الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قبل أن تبعدنا الأيام عن الأول من نيسان !

عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث

2024 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في اللهجة اللبنانية الدارجة، يسمونه التفنيص. وفي فلسطين، الهشت. أما في ديرتنا الأردنية فيأتون على ذكره باسمه الصريح، الكذب. في أمثالنا الدارجة، يقولون "الكذب ملح الرجال". ولا أستبعد أن يكون لهذا المثل ما يناظره في الثقافات كلها، وكأن هناك نزوعاً خفياً في النفس البشرية يحبذ توفير مساحة للكذب، بين حين وآخر، خالية من قيود المُثُل والمحظورات الأخلاقية. بلغة مؤسس علم التحليل النفسي، سيجموند فرويد، هذا النزوع يُعرف بالموقف العاطفي الازدواجي، أي اجتماع الممنوع والمرغوب في النفس البشرية. وقد يكون هذا أحد أسباب إلصاق تعبير "الأبيض" ذي الرمزية الإيجابية العالية بالكذب، ليصبح هذا الأخير مهضوماً، بل ومبرراً. فقالوا "كذبة بيضاء"، أي بمعنى مهضومة ومقبولة، ولا بأس من تمريرها. كأن النفس البشرية هنا، تبيح في أوقات ما الكذب كنوع من "الفرفشة" وخفة الدم، موجهة الخيال إلى لعبة الألوان. فالكذبة البيضاء، تحيل إلى ضروب من الكذب وألوان. وجود كذبة بيضاء، يعني أن هناك كذبة صفراء وخضراء ووردية وبنفسجية وبنية وسكنية، ومن مختلف الألوان. إلى حدٍّ ما، واقعنا المعيش يؤيد ذلك ويسيغه. أعرف، كما يعرف غيري، أُناساً يكذبون. ومنهم من عرف أخيراً أنني أعرف أنه يهشت فيما يصدر عنه أحياناً. ومع ذلك لا أرى بأساً من سماعه إذا جمعتنا مناسبة، لأن هذا النوع من الهشَّاتين يتوفر على موهبة التفنن في الهشت. على صعيد وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، شخصياً أتابع فضائيات عربية، بعضها ملء السمع والبصر، وأنا أعلم علم اليقين أنها تكذب. لكنها تكذب ب"مهنية" تجعل المتابع يستشف تطوراً مستجداً في اتجاه ما. على كل، لا غرابة أن تكذب وسائل الإعلام في العالم العربي بخاصة، أكثر من غيرها، لأنها تُدار من قبل الأجهزة الأمنية بنسبة لا تقل عن 117%. أما السياسيون في ديارنا العربية بالذات، فالكذب ليس ملحهم فحسب، بله سُكَّرهم أيضاً.
توسع الكذب على أرض الواقع، فتخطى السياسة ووسائل الإعلام وتعددت ضروبه وأشكاله . فالنفاق أحد أشكال الكذب، وكذلك التزلف، والتصنُّع، والتودد المخاتل، والمبالغة بالمدح في حضرة الممدوح، والضحك في الوجه والطعن في الظهر. ومن الكذب ما يجد في قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" سنداً. فالمرأة قد تضطر للكذب على زوجها أو العكس، ليظلا معاً تحت سقف واحد. الدكتور في الجامعة الخاصة، قد ينافق أصحاب الجامعة ويبرر لنفسه الدس على زملائه وتقويلهم ما لم يجرِ على ألسنتهم، ليضمن تجديد عقده. الموظف قد يتسلح بالهشت، ليضمن ما بمكنة مديره نفحه من امتيازات. بالطبع، لا نقول ذلك على سبيل التعميم، لكنها نماذج نعتقد أنها تحصل على أرض الواقع، في ديرتنا الأردنية وفي ديار غيرنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملثمون يوقفون المحامية سونيا الدهماني من داخل دار المحامين ف


.. نبض أوروبا: هل حدثت القطيعة بين بروكسل ومالي بعد وقف مهمة ال




.. الأردن يُغلق قناة تابعة للإخوان المسلمين • فرانس 24


.. المبادرة الفرنسية و تحفظ لبناني |#غرفة_الأخبار




.. طلاب جامعة هارفارد يحيون الذكرى الثانية لاغتيال شرين على يد