الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الكتابة عن الصحافة اليسارية

ذياب فهد الطائي

2024 / 4 / 4
الادب والفن


في الكتابة عن الصحافة اليسارية

لابد اولا من تحديد مصطلح اليسار، الذي يحمل الكثير من اللبس في أدبيات الساسة والمفكرين وذلك بهدف تحديد منهج البحث
هناك في الحقيقة ، أكثر من تصور لمفهوم اليسار
الاول يتبناه اليوم عدد من قادة الحركات الشيوعية، كقوجمان الذي يرى ان الجماهير واحزابها غير المرتبطين بالنظام بما فيهم البرجوازية الوطنية التي من مصلحتها تغيير النظام القائم ، ينطبق عليهم تعريف اليسار، وشرطه ان هذه الجماهير والاحزاب تعمل ضد النظام الحاكم
ويذهب( رياض صويا ) الى التوسع في المفهوم ولكن بنفس الاتجاه فيقول : سيبقى التناقض الرئيس الحاكم لحركة الصراعات جليا ،وكما تحدد اليسار العربي سابقا ، بالقوى التي ربطت جدليا بين الجوانب الوطنية والقومية للمشروع التحرري العربي وبين جوانبه الاجتماعية ، فانه يتحدد اليوم وفق المعايير ذاتها تقريبا ، وهذا لايخرج القوى الوطنية والقومية والاسلامية التي ناهضت الاستعمار الغربي والكيان الصهيوني ، وما زالت من دائرة ( اليسار ).
هنا اليسار فضاء واسع يتسع للجميع دون محددات آيدلوجية فالحركات القومية وحزب البعث (قال مرة ميشيل عفلق نحن حزب يساري ، في سبيل البعث ) هما من جملة هذا اليسار
ويمكن ان نلحظ ان المصطلح هنا، يعكس محاولة للترضية، وهو الى حد بعيد يتبنى الرغبة في تجاوز الخلافات الحزبية
ان مصطلح اليسار ، بعيدا عن الاستعراض التاريخي ، يعكس معيارين اساسيين هما :
اولا- المعيار القيمي والاجتماعي الذي يتضمنه البرنامج السياسي لأية حركة او حزب او تجمع
ثانيا – طبيعة الرؤية المنهجية لحركة التاريخ والمجتمع باعتباره العنصر الفاعل في تلك الحركة في الصراع مع الرأسمالية وما تولده من استلاب لفرص التنمية والإفقار والبطالة كما يعتقد (جميل هلال) في بحثه والذي يضيف :
(إن أي تعريف لليسار لابد أن ينطلق من النضال من اجل إنجاز الاستقلال في مواجهة قوى الاحتلال والهيمنة والتمييز والتشريد ، ولابد ان يدافع عن الطبقات الفقيرة، وان يحول الى خطط تفصيلية نضالية ، قيم التحرر والمساواة والحداثة والعدالة الاجتماعية التي يشكل المجتمع الاشتراكي تجسيدها الافضل والاضمن ،هذه هي مهمات اليسار)
والتعريف ومنطلقاته النظرية عند التفسير الكلاسيكي لمصطلح اليسار، الذي ، أعتقد ، أنه اكتسب صفات اخرى بعد التحولات الكبرى التي اعقبت انهيار المنظومة الاشتراكية والتي اشار الى واحدة منها (جميل هلال) ولكن على عجالة... (الحداثة )... اي مجموعة الافكار والرؤى التي فرضتها التقنيات الحديثة على وجه الخصوص ،اما الثانية فهي الديمقراطية التي لا تنتج الا بتوفر الحرية
وأرى انه، لزاما ،لابد من التوقف ولو قليلا عند مفهوم الحداثة في المساقات الفلسفية كما هي عند دريدا وفوكو والتي تمثل توجها يمينيا في تفسير حركة التاريخ ، ويفضل مفكرو اليسار مصطلح (التحديث ) كما يفعل هابر مارس
في الثقافة الشعبية العراقية اليوم يرتبط مفهم اليسار بالشيوعية او الذين يؤمنون بالماركسية ، واذا ما قال احدهم وهو يحتسي الشاي في مقهى عام: إن جاري يساري !
فجميع الذين سمعوا الوصف لا يبتعدون عن تفسيره ، بأنه شيوعي او ماركسي ، حتى الذين يلعبون النرد او يسترخون امام جريدة اليوم السابق ، ربما يلعنه بعضهم وقد يشفق عليه آخرون
في تقديري أن اليسار ،أبعد من مساحة الحزب الشيوعي وانصاره وأضيق مساحة من أن يضم القوى الدينية والقومية
يرى المفّكر الفرنسي جان فرانسوا ريفيل أن اليساري هو من يريد التقدم والتغيير الديمقراطي والعدالة الاجتماعية، وذلك بصرف النظر عن العناوين التقليدية والأوصاف المتعارف عليها.
ومما تجدر الإشارة اليه ، ان هذا البحث كان في الاصل مقالا يتحدث عن عموميات في الصحافة اليسارية بهدف نشره في المجلة المحكمة لجامعة لاهاي العالمية للصحافة والاعلام ، ولكن الاستاذ الدكتور جمال السامرائي، عرض علي ان اقوم بالتوسع ليشمل البحث توثيقا شاملا للصحافة اليسارية العلنية والسرية ووفق المفهوم الذي سأخلص له كمنهج للبحث
وهكذا باشرت بدراسة تاريخ الاحزاب العراقية وراجعت عشرات المقالات التي كتبت عن صحافة العراق والبحوث وعددا من الدراسات الاكاديمية وبعض الكتب المتخصصة
لقد وجدت ان الباحتين المتخصصين اقتصرت دراساتهم على جزئية من مادة البحث فهم كتبوا اما في صحافة الحزب الشيوعي او في الصحافة الكردية اليسارية او في دراسة بعض الصحف البارزة
كما ان البعض قد كتب دونما تبويب وكأنه حاطب ليل فانت تجد الصحيفة الشيوعية والقومية والدينية بتسلسل مختلط وبعجالة لا تتيح التعرف على الصحيفة وظروف اصدارها ، فضلا من أن الجميع أهمل صحافة المحافظات العراقية ، إلا فيما ندر بذكر صحيفة من البصرة وأخرى من الموصل (كما فعل الدكتور فائق بطي في كتابه ،الصحافة اليسارية في العراق )
من هنا حاولت جهدي ان اوثق للصحافة اليسارية من المنظور الذي توخيت ان يكون موفقا ، (عدا بعض الإستثناءات لصحف ليبرالية بسبب ارتباطها الوثيق بالحركة اليسارية في حينه ) كما بحثت في بيلوغرافيا لرؤساء التحرير مع شيء من التاريخ كفكرة عامة عن البيئة التي جاءت فيها الصحيفة ، مبتعدا جهدي عن التوسع في هذه النقطة متجنبا الخوض في الخلافات الفكرية والانتقادات الحادة التي يوجهها الفرقاء عند عمليات الانشقاقات او التباعد متوخيا العرض الموضوعي مع الاشارة ،حيث ما استدعت ظروف واشتراطات الدراسة ، الى أسباب الإنشقاق أو التباعد ،التي استدعت إصدار الصحيفة أو المجلة
اني ادرك ان المهمة التي الزمت نفسي بها في انجاز مادة البحث كبيرة وواسعة وتكتنفها صعوبات جمة ، ليس من السهل تجاوزها فقررت ان التزم:
اولا - بما امكن الحصول عليه من دراسات ووثائق وكتب ، بحثت مباشرة في موضوع الصحافة او إنها تعرضت لها بصورة غير مباشرة، وأن ابتعد عن وجهات النظر السياسية التي تستنكر او تبرر إصدار او منع اي مطبوع صحفي واكتفيت بالإشارة الى ملامح عامة عن الظروف التي قادت الى اصدار المطبوع ،
ثانيا - اني هنا ابذل محاولة جادة من اجل جمع تراث اليسار العراقي الصحفي ، دونما اية اسقاطات فكرية او سياسية على البحث متوخيا الدقة في العرض تاركا للآخرين مهمة التقييم ، ولهذا فاني لن اتعرض بالشرح والتحليل لدور الصحافة اليسارية في المجتمع العراقي وانعكاسات ذلك على المشهد السياسي
وبالتأكيد ، أنا لا أزعم ، أني قد أحطت بكامل المطبوعات من الصحف والمجلات اليسارية للفترة موضوع البحث ، ولهذا فإني اعتذر سلفا عن كل تقصير في تجاوز ذكر بعض الإصدارات الصحفية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????