاقارب والعراقيين الاصلاء والكرماء والنبلاء أحياء وأمواتا ، فالوطن هو الرابطة التي تشدنا بعضنا للبعض الاخر , لهذا ينبع حب المواطن من حب الوطن , وحب الوطن من الايمان بل ومن الاصالة والعراقة ؛ فالمواطن الاصيل يحب اخاه المواطن الاخر , ويعطف عليه ويقدم يد العون له , ويشعر بالأنس والامن والامان والطمأنينة معه ؛ لأنه يذكره بالوطن .

وإلفُ الإنسان لوطنه وحبه له أمر فطري جبلي، وسبب هذا الإلف والمحبة وجود القرابات والصحبة، وذكريات الصبا، وتقارب الطباع والعادات الاجتماعية، واتفاق الثقافات والتاريخ والمصير المشترك والارض الواحدة , لذا نشاهد ميل المواطنين بعضهم لبعض , ومشاركة بعضهم البعض في الافراح والاحزان والمناسبات والمسرات , واتحادهم في صد الغزوات الاجنبية وحماية الاراضي والثروات الوطنية , ومن اوضح الشواهد على ما ذهبنا اليه ثورة العشرين ضد الانكليز والتي شارك فيها العراقيون الاصلاء من كل مكونات الامة العراقية ... ؛ وعرفت الاغلبية والامة العرقية الاصيلة ؛ بمكارم الاخلاق والتي منها : ان يحب العراقي لأخيه العراقي ما يحب لنفسه , وطالما ساد الود والرحمة والتكاتف والتكافل بين ابناء الاغلبية والامة العراقية .

لذا نقولها و بملئ الفم ؛ ان الذين قتلوا العراقيين الاصلاء واستباحوا مناطقهم ومقدساتهم , ونهبوا ثرواتهم وخيراتهم , وقدموا الاجانب عليهم , وساموهم سوء العذاب ؛ لا يمتون للعراق والاغلبية والامة العراقية بصلة , وصدق من قال ما حن دخيل على اصيل قط .

وبما أن الأشياء تعرف بأضدادها ؛ سأذكر لكم مثالا , نقارن فيه بين سلوك الطائفة السنية في ايران والفئة الهجينة في العراق , لنؤكد صدق من ذهبنا اليه انفا , من ان المواطن الدخيل والمدعي الهجين الذليل ؛ يعتبر من اهم اسباب دمار وخراب العراق والفتك بالأغلبية العراقية وباقي مكونات الامة العراقية .

فها هي مناطق ( هرمزگان ، بوشهر ) والتي تقع جنوب ايران ؛ ويقطنها السنة والشيعة معا , اذ يوجد تعايش رائع وجميل بينهم ؛ فلا مكان للتعصب والغلو والعنف والذبح والقتل بينهم ؛ وهم جميعا يفتخرون بأنهم ابناء هذه الارض – ايران - , وان دماءهم واحدة , وفي العشيرة الواحدة يوجد سنة وشيعة بل والعائلة الواحدة احيانا , و الأمثلة على ذلك كثيرة ومنها : ان اهل مدينة ( بیرم ) جلهم من الشيعة ؛ وفي نفس الوقت تری جل ابناء هذه المدینة المهاجرین الی قریة ( چاه طوسی فی اطراف خنج ) هم من السنة ، و نری ایضا ان سکان قریة ( زینل آباد قرب گراش ) هم شیعة من اصول سنیة من مدینة ( خور) وهاجر بعضهم الی مدینة ( اوز ) و اقرباءهم لا یزالون علی المذهب السني ، و کذلك کان‌ سکان مدینة ( گله دار) من الشیعة الا ان جمعا کبیرا منهم تسنن بسبب علاقاتهم الطیبة مع زعماء عرب الساحل ... ؛ ورغم ذلك یحتفلون معا في جمیع مناسباتهم کالعزاء والموالید ،وکذلك نری کثیرین من المهاجرین الی موانئ بندر عباس و ( میناب ) وهي من المناطق الایرانیة السنیة ؛ قد تشیعوا في تلك المناطق او تشبثوا بأفكار معتدلة تجمع بین الشیعیة والسنیة ، فضلا عن وجود المصاهرات الكثيرة بين العوائل السنية والشيعية ... ؛ وهناك يجتمع السنة والشيعة في يوم الوحدة من كل سنة لأداء الصلاة الجامعة ؛ حيث يصلي الجميع في نفس المسجد ... ؛ و قد شاعت بين الايرانيين مقولة السيد الخميني : لا تقل اني شيعي ولا تقل اني سني بل قل اني مسلم .

ومن خلال هذه المقارنة نتعرف على مدى بشاعة الفئة الهجينة وشذوذها وانحرافها عن كافة القيم الوطنية والاسلامية والانسانية ومروقها عن الاعتدال والعقلانية والهوية العراقية , وعليه لا تستغرب من حقد البعثية على الاغلبية العراقية العربية , اذا علمت ان اول امين عام للبعث المنكوس فؤاد الركابي وثاني امين عام للبعث هو علي صالح السعدي وكلاهما يرجعان للأصول الفيلية الايرانية ... ؛ او عندما ترى ان عتاة المتطرفين و الطائفيين في دول الخليج هم من الايرانيين السنة المهاجرين الى دول الخليج , او ان حزب البعث في البحرين جل اعضائه من اصول ايرانية سنية و امينه العام هو من اصل كردي ايراني ... ؛ بالإضافة الى ان بعض مجرمي البعث العراقي الهجين ذهبوا الى البحرين لتعذيب الاغلبية الشيعية العربية هناك , ومارسوا نفس الادوار المنكوسة هناك , فقد ادعوا كعادتهم بانهم من اصول عربية وقبائل عراقية , وفي نفس الوقت ينكرون انساب العرب الاصليين في الساحل العربي لانهم اباضيين و شيعة , ولم يكتف البعثية الغرباء في البحرين بذلك , وجل بعثية البحرين من اصول سنية ايرانية , بل راحوا يستدعون الغرباء والاجانب امثالهم لإعطائهم الجنسية البحرانية ؛ لتغيير التركيبة السكانية في البحرين ؛ وقد تشاجر سكان البحرين الاصلاء من الشيعة والمحسوبين على الحركة الناصرية القومية مع البعثيين الايرانيين السنة المدافعين عن تجنيس السنة الاجانب , واعترضوا على عمليات التجنيس السياسي المشبوهة .

واينما تذهب لا تجد لسلوك المواطن الهجين تبديلا , فهو أول من يتبرئ من اصله وينكر اهله ويخفي قوميته , ثم يتلقب بالقاب الاخرين ولاسيما القاب الجماعات الحاكمة , ومن ثم يشن الحرب ضد سكان البلاد الاصلاء ويستحوذ على خيراتهم وممتلكاتهم , وبعدها يدعو امثاله من الغرباء والاجانب لإحداث التغييرات الديموغرافية التي تصب بصالح الغرباء وتلحق افدح الاضرار بسكان البلد الاصلاء , وعليه لا تستغرب من تعفن فكر الايراني السني وغيره عندما يهاجر الى البلدان الاخرى والتي لا تربطه بها اية رابطة وطنية او وشيجة قرابة .

والنتيجة التي نصل اليها من خلال ما سبق ؛ ان المعيار في سلوك الفئة الهجينة والدخلاء والغرباء من ذوي الاصول الاجنبية والغريبة ؛ هو بغض الاغلبية والامة العراقية والتآمر عليها والاضرار بمصالحها والوقوف مع الاعداء الخارجيين ضد ابناء البلد الاصلاء , واليكم مثالا يوضح هذا المطلب ؛ فعندما انصف الرئيس عبد الكريم قاسم العراقيين الاصلاء وحاول اصلاح الاخطاء الفادحة التي ارتكبتها الحكومات الهجينة السابقة بحقهم , والنهوض بالعراق , قام المصري جمال عبد الناصر بشن حملات شعواء تستهدف العراق والاغلبية والامة العراقية , ففي 1958م افتتح راديو صوت العرب في القاهرة وبدء ببث سمومه وتحريض العراقيين على نظام حكمهم ونجح في غسل ادمغتهم بأفكاره القومية المتطرفة المعادية للهوية الوطنية العراقية ؛ وقام ابناء الفئة الهجينة وشذاذ الطائفة السنية بقتل الرئيس عبد الكريم قاسم ... ؛ وبعد الانقلاب كان العراق يدار بالكامل ولمدة اكثر من سنة من قبل المستشارين المصريين ؛ لان الانقلابين كانوا صغارا ولا يمتلكون خبرات كافية و لا يفقهون شيئا في السياسة والحكم , وقد حققت مصر مكاسب كبيرة جراء هذا الانقلاب الغاشم المنكوس ... ؛ فإن جمال يعتبر الاب الروحي لكليهما - للقومجية والبعثية – في بداية الامر ، و محرضهم الاول على الانقلاب ... ؛ علما ان جل القومجية والبعثية وادعياء العروبة من الطائفة السنية الكريمة والفئة الهجينة ؛ كرهوا الرئيس عبد الكريم قاسم واعلنوا عليه الحرب ؛ بسبب انصافه البسيط للأغلبية العراقية ومحاولاته الرامية الى تصحيح اخطاء وجرائم الحكومات البائدة بحق الاغلبية والامة العراقية , والى هذه اللحظة احفاد وابناء الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة المغرر بهم ؛ يكرهون الرئيس عبد الكريم كرها منقطع النظير , ويتهموه بشتى التهم الباطلة والافتراءات الكاذبة ... ؛ بسبب خطواته تلك .

وان استمرار هذا الخط المنكوس في العراق ؛ ينذر بالخراب الاكبر والدمار الاخطر , والحل يكمن في اتحاد الشيعة الاصلاء مع السنة الاصلاء وباقي مكونات الامة العراقية الاصيلة , واستبعاد الغرباء والدخلاء الحاقدين والمنكوسين , واسقاط الجنسية العراقية عن كل الاشخاص من ذوي الاصول الاجنبية وغير العراقية من المخربين والفاسدين والارهابيين والمنكوسين والموالين للأجانب والاعداء والغرباء , وتطهير بلاد الرافدين من شرورهم وارهابهم وفسادهم وحقدهم وامراضهم العنصرية والطائفية والمناطقية ... ؛ ومن ثم احياء مشروع الامة العراقية وانبثاق دولة المواطنة واسترجاع الحقوق التاريخية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في