الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 116 ــ

آرام كربيت

2024 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


عندما أحلل مفهوم الديمقراطية هذا لا يعني أنني على عداء معها، أنما لتفكيك بناءها من أجل البناء على أساس صلب.
لقد تجاوزنا منذ زمن طويل مفهوم مع أو ضد، يجب إخضاع كل المفاهيم المتداولة إلى المشرحة وتفكيك ما هو قائم، أن نشك في كل شيء ونبني مفاهيم حقيقية تتناسب مع تطور الحياة والإنسان حتى لا نتفاجئ بما هو قائم.
الإنسان كائن خبيث، بعقله يستطيع أن يحرق المعبد وبهذا العقل يستطيع أن يعمره.
أننا نقيم على معبد مائل، أعوج، وأرى جميع البشر مقيمون تحته، وهذا الاعوجاج سيقع عليهم ويأخذهم إلى الموت أو الدمار.

النظم الديمقراطية هي صياغة، عمل منظم بدقة مثل خياطة السجادة العجمية، قطبة قطبة ضمن الدائرة ذاتها.
عندما نقول صياغة، هذا يقودنا إلى القول أن الديمقراطية عمل منضبط، تمت خياطته بالقوانين المحكمة، الصارمة، لا مكان للانفلات عنه.
تم تحويل الفرد في هذه النظم إلى كائن تلقائي ممتثل خاضع، يمشي تحت ظل القانون ولا يحيد عنه.
كأن هذا القانون قدري، نص مقدس، لهذا يشعر الفرد أنه دون قيمة، وإذا تمرد سيتم عزله عن المجتمع ويتحول إلى فرد منبوذ.
الإخضاع عبودية سواء جاء بشكل مباشر أو غير مباشر. وأغلب شعوب الغرب خاضعة، يتحركون وفق مقاسات الدولة ومن يحيد عن سلوكها يعرف أنه سيكون خارج النظام، أي سيتحول إلى مجنون أو سجين.
تستخدم النظم الديمقراطية الدولة كحصان لتنفيذ أجندة القوى النافذة فيها، النخبة المالية لتتسيد المشهد في الخفاء.
أزمة الإنسان كانت وستبقى الدولة، من يعتليها سينفذ أجندة القوى المتحكمة بها. ولا مصلحة للقوى المهيمنة أو المتحكمة في تغيير صياغة ما هو قائم الا بما يدر عليها المزيد من الخضوع والنهب.
سيقول قائل لماذا لا نتكلم عن النظام الاستبدادية، ماذا سنقول عنها، أنها واضحة وضوح الشمس، أنها نظم متفسخة قميئة، موجودة بقوة السلطة المباشرة والواضحة.
في الجوهر، كل الأنظمة القائمة في ظل الدولة جاءت لخدمة القوى المهيمنة أو المسيطرة.

نحتاج إلى قراءة مفهوم الحرية، ماذا هو، ما هو، أبعاده، في أي حد يقع، ولماذا لا نقبض عليه؟
الشر، الحرب، التراتبية الاجتماعية يرافق العبودية على طول الخط.
هل الحرية خلطة، أم حالة متفردة؟
قراءة العبودية أسهل بمئة مليون مرة من قراءة مفهوم الحرية.
هل سيتجاوز الإنسان العبودية وينتقل إلى الحرية؟
أشك بهذا.
العبودية راسخة في وجدان الناس، جل ما يريدونه من هذه الحياة:
هو الأمن والاستقرار، وتأمين متطلبات الحياة الغريزية

أستطيع القول أن اسوأ تلاميذ لمفكر وفيلسوف عبقري عبر التاريخ، كانوا تلاميذ ماركس.
لقد حولوا فكره الخلاق إلى ايديولوجية مغلقة، واعتمدوا على الاستبداد والديكتاتورية لتنفيذ فكره.
بيد أن الحتميات لا تأتي من الفراغ، أو عبر الاحتمالات الدوغمائية، كما زعم لينين، الحتميات إذا حدثت وستحدث، هي تراكم، يفترض أنها خضعت وستخضع للشروط الموضوعية بالكامل؟
الثورات السياسية لا يمكن أن تعمل قطع مع التاريخ، هذا محال، أنها تحرك الآلة الرأسمالية، البنية الرأسمالية، بيد أنها لا تقطع معها.
القطع يحتاج الى نضوج الظروف الموضوعية، بالانسياب التراكمي اقتصاديا واجتماعيًا، وربما كلام ماركس ما زال مشروعا عندما قال:
ـ كلما تقدم رأس المال كلما اقترب الدق على نعشه.
النعش بهذا المعنى ليس الموت، أنه تحول داخل البنية الرأسمالية، هو نهاية مرحلة وبداية مرحلة.
بالتأكيد لا نستطيع التنبؤ بما سيحدث، لكنه التاريخ، مراوغ، كالزمن، متحرك يغزو كل شيء وكل الجهات.

العصفور كائن غريب، بمجرد أن يقترب الربيع، وتنتفخ بيضاته، مؤذنه له أن أمامه شغل جليل، يبدأ بالزقزقة، ينسى كل شيء، ينسى جيرانه، زملاءه وأصدقاءه والعالم كله.
يبدأ بالزقزقة ولا يتوقف، كأنه مسيطر على المكان والزمان والكون، مسلطن، عارفًا أنه سيقضي أوقاتًا لذيذة مع عروسه الذي سيختارها أو تختاره.
أنا متأكد أنه لم يبن عشه، وأنه مقيم في العراء، وأنه وحيد إلى حين اللقاء بالعروس التي ستقبل به.
ربما مع كل زقزقة تمتد إلى ساعة، ينتشي ويفرح ويسعد نفسه، لأنه يعلم أن الربيع اقترب، وأنه سيذهب إلى الوديان أو إلى سرير النهر، ليجلب قشة أو ورق واقعة من على شجرة، ويعمر بها بيته.
في الحقيقة، حسب العلوم، أن هذا الذكر القلق، لا يتحرك إلا بعد نقرة محرزة من منقار الأنثى، تذكره بشكل صلب، ودون مهادنة، أنها لن تسمح له بالاقتراب منها إلا بعد أن ينفذ شروط اعمار العش من أجل وضع البيض وتربية الأولاد القادمين إلى الحياة.
دوخني هذا العصفور، لم يسكت أبدًا، انتظر خروجه إلى الطبيعة حتى أسمع أغنية لفيروز أو نصري شمس الدين.
يذكرني هذا المخلوق الجميل بالسجن، بانشغاله بنفسه وبيته وأولاده، وأنه يتمتع بالذكاء الفطري، ويعرف ماذا يريد من نفسه وزمانه، ويحقق ذاته بأفضل أسلوب، بل أفضل من كل أموال روتشيلد وروكفلر وبيوته ومصالحه، وأنه يتناغم مع عقل الطبيعة ومرتاح أكثر من المذكورين.

المجتمع مجرد من الحماية الذاتية، وليس في حوزته آليات دفاعية ذاتية.
وإذا تفكك هذا النظام السياسي الاقتصادي الذي يحكم عالمنا أو انهار اقتصاده، ما هو مصير البشرية؟
السلطة عبر التاريخ الطويل لم تسمح للمجتمع أن يشكل لنفسه سلطة اقتصادية أو سياسية بديلة لحماية نفسه بنفسه.
كانت السلطة أنانية جدًا جدًا إلى حد التخمة، وما زالت، احتكرت السياسة والاقتصاد والعنف، وروضت المجتمع وشكلته وفق مقاساتها إلى أن وصلنا إلى هنا.
وهذه السلطة هي بيد الأشرار، يطرح علينا السؤال الحقيقي والواقعي:
ماذا إذا تخلوا عن إطعام الناس واكساءهم وإيواءهم؟
ـ وهذا التخلي ممكن جدًا.
في هذا الزمن يبدو أننا عراة تمامًا من الحماية، والسلطة أعلنت عجزها عن حماية نفسها أو حماية المجتمع من فيروس لا يرى بالعين المجردة أو بالمجهر العادي، هذا يطرح علينا سؤال أخر:
فما هو فائدتها؟
فلماذا لا تترجل هذه السلطة، وتسمح للمجتمع منذ الأن أن يبدأ بوضع آليات دفاعية لنفسه، لحماية نفسه بنفسه؟
إن يرمم جراحه قبل أن نصل إلى طريق لا نعرف إلى أين ياخذنا.
أم أن هذا العجز المعلن يوميًا مرارًا وتكرارًا في وسائل الإعلام هو إشارة أو لتمرير المبرر الرسمي والحقيقي لتخليها عن المجتمع؟

بغياب قوى منظمة فاعلة لا يمكن للناس النزول إلى الشارع.
لو ننظر إلى افريقيا سنرى أن دخل الفرد فيها دولار واحد في اليوم، لنأخذ دولة الكونغو، وهو بلد غني جدًا بالمعادن، بينما من يشتغل في مناجم النحاس على سبيل المثال، وفي ظروف بيئية قاسية جدًا، لا يحصل العامل على دولارين في اليوم، ولا يكفي قوته.
ماذا سنفعل إذا أعلن النظام أنه دخل في مرحلة الكساد العالمي، أو أعلى مراحل أزماته، كما حدث في العام 1929؟
أزمات النظام، قائمة ومستمرة، وستستمر وتتصاعد، ركود مستمر يعقبها أزمات تشل الاقتصاد.
لا يوجد في عقل وفكر القائمين على قيادة النظام الرأسمالي العالمي فكرة إصلاحه من داخله، معتمدين على قانون الغابة البقاء للأقوى.
إن الرأسمالية تمر بمراحل بين فترة وأخرى، تبعًا لتطور علاقات الانتاج التي يسودها.
وجرى في عمقها انتقالات هائلة، وفي كل مرحلة تسعى الدولة كرافعة لها، تتفاعل مع تطور هذه العلاقات الإنتاجية التي يسودها.
أكثر ما يخيف الأن، أن الاقتصاد أصبح عائما غير مقيد بشروط الدولة، بل أن الاحتكارات هي من يفرض شروطه على الدولة.
لم يعد هذا التناغم سائدا، لهذا أقول أن العودة الى الوراء ممكنة وأن يعاد إنتاج الفاشية في الغرب مرة ثانية، ليعاد للدولة اقتصادها الوطني لتتمكن من السيطرة على تراكمها الداخلي بدلا من أن يحلق في الفضاء دون أن يستثمر في أرضها.
نحن أمام مفترق الطرق.

الحتميات كلها فشلت عبر التاريخ، بل ولدت فاشلة.
ليس بالضرورة ما قاله المفكرون والفلاسفة والأدباء سيتحقق.
دائما للأقدار والصدف مسارات لا تخطر على البال, بيد أن الأكيد أن الإنسانية تسير دون هدف مثل خيول غوغول، التي كانت تتجه إلى جهة، لا جهة محددة لها في روايته، النفوس الميتة.
لم نتعلم ابدًا، وربما لن نتعلم. السياسة ماكرة، فن المخادعة والكذب، خاصة إذا اشتغلت عليها الدول في مواجهة شعب أعزل مثل شعبنا السوري.
والذين اشتغلوا لصالح الثورة خربوها من الداخل، أما لقلة الحيلة أو باجار مدفوع.
وحتى الذين يكتبون دفاعًا عن الثورة، يقودوها إلى مزالق الطائفية والضياع. وفي تحليلاتهم السطحية والغير موضوعية، اضاعوا على الجميع البوصلة.
جميع الدول, من امريكا واوروبا, إلى ايران وحزب الله وروسيا، مع السلطة في سوريا، وسيعيدون إنتاج سلطة العسكر بعد أن يدمر بشار سوريا بالكامل. وسيعدوننا إلى جنيف.
جنيف لن يموت، سينتصر, لأنه الشرط الدولي الوحيد والممكن، عملية ترقيع إلى أن يكبر ابن بشار الاسد ويعوموه.
سيلقحون السلطة ببعض وجوه المعارضة في المستقبل بعد ان يقلموا الكثير من الوجوه داخلها، لتبدو أقل بشاعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو