الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادراكيتان ومجتمعيتان ومنتهى واحد/ ملحق3ج

عبدالامير الركابي

2024 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تمر المجتمعات على عكس المتعارف الشائع، بدورتين وطورين من التاريخ، الاول ارضوي جسدي، والثاني لاارضوي انتقالي، ينتهي بمغادرة الكائن البشري للكوكب الارضي بعد تحرر العقل من الجسد واستقلاله عنه، وليس ماننوه لافتين النظر اليه بالموضوعه او الجانب العادي في مجرى النظر العقلي البشري للحياة والوجود، ومن ثم مايعرف على انه التاريخ ومساراته، ووجهته، واجمالي مايترتب على اعقاله من قبل الكائنات البشرية.
فاكتشاف المنظور الازدواجي للتاريخ العالمي هو من دون ادنى شك لحظة انقلابيه كبرى لايمكن مقارنتها على الصعد كافه بما قبلها، وبالذات بما قد ساد واصبح مقرا وغالبا كليا منذ صعود الغرب الحديث بعد الانتقلاب الالي، حين تسنت لاوربا امكانيه وفرصة مصادرة التاريخ البشري، والهيمنه على مساراته ودلالاته، ليتحول هو الى الهدف والغاية المضمرة المقصودة من التاريخ والياته، بينما وضع ماقبله، وبالتحديد اية ابتداءات سابقة، وبالذات منها التاسيسية في سلم الارتقاء، في المرتبة او العتبه الاولى المنطلق، والضرورة اللازمه ضمن السيرورة الخيطيه التصاعدية، المفضية الى الغرب الحديث، قمه واعلى اشكال التجلي المجتمعي الممكن.
ويدخل هنا بقوة عاملان رئيسيان، حضورهما يمنع تجسد الازدواجية وعيا، فضلا عن الاراك الضروري، الاول عائد الى حكم القصورية الادراكية العقلية الانية، او مايكون متاحا ومتوفرا للعقل البشري من طاقة على الاحاطة، بالذات في الجانب المجتمعي حتى الساعة، والاخر الهام هو تعذر التحققية اللاارضوية، وخضوعها لقانون الانتظارية الطويلة الامد، لحين توفر الاسباب الضرورية، الاعقالية على مستوى الادراكية، والمادية العائدة الى وسيلة الانتاج وتطورها مابعد اليدوي، مايترتب عليه فعليا، الاحتكام لديناميات العودة على بدء بناء على نوع المقصد المضمر، بخلاف المنظور الارضوي القائل بالخيطيه السائرة الى امام، ودائما، مع تلازم البكورة والابتداء التاريخي، بالبدائية والدونية تدرجا صعوديا.
وتدخل هنا بصورة حاسمه ملزمات الحدود المتاحة اعقالا للعقل بالذات، ضمن اشتراطات وحدود وممكنات الجسدية، واجمالي الملموسية المعاينه، لتغدو هذه على انها منطويات الممكن الاعقتالي "العلمي"، وهو ماتكون له قمه تجل، وموضع اضطلاع هو الاعلى ديناميات ضمن صنفه الارضوي كما حال الموضع المتوسطي الغربي الاوربي، المتميز عن غيره من مشابهاته تكوينا، بالطبقية وآلياتها، مقارنه على سبيل المثال بمقابله النيلي المصري الارضوي، المحكوم لآليات احادية الدولة المنزوعة منها الاصطراعية الذاتيه الازدواجية، السكونية مقارنه بالطبقية المقابلة، الامر الذي يضع التجليات هنا على المستوى التاريخي بموضع القمة قياسا الى مستوى ودرجة الادراكية البشرية الممكن توفرها، فتغدو وبناء عليه مايعرف ب"الفلسفة" كمنظورقمة للوجود والعالم، ومايحايثها ويعرف ب " الديمقراطية" بمعنى حرية الراي، كمقابل للرسوخ التمايزي الطبقي غير القابل للتاثر بحرية الموقف المتاحة، والتي تصبح عمليا وفي الممارسة، وجها من وجود تبرير التمايزية والاستغلال الطبقي، بحكم ماتضفيه من خصوصية ومثالية على صعيد طبيعة النظام، الامر الذي تكررت اشكال منه مختلفة بحسب الفترات، مابين الطور الاول الاغريقي اليدوي، والطور الراهن المتوافق مع اشتراطات الانقلابية الآلية.
ومع الاصرار على تكريس مثل هذا المنظور الكاسح، والذي اصبح كذلك ابان الطور الالي الحديث، ومع كل الممارس من اشكال غمط وانكار اية مظاهر تعبير او نمطية اخرى مقابلة على المستوى الكوكبي، الاان المجتمعية بالاحرى تظل بغض النظر عن التعيينات وامكاناتها، ازدواجية، بحيث لا يتوانى احد اكبر واهم الاسماء المفكرة ضمن عالم "علم الاجتماع " عن اقران " الراسمالية: ب "الاخلاق البروتستانيه"(10)، بينما يرى احد المتعمقين في مظاهر الازمه الراهنة الحالة على الغرب اليوم، في تراجع "القيم البروتستانيه"(11) دالة على النقص البنيوي المريع الحال على الغرب والراسمالية اليوم.
ويعني ماتقدم ان العالم والعقل البشري والمجتمعات هي ازدواج، احدهما مؤجل الظهور، والاخر متسيد بحكم القصورية العقلية والمادية المنتظر الخروج منها بناء على التفاعلية التاريخيه ومساراتها، ف " العلم" والنظر للكون والوجود والعالم، ليس ماتتيحه الجسدية او الارضوية كما تقول فلسفة الغرب، وثمة ابتداء وسابقا زمنيا، منظور آخر نابع من نمط ونوع مجتمعية اخرى هي الاكثر تلاؤما مع المنطويات الناظمه للوجود والالية التطورية البشرية، تلك هي اللاارضوية الذاهبة الى السماوية، او مايطلق عليه زورا"الماورائية "، و" المتافيزيق "، من منطلق الابقاء في نطاق الجسدية والارضوية، باستغلال اشتراطات تعدي المنظور المنوه عنه ابتداء للطاقة العقلية على الادراك، ناهيك عن الوقوف دون الانتقال الى "العلية السببية" كما كان حال التعبيرية الكونية الاولى الابراهيميه" الحدسية/ النبوية"، وقت لم يكن واردا او ممكنا القول بان المعلوم رؤية، ليس الملموس والمنظور المحسوس، الا من زاوية المعتقد القاصر الموكول لحدود الجسدية والارضوية.
يبقى الامر او الجانب الحيوي الاهم، هل ياترى ثمة اليات ناظمة للوجود البشري ووجهته؟ وفي المقدمة حركة العقل والاعقال الحاسمه على هذا الصعيد، بمعنى هل ان " العلم الارضوي الجسدي" المحكوم لممكنات الجسدية هو الغاية والمقصد المتضمن في الحركة التاريخيه للكائن البشري، ام ان شكل ونوع "العلم" سائر الى التبدل، والتغير ليخل محل "العلموية الارضية الجسدية" نوع علموية اعلى، متوافق مع الغاية الوجودية الارتقائية للكائن البشريـ الذاهب من " الجسدية" الى " العقل"، حيث يظهر امامنا علم مطوي ومغيب كليا كاحتمالية، اهمها القول بامكانية انتقال المنظور اللاارضوي الاول من "الحدسية" الى "السببية العليّة"، الامر اللازم والمترافق حتما، مع تطور العملية التفاعلية البشرية التاريخيه على مدى الزمن اليدوي من تاريخ الظاهرة المجتمعية.
ثمة "علم" و "علمية" اخرى، غيرالمتعارف عليها اليوم، بافقها ومحدوديته الابتدائية، ونطاق تشكلها ومادته مادون الانتقالية البشرية الطبيعية الاساس في حركة الوجود الحي، والسائرة قدما باتجاه مغادرة الجسدية، المحطة الالزاميه العابرة ضمن الديناميات التحولية الوجودية البشرية، باتجاه "الكائن العقلي"، بما يعني كون المنظور البشري الفعلي المطلوب "واحد"، منتظر وقادم، هو ماسيتمخض عنه الازدواج الراهن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران