الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك سلف صالح وسلف طالح ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


حين يقولون بالسلف الصالح ، يعني هذا ، أن هناك سلف غير صالح ، بل سلف طالح . وقصة السلف الصالح من الطالح تعود بالضبط الى زمن الفتنة الكبرى مباشرة بعد وفاة النبي الرسول . ان جذور الفتنة لا تعود الى اختلاف في فهم او في تأويل و تفسير القرآن . لكن تعود الى الحب للاستفراد بالحكم ، ومنه الاستفراد بالسلطة والجاه والمال وما ملكت الأيمان . فمن هم السلف الصالح ، ومن هم السلف غير الصالح او الطالح ؟ .
هنا تفرقت السبل وتفرقت العشائر . فما يعتبر سلفا صالحا عند عشيرة ، قد لا يكون كذلك عند اخرى ، وما يعتبر سلفا غير صالح عند جماعة ، قد لا يكون كذلك عند جماعة اخرى . هناك من يحدد السلف غير الصالح في خلفاء الدولة الاموية والدولة العباسية والعثمانية . وهناك من يعتبر السلف غير الصالح يطول حتى الحقبة ( الراشد ة ) ، اي الخلفاء ( الراشدين ) ، وهناك من يعتبر السلف الصالح قاصرا فقط على الخلفاء (الراشدين) باستثناء عثمان ، وهناك من يعتبر عثمان الذي سرق وعائلته بيت مال المسلمين ، وحرف القرآن ، كذلك من السلف الصالح ، حتى اختلط الامر ولم نعد نميز بين من هم السلف الصالح ومن هم السلف غير الصالح او الطالح .
إذن هل كان هناك سلف صالحا اطلاقا . ولماذا يطلقون عليهم دون غيرهم تسمية السلف الصالح ؟
اولا ان جميع الخلفاء هم بشر وليسوا ملائكة ، ومن ثم فان تدبيرهم للشأن العام ، من امور الحكم لم يكن يخلو من مخاطر ، فهم كما كانوا يصيبون ، كانوا كذلك يخطئون ، والنتائج السلبية المترتبة عن الكثير من قراراتهم ، تجعل التاريخ يضعهم جميعا في دائرة النقد باعتبارهم حكاما سياسيين ، لا أئمة معصومين ، لان العصمة هي لله الواحد القهار لا غير . من هنا نطرح السؤال ولو بعجالة لنلامس بعض ضفاف الحقيقة :
من هم السلف الصالح ومتى كانوا صالحين ؟
إذا نحن حصرنا السلف الصالح في الخلفاء الراشدين فقط ، فهذا فيه وجهة نظر ، لأنه رغم لبوسهم لباس الصالحين ظاهريا ، فهم كانوا طلاب مناصب ليس إلاّ ، والدليل صراعهم من اجل الحكم ، واختلاف اساليبهم في ادارة شؤون المسلمين ، وهو ما كان يخلق عليهم النقمة من قبل الثوار المطالبين بالعدالة والمساواة ، ولا ادل على ذلك ، ان كل الخلفاء ماتوا مغتالين بالخناجر التي كانت تدق في ظهورهم ليلا ، ولم يموتوا موتة طبيعية .
وممّا يزكي حجية التناحر على الحكم ، للاستئثار بالسلطة ، والجاه ، والنفوذ وما ملكت الإيمان ، ابعادهم اهل البيت ( مجموعة علي بن ابي طالب ) حتى عن المشاورة في انقلاب سقيفة بني ساعدة الذي قاده ابوبكر الصديق مع فريق من الانقلابيين لم يتجاوز ستة افراد . فأي سلف صالح هذا في ظل العزل والتآمر ضد فريق احق بالخلافة ؟ . اليس ما حصل بسقيفة هو اغتصاب للسلطة من اصحابها وفي واضحة النهار ؟
عندما توفي النبي الرسول حارب الخليفة الاول ابو بكر قبيلة بني تميم بحجة الارتداد عن الدين ، وهم ليسوا كذلك مرتدين ، ولو فرضنا انهم ارتدوا ، فالإيمان ليس سلعة تباع وتشرى وتفرض بحد السيف ، بل هو قناعة وإيمان .
وفي عهد نفس الخليفة ، رفض هذا تطبيق حكم الحد في حق خالد بن الوليد ، الذي قتل ظلما الصحابي مالك بن نويرة لكي يتزوج امرأته الفاتنة . وعندما طالب المسلمون من ابي بكر تطبيق الحد في حق خالد بن الوليد ، رفض بدعوى ان هذا التطبيق لا يصح ، بحجة ان قائد جيوش المسلمين يخوض حرب الردة ، التي تعني اجبار الآخرين بالقوة على الرجوع الى الإسلام الذي تركوه مباشرة بعد موت النبي ، وهؤلاء هم دواعيش ونصرة وقاعدة اليوم .
الخليفة الثاني عمر بن الخطاب غزا البلاد المجاورة ، وسبا نساءها بحجة نشر الاسلام ، وهو بهذا ساوى جورج بوش الابن الذي غزا العراق وأفغانستان ، بحجة الديمقراطية ، إلاّ انه لم يسبي نساءهم .
وفي عهد هذا الخليفة ، وفي عهد المجاعة ، فقد تم تعطيل تطبيق الحد في حق السارق . وهو هنا إذ يمتنع عن تطبيق حد قطع اليد ، فليس ذلك لتضامنه مع السارق الجائع ، بل خوفا من ثورة الجياع على نظام حكمه الاوثوقراطي المسنود بالارستقراطية القرشية السفيانية .
الخليفة الثالث عثمان بن عفان ، فتح المجال لأهله ، وأسرته ، وأقاربه الامويين للتحكم في اموال المسلمين . لكن عندما طالبه الثوار بالتنحي لسرقته اموال المسلمين مع عائلته ،رفض الطلب متذرعا ، بان الله هو الذي البسه رداء الحكم ، ونسي انه انتخب بين ستة نفر من المسلمين الموالين .
اما بقية الصحابة فتاريخهم في مجال حقوق الانسان ، والعدل ، والمساواة ، والنهب ، هو تاريخ اسود ولا يحتاج الى دليل . وهنا لنا ان نتساءل : ماذا تعني واقعة الجمل ، وصفين ، والنهروان ، وكربلاء ، وباخمراء ، والجوزجات .. وعلى هذا قس . فأي سلف صالح هذا ؟ ، وأي اصلاح هذا ؟
هناك حديث يُروى عن النبي الرسول مفاده ، أن اصحابه يردون عليه الحوض يوم القيامة . ويقول اصحاب الصحابي فيأتيه الجواب أنهم ليسوا اصحابك ، لأنك لا تدري ما احدثوا من بعدك ولم يبق منهم إلاّ همل البعم .
فهل الحرب الدائرة اليوم باليمن وبالعراق وبسورية و مصر وبالبلاد العربية والإسلامية ، هي حرب تدور بين اصحاب السلف الصالح والسلف غير الصالح الطالح ؟
ويل لأمة تتقاتل من اجل عظام رميم ، مات اصحابها الاستبداديون الطغاة منذ اكثر من 1400 سنة خلت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا