الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المكيافيلية: كيف نفهم عقلية الديكتاتور

إلياس شتواني

2024 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


يرى مكيافيلي في كتابه "الأمير" أن الحاكم الذكي إن أراد أن يبقى محبوبا لدى شعبه يجب أن يحافظ على القديم وأن يبتعد عن التبديل مهما كان ضئيلا أو تافها، وذلك لأن العامة تعلم أن التغيير القليل يؤدي في غالب الوقت إلى التغيير الكبير، وهذا بدوره يسبب، رغم رضا الخاصة، غضب وامتعاض العامة.

في حالة العدو (عامة الشعب في نظر الحاكم)، يرى مكيافيلي أن الحاكم يمكنه أن يلجأ إلى إحدى الطريقتين: إما أن يتملقه ويكسب وده، وإما أن يقضي عليه وينتهي من أمره. القسوة من هذا المنظور لا يجب أن تطول، وذلك لأنها تؤذي إن طال بقاؤها واستمرارها مع الوقت. استعمال القسوة يجب أن تقترن بالحكمة، ف"القسوة الحكيمة"، كما يسميها مكيافيلي، توظف لنيل غاية معينة ولتوطيد مركز، وتستبدل سريعا بأعمال خير تفيد الرعية وتنفعها. فالعنف، كما يشرح مكيافيلي، ينبغي أن يستعمل مرة واحدة ليكون مفعوله مفردا فيُنسى سريعا، أما الحسنات فيجب أن تُمنح شيئا فشيئا ليكون مفعولها أقوى والتمتع بها أطول وأنفع.

واجب الحاكم الأساسي هو كسب ثقة الشعب ومحبته. فهو مطالب بالبحث دائما عن الوسائل والكيفيات التي تجعل الرعية في حاجة إلى حكمه، فإن بقوا في تلك الحالة (السلبية) استطاع هو أن يثق فيهم ويعول عليهم وقت الشدائد والأزمات. الحاكم الذي يفكر في الرفاهية أكثر من التفكير في الحرب يفقد حكمه وسلطانه، والسبب في ذلك هو احتقار الحاكم للحرب والخوف منها. الرجل المسلح يطاع بسهولة وينقاد ورائه الرعايا بسلاسة، فيجب على الحاكم الذي يود أن يحفظ عرشه إذن أن يتعلم كيف يقلل من طيبته، وكيف يستعمل الخير والشر على حسب الظروف والأحوال المناسبة. فالكثير من الأفعال والصفات التي تبدو كأنها من الفضائل قد تؤدي إلى الهلاك والخراب، والكثير من الأفعال والصفات التي تبدو كأنها من الرذائل قد تؤدي إلى الخير والنجاة.

يجب على الحاكم الذكي أن يكون "محبوبا مهابا"، لكن إن اضطر الحاكم أن يختار بين الاثنين فمن الأفضل له أن يكون مهابا، لأن العامة تغلب عليها سيكولوجية القطيع؛ فهم منكرون للجميل، متقلبون، وسريعوا التحول والغضب. العامة، في نظر مكيافيلي، أسرع إلى إساءة من يحبون منهم إلى إساءة من يرهبون، وذلك لأن الحب عموما مبني على المنفعة الذاتية؛ إن ذهبت المنفعة ذهب الحب، أما الخوف فأساسه العقاب، والخوف من العقاب لا يزول أبدا.

ينبغي للأمير أن يكون ثعلبا ليتقي الحبائل، وأسدا ليرهب الذئاب. كل أفعال الحاكم ترى من ظاهرها، لأن العامة تستلهمها المظاهر ونتائج الأشياء. فمن مهام الحاكم إرضاء الشعب أكثر من إرضاء الخواص والحاشية. وذلك عن طريق التودد إليه وكسب صداقته، وعن طريق توظيف أساليب تمويهية كإشغاله بالمواسم والأعياد، والأكثر أهمية، مخالطة الحاكم لسائر العوام من عمال وحرفيين وصناع مقدما بذلك أسمى مظاهر التواضع وحب الانسانية.

يؤكد مكيافيلي على أن الحاكم في حاجة دائمة إلى النصيحة والشورى، وذلك عندما يريد هو لا عندما يريد غيره، بل يجب عليه أن لا يقبل مشورة أحد دون طلب إذن، وينبغي له أن يكون كثير السؤال، جيد الاستماع، صبورا على القول، ينزعج إذا تردد أحد في قول الحقيقة في حضرته.

ختاما، يعتقد مكيافيلي بأهمية الحظ في حياة الحاكم، فالحظ يسيّر اعتباطيا نصف حياته، ويترك النصف الآخر للذكاء والاجتهاد..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة