الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادئ تصنيف الأديان 1

مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)

2024 / 3 / 31
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


مؤلف المقالة: سيرجي الكساندروفيتش توكاريف

ترجمة مالك ابوعليا

الملاحظات والتفسير بعد الحروف الأبجدية بين قوسين (أ)، (ب)... هي من عمل المُترجم

إن ألقينا نظرةً عامةً على تاريخ دراسة الدين ووضعه القائم في بلدنا وفي الخارج، فمن المُستحيل أن نُغفِلَ ظاهرةً واضحة. عند العُلماء ذوي الايديولوجيا البرجوازية الذين يدرسون الدين، فقد تجمَّعت مادة وقائعية غنية حول هذا الموضوع، وأُجرِيَت دراساتٌ مُكثفة حول مسائل خاصة مُتنوعة في تاريخ الدين، كما تم تحديد جذور مُعتقدات وطقوس دينية مُعينة. لكن الدراسات ذات التوجه البرجوازي لم تطرح حلاً شاملاً لمسألة الدين وأصله، كما أنها، غير قادرة على طرح مثل هذا الحل.
ومع ذلك، فقد طَرَحت الدراسة الماركسية للدين، في أعمال مؤسسي الماركسية وغيرهم من الكُتَّاب الماركسيين، فهماً صحيحاً من حيث المبدأ وشاملاً لطبيعة وجذور الدين. لكن فيما يتعلق بالتفاصيل العديدة المُتعلقة بتاريخ الدين وتحليل الأشكال المُختلفة للدين، فإننا لم نقم بكل ما هو مطلوبٌ تماماً.
الخُطوة الأُولى والأكثر أهميةً في هذا الاتجاه، هي تنظيم البيانات الوقائعية نفسها، فالنظمنة العلمية وتصنيف الوقائع وتأسيس المفاهيم والمُصطلحات الأساسية يُشكل دائماً المهمة الأُولى لأي علم. وهذا ضروري بشكلٍ خاص فيما يتعلق بتاريخ الأديان. فمن أجل أن يعثر المرء على موطئَ قدمٍ له في هذا الكم الهائل والعشوائي من التصورات الخيالية والطقوس المُتنوعة التي لا نهاية لها، والتي تُشكل تاريخ ديانات جميع الشعوب، من الضروري تنظيم هذه الفوضى وتقسيم المواد المُراد دراستها الى فئاتٍ ومجموعاتٍ مُحددة، والمهمة التي أمامنا مُباشرةً في هذا المجال هي تصنيف مُختلف أشكال الدين.
لقد طُرِحَت مسألة تصنيف أو نظمنة الأديان أكثر من مرةٍ في هذا المجال. لقد سعى العديد من الكُتّاب الى حل هذه المهمة في شكل تحديد مراحل المسار العام لتطور الدين. وهكذا، وَضَعَ الفيلسوف قسطنطين فرانسوا دي فولني Constantin François de Volney عام 1791 ثلاثةَ عشرَ "نظاماً" مُتتالياً للدين(1). في عشرينيات القرن التاسع عشر، حدد هيغل، في عشرينيات القرن التاسع عشر، بوسائل استنباطيةً صرفة، مراحل تطور الدين في العلَم، مُقدماً مثالاً ملموساً لكل مرحلةٍ من مراحل الدين التي عرفها التاريخ(2). قسَّمَ اوغست كونت تاريخ الدين بأكمله الى ثلاثة مراحل رئيسية: الفيتيشية والوثنية والتوحيد(3). قسّمَ المؤرخ الانجليزي جون لابوك John Lubbock تاريخ الأديان الى سبع مراحل: الإلحاد،، الفيتيتشية والطوطمية والشامانية وعبادة الأوثان والآلهة كخالقة خارقة للطبيعة، والآلهة ككائناتٍ مُحسِنة(4). عام 1905، قلل الاثنولوجي والاركيولوجي الألماني ليو فروبينيوس Leo Frobenius عدد مراحل تطور الدين مرةً أُخرى الى ثلاث: الاحيائية، الايمان بالمانا وعبادة الشمس(5). يتحدث الألماني توماس اكيليس Thomas Achelis أيضاً عن ثلاث مراحل، ولكن بشكلٍ أكثر عموميةً: 1- المراحل الدُنيا (الفيتيتشية والشامانية). 2- المراحل العُليا (الوثنية والديانات الطبيعية الأكثر تقدماً)، و3- الأديان الأخلاقية، التي تتميز برأي اكيليس بوجود الوحي، أي ظهور شخصياتٍ مُحددة تأتي لإعلان الشريعة الجديدة(6).
من المؤكد أن هذه المُحاولات تستحق الاهتمام الجاد، لأنها أظهَرَت سعياً حقيقياً الى السير على منهجٍ تاريخي في دراسة الدين. لكن هذه النماذج إما تمتاز بالسذاجة الشديدة (دي فولني)، أو بسبب التفسير المثالي المحض لتاريخ الدين كعملية تطوّرٍ ذاتيٍّ جوهري (هيغل)، أو بسبب تخطيطيتها المُفرطة (كونت، لابوك، فروبينيوس).
وكان هُناك أيضاً باحثون ومُنظرون سَعوا الى اختزال الأديان الموجودة الى أقلٍّ من تلك الأنواع، دون التخلي عن المنهج التاريخي. على سبيل المثال، قسمها الهولندي كونيليوس تييلي Cornelis Tiele الى نوعين اثنين: الأديان "الطبيعية" والأديان "الأخلاقية". ومن المفهوم أن هذا النوع الأخير يشمل التعاليم الدينية الطاوية والكونفوشيوسية والبوذية والمسيحية والاسلام (7). هذا التصنيف له بعض المعنى. ومن ناحيةٌ أُخرى، فإن اقتراح الألماني اوتو فليديرير Otto Pfleiderer جمع كل الديانات في فئتين ديانات "التَبعية" وديانات "الحُرية"، بحيث تندمج الفئتان في نظره في الديانات التوحيدية، وخاصةً المسيحية(8)، يبدو لنا مُصطنعاً ويفتقر الى أي أساس. وأخيراً، هُناك التقسيم الشائع للأديان الى "توحيدية" و"وثنية"، لكن هذا التقسيم يكاد يفتقر الى أساسٍ علمي، وهذا واضح، لأنه لا يوجد حد فاصل نهائي بين هذين النوعين من الديانات، ومن الصعب تصنيف المسيحية بإيمانها التثليثي في قائمة الديانات التوحيدية، على الرُغم من أنه لا يُمكن تصنيفها ضمن الديانات الوثنية كذلك. من جهةٍ أُخرى، مثل هذا التصنيف غير مُناسب، لأن هُناك الكثير من الديانات البدائية ليس لديها فكرة حول الإله أو الآلهة.
حاوَلَ كُتّابٌ آخرون، بطريقةٍ مُعاكسةٍ تماماً، تجميع الديانات الموجودة من حيث الجُغرافيا أو الأُسس الاثنية الصرف، رافضين المُقاربة التاريخية. على سبيل المثال، قام الانجليزي ماكس ميللر Max Müller عام 1878 بتقسيم الأديان الى أديان الشعوب "الآرية" و"السامية" و"الطورانية"(9).
في عام 1899، أسس اللاهوتي السويسري كونراد اوريللي Conrad Orelli عَمَلهُ على تقسيمٍ مُماثل، وإن كان ذلك لأغراضٍ وصفيةٍ صرف(10). في دراسةٍ حديثةٍ لتاريخ الدين، استخدَم العالمان السويديان هيلمر رينجرين Helmer Ringgren وسترام ström مرةً أُخرى تصنيفاً جُغرافياً لغوياً للأديان، على الرغم من عدم اتساقهما تماماً، حيث أنهما يجمعان أديان "الحضارات التي لديها لُغة مكتوبة في الشرق الأدنى" "والحضارات الهندو أوروبية" و"حضارات الشرق الأقصى التي لديها لغة مكتوبة" مع بعضها، ويجمعون معاً أديان "الحضارات التي ليس لديها لُغةً مكتوبة"(11).
وقامَ مؤرخ الدين والأنثروبولوجي الأمريكي ذو التفكير التقدمي ويلسون واليس Wilson Wallis(12)، في كتابٍ مُثيرٍ للاهتمام، بمُحاولة تصنيف أديان الشعوب "البدائية" الى مجموعاتٍ جُغرافية، مُحدداً السمات التي تُميز كل مجموعة منها. إن هذا الجهد القائم على تكنيك "المنطقة الثقافية" والذي طوّرهُ فرانز بواس Franz Boas ومدرسته، يستحق الاهتمام من حيث وصفه لمُعتقدات كُل شعبٍ من تلك الشعوب، ولكن بقيت المهمة الأساسية المُتمثلة في تصنيف الأديان، بعيدةً عن كونها قد حُلَّت من خلال هذا التكنيك.
إن أحد أحدث الجهود وأكثرها ادعاءً لتصنيف الدين، والتي بذلها الأمريكي فريد لويس باريش Fred Louis Parrish، في كتابٍ مُخصصٍ لهذه المسألة بالتحديد، هي جُهودٌ زائفة ولا تستحق الدراسة الجادة(13). بعد مُحاولةٍ مُشوشةٍ لتأريخ الدين، قدّمَ باريش، بعد أن رَفَضَ بازدراء جميع آراء أسلافه، تقسيماً غريباً لجميع أديان العالم الى نوعين أساسيين: ديانات "العامِل الثُنائي" وديانات "أُحادية العامِل". يشتَمِلُ النوع الأول على الأديان التي يتم فيها التمييز الحاد بين الانسان والطبيعة، بينما النوع الثاني يجمع بينهما. "في الأديان ذات العامل الثُنائي تُفصل العوامل الدينية اليشرية وغير البشرية، أما في الأديان ذات العامِل الواحد، فلا يوجد سوى العامِل الديني المُشترك التي يجمع كُل الأشياء"(14). هذا المؤلف يضع في النوع الأول جميع ديانات الشعوب المُتخلفة، بالاضافة الى ديانات العالَم القديم: المصرية والبابلية واليونانية (قبل القرن السادس قبل الميلاد) والرومانية (قبل الامبراطورية الباكرة) واليهودية (حتى القرن السادس قبل الميلاد) والصينية (حتى القرن الرابع قبل الميلاد) والهندية (حتى القرن الثامن الى السابع قبل الميلاد) والايرانية (حتى القرن الخامس قبل الميلاد). وهكذا، حسبَ باريش، حَدَثَت انتقالةٌ خلال القرن الثامن قبل الميلاد وحتى القرن الرابع قبل الميلاد في الديانات الخمس الكُبرى في العالم القديم، من مبدأ العامِل الثُنائي الى مبدأ العامل الواحد.
قامَ باريش، بعدما لم يرضَ عن هذا التصنيف كُلياً، بتصنيف الأديان ذات العامِل الواحد الى فروعٍ مُتعددة: "المسيحية اليهودية، الاسلام، بقايا الزرادشتية، الهندوسية والبوذية، والديانات الصينية واليابانية). وفيما يتعلق الديانات ذات العامِلين، يُصنفها المؤلف على أساسٍ مُختلف، ديانات شعوب الصيد، وشعوب رَعي الماشية، والمُزارعون الأوائل والمُزارعون المُتقدمون(15).
باستثناء هذا الجُزء الأخير من تصنيف باريش، والذي يُعتَبَر معقولاً نسبياً، ولكنه ضئيل الصلة بمبدأهُ الأساسي، فإن ما تبقّى من أفكاره وتصنيفاته عبارةٌ عن كُتلة من التشوش والحشو. ان المُقابلة بين الأديان التي تفصل مصير الانسان عن الطبيعة، وتلك التي تدمجها، هي مُحاولة فاشلة: فكلا الأمرين مندمجان معاً ضمن حدود دينٍ واحد، مثل المسيحية. وعندما نتحدث عن نفس أديان الشعوب البدائية بالذات، تندمج كل "العوامل" الانسانية والطبيعية في أغلب الأحيان. على سبيل المثال، غالباً ما يكون التمييز بين أرواح الموتى وأرواح الطبيعة غائباً. حتى أن فلاديمير سولوفييف، على سبيل المثال، وَصَفَ هذه المرحلة "البدائية" من تطور الدين برمتها بأنها "فوضى عارمة، تختلط فيها الأفكار"(16). بالاضافة الى ذلك، عند الحديث عن "الانتقال" من الأديان ذات العامل المُزدوج، الى الأديان ذات العامِل الواحد، يُحدد باريش لحظة هذا التحول على أساس أقل الأدلة والبيانات. مثلاً يتناول أحد النصوص الدينية ويُخضعه لتفسيراتٍ تعسفيةٍ تماماً. فيما يتعلق بتقسيم الأديان ذات العامِل الواحد الى " المسيحية اليهودية، الاسلام، بقايا الزرادشتية..." الخ، والذي يُحاول باريش أن يرسمَ لنا صورةً له(17)، فإن تقسيمه بشكلٍ عام لا يصمد للنقد(18).
إن العديد من المُحاولات لتصنيف الأديان في الأدبيات العلمية، ليس غير مقبولة من الناحية النظرية وحسب، ولكنها تكشف أيضاً عن خاصيةٍ أُخرى. إنها تسعى-بعضها بشكلٍ صريح، وبعضها ضمنياً- الى هدفٍ تبريريٍ ودفاعي: تمجيد الدين المسيحي وإظهار أن مكانته تقع في هَرَم تاريخ تطور الدين، وحتى يُواجهونه بجميع الأديان الأُخرى. وحتى لو غضضنا الطرف عن هذا الهدَف التبريري، فإننا نجدُ خطأ في جانبٍ آخر من تلك التصنيفات. إنها تخلط بين الأديان، كُلٌّ منها على حِدة، وشكل الدين.
بالاضافة الى ذلك، لا يُدرِكُ واضعي مُخططات تصنيف الدين ما يُصنفونه بوضوح، هل هي الأنظمة الفلسفة (الدينية-الأخلاقية) القائمة، أم المُعتقدات الدينية لشعوبٍ مُعينة، أم أنماط وأشكال الأديان، أم مُكونات التصورات والطقوس الدينية. كل هذه مواضيع مُختلفة، وهُناك حاجة الى منهجياتٍ مُختلفة إن أردنا تصنيفها.
لقد أرسَت البحوث الماركسية من زمنٍ طويل تقسيم جميع الأديان الى نوعين رئيسيين: الديانات ما قبل الطبقية (العشائرية المشاعية) وأديان المُجتمعات الطبقية(19). ومع أنه من المُستحيل رسم حدٍّ فاصلٍ واضحٍ بين هذين النوعين من الأديان (سنتحدث عن ذلك أدناه)، الا أنه لا شك أن هُناك فرقاً جوهرياً ونوعياً بينهما. في حين أن السمة الأكثر أهميةً للأديان الطبقية تكمن في حقيقة أنه تطبيقٌ ايديولوجي للاضطهاد الطبقي وتبريرٌ للامساواة الاجتماعية، الا أن أديان المُجتمع ما قبل الطبقي، تَشمَلُ قبل كُل شيء انعكاساً ايديولوجياً لمرحلةٍ مُعينةٍ من تطور المُجتمع، ويُعبّر عن عجز الانسان البدائي في مُواجهة البيئة الطبيعية والاجتماعية المُحيطة به.
إن نظمنة الأديان الطبقية هو أمرٌ أكثر تعقيداً. يبدو أنه يجب، من وجهة نظر المنطق الصرف (وحدة مبادئ التصنيف) ومن وجهة النظر التاريخية، تقسيم الأديان الطبقية الى فروع حسب الأنظمة الاجتماعية-الاقتصادية: أديان المُجتمعات العبودية، أديان المُجتمعات الاقطاعية، أديان المُجتمع الرأسمالي. لقد عبّرَت الأدبيات الماركسية المُتنوعة عن وجهة النظر هذه، ولا سيما المؤرخ الماركسي الايطالي المعروف أمبروجو دونيني Ambrogio Donini. وبرأيه، فإن تصنيف الأديان حسب التشكيلات الاجتماعية-الاقتصادية هو التصنيف العلمي الحقيقي الوحيد(20). على الرغم من بساطة هذه الفكرة، الا أنها تحتوي على قَدَرٍ كبيرٍ من الحقيقة، لأنه لم يكن من قبيل الصُدفة أن أشارَ مؤسسا الماركسية مراراً الى العلاقة بين دياناتٍ مُعينةٍ معروفةٍ في التاريخ، والمُجتمعات العبودية في العصور القديمة، والطبيعة "الاقطاعية" للكاثوليكية في العصور الوسطى، والأصل "الرأسمالي" للبروتستانتية، وخاصةً الكالفينية وعددٍ من الطوائف المُعاصرة الأُخرى(21).
ولكن التطبيق الحرفي لا يؤدي سوى الى الاضرار بالتطبيق الصحيح لفكرةٍ صحيحة. على سبيل المثال، يضطر دونيني نفسه الى استخلاص نتيجة مفادها أنه "لا يوجد دينٌ مسيحيٌّ واحد، ولكن هُناك العديد من أشكال المسيحية، من تلك المسيحية الباكرة وحتى الكاثوليكية والبروتستانتية، طالما مرَّ على المسيحية عددٌ من العصور الاجتماعية"(22). ومرةً أُخرى، صحيح أن المسيحية ليست واحدة، ولها فروعٌ كثيرة تتوافق مع العصور التاريخية المُتنوعة. ولكن لا بُدَّ من قول الشيء نفسه أيضاً عن البوذية، وعن الاسلام جُزئياً. ويُمكن قول الشيء نفسه تقريباً عن اليهودية، التي هي اليوم، ليست كما كانت خلال فترة الهيكل الثاني، وبالطبع ليست كما كانت خلال عهد داوود وسُليمان.
يُمكن للمرء أن يُسلّم تماماً، على سبيل المثال، أن الرُهبان البوذيين الأوائل كانوا يُشبهون التجمعات المسيحية الباكرة أكثرَ من تشابهها مع البوذية اللامية Lamaist أو الكنائس الكاثوليكية. كل هذا صحيح. ويجب علينا أن لا نتخلّى أبداً عن مثل هذا التفسير التاريخي لأي دين: ليس من المُحبَّذ إقامةُ تصنيفٍ للأديان على أساسِ مبدأٍ عام. وإن تخلينا عن ذلك، فلن يبقى أي دينٍ مُتطورٍ تاريخياً، وسف تنهار جميعها، ولن يتناسب أي دينٍ معروف مع نموذج التصنيف، ولن يتبقى لدينا ما يُمكن تصنيفه.
ولهذا السبب-دون أن نُنكرَ بأي حال أن للأديان جوانب مُحددة في كُل شكلٍ من أشكال المُجتمعات الطبقية: العبودية والاقطاعية والرأسمالية- فإنه لا يُمكننا مع ذلك تصنيف الأديان حسب هذه القوائم.
هناك تصنيفٌ آخر وأكثر صحةً للأديان الطبقية، الى أديانٍ قومية وأديانٍ عالمية، قد تأسس منذ زمنٍ طويل في العلم. يُستَخدَم مُصطلح "الأديان العالمية" في الأدب الماركسي، للإشارة الى تلك الأديان، التي على الرُغم من أنها نشأت في وسطِ إثنيٍّ مُحدد، الا أنها اجتازت هذه الحدود وتُوجد حالياً بين شعوبٍ ودولٍ ولُغاتٍ مُتنوعة. نحن نعرف ثلاث أديانٍ من هذا النوع فقط: البوذية والمسيحية والاسلام"(23). إن الظروف التي نشأت في ظلها الأديان العالمية، هي مسألة خاصة ومُعقدة للغاية، ويَصعُبُ علينا أن نُعالجها هُنا. يُمكن أن نُطلِقَ-تعسفياً- على جميع الأديان الأُخرى، التي نشأت داخل حدود دُولٍ وإثنياتٍ مُعينة ولم تتجاوزها، الأديان القومية. هذا صحيح بالنسبة لديانات الشرق القديم وعالَم العصور الكلاسيكية القديمة: الديانة المصرية والبابلية والسورية والفينيقية والايرانية واليونانية والرومانية وما الى ذلك. يقول فريدريك انجلز: "إن الآلهة التي نشأت عند كُلِّ شعبٍ على حِدة، هي آلهةٌ قومية، ولم تتجاوز قُوتها حُدود المنطقة القومية التي كانت تحميها، في حين كانت الآلهة الأُخرى تُسيطرُ على حدودٍ أُخرى. عاشت هذه الآلهة في خيال الناس فقط ما دامت القومية التي أقامتها موجودة، وسَقَطت تلك الآلهة بسقوط تلك القومية"(24).
