الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 115 ــ

آرام كربيت

2024 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الدولة والمجتمع
العلاقة بين الدولة والمجتمع علاقة مختلسة، لم تفكر الدولة أن تبني علاقة مع المجتمع دون عنف أو تسلط او فوقية.
إن العلاقة بينهما مختلة، معاقة، مريضة.
أمراض الدولة يحمله المجتمع، لهذا أن أغلب رجال الدولة والسياسة مرضى بجنون العظمة وهذا أفرز مجتمعات بشرية عبر التاريخ مريضة بكل العقد سواء عقد الاضطهاد أو الارتياب أو الوساوس القهرية وغيرها.

أوروبا خواء استراتيجي
نستطيع القول أن أوروبا ارتضت على نفسها أن تبقى خواء استراتيجي، شيء نافل لا قيمة سياسية أو عسكرية أو استراتيجية لها.
دول الاتحاد الأوروبي، هي دول تحت دولة أو تحت سياسة، دول مطلبية تؤدي أغراض استراتيجية للولايات المتحدة تحديدًا، ربما تغير دفتها باتجاه قوى استراتيجية تغدق عليها الأمان الاستراتيجي.
الإنكشاف الاستراتيجي الرخو لخاصرة روسيا، أوروبا، دفع بوتين التوغل في العمق الأوروبي، أوكرانيا، للسيطرة على واحدة من الاستراتيجيات العالمية الثلاث، الموزعة على الولايات المتحدة والصين وروسيا.
في الجوهر لا تشابك استراتيجي بين الثلاث، الصين وروسيا والولايات المتحدة، ولا تقاطعات عميقة، حالة انتظار، مراقبة.
ما يحدث في أوكرانيا هي حرب وظيفية لتأمين متطلبات الاستراتيجية بين روسيا والولايات المتحدة، رقابة الصين الصارمة لموطئ قدم أمينة.
ربما الانكشاف الاستراتيجي الأمريكي، دفعها إلى أن ترسيخ قوتها في عدة مناطق بما فيها الناتو، كأوكوس، ومحاولة اقترابها من الهند واندونيسيا وفيتنام، الفلبين، وبقية منطقة جنوب شرق آسيا.
ما يحدث اليوم، هو تحالف مختلس بين الولايات المتحدة وأووبا فرضته حاجة الولايات المتحدة ورغبتها أن تقرأ العالم السياسي من هذا الموقع المتوتر، لتأكيد قوتها الاستراتيجية، بيد أن هذا التحالف لن يدون كثيرًا.

الذات المريضة
إن النفخ الزائد في الذات المريضة، هي رغبة مبطنة، لرفع شأنها في محاولة لفت الانتباه إليها، وإعادة الاعتبار للذات الدونية الذي أصابها الهدم أو التلف من فترة الطفولة والبيت والمجتمع والعائلة.
إن جنون العظمة حالة مرضية ذهانية:
" يتركز مرض المريض على مشاعر العظمة، ومشاعر الاضطهاد، ويعيش أفكارًا متسلطة تسبب له الهذيان.
وهذا المريض لديه فكرة خاطئة عن نفسه.
فهو يملك جهازاً عقائدياً معقّداً وتفصيلياً يتمركز حول أوهام واقعية لها.
هذه الأوهام تقنعه بأنه مضّطهد من قبل الآخرين وبأنّ السبب الرئيسي لاضطهاده من قبلهم هو كونه شخص عظيم ومهمّ للغاية"
ولله في خلقه شؤون وشجون.
بيننا ومعنا وإلى جوارنا والبعيدين عنا وفي محيطنا، هناك ملايين الملايين من الناس المعطوبة، لديهم رغبة مبيتة في تحقيق النجاح ورفع شأن هذه الذات المكسورة أو الميتة.
هو يدرك أن ذاته معطوبة، لكنه لا يحاول النهوض بها بالعمل الجاد في تفكيك هذه الذات، نقدها وإذا لزم الأمر أن يعمل على نسفها لإعادة البناء عليها فوق ساحة نظيفة خالية من الأمراض.

الدولة تتسلح بالقوة لحماية أمنها، والقوة هي رمز الهمجية والتسلطة والإخضاع.
لا تستطيع الدولة البقاء دون قوة، سلطة، لأنها بناء ضعيف غير قائم على مرتكزات حقيقية.
هل الخلل في بنية الدولة أم المجتمع؟
هناك خيوط مقطوعة بين الدولة والمجتمع تستدعي القوة، وأمن الأولى أهم من أمن المجتمع بالنسبة للدولة، بل تعتاش على حساب الأولى.
منذ أن انبثقت الدولة إلى الوجود، وإلى هذه اللحظة هناك سلام مختلس بينها وبين المجتمع، ولم تفكر في ترميمه، أو ليس في خلدها ترميم هذه العلاقة.
والقوى المسيطرة على الدولة هي قوى لا عقلانية، قوى صلبة جامدة بربرية، مارست كل الأساليب العنيفة واستخدمت كل المفاهيم لتعبيد خط سيرها وبقاءها، وخلقت الأيديولوجيات والقوانين والنظم من أجل تسيدها.
خراب الإنسان وأمراضه كامن في بنية الدولة، وهذا الإنسان سلبي في الدفاع عن حقه الطبيعي في الحياة.
هل سيأتي اليوم الذي سنرى فيه حياة الإنسان تسير بالراحة مثلما تحدث للأنهار؟

أوكرانيا ارتضت على نفسها أن تكون الجسد الرخو، الثوب الذي ترسم عليه الولايات المتحدة خارطتها الاستراتيجيتها العالمية.
لا اعتقد أن هناك فائدة سياسية أو اقتصادية ستجنيها هذه الدولة، الدمية، للقتال ضد روسيا، وتضع الغلة في حصالة دول أخرى.
نفهم أن بولونيا مستفيدة من الاتحاد الأوروبي، أنها تعيش على حسابه في كل المجالات، وتستفيد من حماية امريكا لأمنها دون أن تقدم مقابل هذا أي شيء له قيمة.
وأغلب دول أوروبا الشرقية هي دروع سياسية لحماية أمن أوروبا، وخوفها الغير مبرر على وجودها. إن هذه الدول، مجرد دول خواء، شيء نافل، دول عاجزة، الفساد فيها يضرب أطنابه في كل شيء، وبدلا من أن تطور نفسها تلجأ إلى التحريض للإبقاء على وضعها المتخلف.
كان يكفي حيادها لتبقى في أمان.
أوكرانيا تحولت إلى بوق ذاتي لتدمير نفسها بنفسها، تخضع لتوجيهات الولايات المتحدة ومصالحها دون أي مكسب، سوى ابتسامات القادة الامريكان والسخرية منها، وبعد أن تستغلها بالكامل سترميها على المزبلة، كما فعل ابو الخيزران.
ستأتي الأيام وسنرى ونشاهد، نتمنى للذاكرة أن تسجل ما يحدث، ونتذكر ما حدث.

لقد استشهد جول جمال في العام 1956، بينما توفيت خطيبته قبل بضعة أيام.
بقاء جاكلين بولص بيطار، خطيبته، دون زواج مدة ثلاثة وستين سنة، يطرح على المرء اسئلة:
لماذا ربطت حياتها بوفاته. وكأن وفاته حياتها؟
هل هذا حب أم انتحار؟ هل هذا وفاء أم ألم أم حب أم نكران ذات من أجل الغائب الحاضر في الوجدان الإنساني لامرأة؟
ما هذا الإله الكامن في ذات فتاة تترك كل ملذات الدنيا وتبقى وفية لرجل لم يعد موجودًا؟
ما هذه القدرة الجبارة على التحمل؟
لماذا رهنت فتاة شابة في مقتبل العمر نفسها لإنسان غاب في الزمن عن زمنها، وهي تدرك أن زمنهما افترق منذ لحظة غيابه عن الحياة.
ما هو الإنسان، ومن اين لديه القدرة على التحمل ومن أين ينبع الوفاء للبعض والابتذال والرخص للبعض الآخر؟
جاكلين عاشت مع جول بعض الوقت كعلاقة حب قصيرة بالقياس إلى مدة وفاته.
كيف تحملت كل هذا الألم الطويل بصمت كصمت الأموات؟
يمكننا القول من طرح هذه الاسئلة، أن خارطة التكوين الذاتي للإنسان قابل لكل الاحتمالات والتغييرات سلبًا أو إيجابًا

لا انطلق في تقييمي, لكائن من يكون, من منطلق شخصي. اطلاقا. ودائما اتوخى الحذر في التقييم. ودائما غايتي, التوضيح, أين مكمن الخطأ. وعلى من يقع اللوم, المجتمع أم السلطة. وأنا على طول الخط مع المجتمع, الناس, لأنهم يثورون عند انسداد الافاق لحياتهم ومستقبلهم. الناس لا يذهبون للثورة, الموت من اجل الفرجة, أنهم يثورون من أجل مستقبلهم, وحياتهم وحياة ابناءهم.
السلطات هي من تصنع الحروب والفتن وتوقع شرائح المجتمع ببعضه, خاصة في البلدان ذات عطالة سياسية ودول عاجزة.
كان السلطان عبد الحميد إنسانا جبانا, مهووسا بحب نفسه, زرع الدولة بالمخبرين, وكتابي التقارير. وحول المجتمع إلى تجمعات منقسمة على بعضها, يحكمهم الشك والخوف والقلق. وحرض مجموعة أو كتلة بشرية على كتلة أخرى. ولم يعد الناس يأمنون بيوتهم في ظل حكمه.
خوفه, وتمحور الدولة كلها حوله, جعلها دولة قزمة, منغلقة لا تستطيع الخروج من القوقة.
نقول دائما, أن الدولة المستبدة تأكل أبناءها. وإن لم تجد من تأكله, تأكل نفسها وتتفسخ.
ولنا في هذه الأيام الدول العربية عامة, والعراق وسوريا خاصة.

السجن عالم الغرباء، غربة عن الوطن، عن المرأة والأهل والأصدقاء.
في زمن حافظ الاسد، لم يكن هناك أمل في الخروج من السجن.
يعيش المرء الغربة عن الروح والفرح، وضياع المستقبل.
الأيام متشابهة، اليوم يشبه الذي قبله والذي بعده.
والعين على الباب الرئيسي ترصد الزمن، علنّا نحظى بوجه امرأة، أو أن يفتح الباب ونخرج منه.
عالم السجناء عالم الحياة المؤجلة إلى إشعار أخر.
تعرفت على طبيب سوري تافه مقيم في السويد، في ذات المدينة التي أقيم فيها، قال لي ما شاء الله عليك، يبدو أنك لا تشكي من أي شيء، لا يبدو عليك أي شكل من أشكال التعب.
هناك بعض الناس يجبروك على الرد عليهم بمنتهى القسوة، لأنهم لا يعرفون حدود سلوكهم وتصرفهم، يتصرفون مع الأخر كأنهم أوصياء عليه، في الوقت الذي لا يتحملون كلمة واحدة تحد من تفاهتهم، وربما لا يتحملون السجن لدقيقة واحدة.
أنا واثق أنهم سيبكون قهرًا على ذواتهم البللورية.
أعطيته روايتي، الرحيل إلى المجهول، بعد أربعة أيام جاء دائخًا، قال لي:
ـ قرأتها، كيف خرجت من السجن سالمًا؟
سجن تدمر مكان لحرق الاعصاب، لتدمير البناء الداخلي للفرد، لتكسير عنفوانه وقيمه ومبادئه في زمن اللأمبادئ واللأخلاق.
ويأتيك أحدهم لم يعش دقيقة واحدة في محنة، يقدم نفسه شيء مهم، إرضاء لنفسه المأزومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و