الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء / رواية ...العودة

ذياب فهد الطائي

2024 / 4 / 1
الادب والفن


العودة (المفترض مؤقتة )















حين سألته على الهاتف متى سيحضر ،قال ربما خلال ثلاثة اشهر لأنه بحاجة الى استلام الشهادة ومن ثم تصديقها من وزارة التعليم العالي والخارجية والسفارة العراقية ، كما انه يفكر بشراء سيارة مرسيدس من المانيا سيما وإن احد الطلبة معه كان يعمل في شركة مرسيدس في مدينة شتوت غارت وإنه يستطيع الحصول على خصم في السعر،
وقبل ان يتوجه الى المانيا اتصل بي وكان قلقا وسألني مباشرة :كيف هي الأوضاع السياسية؟
كانت بغداد ايامها تشهد حراكا محموما غير ظاهر للعلن ، كانت الأحزاب القومية على وجه الخصوص تتحدث في لقاءاتها الحزبية على مستوى الصف الأول عن ضرورة التحرك للإطاحة بنظام عبد الرحمن عارف خصوصا بعد المحاولة الفاشلة لعارف عبد الرزاق المحسوب على التيار القومي الناصري والذي كان موضع تندر العراقيين، قلت له نحن ننتظر نهاية المارثون ،
كنت قد عرفت من أحد الأصدقاء إن حزب البعث يعمل جاهدا على استمالة مدير الاستخبارات العسكرية وقائد الحرس الجمهوري ، وفي تقديري انهم مهيؤون اكثر من أي تيار او حزب سياسي عراقي لتنفيذ انقلاب ناجح، فالشيوعين ليست لديهم تجربة في هذا المضمار والأحزاب القومية كالناصريين وحركة القوميين العرب لا يصلحون لتنفيذ انقلاب في العراق ، أما البعثيون فهم يمتلكون الخبرة كما إنهم يحملون عقيدة انقلابية ولديهم تنظيم متماسك وعلى مستوي عال من الانضباط
كان عبد الستار في شتوت غارت حين اتصل يعلمني إنه اشترى السيارة ويعمل على اكمال الأوراق اللازمة للخروج بها الى العراق، قال سيقوم بقيادتها ولهذا يمكن أن أكلفه بأي شيء ليأتي به
في بداية تموز كانت الاشاعات قد بدأت تنتشر عن قرب وقوع تغيير كبير في العراق ، وحتى في المقاهي وعلى صوت الملاعق وهي تتحرك في (الإستكانات)وعلى وقع ضربات نرد الدومينو كان الحديث يتراوح بين الجد والهزل عن صيف ساخن ، حتى ان محمد الخياط قال: كم سيكون مدهشا عودة الدبابات الى الشوارع من باب التغيير على الأقل
كنت في الشركة حين اتصل بي عبدالستار معتذرا عن اشغالي ولكنه قلق بشأن ما يجري ،كان يبيت في قرية المانية على الحدود وفي الصباح وهو في طريقه الى السيارة في موقف قريب شاهد عنوانا على صحيفة معروضة على حامل معدني بباب مكتبة
Militärputsch im Irak
لقد استثارني العنوان ولكني لم افهم بالضبط المقصود ، سألت البائع قال إنه لا يعرف الإنكليزية ، اشتريت الجريدة وعدت الى النزل الصغير ، شرحت لي العنوان ولكن باللغة الألمانية
في الشارع كان عسكريا يتطلع في واجهات المحال قلت :سيدي هل تتكلم الإنكليزية
قال-قليلا
-حسنا ماذا يعني هذا العنوان ؟
ابتسم بشيء من الالفة -انقلاب عسكري في العرق
تابع -هل انت عراقي؟
-نعم..... هناك أسماء لقادة الانقلاب؟.

اخذ الجريدة وتصفحها ثم بدأ يقرأ قال -أحمد حسن البكر ، هل تعرفه
-نعم ، أحد ابرز خبراء الانقلابات في العراق...شكري واسف لتأخيرك
قلت لعبد الستار -إذا انت تعرف الان من استلم الحكم...اقترح أن تتأخر في وصولك الى بغداد حتى أيلول في تركيا أو سوريا
--سأحاول البقاء في بلغراد فلدي قريب يعمل في الدائرة التجارية للسفارة العراقية فيها وقد سبق أن دعاني أكثر من مرة .
انقطع الخط الهاتفي وفكرت ان طول فترة المحادثة هو السبب وراء القطع ولكن (منى ) قالت لقد دخلتما في منطقة الحظر ،لا تنسى ان الأجهزة الأمنية اليوم استعادت فعاليتها ، لقد انتهت الهدنة والانتظار لن يطول في تحديد من سيظل في الحكم ومن سيخرج !!!!!
قلت -هناك حالة عدم انسجام ، فلا النايف قريب من البعث ولا الداوود, كما ان المجموعة القومية في الجيش مهددة بالإبعاد، وكل الذي أتمناه أن يجري ذلك كما حصل في الانقلاب أعني دون دماء،

لم يطمني حديث رياض ،كنت أغادر النمسا فقررت البقاء في سلوفينيا بضعة أيام قبل أن أتوجه الى بلغراد حيث قريبي ، ولهذا قصدت مدينة بليد ، فالطبيعة خلابة وهادئة اخترت فندقا يطل على البحيرة الكبير عند منحدر جبال الالب ، كان الفندق الصغير نظيفا والإفطار القروي لذيذ ومتنوع والفتاة التي تدير الاستقبال ترافق الزبائن الى غرفهم وتقوم بخدمة الإفطار وهي ترتدي الزي التقليدي وتضع شالا ابيض على رأسها فيما تفلت خصلة شعر كستنائية تتأرجح فوق خدها الوردي وترافقها ابتسامة وجودة ،
وأنا اركن سيارتي خرجت مسرعة.
-الى الكراج ...اتبعني
قالتها بلغة إنكليزية بصعوبة يمكن فهمها
-اذا كنت ستقضي مدة عندنا فلابد ان تتركها في الكراج ،لأنك قد تتعرض لعملية تسليب على الطرقات القريبة
كانت تستعين بدفتر صغير فيه ترجمة للكلمات اليوغسلافية الى الإنكليزية
حين عرضت عليها ثلاثة ماركات المانية رفضت
-نحن نشتغل براتب
اعدت الماركات الى جيبي
كنت اخرج يوميا بعد الإفطار الى بحيرة بليدا ذات الألوان المتداخلة بين الأزرق والاخضر ، اشرب القهوة بهدوء واقرأ في احد كتب الاقتصاد ، اتناول غدائي ثم اعود الى الفندق ،قالت أقترح أن تبقي سيارتك في الكراج وأن تستعمل سيارة أجرة فهذا سيجنبك الكثير من المضايقات ولدينا سائق معرفة ونأتمنه ويمكن أن يساعدك في اختيار المناطق السياحية ، وافقت على المقترح وبعد اول جولة في المدينة
قالت لوكا -كيف وجدت السائق؟
-مؤدب ونادرا ما يتحدث وهو يعرف المنطقة جيدا وقد افادني كثيرا
-دائما اوصي به لزبائننا الأجانب
قضيت باقي شهر تموز في الفندق وقد شعرت بمتعة كبيرة كما قرأت بعض الكتب التي لم تتسنى لي الفرصة لقراءتها لا في بغداد ولا في سوانزي، كانت فرصة ان أستمتع بكل هذا الجمال والهدوء وبساطة البشر هنا ،البحيرة وجهة سياحية ولكنها غير مزدحمة وهذا ما يجعل من تأمل ما تتمتع به فهي معروفة بجمال طبيعتها الخلابة ، أغمض عيني أحينا لأستعيد سحر المنظر الشامل ، فعلى امتداد البحيرة أنواع من الشجر المعمر وعلى اليمين ترتفع سلسلة جبال الالب حيث ما تزال قممها مغطاة بطبقة من الجليد الأبيض ، ووسط البحيرة جزيرة صغيرة تتوسطها قلعة تمتد الى عمق التاريخ لسلوفينيا ،
في 03-08- 1968 كنت قد قضيت خمس عشر يوما في بليدا ،مضت كأنها حلم ليلة صيف كما يقول شكسبير ، سريعة وممتعة ويمكن أن اتجاوز هذا التعبير البسيط لأقول كانت ساحرة
اتصلت برياض في بغداد أولا حيث شرح لي الوضع القلق في المدينة بعد تخلص البعث من العسكريين الذين تعاونا معه في (تمرير ) الانقلاب ، كما اتصلت بانتصار التي قالت إن رياض شرح الأسباب التي تدعوني الى التأخر وإنها تقدر الموقف...قالت إن حكمت هو رجل البيت الان أما ابتسام فيه عروسة ،
