الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط –19

حسام علي

2024 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لقد عقدت الدول الاستكبارية بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى عدة اتفاقيات ومعاهدات فيما بينها، وقد كان بعض هذه الاتفاقيات سريا، وبعضها علنيا، وقد تم بموجبها اقتسام الدولة الاسلامية العثمانية والتي مهدت لتجسيد الفكرة اليهودية وتحقيق آمالهم باقتطاع جزء من الاراضي الاسلامية وإقامة دولتهم عليها.
كانت اتفاقية سايكس بيكو بين كل من فرنسا وبريطانيا وتم بموجبها تقسيم مناطق الانتداب والسيطرة بينهما. حيث يجهل الكثيرون بأن هذه الاتفاقية هي التي مهدت لقيام الكيان الصهيوني فيما بعد، ولكن رئيس وزراء بريطانيا خلال الفترة الاخيرة من الحرب العالمية الاولى وبعدها، لويد جورج، قال في كتابه "الحقيقة حول معاهدات الصلح": إن نوايا الدول الحليفة بشأن فلسطين حتى عام 1916م قد جسدها اتفاق سايكس بيكو وبموجبه كانت البلاد ستشوه وتمزق الى اقسام ولا تبقي هناك فلسطين.
كما أن فرنسا قد شاركت بريطانيا في الانتداب على بلاد الشام وكانت بينهما مناطق تداخل وتشابك خصوصا في المدن الساحلية. وقد تجسد ذلك في ارض فلسطين حيث تقرر أن تقع المنطقة التي اقتطعت فيما بعد من جنوب سوريا وعرفت بفلسطين تحت ادارة دولية يتم الاتفاق على ملامحها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا في هذه المنطقة مينائي حيفا وعكا على أن يكون ميناء حيفا ميناء حرا تستخدمه فرنسا، التي بدورها منحت بريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرونة الذي كان سيفع في حوزتها، ميناء حرا.
وربما كان من أهداف الادارة الدولية لفلسطين، تضييع القضية وخلق الاختلافات لتمكين اليهود من خلال هذه الاجواء المفتعلة بالمطالبة بها. ورغم أن الحكومة البريطانية هي التي قد طرحت وعد بلفور واصدرته، بيد أن بقية الدول الاستكبارية قد دعمته وساهمت بشكل فعال في تنفيذه، فقد ايدته كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، بعد صدوره.
ثم وافقت فرنسا على "صك الانتداب" باعتبارها أحد أعضاء المجلس الاعلى للحلفاء. وفي 25 ابريل عام 1920م انعقد المجلس الاعلى للحفاء في سان ريمو، وقرر أن تكون فلسطين تحت الانتداب البريطاني على أن تلتزم بريطانيا بتنفيذ وعد بلفور.
ويتضح هنا ان الدور البريطاني هو دور تنفيذي لإرادة المجلس الاعلى للحلفاء الذي يضم فرنسا طبعا. فبريطانيا كانت بمثابة وكيل مسؤول عن تنفيذ الخطة الموضوعة من قبل المجلس، وتحقيق اهدافها المرسومة بالاتفاق، وهنا يتأكد أيضا دور الاستكبار الفرنسي بتقرير وعد بلفور الذي اوكل تنفيذه الى بريطانيا من قبل المجلس الذي يضم فرنسا.
وقد تضمن صك الانتداب 28 مادة، سبع مواد منها تنصب على مسألة الوطن القومي لليهود وقد ورد في مقدمة هذا الصك بأن دول الحلفاء قد وافقت على وعد بلفور وعلى أن تكون الدولة المنتدبة مسؤولة عن تنفيذه، اعترافا بالمصلحة التاريخية التي تربط الشعب اليهودي بفلسطين.
أما المرحلة الثانية لإنشاء الكيان الصهيوني وتثبيت وجوده فتمتد ما بين سنة 1948 وسنة 1967م حيث واصل الاستكبار الفرنسي سياسته بجد، من أجل إنشاء الكيان الصهيوني وتكوينه، ودعمه بكل مستلزمات القوة ومتطلبات البقاء، وذلك بعد أن ساهم بفعالية ملحوظة ونشاط ملموس في الاعداد لإنشائه والتمهيد لولادته.
وفي حرب 48، كان للاستكبار الفرنسي دورا قويا فيها، وذلك بفعل تواجده في بعض بلدان المنطقة كسوريا ولبنان والجزائر، وبحكم اتفاقه المبدئي مع كل من بريطانيا وامريكا على ضرورة حماية الكيان الصهيوني، تمزيقا لوحدة الصف الاسلامي، وتشتيتا لجهود الامة الاسلامية وطاقاتها، وذلك من أجل الحفاظ على مصالحهم في المنطقة وضمان استمرارها.. لذا فمن الطبيعي جدا أن يتسم الموقف الفرنسي من هذه الحرب باتجاهين:
أحدهما ايجابي ويتمثل في مساندة ودعم الكيان الغاصب ومساعدته بالاسلحة والخبرة العسكرية. والاخر سلبي ويتمثل في منع وتثبيط الدول العربية عن المشاركة في هذه الحرب وتشجيعها على التخلي عنها. ولولا الحكام العملاء الخونة والسند الاستكباري لهذا الوجود، لانتهى الوجود الصهيوني على أرض فلسطين جراء هذه الحرب.
// السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، من إصدارات المركز الاسلامي للأبحاث السياسية/1986م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوكرانيا تقر قانونا يسمح لسجنائها بالقتال في صفوف قواتها الم


.. دول الاتحاد الأوروبي تتفق على استخدام أرباح أصول روسيا المجم




.. باريس سان جيرمان.. 3 أسباب أدت للفشل الأوروبي منها كيليان مب


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقاشات في إسرائيل بشأن بدائل إدارة مع




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: المهمة لم تكتمل في الشمال والصيف ربم