لقد اختفَت مُعظم تلك الديانات القومية منذ زمنٍ طويل، وحلَّت محلها الديانات الأُخرى. اليوم، لم يتبقَّ سوى عددٍ قليلٍ من الديانات القومية، وهي جميعها تقريباً في البُلدان الآسيوية، مثل الطاوية والكونفوشيوسية في الصين، والشنتوية في اليابان، والهندوسية في الهند والزرادشتية في الهند وايران، وأخيراً اليهودية المُنتشرة كجماعاتٍ في جميع أنحاء العالَم(25).
وبطبيعة الحال، هذا التقسيم للأديان الطبقية، الى أديانٍ عالمية وقومية، لا يستنفد مهمة نظمنتها. هناك الكثير من الديانات القومية، وهي مُختلفةٌ عن بعضها كثيراً في عددٍ من النواحي، لدرجة أنه من الضروري تفريعها.
هذه ليست مهمةً سَهلة. تُظهِرُ نَظرةً سريعةً على تاريخ الديانات القومية أنه يُمكنُ رؤية أوجه التشابه المُذهِلة، والاختلافات التي يَصعُبُ تفسيرها. لماذا، على سبيل المثال، تُشبِه الديانة الكونفوشيوسية الصينية، ديانة الرومان القُدماء حتى في التفاصيل الصغيرة؟ ومن ناحيةٍ أُخرى، لماذا تختلفُ الكونفوشيوسية بشكلٍ حاد وفي كثيرٍ من النواحي عن البراهمانية والديانات الهندوسية التي ظَهَرَت الى الوجود في وسطٍ تاريخيٍّ يبدو أنه مُشابهُ للوسط الصيني أكثر بكثير من عالَم العصور الكلاسيكية القديمة؟ من الضروري إجراء قَدَرٍ كبيرٍ من البحث في التاريخ المُقارِن لإيجادِ تفسيرٍ صحيحٍ لأوجه التشابه والاختلاف هذه.
لكن هذه المقالة لا تتسع لأي مُحاولةٍ لحل هذه المهمة. ومُهمتي هُنا،، هي أكثر تواضعاً، رُغمَ أن لها تأثيراً على السؤال المطروح: يُمكن تفسير أوجه التشابه والاختلاف بين الأديان القومية (وهذا ينطبق أيضاً على الأديان العالمية) بالظروف التاريخية لحياة الشعوب المعنية. ولكن من بين تِلك الظروف، لا يجبُ أن نُغفِلَ تلك التي أثرت على نشوء هذا الشعب أو ذاك. هناك دائماً في الوجود الاجتماعي وبُنية الحياة الثقافية لكل شعب، وبالتالي، في مُعتقداته الدينية، يُوجدُ تراثٌ من العصور السابقة. كَتَبَ انجلز: "إن أقدم المفاهيم الدينية موجودةٌ في مُعظمها في تصورات الجماعات الاجتماعية التي ترتبط ببعضها بين كُل مجموعةٍ مُعينةٍ من الشعوب. وبعد تفكك هذه الجماعات، تتطور هذه التصورات وتخضع للتغيرات عند كُل شعب وفقاً لظروف حياته"(26).
ولذلك، إذا حاولنا الكشف عن تلك المُكونات التي يتكون منها كل دينٍ معروف في التاريخ (القومية والعالمية)، فإن هذا من شأنهِ أن يُساعدنا الى حدٍّ كبير على فِهم ما هو خاص بكُل دينٍ معني. وهذه الأجزاء المُكوِّنة، في التحليل النهائي، ليست سوى تعاليم بدائية والعبادات القَبَلية التي تُميِّزُ الى حدٍّ ما العبادات القَبَلية للتجمعات التي اندمجت لِتُشَكِّلَ الشعب المعني أو الدولة المعنية.
ولنأخذ مثالاً معروفاً للجميع. يُمكن تفسير ظهور المسيحية في المقام الأول بالظروف التاريخية التي تشكَّلَت في الامبراطورية الرومانية خلال القرون الأُولى من عصرها (أزمة نظام العبودية، سياسة النهب الروماني للمُقاطعات، والوضع الكارثي اليائس لجماهير السكان المُضطَهَدين).ولكن تلك المُكونات الايديولوجية التي تشكَّلَت منها العقيدة المسيحية، هي مُكونات موروثة من العبادات القديمة: اليهودية والديانة المصرية والايرانية وغيرها. لقد أُثبِتَت هذه الحقيقة في الدراسات العلمية منذ فترةٍ طويلة. في المُقابِل، تشكَّلَت كُلٌّ من هذه الديانات القديمة تحت الظروف التاريخية لعصرها وبلدها، ولكن المفاهيم والعبادات التي كانت تتألف منها هذه الديانات القديمة تعود الى عصورٍ أقدم- الى المُعتقدات الدينية والطقوسية التي كانت موجودةً في المُجتمعات ما قبل الطبقية.
وهُنا تظهر الصعوبة الرئيسية. إنها مُهمة تصنيف مُعتقدات وطقوس المُجتمعات ما قبل الطبقية.
في البداية، ليس لهذه الأخيرة تصنيفٌ مُحددٌ ومقبول بشكلٍ عام. إن مُصطلح "أديان المُجتمعات ما قبل الطبقية"، أو "العشائري"، صحيح في الأساس، ولكنه ليس دقيق وغير مُناسب للتعريف الرسمي. لأن الحقيقة هي أن الأديان التي ظَهَرَت الى الوجود في ظل ظروف المُجتمع العشائري البدائي، ظَلَّت قائمةً في ظروفٍ مُعينة، عند الشعوب التي انتقَلَت الى المُجتمع الطبقي. ينطبق هذا على البولينيزيين Polynesians خلال القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وعلى بعض شعوب افريقيا، والمغول في عصر جنكيز خان ومَن خَلَفَهُ، وما الى ذلك. ومن ناحيةٍ أُخرى، هُناك عدد ليس قليل من الحالات، التي تغلغلتَ فيها أديان مثل المسيحية والاسلام في الشعوب التي كان النظام المشاعي البدائي قائماً فيها عندهم. بالاضافة الى ذلك، فإن أشكال الدين في المُجتمع ما قَبل الطبقي، بحد ذاتها، تعكس في مُعظم الحالات، كما سنرى أدناه، ليس أُسلوب حياة المشاعة العشائرية البدائية بقدر ما تعكس عملية انحلالها. ويميل بعضٌ آخر من تلك المُعتقدات الى التغير الى أشكالٍ انتقاليةٍ في المُجتمع الطبقي الناشئ. وهذا يُصعِّبُ رسمَ أي حدٍّ فاصلٍ بين هذه المُعتقدات (ما قبل الطبقية والطبقية). ولذلك، فإن مُصطلح "أديان المُجتمعات ما قَبل الطبقية" بحد ذاته ليس مُناسباً بشكلٍ تماماً.
والأقل قابليةً للتطبيق، هو مُصطلح "الديانات البدائية"، والذي يظهَرُ كثيراً في الأدبيات. إنهُ مُصطلحٌ ضيقٌ جداً ويفتقر الى حدودٍ واضحة. مُصطلح "الديانات البدائية" ينطبقُ فقط على المعتقدات الدينية لإنسان النياندرتال، أو على الأكثر، بشر العصر الحجري القديم الأعلى. إن ثقافات الشعوب المُعاصرة، حتى الأكثر تخلفاً منها، هي بعيدةٌ كُل البُعد عن البدائية. بغض النظر عن قِدَمِها، الا أنها كانت قد مرَّت بمسارِ تطورٍ تاريخيٍّ طويل.
هُناك مُصطَلَحٌ آخر يُستخدم بشكلٍ مُتكرر، وهو "الأديان الإحيائية"(أ) Animism (الذي يُستخدمُ نقيضاً للمسيحية والاسلام والهندوسية وما الى ذلك)، وهو مُصطلح غير مُناسب على الاطلاق. سيتم مُناقشة هذا بمزيدٍ من التفصيل أدانه. سأُحاول أن أوضح أن الاحيائية لا تصف بأي حال أي مرحلةٍ مُحددةٍ ما تاريخ الدين، وخاصةً الدين الباكر. الاحيائية هي عُنصر أساسي في جميع الأديان.
لا حاجة لقول أي شيء على الاطلاق عن مُصطلحات مثل "الديانات الوثنية" و"عبادة الأصنام" وما الى ذلك، والتي تُستخدَم أحياناً. إن لها مكاناً في الدراسات اللاهوتية التبشيرية، وليس بأي حال في الأدبيات العلمية.
لعدم وجود مُصطلحٍ أفضل، سأستخدم "العبادات القَبَلية"، لكي أُشير، بالمعنى الواسع، الى جميع المُعتقدات والطقوس التي نشأت وتوجد حالياً في ظروف المُجتمع المشاعي البدائي، والتي ظلَّت قائمةً بعد انحلال هذه المُجتمعات، حتى تشكُّل الديانات القومية(27).
إن القبيلة، هي بالنسبة لجميع العُلماء السوفييت، هي النوع الرئيسي للمُجتمع الاثني في العصر ما قبل الطبقي. العبادات القَبَلية معروفة بالنسبة لنا من خلال المواد الاثنوغرافية الخاصة بشعوب استراليا واوقيانوسيا وأمريكا ما قبل كولومبوس (لا تزال آثارها موجودةً في أماكن مُتفرقة حتى يومنا هذا)، وبين شعوب افريقيا التي لم تتأثر كثيراً بالمسيحية والاسلام. لا زالت آثار العبادات القَبَلية، قائمةً حتى وقتٍ قريب، بين القبائل والشعوب الأكثر تخلفاً في آسيا، وخاصةً في جنوب شرقها.
إن التنوع الشديد للعبادات القَبَلية يجعل مُهمة تصنيفها بطريقةٍ علمية مُعقدة للغاية، وهي المهمة المطروحة أمام العُلماء الماركسيين.

* سيرجي الكساندروفيتش توكاريف 1899-1985 باحث ماركسي في الاثنوغرافيا والتاريخ والمعتقدات الدينية، ودكتور في العلوم التاريخية.
دخل جامعة موسكو بعد ثورة اكتوبر مباشرةً، ودرّس اللغة الروسية واللاتينية في المدارس المحلية في مقاطعته تولا التي وُلدَ فيها، لمدة 4 سنوات، وعاد ليدرس في جامعة موسكو عام 1922. حصل على منحة دراسية من الدولة واستكمل عمله بالتدريس. بعدما تخرج من الجامعة عام 1925، استكمل دراسته في معهد الدراسات العليا في الجامعة وقدم اطروحته حول (المُجتمع الطوطمي)، ودرس في قسم الاثنوغرافيا في المعهد. قدم تقاريراً عن الطوطمية الاسترالية والديانات الميلانزية وعن العادات الاقتصادية الانجليزية في القرون الثالث عشر وحتى الخامس عشر، وتخرّج رسمياً من الجامعة عام 1930. عمل في المتحف المركزي للاثنولوجيا عام 1927. درّس في جامعة موسكو وقدّم دورةً حول تاريخ البُنى الاجتماعية في جامعة صن يات صن للعمال الشيوعيين في الصين. درس توكاريف تاريخ شعوب ياقوتيا وسيبيريا وقام برحلة ميدانية بحثية الى تركمانستان عام 1928، وقام برحلات متعددة الى التس وياقوتيا عام 1934. عمل توكاريف في قسم (الاقطاعية) في أكاديمية الدولة لتاريخ الثقافة المادية، وانتسب الى المتحف باعتباره عالماً اثنوغرافياً عام 1938. كان باحثاً مُساعداً في المتحف المركزي المُعادي للدين حتى عام 1941. تم تعيين توكاريف عام 1939 استاذاً في قسم الاثنوغرافيا في معهد التاريخ في جامعة موسكو الحكومية وظل كذلك حتى عام 1973. دافع توكاريف عن اطروحة الدكتوراة بعنوان (النظام الاجتماعي للياقوت في القرنين السابع عشر والثامن عشر). وفي عام 1943 عمل كرئيس قسم لمعهد الاثنوغرافيا التايع لأكاديمية العلوم السوفييتية.
كان توكاريف في أعوام 1951-1952 أول عالم اثنوغرافي سوفييتي يقوم بالتدريس في جامعتي برلين ولايبزغ في جمهورية ألمانيا الديمقراطية.
ترأس توكاريف قسم الاثنيات الأوروبية غير السوفييتية عام 1961 في أكاديمية العلوم. وكان منذ عام 1956-1973 مسؤولاً عن قسم الاثنوغرافيا في معهد التاريخ في جامعة موسكو. حصل على ميدالية العمل مرتين وجائزة الصداقة بين الشعوب، وميدالية العمل المدني في الحرب الوطنية العظمى وميدالية الدولة السوفييتية. وله عشرات من الكتب والمقالات العلمية في مجاله.

7- C. P. Tiele, Grundziige der Religionswissenschaft, Tgbingen-Leipzig, 1904, pp. 8-9, 16- 17.
8- O. Pfleiderer, Die Religion, ihr Wesen und Geschichte, Vol. 2, Leipzig, 1869, pp. 54- 55, etc. In later works, Pfleiderer offers another classification of religion: See 0. Pfleiderer, Religion und Religionen, Munich, 1906, pp. 70-71.
9- Max Müller, Religiia kak predmet sravnitel’nogo izucheniia, Khar’kov, 1887, pp. 66- 69, etc.
10- C. Orelli, Allgemeine Religionsgeschichte, Vol. I, Bonn, 1911 (1921), pp. 17-19.
11- H. Ringgren and A. V. ström Les religions du monde, Paris, 1960
12- W. D. Wallis, Religion in Primitive Society, New York, 1939 see Chap. 19
13- F. L. Parrish, The Classification of Relin”i onsI. M- an hattan. Kansas. 1941
14- Ibid, p. 136
15- Ibid, pp 130-131
16- V. S. Solov’ev, “Pervobytnoe iazychestvo, ego zhivye i mertvye ostatki,” Sobr. soch., Vol. VI, St. Petersburg, n.d., pp. 218-214
17- Parrish, op. cit., p. 151
18- في عملٍ حديثٍ حول تاريخ الدين، كَتَبهُ ؤرخ الدين الألماني فريدريك هيلر Friedrich Heiler (بمُشاركة مجموعة من المُتخصصين)، يم يتم تصنيف الأديان، وبدلاً من ذلك، لا يوجد سوى وصف موجز لـ"أهم العناصر والظواهر المركزية" للأديان الباكرة: السحر، الفيتيشية، الطوطمية وعبادة الحيوانات والنباتات وغيرها.
Fr. Heiler, Die Religionen der Menschheit in Vergangenheit und Gegenwart, Stuttgart, 1959
19- لن أنتقدَ هُنا الرأي الذي كُرِّرَ مراراً بأن الدين لا يوجد الا في المُجتمع الطبقي، بينما في المشاعية البدائية لم تكن هُناك سوى أفكار خاطئة حول الطبيعة، والتي لم تحمل أي سماتٍ خاصةٍ بالدين. إن مُحتوى مقالتي هذه، والجزء الثاني منها، يتضمن دحضاً لهذا الرأي.
20- A. Donini, Lineamenti di storia delle religioni, Rome, Editori riuniti, 1959, p. 28. A. Donini, Liudi, idoly i bogi, Innostrannaia literatura, 1962, p. 15
21- Marx and Engels, Sochineniia, Vol. 21, pp. 314-315
22- A. Donini, op. cit. [Ital. edit.], p. 77
23- إن نقاط الانتقال العالمية الكُبرى كانت مصحوبةً بتغيراتٍ في الدين بقدر ما يتعلق الأمر بالديانات الثلاثة العالمية الموجودة حالياً-البوذية والمسيحية والاسلام.
Marx and Engels, Sochineniia, Vol. 21, p. 294
24- Ibid, P313
25- بمعنىً ما، يُمكن للمرء أن يعتبر تلك الفروع (مثل الطوائف والكنائس) كأديانٍ قومية، والتي تقتصر على شعبٍ مُعينٍ أو شعبٍ واحد. وهكذا، على سبيل المثال، يُمكن اعتبار الكنيسة الأرمينية الغريغورية (طائفة مسيحية تقول بالطبيعة الواحدة للمسيح) ديناً قومياً للأرمن، والكنسية الاكسارخية Exarchist كدينٍ قوميٍّ للبُلغار، والطائفة الوهابية كدينٍ قوميٍّ للمملكة العربية السعودية. وهذا يُضعِفُ، بطبيعة الحال، الحد الفاصل بين الديانات القومية والعالمية. هذا الحد الفاصل يضعف أكثر أيضاً في الحالات العديدة التي تتطابق فيها الحدود الجغرافية للدين مع الحدود القومية. على سبيل المثال، الكروات كاثوليك، الصرب أرثذوكس والأرمن مسيحيون، والأذر والفُرس والأتراك مُسلمون، فالفُرس شيئعة والأتراك والأفغان سُنَّة، وما الى ذلك. وفي جميع هذه الأمثلة يعني التمسك بمُعتقدٍ ما، معياراً يُميّز شعباً ما عن شعبٍ مُجاورٍ أو قريب. لكن كُل هذا يعني فقط أن مفهوم "الدين العالمي" هو مفهومٌ اعتباطيٌّ تماماً. لا يوجد دينٌ انتشاره مُستقلٌ تماماً عن الحدود العرقية والسياسية.
26- Marx and Engels, Sochineniia, Vol. 21, p. 313
27- غالباً ما يُعثَرُ على مُصطلح "الديانات القَبَلية" في الأدبيات، بهذا المعنى الواسع، والذي يستعمل جميع الأديان ما قبل الطبقية، على عكس الأديان القومية. أُنظر على سبيل المثال:
A. Menzies, Istoriia religii, St. Petersburg, 1899, pp. 60-61, 323 W. Bousset, -Das Wesen der Religion, 3-te Aufl., Halle, 1906, p. 22, etc
لسوء الحظ، لا يزال مُصطلح "العبادات القَبَلية" يُستَخدَمُ نادراً في الأدبيات الماركسية، حتى وعلى الرغم من انجلز استخدمه.
أ- الإحيائية، هي الايمان بالأراوح، وهي عُنصر أساسي في كُل الأديان. يتم جعل المواضيع حيةً وذات أرواح، مثل الأسلاف الموتى والناس الأحياء والقُوى الطبيعة. يُمكن أن تكون الأرواح خيّرة وقد تكون شريرة. ولهذا السبب كانت تُقدَّمُ لها القرابين عندما يكون ذلك ضرورياً. ومع تطور الايمان بالأرواح، ظَهَرَت مفاهيم مُعممة لتعيين الخصائص الخارقة للطبيعة المنسوبة للأشياء (أو الأشخاص)، مثل المانا، والبَرَكة (في المسيحية). لا تزال عناصر الاحيائية موجودةً في عالم اليوم

ترجمة لمقالة:
S. A. Tokarev (1966) Principles of the Morphological Classifications of Religions (Part I), Soviet Anthropology and Archeology, 4:4, 3-10








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني


.. أنصار الحزب الاشتراكي الإسباني وحلفاؤه بالحكومة يطالبون رئيس




.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط