الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل عنوان كتاب الديوان للعقاد والمازني

صبري فوزي أبوحسين

2024 / 4 / 2
الادب والفن


مر على كتاب الديوان مائة عام وما زال معطاء، ومعلما، في قاعات الدرس العلمي المتنوعة، وفي منتديات الثقافة الكثيرة، وفي كتابات كبار الباحثين والباحثات، وكثيرا ما كنت أقرأ عن كتاب الديوان هذا! أو أسمع به، أو أطالعه مطالعة جزئية عجلى، إلى أن أتيح لي أن أقرأه وأقرأ فيه مع طلابي بالفرقة الثانية من تمهيدي الماجستير بكلية الدراسات العليا لهذا العام الجامعي، ومن عجيب القدر أن تكون هذه القراءة يوم وفاة عملاقنا العقاد! قرأناه سويا قراءات متنوعة؛ قراءة تعرف، وقراءة وصف، وقراءة تحليل، وقراءة نقد، فخرجت بجملة أسئلة عن هذا الكتاب الذي وجدته شائكا وشائقا، منها:
-ما سبب تسمية هذا الكتاب بهذا العنوان؟
- ما السياق العام الذي ألف فيه هذا الكتاب؟
- ما الدافع على تأليفه؟
- ما مكانة الكتاب في خط سير النقد الأدبي العربي في العصر الحديث؟
- ما الجديد في هذا الكتاب؟
- ما المآخذ على هذا الكتاب؟
- كيف يستثمر الفكر النقدي الموجود في هذا الكتاب؟
- كيف تلقى الأدباء والنقاد والمثقفون هذا الكتاب؟
والحق أن هذه إشكاليات كبرى يثيرها هذا الكتاب ومؤلفاه، وأن الإجابة عن هذه الأسئلة، وأن تقديم الحلول لهذه الإشكاليات تحتاج جهدا كبيرا، لا يفي به قالب المقالة، بل ينبغي أن يصب هذا الجهد في بحث علمي دقيق في منهجه، وعميق في رؤيته، ومنداح في مصادره ومراجعه.
وأكتفي في هذا المقال بتحليل عتبة العنوان في هذا الكتاب المثير، لتبين سبب تسميته بهذا الاسم.
عتبة العنوان:
عنوان الكتاب الذي ارتضاه مؤلفاه هو (الديوان في الأدب والنقد)، كما يتضح من غلافه في طبعاته الكثيرة، وهو عنوان طريف ومثير، وهو جملة اسمية مكونة من مبتدأ (الديوان) وخبر شبه جملة، (في الأدب والنقد)، فلفظة (الديوان) خاصة بالكتاب الذي يجمع بين دفتيه الشعر، على النحو الذي نراه عند الشعراء عامة، وعند العقاد الذي سمى مجموعة شعرية له بعنوان(ديوان من الدواوين) وقد صدرت سنة ١٩٥٨م، والذي قال في مقدمته:" اسم هذه المجموعة يدل على موضوعها؛ لأنها ديوان مقتبس من دواوين الناظم، وهي: يقظة الصباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير، وما يلي من شعر نظم بعد صدور هذا الديوان الأخير".
وهنا في هذا الكتاب تأتي هذه اللفظة لتدل على كتاب خاص بالأدب والنقد عامة! ولم يشر المؤلفان في مقدمة الكتاب ولا في مباحثه إلى سبب هذا العنوان، ومن ثم كان لابد من السؤال عن سبب التسمية، لكأني بالمؤلفين أرادا أن يجذبا القراء بهذه المفارقة وهذا الانزياح، فقد رجعا باللفظة إلى معناها اللغوي، وهذا ما أكده لي سعادة أ.د كمال لاشين، محقق الكتاب في مهاتفة طيبة بناءة وعميقة؛ فالدِّيوانُ في معاجم الفصحى لفظة معربة مستعملة منذ بدايات القرن الأول الهجري، وتدور حول دلالات: ديوانُ العطاء، ديوان الخراج، ديوان الجُنودِ، و السِّجِلُّ تُكْتَبُ فيهِ أَسْماءُ الجُنودِ وَأَماكِنُ وُجودِهِمْ، وأهل العطاء َما يَتَقاضَوْنَهُ مِنْ مَعاشٍ، والديوان الكتبة، أو مكان الكَتَبة وموظَّفي الدَّولة ديوان الموظَّفين، ويطلق كذلك على كل كتاب، وأطلقه رواة الشعر الأول على الكتاب الذي يجمع فيه الشعر، ويقال في كتب الإنشاء والتعبير: ديوان الإنشاء، لا سيما في أخريات العصر العباسي، وما يتبعه من دول وإمارات! وفي التعبير الإعلامي المحدث قولهم: الدِّيوانُ الْمَلَكِيُّ، وهو: إِدارَةٌ تابِعَةٌ لِسُلْطَةِ الْمَلِكِ يَشْتَغِلُ فيها مُوَظَّفونَ سامونَ يُرَتِّبونَ أَعْمالَهُ وَشُؤُونَهُ وَقَضايا الدَّوْلَةِ....فلفظة (الديوان) تجمع في دلالتها بين كونها كتابا وكونها مبنى، ولعل المؤلفين هذا الكتاب(الديوان في الأدب والنقد) قصدا إلى ذلك قصدا؛ فهما يهدفان إلى أن هذا الكتاب يمثل المصدر المكتوب الفخم الأصيل الجامع لمذهبهما الجديد الذي دعيا إليه في هذا الكتاب، في أجناس الأدب قاطبة، وقضايا النقد وإشكالياته!
كما لعلهما قصدا إلى أن يكون هذه الكتاب كالمبنى الجامع لمدرستهما جمعا فكريا وجمعا بشريا، أو جمعا عقليا وجمعا حسيا، ودليل ذلك أنهما ذكرا في المقدمة أنه سيكون في عشرة أجزاء... ولعلهما قصدا التعريض بالديوان الأكبر والأشهر والأسير حينئذ، ديوان أمير الشعراء أحمد شوقي، كأني بهما يقولان: حقيقة هذا الديوان في هذا الكتاب! وتلك الرؤية من ثمار محاورتي مع أستاذنا إبراهيم راشد حول هذا الكتاب وتسميته!
ولعل مما يؤيد هذه الرؤية قول العقاد في المقالة الأولى(شوقي في الميزان) بضمير الجماعة:" كنا نسمع الضجة التي يقيمها شوقي حول اسمه في كل حين فنمر بها سكوتًا كما نمر بغيرها من الضجات في البلد، لا استضخامًا لشهرته ولا لمنعة في أدبه عن النقد، فإن أدب شوقي ورصفائه من أتباع المذهب العتيق هدمه في اعتقادنا أهون الهينات. ولكن تعففًا عن شهرة يزحف إليها زحف الكسيح، ويضن عليها من قولة الحق ضن الشحيح، وتطوى دفائن أسرارها ودسائسها طي الضريح، ونحن من ذلك الفريق من الناس الذين إذا ازدروا شيئًا لسبب يقنعهم، لم يبالوا أن يطبق الملأ الأعلى والملأ الأسفل على تبجيله والتنويه به، فلا يعنينا من شوقي وضجته أن يكون لهما في كل يوم زفة، وعلى كل باب وقفة. وقد كان يكون هذا شأننا معه اليوم وغدًا، لولا أن الحرص المقيت أو الوجل على شهرته المصطنعة تصرف به تصرفًا يستثير الحاسة الأخلاقية من كل إنسان، وذهب به مذهبًا تعافه النفس...."!
وشبه الجملة في عنوان ذلكم الكتاب (في الأدب والنقد) يشير إلى المجالين الفكريين الذي يدور فيهما المؤلفان، فهو كتاب يضم بين دفتيه مقالات في نقد الأدب شعرا ونثرا، ونقد النقد ذاته!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??