كان التلفون الثالث لقريبي في بلغراد ردت زوجته ، قالت نحن بانتظارك وفاضل خرج مع الأولاد الى السوق لشراء بعض الحاجيات ، طلبت منها عنوان البيت لأني لا أرغب في الذهاب الى السفارة
قلت للوكا سأغادر غدا بعد الإفطار ، رانت على وجهها سحابة حزن
-يؤسفنا مغادرتك فقد كنت تحظى بتقدير عال من العاملين معي
ابتسمت وتابعت- اقدر انك ضيف لا بد من ان يغادر لعائلته ومعرفتي بك خلال أسبوعين جعلتني أفكر بأن أتزوج عراقيا ، قالت ذلك وهي تبتسم بمودة
-ارجو أن تفكر بزيارتنا مع العائلة ...سنكون سعداء باستقبالكم
توقفت وهي تعدل شالها الأبيض المشغول بتطريز لجبال الالب
-بعد الإفطار سأقوم بتنظيف السيارة فقد ظلت مركونة في الكراج
-لا داع فعلى طول الطريق وأنا قادم كانت تمطر ،
-كانت قطرات المطر تحمل دخان المصانع ، من الواضح ان تلك المصانع لا تخضع للرقابة
كان إفطارا متميزا ..بيض وزبدة وجبن محلي وقطع لحم مقدد قالت لوكا إنه لحم عجل
وأنا أخرج من الكراج قدمت للوكا علبة حلويات كنت قد اشتريتها في محطة بنزين على الطريق قلت لها
-هذا لا يعطوك إياه مع الراتب
ابتسمت وهي تأخذ العلبة وظلت تلوح لي حتى دخلت الطريق السريع
الحركة على الطريق الى بلغراد خفيفة ولم أتوقف الا مرة واحدة عند نقطة تفتيش للشرطة ، كان عملهم روتينيا
كانت اقامتي في بيت فاضل تتوزع بين المناقشات السياسية طوال السهرة التي يحضرها واحد او اثنين من أصدقاء فاضل فيما تدور أحاديث عن المودة ثم تبدأ حلقة جديدة من مقتضيات النميمة على الجانب الامامي من صالة واسعة حيث تتجمع ثلاث أو أربع من زميلات زوجة فاضل وينشغل أولاده الأربعة في متابعة مسلسل مصري
أما بعد الإفطار فإني انشغل أولا بالقراءة وبعد الثانية عشر بالخروج مع الأولاد الى الحديقة المجاورة حيث نلعب كرة القدم او يتحلقون حولي لأحكي لهم قصة عنتر وعبلة أو أبو زيد الهلالي ، وعادة أزيد أو أنقص في أحداث الحكايتين من منطلق التشويق والاثارة
اتصلت بانتصار التي كانت تطمني ان كل شيء عادي وإنها تنتظرني ....حكمت اصبح اكثر سيطرة على حديثة وطلب ان اشتري له سيارات تتحرك بجهاز التحكم أما ابتسام فكانت تردد بابا تعال.
في 10 أيلول غادرت بلغراد ولا أنسى بكاء أولاد فاضل وهم يلحون أن أبقى عندهم ...قال فاضل "إنهم لا يفعلون هذا حين أسافر بمهمة للسفارة الى بغداد"
على الحدود التركية بدأت أولى مشاكلي فقد أصر موظف الجمارك على تفتيش السيارة على نحو مبالغ فيه ، أخرج المقاعد والاطار الاحتياط وكان يتكلم بالتركية المخلوطة بإنكليزية بحيث يضيع كل شيء ولا أفهم المقصود مما يدفعه الى رفع صوته بعصبية ويردد كلمة فهمت انها اقرب الى الشتيمة ،كنت أقف على مبعدة من السيارة أرقبه ....تقدم مني سائق شاحنة صغيرة تقف خلفي
-الأخ يدخل لأول مرة الى تركيا ؟
-وربما اخر مرة
- تجاوز كل هذه الضجة سهل جدا 10 ماركات المانية وتجد انك على الطريق الى باب الهوى
أخرجت عشرة دولارات فاحتج السائق
-لا .....عشرة ماركات ، الدفع هنا بالمارك الالماني


توجه السائق الى موظف الجمارك وغمزه -مرحبا
-مرحبا
مد السائق يده يصافح الرجل وعاد ثانية يغمزه
-الأخ لأول مرة يعبر الحدود ارجو أن تسامحه
كان يتكلم معه بالتركية
انفردت أساريره وهو يلمح ورقة العشرة ماركات
قال السائق -سأساعدك بإعادة المقاعد ، اهتم انت بإعادة الحاجيات الى الحقيبة
أعاد رجل الجمارك أوراق السيارة ومعها ورقة رسمية مختومة بانه يسمح لي بالمغادرة
لم اتوقف الا في غازي عنتاب فقد شعرت بالتعب ، النزل الصغير في المدينة كان نظيفا ،ولكن اللغة كان لها وقعا غريبا في أذني وليس من يتكلم الإنكليزية ، في النزل كان أحد العمال الكرد من ديار بكر ويتكلم العربية وقد ساعدني في حجز غرفة لليلة واحدة كما قال بانه مستعد أن يرافقني في النهار التالي للتعرف على المدينة أو للتسوق ، شكرته ودخلت الغرفة بعد أن تأكدت من اقفال الباب من الداخل
في حلب توقفت لشراء بعض الملابس القطنية ثم تابعت السير الى بغداد ،توقفت في قرية صغيرة حيث تناولت الغداء ، كنت عند باب الدار عصر 14-09 –1968

كانت انتصار مَن فتحت الباب وللحظات شعرت إنها تحت ضغط المفاجأة ، توقفت وهي فاغرة فاها ثم اندفعت تعانقني بقوة ،خرج حكمت الذي قفز الى حضني وهو يصرخ بابا على نحو هستيري أما ابتسام فقد امسكت بتنورة أمها لا تعرف كيف تتصرف فقد كانت رضيعة حين غادرت بغداد
حين ردت انتصار على هاتف رياض قال سنحضر حالا ، كانت منى في آخر شهر للحمل أما رياض فقد اكتسب بعض الوزن
بدت ابتسام طفلة على وسامة ملفتة ، عيناها واسعتان بعمق يشي بفطنة وحذر ...كانت تنظر إليّ بمحبة ولكن بوجل ، حين انشغلنا بالحديث اقتربت مني ومدت يدها الصغيرة والناعمة لتضعها على ركبتي وحين وضعت كفي على رأسها قالت بصوت خافت ومتردد -بابا
-نعم حبيبتي بسو
-انت حقا بابا !!!
قالت انتصار وهي تغالب دمعها -نعم ...ومعه هداياك التي طلبتها
-عروسة و دراجة بثلاث عجلات
قلت -العروسة بالحقيبة أما الدراجة فغدا يحضروها لك
كان حكمت يجلس على مسند الكرسي واضعا يده على كتفي ،تشجعت ابتسام وأشارت الى أنها ترغب الجلوس في حضني
قالت منى -الان فقط اجتمع شمل العائلة
شعرت بأن كل الأيام التي غبت فيها عن العائلة وعن بغداد كحلم تقضى الان ولكنها في مخيلتي ظلال من المتعة ،وأنا أحتضن طفلي وألامس ضفيرة انتصار تخيلت أنه حلم كان في ليلة ما لا أتذكرها ....وما أعيشه الان هو الحقيقة المطلقة .
في اليوم التالي ذهبت الى الوزارة لأسجل التحاقي بالعمل ولأقدم طلبا بإجازة لثلاث أيام لتصديق الشهادة من وزارة الخارجية ومن السفارة البريطانية وبعدها الى وزارة التعليم العالي لمعادلتها
قال موظف الاستعلامات -المدير الإداري يرغب في ان تقابله أولا
-هل مازال القاضي
-لا ، القاضي في السجن ،المدير الادري عمر العيساوي
قال المدير الإداري -اهلا ومرحبا بك دكتور ، نشرب الشاي أولا ثم نذهب الى المدير العام للشؤون الإدارية
كان مكتب المدير العام في غرفتي سابقا ومن الشباك المفتوح كان دجلة ما يزال ينساب، تتدافع مويجات رخية بلون أخضر شفاف فيما بضعة نوارس تشكل لوحة فوق الماء في حالة تغير مستمر ،
قال المدير العام وهو يعتدل في جلسته ودون أن يقف
-ارجو أن تجلس ،وأشار الى مدير الإدارة بالخروج
-في الوقت الذي نرحب بك أود أن أوضح بعض الأمور التي حدثت في الوزارة الجديدة
توقف عن الحديث ووضع كوعيه على الطاولة وكأنه يرغب في امتلاك ثقة أكبر بقدرته على إيصال المعلومات الجديدة
- بعد استلامنا الفاكس الذي بعثه من إنكلترا والذي تم رفعه لمعالي الوزير حيث كتب توصية بإعطائك درجة خبير اقتصادي لأن درجة المدير العام منحت للدكتور محمد بتوصية من القيادة ، اعتقد إنك تتفهم الموضوع.
كيف لا اتفهم الموضوع وعلى رأس السلطة حزب البعث العربي الاشتراكي للمرة الثانية ولكن ممسكا بكلتا يديه دفة الحكم لوحده بعد ا، تم التخلص من النايف والداوود بطريقة محترفة في المناورة والهجوم
قلت- لابأس فالقيادة اكثر مني فهما لطبيعة المهام في هيكل الوزارة ...وما ارجوه أن أكون مفيدا في موقعي الجديد ...لدي رجاء بسيط،
-تفضل
قالها بارتياح
-لغرض تصديق الشهادة وتقديمها للتعليم العالي لمعادلتها أحتاج إجازة لثلاثة أيام
-بسيطة
ناولني ورقة بيضاء وقال – اكتب الطلب وسأوقعه بالموافقة ولكن لا تنسى تذكير عمر بأن يصدر الامر بمباشرتك ،
بعد إن شكرته ذهبت الى المدير الإداري لأسلمه طلب الاجازة واعلمه بتوجيه المدير العام بإصدار أمر المباشرة
رغم انزعاج انتصار وأسف رياض لأن الوزارة وضعتني بدرجة أدنى على العكس تماما عما كنا نتوقعه فإن الامر لم يشغلني خصوصا بعد ان قابلت المدير العام وتمنيت له التوفيق وأن أكون عند حسن الظن،
كان المدير العام أحد المقربين من السيد النائب حين كان في القاهرة ، يحمل شهادة دكتوراه من بلغاريا وقد فشل ان يعمل في أي من جامعات القاهرة وبتوسط من السيد النائب تم تعيينه في جامعة مغمورة في أسيوط وبعد أسبوع من التحاقه بالجامعة أضرب طلاب الصف الثاني في قسم الاقتصاد حيث وافق على تدريس مادة الاقتصاد الكلي لطلبة السنة الثانية
قال الطالب الذي ترأس وفدا من أربعة طلاب لمقابلة مدير شؤون الطلبة في الكلية
-الأستاذ العراقي ليس بمقدوره القيام بمهمة تدريس المادة فهو يخلط بين أسماء علماء الاقتصاد وحين الشرح تكون لغته غير مفهومة وعند طلب الايضاح يتصرف بخشونة ويرفض الرد ....باختصار سيدي المدير الطلاب لا يرغبون بحضور دروسه
قال المدير- أتفهم حرصكم على الدراسة وسأرفع الامر للسيد العميد
في اليوم التالي تم استدعاء الدكتور عمر حيث ابلغه العميد إنه أوصي بالاستغناء عن خدماته ،
قال عمر أرجو أن توافقوا على استقالتي وأكون شاكرا فضلكم
في الطريق الى القاهرة تذكر الدكتور عمر فترة دراسته في الماجستير والدكتوراه وشعر بأنه فعلا دون المستوى المطلوب فخلال ست سنوات دراسية كان حضوره الى الكلية لم يتجاوز الأربعة اشهر نصفها قضاها في كافيتريا كان روادها المستديمين من العرب والافارقة
تذكر إن التوقيع على شهادة العبور كان يكلفه دعوة واسعة لمعظم الكادر التدريسي في مطعم على الجبل المطل على العاصمة البلغارية ،كل ما كان يعنيهم إن البار مفتوح حتى المغادرة عند الساعة الرابعة فجرا.
حين التحقت بعملي وجدت إن الغرفة المخصصة لي كانت في آخر الرواق ولا تطل على دجلة وتشتمل على كرسي خشبي بمساند مغلفة بقماش بني وطاولة مع هاتف داخلي.
المهم في إن ما كنا نقوم به هو الاجتماع على عجل لتقديم توصية بإقامة مصنع بحوالي الخمسين مليون دولار ليذهب بها الوزير الى رئاسة مجلس الوزراء للموافقة
في الاجتماع الأول استغربت الطريقة التي يتم البتّ فيها بمشاريع كبيرة دون دراسات أصولية أو حتى دراسة الجدوى الاقتصادية
قال المدير العام -المهم استحصال الموافقة ولاحقا يمكن اجراء الدراسات المقترحة ،
بعد هذا الجواب وعلى ضوء ما يجري في العراق قررت أن أوطن نفسي على التأقلم والانتظار !!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????