الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية العامل

رياض ممدوح جمال

2024 / 3 / 31
الادب والفن


تأليف: والتر وايكس
ترجمة: رياض ممدوح جمال

شخصيات المسرحية: رجل، امرأة، ساعي

(شقة اعتيادية. هذه الشقة لا تختلف عن اية شقة اخرى وفي اي بناية اخرى وفي اية مدينة اخرى. امرأة شابة كذلك اعتيادية، تجلس على كرسي هزاز، تهز برقة طفلاً رضيعاً بين ذراعيها. غارقة في التفكير، تنتبه لوقع اقدام بطيئة خارج باب الشقة. تفتح عينيها على وسعهما فجأة... تنهض من على الكرسي، تنظر برعب في ارجاء الغرفة. تحشر الطفل الرضيع في درج دولاب، وتختفي في الداخل. بعد لحظات قليلة، يدخل شاب حاملاً كومة هائلة من الملفات والأوراق. يضع هذه الكومة بعناية في وسط الغرفة... ثم يخرج ويعود حاملاً كومة اخرى. يخرج ثانية، هذه المرة يعود حاملاً حقيبة وجهاز حاسوب. يكرر هذه العملية، يتعثر في خروجه ودخوله الى الشقة، حتى تكون تل عملاق في وسط الغرفة والذي يتضمن جهاز فاكس وطابعتان وعلبة قمامة وحافظة اوراق وعدد مكتبية وخزانة اضابير ومنضدة كتابة كاملة... وربما مكتبة جدارية كاملة وأواني فخارية للنباتات وحوض اسماك. واخيراً، غلق الباب خلفه).

الرجل : (وكأنها تحيته المعتادة) انا في البيت.
(يفتح ربطة عنقه ومنتظراً الرد، لكن لا أحد يجيب. يتردد)
الرجل : انا... انا في البيت.
(لا يوجد رد. يفرك رأسه، حيرانا).
الرجل : مرحبا؟
المرأة : (من خارج المسرح) انا هنا!
الرجل : لقد ناديت كثيراً ولم تسمعيني...
المرأة : انا في المطبخ!
الرجل : تعالي الى هنا...
(تنطلق المرأة داخلة الى الغرفة ومرتدية قفازات الفرن وصدرية. تقبل زوجها بكل طاعة على خده وتعود مسرعة الى المطبخ)
الرجل : انتظري (تتوقف المرأة) ما الذي تفعلينه؟
المرأة : سأنهي اعداد العشاء حالاً.
الرجل : هل انه... هل انه غير جاهز؟ (فترة صمت) انا لا افهم. ان العشاء دائما يكون جاهزاً حالما اصل الباب، هل اني (يتوقف برهة) هل جئت اليوم مبكرا؟ (يتأكد من الوقت في ساعة يده).
المرأة : كلا، لقد جئت في وقتك المعتاد.
الرجل : هل هناك سبب قاهر؟ زلزال مثلاً؟ هل هناك ما تخبئينه عني؟ هل انك مريضة؟!
المرأة : كلا، مجرد اني (تلاحظ الكدس العملاق من أغراض العمل في وسط غرفة الجلوس) ما كل هذا؟
الرجل : أوه... لا شيء. مجرد بضعة أغراض من عدة العمل.
المرأة : بضعة أغراض؟ لماذا؟ هل انك فعلا تعني ما تقول... (فجأة تفكر بأمر ما) أوه يا ألهي! هل طردوك من العمل!
الرجل : كلا!
المرأة : كلا؟
الرجل : لا، لا شيء من هذا القبيل.
المرأة : أوه، حمدا لله! (فترة صمت) انني لا أفهم. انهم لم يطردوك... لكن مكتبك بكامله مكدس هنا في وسط الغرفة.
الرجل : انه ليس المكتب كله. بل انها مقصورتي فقط. و... تعرفين، انها منضدتي وبضعة اغراض اخرى.
المرأة : (مرتبكة) وهل تريد مني ان اغسلها؟
الرجل : كلا، اني... (فترة صمت) حسناً، انظري... لم اكن اريد ان اخبرك، اني متأخر في انجاز اعمالي.
المرأة : ماذا تعني؟
الرجل : في العمل. اني متأخر في عملي. لا يمكنني السيطرة على عملي.
المرأة : ولم لا؟ أستغل كل لحظة هناك في العمل.
الرجل : حسناً... مؤخراً، سرحوا البعض من العاملين.
المرأة : ذلك شيء سيئ! كيف يمكنهم التعامل مع الناس بهذا الشكل السيئ؟ يطردونهم بهذه السهولة! انهم قساة! أليس لديهم أي احساس بالمسؤولية الاجتماعية؟
الرجل : نعم، انهم لم يطردونهم بالضبط... فلا علاقة للإحساس بالأمر.
المرأة : وكيف ذلك؟
الرجل : دعينا نقول انه تم اغراءهم على ترك العمل.
المرأة : أليس ذلك الأمر نفسه؟
(فترة صمت)
الرجل : حقاً كان علي ان لا اتحدث بهذا الأمر.
المرأة : حسناً.
الرجل : على اية حال، المسألة هي ان عدد العاملين ينقص كل يوم والقلة الباقية عليها ان تنجز كمية الأعمال الضخمة نفسها. وانهم يريدون مني ان أدير قسم الحسابات بمفردي انا!
المرأة : وهل تم ترقيتك الى قسم الادارة؟!
الرجل : كلا، فقط لأنه لا يوجد احد في قسم الادارة! اني انجز اعمال قسم الادارة بالكامل!
المرأة : قسم الادارة بالكامل؟ ولوحدك؟
الرجل : وليس هذا هو كل شيء! وانه علي ان استلم المكالمات الهاتفية لأنه ليس لديهم موظف استعلامات، وكذلك اسجل الحسابات لأنه ليس هنالك احد في قسم الحسابات، وأستقبل شكاوى الزبائن لأنه ليس لديهم موظفين لخدمة الزبائن! واني حاليا مسؤول عن غرفة التبريد والمطعم كذلك، وان قسم الموارد البشرية مغلق، وفي الأسبوع الماضي استلمت مذكرة امر ان اطبع انا بنفسي الكتب والرسائل الرسمية لأنه ليس هناك سكرتير. وابتداءاً من يوم غد علي ان استلم قسم نزاعات المستخدمين! واني ليس لي خبرة في هذا المجال ابداً، فعلي ان اسأل الادارة القانونية لتوجهني دائماً وتنصحني، لأني لم يسبق لي ان درست ولا مارست القانون! وفوق كل هذا علي ان آخذ كلب المدير للنزهة اربعة مرات في اليوم لأن لديه مشاكل في معدته ويتبع نظام صحي صارم جداً!
المرأة : حسنا، فما عليك الا ان تخبرهم ان ذلك فوق طاقتك اكثر من الازم.
الرجل : اني لا أستطيع.
المرأة : لم لا؟ فلربما هم سيبقون على بعض اولئك الناس الذين سرحوهم.
الرجل : انك لا تدركين شيئاً. لقد فات الأوان.
المرأة : لماذا قد فات الأوان؟
(فترة صمت)
الرجل : انظري... حقاً ليس هناك ما يدعو للقلق. ما كان يجب ان احدثك بالأمر. وكل ما في الأمر هو ان اقوم ببعض مهام العمل هنا في البيت.
المرأة : تؤدي مهام عملك في البيت؟ (أومأت برأسها مستنكرة) لكن... ذلك هو وقتنا الخاص! فاذا عملت في البيت، فلن يتاح الوقت لنا لنلتقي مع بعض.
الرجل : حقا، لا خيار اخر لدي.
(فترة صمت)
المرأة : حسناً، جيد. (فترة صمت) سأهيئ العشاء حالاً!
(تذهب. الرجل يتنهد ويفرك عينيه. ينظر حوله في الغرفة، يبعد الأريكة عن الطريق، ويبدأ بترتيب مقصورته. يأخذ كومة الاوراق ويبحث عن مكان مناسب ليضعها فيه فيسحب درج الدولاب. وحالما يسحب "الطفل" من الدرج يظهر الغضب على وجهه).
الرجل : ما هذا؟
المرأة : (من خارج المسرح) ماذا؟
الرجل : هذا! ما هذا؟!!!
(تدخل هي... تجده حاملاً "الطفل")
الرجل : كم مرة قلت لك؟!
المرأة : انك لم تقل...
الرجل : لن اسمح بوجود طفل في هذا البيت!
المرأة : انه ليس...
الرجل : لا اريد حديثاً عن الأطفال! ولا اريد اعتراضاً على هذا الموضوع! لا اطفال! لا صور اطفال! لا دمى اطفال!
المرأة : لكنها مجرد...
الرجل : لا اعرف! عليك التخلص منه!
(يرمي الدمية اليها)
المرأة : ماذا؟
الرجل : لقد سمعتِ ما قلت.
المرأة : انت... تريد مني ان...
الرجل : ان تحطميه! تحرقيه! تمزقيه الى قطع صغيرة! ارميه الى الشارع! لا يهمني! لكن لن يبق هنا! لن اسمح بوجوده هنا! ليس في هذا البيت!
(تنظر اليه نظرة غضب، ثم تخرج حاملة الدمية. وتعود بعد لحظات وقد خبأت الدمية على بطنها تحت الثوب. ربما اضافت بطانية ايضا للمساعدة في اخفاء الدمية. فتبدو وكأنها حامل. بعد بضع لحظات، يحس الرجل لوجودها لكنه لا ينظر اليها).
الرجل : ارجوك حاولي ان تفهميني. لم اقصد ان اكون قاسيا معك. ان ذلك لمصلحتك انت وانا. اني احاول فقط ان احميك.
المرأة : تحميني؟
الرجل : ممن؟
(فترة صمت)
الرجل : انك لا تريدين ان تفهمي.
المرأة : انك لا تعتقد ان بإمكاني ان اكون أماً جيدة! تلك هي كل الحكاية! انك لا تعتقد اني مؤهلة كأم! ولكن من اين لك ان تعرف؟ انك لم تمنحني اي فرصة!
الرجل : كلا. لا يمكن ذلك... (يلاحظ انتفاخ بطنها للمرة الأولى) ما هذا؟
المرأة : وما الغرابة في ذلك؟
الرجل : ماذا تفعلين؟ اعطني اياه.
المرأة : كلا!
الرجل : هل جننت؟
المرأة : سأحتفظ بهذا الطفل. ولن اسمح لك بإيذائه. وان لمست شعرة واحدة من رأسه، فسوف لن اغفر لك ابداً!
الرجل : لابد انك تمزحين.
المرأة : ابداً!
الرجل : اسمعيني... انه ليس طفلاً.
المرأة : لا يهمني! انها طفلتي! انها لي! فهي كل ما املك!
الرجل : انها مجرد جسم. بلا احاسيس.
المرأة : بل لديها احاسيس! انها تملك من الاحاسيس، ما يفوق احاسيسك!
الرجل : كفى.
المرأة : مع من تعتقد اني اتكلم عندما تتركني وحدي في البيت؟! ومن تعتقد يصغي لي ويبعد الجنون عني؟! من تعتقد يشاركني احلامي؟! بالتأكيد ليس انت! فأنت لا وجود لك هنا ابدا! من تعتقد يخفف عني عندما تتصل بي هاتفياً لتخبرني بانك ستتغيب عن العشاء مرة اخرى؟! ان وجودها حقيقياً اكثر منك!
الرجل : لا تجادليني.
المرأة : ابتعد عني. (يمسكها ويسحب الدمية من تحت ثوبها) النجدة! النجدة! ساعدوني... (تكافح، لكنه يحصل على الدمية) اعطني اياها!
الرجل : كلا. (يحمل معطفه ويتجه نحو الباب، وتحاول هي ارجاعه).
المرأة : اين تذهب بطفلتي؟ ما لذي ستفعله؟!
الرجل : دعيني اذهب.
المرأة : (تغلق الباب) كلا! لن ادعك!
الرجل : ابتعدي عن طريقي.
المرأة : ارجوك! لا تفعل هذا! لا تفعل...
(يبعدها عن الباب، تصرخ. تدرك انه ليس بإمكانها ايقافه، تنهار على الارض وتبدأ بالنحيب).
الرجل : عندما اعود، اريد ان يكون العشاء جاهزاً.
(وهي في وسط نشيجها، تبدأ بالضحك، ضحك هادئ في البداية، لكنه يرتفع ويتغلب على الدموع).
الرجل : لماذا تضحكين؟
المرأة : هل تتوقع مني ان اهيئ لك الطعام بعد اليوم؟
الرجل : بالطبع. نعم.
المرأة : وان فعلت، فسأفعل ذلك لأسممك وأنهي حياتك البائسة!
الرجل : انك تقولين ذلك الآن... فقط لأنك غضبانة. وهذا متوقع منك. لكن مع مرور الوقت ستغفرين لي. حتى انك ستدركين انني كنت على صواب. وان لم يحصل ذلك، فأني قادر على ان اتكفل بإطعام نفسي. لم أجع قبل ان اقابلك.
المرأة : هناك اشياء اخرى بإمكاني ان احرمك منها.
الرجل : ماذا؟
المرأة : هناك اشياء اخرى أؤديها لك... في الظلام... اشياء سرية... الكلمات التي اقولها لك... بعض المواقف التي اسمح لك ان تذلني بها... هل نسيت؟ كيف تنسى كل هذه الاشياء؟
الرجل : هل انت جادة فيما تقولين؟
(تطوي ذراعيها، متحدية)
الرجل : حسنا. يمكنك الاحتفاظ بالدمية.
المرأة : حقا؟ هل تعني ما تقول؟
الرجل : على شرط.
المرأة : (تأخذ الدمية منه وتهزها) موافقة، على اي شرط!
الرجل : يجب ان لا يراها احد ابداً. لا احد اطلاقاً. ولا حتى انا. يجب ان لا اعلم بمكان وجودها. وان وجدتها، فسأحطمها.
المرأة : لكن... (فترة صمت) انت يجب ان...
الرجل : ماذا؟
المرأة : هناك امور يجب ان نشترك فيها... حسناً، أليس هناك بعض المسؤوليات المشتركة؟ اعني، انه ليس بإمكاني القيام بها لوحدي.
الرجل : تريدين ان تحمليني بعض المسؤوليات؟
المرأة : نعم.
الرجل : مسؤوليات تجاه اي شيء؟
المرأة : طفلتنا، طفلتنا الرضيعة.
الرجل : ممتاز. ان اساءت التصرف، سأعاقبها.
المرأة : كلا. لاتكن قاسياً جداً.
الرجل : اذن، ما الذي تريدين مني ان افعله؟
المرأة : يمكنك ان تضعها في فراشها لتنام. وان هي استيقظت اثناء الليل، عليك حملها وان تربت على ظهرها.
الرجل : ومن الأفضل ان لا تستيقظ! لأنه لدي عمل في الصباح!
المرأة : لا تتوقع من طفل ان ينام طوال الليل. وان تعبت، فيمكنك اخذ اجازة مرضية بين الحين والآخر.
الرجل : لم يسبق لي ان اخذت اجازة مرضية ابداً!
المرأة : هذا كان في السابق. وكان العمل من اولوياتك. اما الآن فهنالك طفل لابد ان تفكر فيه.
الرجل : هل لاحظت! هذه هي البداية!
المرأة : وماذا فيها البداية؟
الرجل : هنالك اشياء كثيرة تجعلني ان لا اسمح لك باقتناء هذا الطفل!
المرأة : بل لأنك اناني، ومن اجل نفسك فقط!
الرجل : كلا، لأنك تتوقعين مني ان آخذ اجازة مرضية وان اشتري حفاظات وان اغادر عملي باكراً لرؤيتها وهي تشارك في مسرحية بمدرستها! وستكلمني هاتفياً خلال ساعات عملي لتخبريني انها تغص او تتكلم او تلعب! وهكذا تنتشر الأقاويل عني بأني انشغل عن عملي. والشيء الآخر الذي لا تعرفينه، هو اني سأنتهي بنفس الطريقة التي انتهى بها الآخرون، وتم تصفيتهم!
المرأة : اي آخرون؟ ومن الذي اطلق النار عليهم؟
الرجل : كلا! لم اقل انه اطلق عليهم النار!
المرأة : ماذا اذن؟ (فترة صمت) ماذا؟
الرجل : (يسحب نفساً... ويتحدث بهمس) لقد قتلوهم.
المرأة : ماذا؟
الرجل : لقد قتلوا! ماتوا!
المرأة : قتلوا؟
الرجل : نعم! قتلوا!
المرأة : ومن الذي قتلهم؟
الرجل : الشركة طبعاً! ومن تعتقدين؟
المرأة : لكن... اذا كانت الشركة غير راضية عنهم، لماذا لم تقم بمجرد تسريحهم من العمل؟ وهذا هو المتعارف عليه.
الرجل : لا اعرف. فلا تتوقعي مني ان افهم كل ما تقوم به الشركة. انها شركة عملاقة. ان اسلوب تفكيرها يختلف عن اسلوبنا نحن. ربما ان الشركة لا تريد ان تطلع الشركات الأخرى على اسرارها من خلال هؤلاء العاملين. او ربما لا تريد ان تدفع لهم رواتب الضمان الاجتماعي. او ربما انها ارادت ان تتخلص من العاملين في الامور الكتابية فقط.
المرأة : لكن... لا يمكنهم الافلات من العقاب! فما ذنب اولئك العاملين المساكين! يجب ان نبلغ السلطات عنهم!
الرجل : اش ش! لا ترفعي صوتك! قد يسمعنا احد ما! اضافة الى ذلك، السلطات لا تريد ان تورط نفسها بهذا الامر. ولكي اكون صادقا، ان هؤلاء لم يكونوا من افضل المستخدمين، اعني انهم حقا كانوا يستحقون نوع من العقاب، ولكن ليس الموت، وليكن في علمك، انهم اصبحوا لا يستطيعون حتى حمل اجسادهم الثقيلة، وقد عالجت الشركة امرهم بطريقة رائعة جدا. لقد اقاموا حفلة لهم و...
المرأة : اي حفلة؟
الرجل : نعم حفلة.
المرأة : قبل ان... (تشير الى حز حناجرهم، وهو يومئ لها بالإيجاب) انه امر غريب الى حد ما. ان يقوموا بحفلة لشخص ما وبعد ذلك...
الرجل : هذه هي طريقة الشركة في شكر مستخدميها على جهودهم الصغيرة وكل حسب عدد سنوات خدمته. فكان لكل من المدعوين للحفلة من العاملين كعكة خاصة به، وعليها شموع بعدد سنوات خدمته. انه مشهد مؤثر حقا. البعض منهم كان قد بكى.
المرأة : لكن...
الرجل : ما كان يجب ان اخبرك بهذا، لكن اردت ان تفهمي موقفي. انهم لا يمكنهم الاستغناء عني في الشركة، ولا لحظة واحدة ابداً. (تومئ برأسها مؤيدة له)، جيد. يسعدني ان تفهمي. فأن كنت قاسياً معك بعض الشيء، فهو فقط لأني اعرف الى ما تؤول اليه الامور. والآن عليك ان تفهمي ان قسوتي لم تكن بدافع الانانية او التكبر. انا كنت حريصا على مصلحتنا... نحن الاثنين. من اجل عائلتنا. ولآن، سوف لن نعيد هذا الحديث ابداً. ومع أيا كان. انه موضوع خطير. اتفقنا؟ (فترة صمت) عديني بذلك.
المرأة : افكر فقط... بأولئك المساكين... ان احد ما يجب ان...
الرجل : الوعد.
(فترة صمت)
المرأة : حسناً. انا أعدك.
الرجل : انك فتاة رائعة. (يقبلها) يجب ان ننتبه لأنفسنا. ويجب ان يكون هذا من اولوياتنا. حقا هذا ليس هو اسلوب الحياة الصحيحة. ولكن علينا التركيز والاستمرار بوظائفنا ونعمل بكل جهدنا ونحاول ان نكون سعداء.
(هناك طرقات على الباب)
الرجل : من الطارق؟
المرأة : لا ادري.
الرجل : هل دعيت احداً على العشاء؟
المرأة : كلا. (الرجل ينظر من خلال فتحة الباب) من هو هذا؟
الرجل : لا اعرف.
المرأة : دعني أر.
(يبتعد عن طريقها. وتنظر هي من خلال فتحة الباب)
الرجل : هل ترين شيئاً؟
المرأة : كلا. (هناك طرقات اخرى على الباب) هل علينا ان نجيب؟
الرجل : لا اعرف.
المرأة : ربما سيذهب.
الرجل : وماذا لو ان لديه امراً هاماً؟
المرأة : مثل ماذا؟
الرجل : لا اعرف.
(فترة صمت. طرقات اخرى... اعلى. يفتح الرجل الباب. رسول يحمل مذكرات رسمية)
الرجل : اهلا.
الرسول : لدي رسالة للموظف 9008561- ب- ج -333
الرجل : نعم انا هو.
الرسول : (يقرأ في دفتر مذكراته) ترغب الشركة في اعلامك انها عازمة على اقامة حفلة على شرفك صباح يوم الأثنين.
الرجل : اي حفلة؟
الرسول : (ما يزال يقرأ) ستكون الكعكة جاهزة عند الساعة الثامنة صباحاً.
الرجل : لابد... لابد ان هناك خطأ ما.
الرسول : انتم هكذا دائما، تتضجرون من تأخرنا.
الرجل : لكن...
الرسول : اي نوع من الكعك تحب؟
الرجل : انك لا تفهم!
الرسول : شوكولاته، فانيلا، فراولة؟
الرجل : انا موظف نموذجي!
الرسول : شوكولاته، فانيلا، أو...
الرجل : حتى انه لم يسبق لي ان اخذت اجازة مرضية ولا ليوم واحد! ولا ليوم واحد ابداً!
الرسول : شوكولاته، فا...
الرجل : اني ادير اعمال دزينة من الاقسام بمفردي! لقد انتهيت تواً من دراسة كتاب الموارد البشرية بالكامل! كامل الكتاب بإمكاني الآن ان اقرأه لك بحذافيره، حرفياً! يمكن ان اقرأه عن ظهر قلب! انا موظف مفيد! اسأل اي شخص عني! انا سأ... انا سأ... انا سأعمل مجانا! حتى اني سأتخلى عن...
الرسول : شوكولاته، فانيلا، او الفراولة؟!!! (فترة صمت) انظر، انا مجرد رسول اودي واجبي. وعلي ان اراعي مصلحتي،، وانت تعرف، انه لا شيء شخصي بيني وبينك. (فترة صمت) شوكولاته، فانيلا، او...
الرجل : لا فرق عندي.
الرسول : يجب عليك ان تختار.
الرجل : لا يهمني اي نوع.
الرسول : اذن الشوكولاته. (يدون الرسول ملاحظة في دفتر ملاحظاته) وكم سنة لديك خدمة؟
الرجل : ماذا؟
الرسول : كم سنة مضى عليك وانت تعمل في الشركة؟ هذا بخصوص الشموع. ستحصل على شمعة عن كل سنة خدمه...
الرجل : لا اتذكر. لقد كانت...
الرسول : حسنا. سأدقق ملفك. فقط امضِ هنا.
(يوقع الرجل متردداً. يخرج الرسول. يخيم الصمت).
الرجل : لا افهم شيئا (فترة صمت) لقد اجبت على كل الاسئلة. على كل شيء. لقد التزمت بكل الاجوبة. لم أحد عن الاصول في كلامي. لقد دخلت دورة اسبوعية في كيفية مجابهة الاستجوابات... (فترة صمت) انتظري... انت... هل اخبرت اي شخص... هل اخبرت احداً؟
المرأة : اخبرت عن ماذا؟
الرجل : عن الطفل! الدمية!
المرأة : كلا. انا... لا اعتقد ذلك.
الرجل : الا تعتقدين ذلك؟!
المرأة : انا... انا لا...
(فجأة تتذكر. مذعورة، تغطي فمها بكفها)
الرجل : لمن؟! اخبرت من؟!
المرأة : قبل ايام، في محل البقالة، انا... انا صادفت تلك المرأة، انت تعرفها، في يوم نزهة الشركة... تلك التي كانت بدون حمالة صدر... وتدخن وشعرها خشن...
الرجل : يا الهي! انها تكرهني! كيف انت...
المرأة : ذكرت لها ذلك لمجرد ان اغيظها!
الرجل : لو انك كنت قد قطعت راسي لكان افضل! تلك المرأة تريد تسريحي من العمل منذ اليوم الاول! لتحل محلي! كانت تترصدني كالصقر... تنتظر اي زلة مني! لابد انها قد اخبرتهم.
(فترة صمت)
المرأة : ماذا سنفعل؟
الرجل : لا شيء.
المرأة : لكن...
الرجل : لا يمكننا ان نفعل شيئاً. لقد فات الاوان.
المرأة : ربما... ربما بإمكانك ان تخبرهم بانه قد حصل سوء فهم؟ اخبرهم انها تكذب! وانها اختلقت ذلك! بدافع الغيرة!
الرجل : لن يصدقوني.
المرأة : انا سأنكر كل ما قلت! واني لم اقل اي شيء! فليس لديها اي دليل!
(فترة صمت. الرجل يفكر بالأمر)
الرجل : علينا ان نتلف اي دليل.
المرأة : ماذا تعني؟ اي دليل؟ (الرجل ينظر الى الدمية. هي تمسك بالدمية مدافعة عنها) كلا. ارجوك.
الرجل : انها الطريقة الوحيدة.
المرأة : انت لا تعرف ما الذي تطلبه.
الرجل : اني اعرف ما الذي... ما الذي يعنيه لك. لكن اما هي او انا. حقاً لا يوجد خيار آخر. (فترة صمت) هل هناك خيار؟ (فترة صمت). بالتأكيد لا يمكنك ان تختاري ذلك الشيء وتفضليهِ علي انا.
(صمت)
المرأة : اسمها... اسمها هو ايما.
الرجل : انهم سيقتلونني.
(فترة صمت)
المرأة : انها تعرفت على قدميها قبل ايام. كنت اتمنى لو انك قد شاهدت ذلك.
الرجل : هل تفهمين ماذا قلت لك؟.
المرأة : ان بإمكانها ان تقلد صوت الحيوانات ايضاً. بإمكانها تقليد صوت الاسد، والكلب والقرد والبطة.
الرجل : انا سأموت. سيقطعون راسي.
المرأة : انها ضربت القطة على راسها هذا الصباح. واني قلت لها ان ذلك عمل سيئ وعليها ان تعتذر. لذا قامت بمداعبة القطة وهي تقول لها "آسفة ايتها القطة". ثم اخذت فرشاة ومسدت شعر القطة بها وتقول "اذهبي الى هناك، يا قطة". كان شيء رائع.
الرجل : لا يمكن لها ان تفعل ذلك. انها مجرد طفلة رضيعة.
المرأة : لكنها فائقة الذكاء.
الرجل : ما الذي اقوله انا؟ حتى انها ليست طفلة رضيعة... انها مجرد دمية!
المرأة : يمكنها ان تحسب الى العدد عشرة.
الرجل : لا يمكنها ذلك!
المرأة : بل يمكنها. وفي بعض الاحيان تطفر الرقم "سبعة" لأن لفظه اصعب من باقي الارقام.
الرجل : انك تبتدعين ذلك!
المرأة : كلا.
الرجل : حسنا، اذن بإمكانها ذلك! اطلبي منها ان تقوم بالحساب، الآن.
المرأة : مزاجها متعكر الآن.
الرجل : مزاجها متعكر!
المرأة : كما تعلم، هي ليست قرد.
(فترة صمت)
الرجل : هل انت... هل انت حقا تتركيني اموت؟
المرأة : لربما انك مخطئ. لربما انهم حقا يدعونك الى حفلة. مجرد حفلة. ربما هم يريدون ان يكافئونك على جهودك الاضافية في العمل. (فترة صمت). انت يجب ان تتوقع ذلك. وفي هذه الحالة علينا ان نتركك الآن وحدك. انا متأكدة انك لا تريد ان نشغل ذهنك عن مهامك. (فترة صمت). انا وايما سنتمنى لك النجاح. (الى الدمية) أليس كذلك يا ايما؟ (فترة صمت) قولي لأبيك، "مع السلامة". (فترة صمت). مع السلامة، يا أبتي.
(تخرج المرأة. يبق الرجل ساكناً بلا حراك).
ستار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت


.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال




.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب