الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كذبة ابريل، صدق ابريل

عبدالله بولرباح
كاتب وباحث

(Abdellah Boularbah)

2024 / 4 / 1
كتابات ساخرة


يعرف الكثيرون منا أصل لعبة "كذبة ابريل"، التي تمارسها العديد من الشعوب الأوربية، صغارا وكبارا، كل سنة عند حول شهر ابريل. لعبة يسميها الفرنسيون "سمك ابريل" (poisson d’avril).
يعود أصل اللعبة إلى سنة 1654 في فرنسا عندما تبنت التقويم الجديد الذي اقره الملك شارل التاسع بتغيير بداية السنة من فاتح ابريل إلى فاتح يناير. قبل ذلك كان الاحتفال بعيد ‏ ‏رأس السنة يبدأ في يوم 21 مارس وينتهي في الأول من أبريل بعد أن يتبادل الناس ‏هدايا عيد رأس السنة الجديدة. عندما تحول عيد رأس السنة إلى الأول من يناير ظل بعض الناس يحتفلون به في ‏ ‏الأول من أبريل كالعادة ومن ثم أطلق عليهم ضحايا أبريل.
مع مرور الزمن تحولت الحكاية الى عادة للمزاح مع ‏الأصدقاء وذوي القربى في اليوم الأول من شهر ابريل، فراجت في فرنسا ومنها انتشرت إلى البلدان ‏ ‏الأخرى. تطورت هذه الحكاية إلى مواقف طريفة وبعضها محزن جراء كذب الناس في مثل هذا اليوم.
أصل الحكاية بسيط، وقد يقول قائل تافه، رغم ذلك لا تزال العديد من الشعوب الأوربية تتشبث بها. لعبة مسلية دون شك لكنها ايضا تجعل المرء الذي يسقط في المقلب يحمد الله ويرتاح نفسيا لكون الامر لم يكن غير كذبة بيضاء.
لو فكرنا مليا في اللعبة بصيغتها الحديثة اعطاء خبر زائف لشخص بغرض التسلية لوجدنا أن تأثير اللعبة يختلف من منطقة إلى أخرى. في البلدان الأوربية تسقط الكذبة كالصاعقة. فالشخص الذي نصب له المقلب لا يشك لحظة واحدة في صحة الخبر، ولا يرتاح ولا يهنا له بال الا عندما يسمع محدثه يصيح ضاحكا poisson d avril!.
ولا غرابة في الامر فقد تعود الناس على الصدق طيلة السنة، وعلى قول الصدق كل الصدق ولا شيء غير الصدق في كل مناحي حياتهم بدءا بالأسرة والعمل والشارع والمؤسسات. للعبة في هذه الحالة ولا شك أدور متعددة فهي بمثابة استثناء يؤكد قاعدة الصدق، ولها كذلك دور علاجي نفسي ووقائي من آفة الكذب. فبهذه اللعبة يتعرف المرء عن كثب وفي الميدان وبالتجربة على مساوئ ومخاطر الكذب ليتمسك اكثر بالصدق.
أما في البلدان المتخلفة حيث الكذب شائع، والأفراد تتقلب أحوالهم كتقلب أمواج البحر، يتقمصون شخصيات متعددة في اليوم الواحد بل في الساعة الواحدة، تكاد لا تجد من يصدقك القول. وقد صدق الشاعر عندما قال: يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويلوذ بك كما يلوذ الثعلب. فالحكومات تكذب على البرلمانات(إن وجدت) والبرلمانات تكذب على الشعوب والشعوب تكذب على نفسها، والرؤساء يكذبون على المرؤوسين والآباء على الأبناء والعكس صحيح في كل الحالات. فالكل يتخبط على غير هدى في دوامة الكذب والكذب المضاد. يثق المرء في كذبه وتختلط المفاهيم، فيصير الكذب صدقا والصدق كذبا والوفاء خيانة والخيانة شجاعة والتثبت جبنا والرزانة بلادة والنصب فطنة وتفطن... والسلسلة تطول مع الأسف الشديد
ما احوج شعوبنا ومسؤولينا للعبة مثل لعبة بواسون دافريل نسميها نحن "صدق ابريل" نسعى من خلالها إن نكون صادقين ولو يوما واحدا في السنة، نتعرف من خلالها على محاسن الصدق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري