الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نخاف من اللون؟

عبدالله احمد التميمي
فنان وباحث

(Abdallh Ahmad Altamimi)

2024 / 4 / 5
الادب والفن


اعتدنا أن نكون كارهين للألوان، خائفين من اللون لدرجة أن ألوان جدران منازلنا بأكملها تقع بين الأبيض والبيج وعلى استحياء جدار بلون آخر، هذا ما يشي أن لدينا فقرا طوعيا اتجاه الألوان، وعلى النقيض من ذلك نشاهد على شاشات الهاتف الخلوي صور المناظر الطبيعية للسماء والأرض تنتشر بكثرة هذه الأيام على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه الظاهرة أيضا تشير أن في المجتمع من يتذوق اللون ويعجب بالتدرج والتباين اللوني للمساحات الخضراء وألوان الأزهار، وجمال غروب الشمس المتسلل بين الغيوم، كل هذا يفسر أن حجم البهجة والفرح في رؤية المجموعة اللونية للظواهر الطبيعية على سطح الأرض، وبالتالي أن هذا المجتمع يمتلك القدرة على التمييز بين الألوان المختلفة بمهارة عالية، وتشير الدراسات في هذا السياق، أن الإنسان يستطيع رؤية ما يصل إلى سبعة ملايين لون مختلف في الطبيعية، واستنادا إلى هذه المعلومة، فإن رؤية الألوان لدينا مبنية على حاسة البصر، على الرغم من أن الإنسان الأول لم يكن لديه فائدة تذكر في رؤية الألوان حيث كان يبحث عن الطعام تحت جنح الظلام، معتمدا على رائحة الطعام أكثر من اعتماده على حاسة البصر، وما هي مبادرة عبق اللون للأطفال المكفوفين، والتي أطلقها قبل سنوات الزميل الفنان سهيل بقاعين، إلا عودة بقايا حاسة البصر إلى الملاذ العتيق للإنسان الاول والتي تعتمد على تتبع الرائحة المرتبطة باللون.
وبينما كنت أفكر في اللون كخاصية ترتكز بين الضوء والطعام، كان هناك شعاع من الضوء يسقط على جسم زجاجي متعددة الألوان أمام النافذة، وكأنما كل ألوان الطبيعة دخلت إلى منزلي لتخرج من هذا الجسم الزجاجي جزيئات لونية نشطة تسمى الفوتونات، تم امتصاصها على شكل طاقة غير محسوسة، هذه الفوتونات، التي سقطت على شبكية العين، خلقت إحساسا بجمال ألوان الطبيعة، والتي لها علاقة بالتأكيد بطاقة تلك الفوتونات، وبالإضافة الى ذلك تبين أن الأطوال الموجية القصيرة عالية الطاقة تبدو باللون الأزرق بالنسبة لنا، بينما تبدو الأطوال الموجية الطويلة والمنخفضة الطاقة باللون الأحمر، وفي ذات الوقت تميل الألوان الأكثر سطوعا والتي لها بنية جزيئية أكثر أثاره، الى تعطيل إلكتروناتها مع القليل من الضوء، مما يجعل ألوانها تبدو مكثفة على شبكية العين.
في النهاية، إن طريقة تشكل الألوان في الطبيعة، تبعث الحياة والبهجة فينا وتزيد من النشاط والحيوية ما يوازي نشاط جزيئات الفوتونات الصغيرة المهتزة في الفضاء المحيط بنا، وبالتالي تعمل الألوان الزاهية على تحريك الضوء الذي يسقط على الأجسام الساكنة مثل اللون الأصفر في حالته النقية، فإنه غالبا ما يتمتع بسطوع ودفء خاص عندما يتجاور مع مكمله على دائرة الألوان وهو البنفسجي الناتج من مزج اللون الأحمر مع الأزرق. لذا، إذا كنت ترغب في مساحة أكثر نشاطا داخل بيتك، من الأفضل أن تبادر في التخلص من الألوان المحايدة مثل البيج والرمادي، ويفضل مهندسي الديكور البدء بجدران بيضاء، وبعد ذلك جلب اللون إلى الفضاء الداخلي للمنزل من خلال بعض اللوحات التزينية وألوان الأثاث والستائر التي يفضل أن تكون ملونة لتعكس ما يكفي من الضوء لتنشيط المنظومة البصرية لدينا، هذا النهج المتمثل في جعل بيوتنا مثل صحن الفاكهة يمكن أن يكون استراتيجية جذابة للمجتمع الذي يعاني من رهاب اللون.
عبدالله أحمد التميمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال مهم
صباح كنجي ( 2024 / 4 / 6 - 12:00 )
مقال جميل فيه معلومات عن الضوء واللون نحتاجها لكي نتفاعل و نتعامل مع الاشياء والظواهر بشكل افضل

اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب