الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس في الثقافة مقتطفات 111

آرام كربيت

2024 / 4 / 1
الادب والفن


جميع الكائنات تخاف من الغرباء.
لم يكن التعذيب هو العنصر الأساس للألم في السجن، أنما مجيء سجين جديد، غريب الوجه والسلوك والملامح.
شيء من القهر يولد في نفس السجين القديم مع هذا القادم الجديد
في قرارة نفسه يقول:
ـ هذا القادم الجديد، تهديد لوجودي في هذا المكان، سيهز استقراري، سيهز البناء كله، توازني النفسي والعقلي، سيخرب مكاني الذي تعودت عليه، على هذا الروتين المعين.
نحن لا نعرف سلوكه أو ممارساته، ويبدأ بطرح الأسئلة، هل هو عدواني، خشن، مغرور، حسود، يشخر في الليل، يتحمم، يتشطف. هل هو دخيل بعباءة مختلفة وثقافة مختلفة عنّا؟
هذا المحتل الجديد، سيزاحمنا على الماء والمرحاض والباحة والتنفس والضحك أو البكاء والزيارة، والمكان، والسرير.
تبدأ الأنانية والخوف على الذات من اهتزاز مكانها.
السجين، العنصر الجديد، يستفز عنصرية السجناء القدامى، لا يريدونه، وبينه وبينهم نوع من الاستسلام لواقع جديد غير مرغوب به.
الجميع يتحفزون، يراقبون بدقة شديدة الكائن الجديد المنافس لهم، حركاته، سكناته، تنفسه، طريقة أكله ومشيه، وحديثة.
وكل فرد يرسل مجساته، يستنبط منها الملاحظات التي سيتصرف من خلالها معه.
إن ما يحدث مع السجين القديم، قريب الشبه بالجماعات البشرية المستقرة تاريخيًا، يشعرون بالتوجس والحذر من المجموعة البشرية الجديدة القادمة إليها.
في لاشعور الجماعة الأولى أن القادم الجديد، تهديد وجودي لهم، سيأخذ مكتسباتهم، أرضهم، ويفرض ثقافته وأجندته عليهم، مهما كانت صغيرة.

السجن غربة
السجن عالم الغرباء، غربة عن الوطن عن المرأة والأهل والأصدقاء، ولم يكن هناك أمل في الخروج من السجن. الغربة عن الروح والفرح، وضياع المستقبل. واليوم يشبه الذي قبله والذي بعده. والعين على الباب الرئيسي علنا نحظى بوجه امرأة، أو أن يفتح الباب ونخرج منه. عالم السجناء عالم الحياة المؤجلة إلى إشعار أخر. تعرفت على طبيب تافه في السويد، قال لي ما شاء لا تشكي من أي شيء، أعطيته روايتي، الرحيل إلى المجهول، بعد أربعة أيام جاء دائخًا، قال لي قرأتها، كيف خرجت من السجن سالمًا؟

لا يمكن لأي دين أن يبقى على قيد الحياة، لولا عقدة الاضطهاد والدونية، كلاهما السلاح الأمضى في ترسيخ حربه على الأفكار الأخرى المخالفة له.
هل رأيت مؤمنًا لا يعاني من قهر، وحزن وخوف وتوجس من الأخرين، وأن الأخرين يضمرون له الشر؟
دائمًا علينا البحث عن الدوافع وراء هذا الفعل المرضي، ماهي أسباب وغاياته؟
لماذا يعاني الدين من الغربة والاغتراب ما دام لديه إحساس بأنه يمتلك الحقيقة؟
هل السبب أنه يشعر بالخواء، وأنه لا يمتلك أدواته، أو إحساسه الداخلي لا يدله إلى الحقيقة فيبدأ بندب ذاته وذات مؤمنيه؟
هل يشعر أن النصوص لا ترتقي به إلى مصاف القناعة، أو لا تملا الفراغ أو بين الفراغات؟
أشعر أن هذا الضجيج الذي يصدر عن الدين هو نتاج أزمة عميقة جدًا، بين ما يريد، وبين ما هو مأمول، وبين الواقع والحقيقة.

الحب ينتمي إلى الحقيقة أو الأبدية.
إن هذا الحب متعالي، مترفع، ينتقل إلى الموضوع بغض النظر عن الذات.
ينغرس في الموضوع كقدر لا أنفكاك منه. يوجه سهمه المذبب إليه ويطلقه ليستقر في داخل كل ذات.
يغري الذات للوصول إلى الموضوع، يلعب فيه، يروضه، يمسك بأنفاسه ويشد عليه بكل قوة كما يشد اللجام على فم الفرس أثناء توجيهه
لا يهمه نوعية الذات، نبله أو رثاثته، ذكاءه أو غباءه، طيبة قلبه أو شراسته.
إنه يتوجه إلى الموضوع عبر الذات لينفذ غذاء الطبيعة واستمرار إنتاج ذاتها واستمرارها.
لا يوجد إنسان طبيعي يستطيع الانفكاك من هذا القيد الجميل والوجع اللذيذ.

مكسيم غوركي
قرأت رواية الأم لمكسيم غوركي في وقت مبكر من عمري، وكيف سقينا الفولاذ لنيقولاي أوسروفسكي. وكلا الروايتان تتحدثان عن أبطال مجندين لإنتاج الحياة دون لذة أو فرح. أبطالهما خدام الفكرة على حساب الواقع. أبطال نذرا حياتهما إلى الموت من أجل حياة أخرى غير معروفة.
لا أعرف لماذا يعشق الطهوريون الموت، ويذهبون إليه بفرح غامر لإنتاج حياة متخيلة معشعشة في جوف العدم أو الفراغ.
أصحاب الرسالات الكبرى أكثر الناس تضررًا من مشاريعهم الوهمية.
وأكبر مأساة في حياة بطل رواية الأم أنه لم يعرف الحب والفرح. والآخر قدس الفكرة ونسي نفسه.
هذه الحياة المشوهة ما زالت قائمة في أذهان الكثير من الناس في بلادنا الذين نذروا حياتهم وأنفسهم من أجل حياة متخيلة.
إن هذا جزء من تراجيديا الشرق الذي يعشق الوهم ويكره الحياة، ولهذا يهرب منها.

عقل خلاق
التجديد, يحتاج إلى عقل خلاق, والعقل الخلاق يحتاج إلى النقد الدائم لتصويب الطريق وإزالة العواقب من أمامه, وفحص مسلماته عبر الشك, لتحليل آلية عمله وتفكيك عيوبه.
للخروج من القوقعة, علينا أن لا نتوقف عند عقلانية معينة أو منهاج معين, أو نتمسك بتجربة تاريخية محددة.
الحياة متجددة, وتحتاج إلى عقل مبدع, متجدد, نشط وخلاق.

العاشق
أنا النرجسي العاشق لذاتي، لدي جرح عميق، جرح سادي ومازوخي، مغروس في لا شعوري العميق يقبع تحت طبقات جلدي البعيدة. أهرب إلى الألم تحت وقع حصار اللذة، واللحظات السريعة العابرة.
الكبت الذي أعانيه يسير معي، ينفجر بي بين كل دقيقة وآخرى.
وما زلت أنا هو أنا.
أنا العاشق لنفسي، ما زلت أحب الأنهار العارية التي لم تشذب.
والأشجار التي لم تقلم.
وأحب الأرياف البريئة، والبيوت المصنوعة من الطين والتراب والتبن.
والدور والبلدان الهرمة.
والفوضى والبعثرة.
وأحب الجداول والسواقي، حاملة الطمي والأعشاب الحزينة وبقايا أعشاش الطيور المهاجرة.
وتعب الزمن ومكان انفتاحه على اللامكان واللامحدود.
أكره الأبنية التي تشيد في السماء
وأكره الحدود والأسوار
وأبكي على جرح الأرض، ووجعها بفعل أمراضي وعقدي وهذيانات نفسي.

السلطة
لا زالت السلطة تملك وعيها لذاتها.
الآف السنين، ولا زالت السلطة تملك وعيها لذاتها، وتمارس كل الأساليب للبقاء في برجها العالي متسيدة الواقع والمجتمع والدولة.
تملك العنف والقوانين، وتحمي نفسها وأمنها، وتسرق المجتمع وتذله، وتصنع له لغة هو لغتها، وتشن الحروب باسمه، وتغربه، وتمسخه، وتشيئه، وتحوله إلى رقم أو إلى لا رقم، وتخلق لنفسها نخب، ونياشين وتراتبية ومكانة، وأشياء كثيرة آخرى.
ولا زال المجتمع صدى السلطة، لا يملك وعيه لذاته، وإلى حين امتلاكه لوعيه لذاته، سيبقى التاريخ تاريخ السلطة.
وعندما يملك المجتمع وعيه لذاته، وقتها سيتم الانتقال إلى حالة أخرى.

عن القضاء
مع أني لا أحبذ كلمة استقلالية، لكن أقر بأن القضاء في الغرب أقل سوءًا مما وصلنا إلينا عبر التاريخ كله.
في بلاد متطورة جدا كأوروبا والولايات المتحدة هناك تداخل بين السياسي والقضائي والتشريعي خاصة إذا كان هناك السياسي المقرر، الذي يلزم القضائي على الخضوع له. السؤال:
هل القاضي نزيه مئة بالمئة، الا يمكن رشوته أو شراءه سياسيًا، الا يمكن الضغط عليه لشراء صمته أو إجباره على الخضوع عندما يحتاج الامر لتمرير سياسات؟
هذا وارد جدًا فالسلطة التنفيذية تستطيع أن تقيد القضائي والتشريعي عندما يحتاج الأمر لتنفيذ سياسات.
في موضوع ترامب، السياسي دخل على الخط من وراء الطاولة لتنفيذ اجندته، قوى الضغط، قوى سياسية اقتصادية نافذة جدًا في الدولة من خارجها، كالمجمع العسكري والبنوك وشركات النفط وغيرهم لإلزام أو لشراء الكثير سواء بالمال أو التخويف لتجميع ملفات إدانة، وشراء أو اجبار المحلفين على تنفيذ ما يرغبون به.
باختصار جهزوا ملفات كاملة قضائية لادانة ترامب وتجريمه وسجنه ثم حرقه سياسيًا وحرق تياره والسائرين في ركابه.
لنتذكر أن وراء ترامب حوالي 80 مليون إنسان امريكي، ومعهم الحزب الجمهوري كلهم سيحترقون إذا تم القضاء على ترامب وشوهوه، وهذا الذي سيحدث.
فالقوى المسيطرة لم يعد يهمها الديمقراطية أو سمعة الولايات المتحدة، ولا ديمقراطيتها.
يشعرون أنهم في خطر اذا فاز ترامب، لهذا أرى أن الولايات المتحدة في محطة مفصلية في تاريخ هذه الدولة العظمى من خارجها
في هذه المحاكمة ستتحول الولايات المتحدة إلى دولة الحزب الواحد، المتأمر على الدولة والمجتمع.

الإيرواسية
هل القتل الجماعي أو الفردي فعل إيروسي، شهوة مفتقدة في لا شعور الإنسان؟
هل هي متعة حسية عالية، تنشد نشوة عميقة عابرة، هياج ذاتي للوصول إلى اللذة البديلة؟
لماذا يستمتع الإنسان بالقتل وتعذيب غيره؟
هل ولد مشوهًا، مكبوتًا كبتًا وجوديًا لا يستطيع معرفة ذلك ولا يستطيع الوصول إلى لب الحقيقة؟
هل لا شعوره الجمعي يشعره أنه دون انتماء، دون مكان، ولا رسوخ في انتماءه، ولا شيء في الحياة يروي غليل روحه التائهة؟
لماذا يشعر الإنسان أن الكرة الأرضية ليست وطنه الأم، ويبحث عن بدائل؟
من أين نبع هذا الإحساس، القلق العميق، الحزن الذي يسكنه، يملأ عليه الأسئلة الذاتية العميقة، يقول له:
ـ من أنا، وماذا أريد، ومن أين جئت وإلى أين أذهب، ولماذا أعيش هذا العبث، ما بعده عبث؟

الصراعات القائمة هي لنهب العالم
أرى أن تجييش العالم، والصراعات العسكرية، لم يعد له معنى في عالمنا المعاصر، عالم الاقتصاد المتداخل بنيويًا، وصعوبة عزله أو ابعاده عن بعضه.
وعلى الولايات المتحدة أن تتوقف عن استخدام أوروبا وروسيا وأوكرانيا كدروع سياسية واقتصادية، لتحسين موقعها العالمي.
هذا يجب أن ينتهي وإلى الأبد.
إن انكسار العقوبات على روسيا، هو لمصلحة انفكاك أوروبا عن أمريكا سياسيًا، وبناء ذاتها كموقع وقوة.
الحلول هي بالمفاوضات وتحقيق السلام في كل مكان من عالمنا الكئيب.
استثمارات امريكا للأخرين، والصعود على أكتافهم هي سياسة قديمة جدًا.
أنها تعمل من تحت الطاولة، وتوجه شعوب ودول كثيرة إلى الموت والدكتاتورية والاستبداد السياسي والتأخر الاقتصادي، لتبقى في القمة.
على كل حال امريكا بدأت تقتنع أنها لم تعد دولة مهيمنة عالميا، وان الصين وروسيا بدأتا تشاركانها الهيمنة أو تنافسانها، هذا الكلام قاله بايدن قبل أيام. ودائما أقول، عالم واحد، قطب واحد، متعدد الوظائف تشارك فيه كل دول العالم حسب قوة اقتصاد كل دولة.
كورية الجنوبية دخلت في صراع بين الديكتاتورية ومحاولة التخلص منها منذ الأربعيانات إلى العام 1997 حتى تم الانتقال الفعلي. المسألة ليست ارادية بالكامل، ولا موضوعية بالكامل. والعلاقة بين الديمقراطية والدولة يجب دراستها، لا يكفي الديمقراطية السياسية حتى نقول أن تلك الديمقراطية ناجحة. بوجود السياسة والدولة يجب أن نتمعن ونقرأ الديمقراطية في العمق وليس السطح. اتمنى ان لا نقارن بين روسيا والسويد، أكيد أنه أنهما مختلفان، لمصلحة الثانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا