الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القادة الاستبداديين يجبرون الديمقراطيات على التراجع

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2024 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة المترجم :

المتابع الموضوعي يلاحظ ضعفاً وعواراً واضحاً وفاضحاً في الموقف العام لـ(المنظومة والعقل السياسي والثقافي العربي السائد) تجاه موضوع الاستبداد ، أما الموقف الخاص (عربياً) ، فهي منذ قرون تعيش على مائدة الخليفة - السلطان - الحاكم - وكل من يملك السلطة والقرار والمال ، وتتماهى معه وتعمل على ترسيخ سلطته واستبداده ، حيث تساهم في تضليل المواطن وتسطيح عقله وبالتالي نزع حصانته الطبيعية تجاه الظلم والاستبداد وإهدار حقوقه ومسخ انسانيته .

لهذا نرى أهمية مواصلة الكتابة ونشر كل ما يتعلق بـ(نهج وثقافة الاستبداد) ، لتعزيز حصانة المواطن في مواجهته لكل مستبد وطاغية ، وادانة هذا النهج والثقافة حيثما كانت في المكان والزمان . وهنا ارى من الضروري أن اكرر نشر الفقرة الأخيرة من هذا المقال لمنظمة لاشك في مهنيتها وكتاب مختصون :
( ومن أجل تعزيز قدرة الديمقراطية على الصمود في مواجهة عملية الاستبداد ، فمن الأهمية بمكان أن يتم تعزيز المعرفة بين أولئك الذين يملكون السلطة في نهاية المطاف في الديمقراطية ، أي الناخبين . إن المطلوب الآن هو التنوير حول الكيفية التي ينشأ ويعمل بها الاستبداد ، وما هي القوى التي تحركه ، وأهمية ودور خياراتنا السياسية في تحديد نجاحه وفشله . وهذا يعني مشروعا شاملا ومشتركا للتعليم العام .) .

************

https://cached-images.bonnier.news/gcs/bilder/dn-mly/972e0c72-6c23-45b5-8d5e-98070c52deeb.jpeg?interpolation=lanczos-none&fit=around%7C1010:569&crop=1010:hcenter,top&output-quality=80
يكتب مؤلفو المقال أن دونالد ترامب يقدم نفسه الآن على أنه منقذ الديمقراطية ، استنادا ، من بين أمور أخرى ، إلى الكذبة الكبرى القائلة بأن الانتخابات في الولايات المتحدة عام 2020 كانت مزورة . تصوير : وين ماكنامي/ وكالة فرانس برس

إن سبعة من كل عشرة أشخاص في العالم يعيشون الآن في بلدان غير ديمقراطية ، والتدهور الأكبر يحدث في بلدان أوروبا الشرقية القريبة منا . غالبا ما يكون الانخفاض نتيجة لسياسة متعمدة ينتهجها الشعبويون المنتخبون والأحزاب القومية اليمينية . حتى في السويد ، تومض أضواء التحذير ، كما يكتب ممثلو معهد الأبحاث V-Dem .

قدم معهد V-Dem بجامعة غوتنبرغ ، يوم الخميس 7 مارس/آذار ، تقرير الديمقراطية لعام 2024 . إنه يظهر استمرار التطور غير المريح للديمقراطية في العالم . وفي واحد من كل أربعة بلدان تقريباً ، أي ما مجموعه 42 بلداً ، تؤدي القرارات السياسية المتعمدة إلى إضعاف الحريات الديمقراطية ، ولا يزال 15 منها فقط يفي بالحد الأدنى من متطلبات الديمقراطية .

وحتى في بلادنا هناك علامات ضعف ، سواء على مستوى المواقف أو المؤشرات القابلة للقياس . لقد أصبح من الواضح الآن أن الديمقراطية لا يمكن اعتبارها أمراً مسلماً به حتى في السويد ، وأن الوقت قد حان لمشروع تعليم عام ضخم للدفاع عنها .

يعد قياس V-Dem للديمقراطية هو الأكثر شمولاً في العالم ويستند إلى أكثر من 600 مؤشر تم جمعها من قبل أكثر من 4200 خبير في أكثر من 180 دولة . وتشير أرقام هذا العام إلى أن مستوى الديمقراطية بالنسبة للمواطن العادي الافتراضي قد انخفض إلى المستوى الذي كان عليه في عام 1985 ـ قبل نهاية الحرب الباردة . إن 71% من سكان العالم – 5.7 مليار نسمة – يعيشون الآن في بلدان غير ديمقراطية . وكانت النسبة 48% قبل عشر سنوات .

تثير الأرقام الجديدة للمعهد القلق بشكل خاص في ضوء عام الانتخابات الكبرى 2024 . ويبين التقرير أن أكثر من نصف جميع الانتخابات خلال العام تجري في البلدان التي تشهد تراجعاً ديمقراطياً . تُعَد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة انتخابات مصيرية ، نظراً لطموح دونالد ترامب المعلن لتغيير الولايات المتحدة في اتجاه استبدادي متزايد . وهناك أمور كثيرة على المحك أيضاً في الانتخابات البرلمانية في الاتحاد الأوروبي ، حيث تستجمع الأحزاب اليمينية المتطرفة قوتها .

في الهند ، يبدو أن رئيس الوزراء مودي وحزبه الحاكم قادران على تعزيز سلطتهم وحكمهم الاستبدادي بشكل متزايد ، كما فعل الرئيس أردوغان بالفعل في تركيا . وفي الوقت نفسه ، تظهر أوروبا الشرقية التدهور الأكثر اتساعا . وتشكل البلدان المجاورة لنا داخل الاتحاد الأوروبي ، مثل المجر وكرواتيا ورومانيا ، أمثلة حيث تتدهور الديمقراطية أكثر من غيرها .

إن تراجع الديمقراطية له عواقب . وهذا لا يعني فقط زيادة الافتقار إلى الحرية وزيادة العنف السياسي في البلدان التي انهارت فيها الديمقراطية ، كما هو الحال في روسيا ، ولكنه ينطوي أيضا على تحديات كبرى على مستوى العالم . ويظهر البحث بوضوح أن الصراعات المتزايدة والأسوأ هي واحدة منها . إن الحرب الشاملة ضد أوكرانيا كانت نتيجة للسياسات التي تبنتها روسيا الاستبدادية على نحو متزايد في ظل حكم بوتين .

غالباً ما يتكرر أننا نعيش في زمن التهديدات الكبرى للسياسة الأمنية ، لكن الدكتاتوريات في العالم هي المسؤولة عن التهديدات وليس الديمقراطيات . ويتضح ذلك أيضاً ، على سبيل المثال ، من التقارير السنوية التي نشرها مؤخراً جهاز الاستخبارات العسكرية والأمن (MUST) وجهاز الأمن السويدي (SÄPO) ، والتي تسلط الضوء على روسيا والصين وإيران باعتبارها تهديدات لأمن السويد .

كما أن لتراجع الديمقراطية عواقب وخيمة أخرى مثل ضعف التنمية الاقتصادية ، وضعف الصحة العامة ، وانخفاض حماية البيئة والمناخ .

عندما تنهار أي ديمقراطية في أيامنا هذه ، فإن هذا يحدث عادة تدريجياً ، نتيجة لسياسة متعمدة ينفذها قادة منتخبين شعبياً . التغييرات الحاسمة والقابلة للقياس التي تميز الجزء الأول من هذا التطور هي الحد من حرية الصحافة والحرية الأكاديمية والحرية الفنية بالإضافة إلى إضعاف منظمات المجتمع المدني ، وبهذا يتم استغلال الديمقراطية لتفكيك الديمقراطية .

تومض أضواء التحذير أيضاً في السويد . تشير بيانات V-Dem لهذا العام إلى ضعف مبدئي في حرية التعبير . كما أنها تظهر أن البعد التداولي للديمقراطية آخذ في الضعف ، أي الجانب الذي يتناول دور النقاش العام في القرارات السياسية .

وتتراجع المؤشرات التي تقيس ، من بين أمور أخرى ، احترام المعارضين السياسيين ووجود الحجج العقلانية . تظهر التقارير السابقة أن هذا النوع من الضعف يرتبط بزيادة الاستقطاب العاطفي السام ، وهذا ينطبق أيضاً على السويد حيث : ترتفع مؤشرات V-Dem فيما يتعلق بانتشار دعاية الكراهية من قبل الأحزاب السياسية .

يُظهر بحث V-Dem أيضاً أن الاستبداد يتم تعزيزه من خلال التضليل والاستقطاب . يتم دفع الناس إلى تصديق أكاذيب القادة المناهضين للديمقراطية . وبمجرد وصولهم إلى السلطة ، يدفعون بأجندة مناهضة للديمقراطية ، وغالباً ما يكون ذلك مصحوباً بمزيد من الأكاذيب القائلة بأن الديمقراطية تتحسن بالفعل من خلال سياساتهم .

والآن يقدم ترامب نفسه باعتباره منقذ الديمقراطية ، استناداً ، من بين أمور أخرى ، إلى الكذبة الكبرى المتمثلة في تزوير انتخابات عام 2020 . إن سرد الأزمة المنتشرة أمر أساسي في الدول الاستبدادية ، كما هو الحال بالنسبة للاتهام بأن المعارضين السياسيين قد خانوا الأمة . ويتم تفكيك الحريات والحقوق على أساس أن الإجراءات ضرورية "لإنقاذ الأمة" من هذا التهديد أو ذاك .

تظهر الأبحاث بوضوح أن عملية نزع الديمقراطية في العالم مدفوعة في المقام الأول من قبل القادة الشعبويين والأحزاب اليمينية ذات النغمات القومية . وتتميز بمناهضة أساسية للتعددية ، حيث يتم استبدال فكرة التنوع الأساسي في الرأي حول الديمقراطية بأفكار الإرادة الشعبية الموحدة التي يكون ممثلها الشرعي الوحيد هو الزعيم الشعبوي .

https://cached-images.bonnier.news/gcs/bilder/dn-mly/72f14da8-ec80-4ce2-bf13-a1baae186c84.jpeg?interpolation=lanczos-none&downsize=520:*&output-quality=80
نيكولاس مادورو، الرئيس الاشتراكي الذي أشرف على تراجع الديمقراطية في فنزويلا. الصورة: ماتياس ديلاكروا / ا ف ب

وحتى عندما تأتي السياسات المناهضة للتعددية من اليسار ، فإن الديمقراطية تظل في خطر . وأوضح الأمثلة على ذلك هو تراجع الديمقراطية في فنزويلا والتطور السلبي في المكسيك في الوقت الحالي .

ومن أجل تعزيز قدرة الديمقراطية على الصمود في مواجهة عملية الاستبداد ، فمن الأهمية بمكان أن يتم تعزيز المعرفة بين أولئك الذين يملكون السلطة في نهاية المطاف في الديمقراطية ، أي الناخبين . إن المطلوب الآن هو التنوير حول الكيفية التي ينشأ ويعمل بها الاستبداد ، وما هي القوى التي تحركه ، وأهمية ودور خياراتنا السياسية في تحديد نجاحه وفشله . وهذا يعني مشروعا شاملا ومشتركا للتعليم العام .

ستافان ليندبرج ، أستاذ ومدير معهد بجامعة غوتنبرغ
مارتن ويكفورس ، مستشار اتصالات مستقل
أوسا ويكفورس ، أستاذة الفلسفة النظرية وكاتبة

صحيفة داغنس نيهيتر السويدية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24