الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دمه عليهم وعلى بنيهم

أشرف عبدالله الضباعين
كاتب وروائي أردني

(Ashraf Dabain)

2024 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


#أشرف_عبدالله_الضباعين
كاتب في التاريخ والفكر المسيحي
لمن لا يعرف عن ماذا أتحدث فالمقال يتحدث عن اليهود تحديدًا الجيل الذي كان موجودًا تحت الاحتلال الروماني والذي كان معاصرًا للسيد المسيح له المجد... أي قبل ألفي عام.
تقول الرواية الإنجيلية: "فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئا، بل بالحري يحدث شغب، أخذ ماء وغسل يديه قدام الجمع قائلا: «إني بريء من دم هذا البار! أبصروا أنتم!» فأجاب جميع الشعب وقالوا: «دمه علينا وعلى أولادنا»" (متى 27: 24-25) "فبيلاطس إذ كان يريد أن يعمل للجمع ما يرضيهم" (مرقس 15: 15) "فحكم بيلاطس أن تكون طلبتهم" (لوقا 23: 24).
اذا قالها الشعب اليهودي في ذلك اليوم دمه علينا وعلى أولادنا.
فهل يحمل يهود اليوم على عاتقهم دم بريء قُتل على الصليب بدون سبب فقط لأن أجدادهم طالبوا الحاكم الروماني أن يحكم على يسوع الناصري بالموت؟
من وجهة نظري لا يهود اليوم يهودًا إلا في عنتريتهم وطقوسهم، ومشكوك جدًا في انتسابهم ليهود الأمس، لأن يهود قبل ألفي عام كانوا يحملوا سمات أهل هذه المنطقة وجيناتهم وعاداتهم، فمن أين جاء اليهود السود واليهود ذوي البشرة البيضاء والشعر الأشقر؟ نعم معظم اليهود مشكوك في نسبهم ليهود الأمس لكن طالما هم يقولون عن أنفسهم يهودًا ويؤمنون باليهودية فإذا دمه عليهم وعلى أولادهم.
هذا النص على قِصَرِهِ "دمه علينا وعلى أولادنا" لا يتكرر في الأناجيل الأخرى وارتبط لاحقًا بالانتقام الذي جرى بتدمير القدس في عام 70 م. يصف اوريش لوز عالم لاهوت بروتستنتي ألماني المقطع بأنه حدثٌ وضعه متى، فقد يكون من وجهة نظره حدثًا وهميًا ولوز هو الوحيد الذي شكك بهذا المقطع. بعض الكتاب، ينظرون لهذا المقطع كجزء من جدال متى المعادي لليهود رغم أنه يهودي المولد والديانة قبل أن يؤمن بالمسيح، ويرون هذا النص بأنه شكل بذور لمعاداة السامية التي ظهرت لاحقًا. وشاركه بهذا التحليل علماء آخرين منهم هوارد كلارك ونيكولاس رايت بل وصل الأمر بالبعض أن وصف الآية بأنها شكلت ضررًا على اليهود واستخدامها كذريعة لمعاداتهم، ووصل الأمر عند بعض علماء الكتاب المقدس في الغرب ومن معظم الطوائف بأن هذا المقطع استخدم بطريقة غير صحيحة وتشويه صارخ لمعناها الأصلي، منوهين بأن المقطع كان يشير بالتأكيد إلى سقوط القدس سنة ٧٠م لا أكثر!
بل كتب رئيس أساقفة كانتربيري اللاهوتي الأنجليكاني روان ويليامز عن هذا المقطع في إنجيل متى بأنه جُعِل أداة لأكثر قراءة خاطئة وأكثرها فسادًا من قصص العاطفة التي شوهت سجل الكنيسة. مُشيرًا لقراءة مختلفة تمامًا لهذا النص عما تم في القرون المسيحية الأولى!
وفي عام ١٩٦٣م انعقد المجمع الفاتيكاني الثاني لبحث موضوعات عديدة، وفي الدورة الثانية منه قدّم كاردينالا ألمانيًا وثيقة تعتبر الصورة التمهيدية للوثيقة التي صدرت فيما بعد وتعلن عن تبرئة اليهود من دم المسيح.
وتنادي الوثيقة التمهيدية باعتبار الشعب اليهودي جزءًا من الأمل المسيحي، وأنه لا يجوز أن ننسب إلى يهودِ عصرِنا ما ارتُكب من أعمال أيام المسيح، معللا كلامه بأن كثيرين من اليهود لم يكونوا يعرفون شيئاً عما حدث، ولم يوافق بعض قادة الشعب على فعل سائر الكهنة. وقد اعترض على الوثيقة عدة أساقفة، لما فيها من اعتبارات سياسية، وأوضحوا أن ذلك ليس حقاً للمجمع ولا غيره، وطالبوا بتأكيد نصوصٍ كتابية تتحدث عن تورط اليهود ككل منها ما جاء في سِفر الخروج: " أنا الرب إلهك، إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء" (الخروج 20/ 15) وقد قال بطرس لثلاثة آلاف من اليهود: " يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم " (أعمال 2/ 36).
إلا أن الوثيقة تم تعديلها وصدرت عام ١٩٦٥ كوثيقة تبرئة اليهود. ولكن الوثيقة النهائية الرسمية أقرت بدور اليهود وبراءة الرومان، وبرأت الأجيال اليهودية اللاحقة من تولي وزر هذه الجريمة، كما أنها حاولت حصر الجريمة في أقل عدد ممكن من كهنة الشعب اليهودي فنصت على: " فإن ما ارتكب أثناء آلامه، لا يمكن أن يعزى إلى جميع اليهود الذين كانوا عائشين أنذاك، ولا إلى يهود أيامنا هذه".
وتعود الوثيقة للحديث عن آلام المسيح المصلوب، فتقول: "ما حصل للمسيح من عذاب لا يمكن أن يعزى لجميع الشعب اليهودي .. فإن الكنيسة كانت ولا تزال تعتقد بأن المسيح قد مر بعذاب وطعن بحربة بسبب ذنوب جميع البشر، ونتيجة حُبٍ لا حدَّ له".
ولاقت الوثيقة معارضة شديدة من قبل عدة شخصيات دينية موضحين تعارض هذه الوثيقة تعارضاً صريحاً مع النصوص الإنجيلية، المصرحة بدور اليهود بقتل المسيح على الصليب، ومنها قول بولس: " اليهود الذين قتلوا الرب يسوع، وأنبياءهم، واضطهدونا نحن" وكيف يبرأ اليهود من دمه؛ ويوحنا يقول على لسان قيافا رئيس الكهنة: " أنتم لستم تعرفون شيئاً، ولا تنكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب، ولا تهلك الأمة كلها .. فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه " (يوحنا 11/ 47 - 53).
واليهود هم الذين أتوا بشهود الزور. ولما وجد بيلاطس أن لا جرم عليه، قال: " إني بريء من دم هذا البار. أبصروا أنتم، فأجاب جميع الشعب وقالوا: دمه علينا وعلى أولادنا " (متى 27/ 24 - 25) ثم كيف للكنيسة الكاثوليكية أو لجماعات بروتستنتية أو علماء لاهوت أن يبرئوا اليهود وكل نسلهم الحقيقي وغير الحقيقي من دم المسيح، وهم أنفسهم قد قالوا لبيلاطس: " دمه علينا وعلى أولادنا"... هم من حملوا أنفسهم المسؤولية وليس آخر.
أما أنا كمسيحي وكاثوليكي لا أتفق ولا أوافق على ما جاء في الوثيقة الصادرة عن المجمع الفاتيكاني الثاني ولا على إعلان براءة اليهود من دم المسيح، وإلى أن يعود المسيح ثانية هم وبيلاطس البنطي يتحملون مسؤولية هذا العمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عفوا انت كمسيحي
مجدي محروس عبدالله ( 2024 / 4 / 1 - 13:50 )
يتطلب منك الغفران للجميع
فكلنا خطأه
و اذا كان المسيح نفسه قال اغفر لهم يا ابتاه لانهم لا يعرفون ماذا يصنع ن؟
فكيف تتكلم انت عن الدينونة
حاول ان تتخلص من هذا الافكار
لتكون مسيحيا حقيقيا و ليس مسيحيا مؤدلجا
تحياتي

اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل