الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوادة-البكر-

نور فهمي
كاتبة

(Noor Fahmy)

2024 / 4 / 6
الادب والفن


"ماتسيبنيش يا بابا..أبوس ايدك ماتسيبنيش"
صرخات استنجاد..بكاء..تكرار مدوى أليم:
"ماتسيبنيس يا بابا"
مشهد مؤثر فى مسلسل(أعلى نسبة مشاهدة) تستغيث فيه البطلة برجل غريب ..تصورت للحظات أنه أبيها.
فتاة كادت أن تنهى حياتها، لولا هذه اليد الغرببة التى انتشلتها وأنقذتها!
أيدى رجل استبدلت وجهه بوجه أبيها للحظات،
أب لا وجود له فى هذه اللحظة، سوى فى خيالها الذى تمناه!!
انهيار تام بعد أن أغلقت فى وجهها كل أبواب الدنيا؛ فمن فضائح منتشرة لها على مواقع التواصل الاجتماعى.. إلى اكتشاف أحباء مزيفين وخيانات..حتى أهلها،
"ملجأها الوحيد"؛ بدلا من احتضانها ورعايتها، تخلوا عنها ولفظوها!
فلم تجد لسانا يتحرك من أسرتها للدفاع عنها،
الكل واقف مشلول الأيدى ..معقود اللسان، متفرجا شاهدا على ظلمها فى صمت!!
تخلصوا من مسؤوليتهم تجاه ابنتهم، بدلا من تحملها، فلم تجد لها طريقا آخر للنجاة، سوى "التخلص من حياتها"..
وحينما استفاقت من صدمتها، ومما كانت تنتوى القيام به، قررت أن تهلك نفسها بنفسها، وأن تختار طريقا آخر مجهولا وملغما عوضا عن الموت!!
فارتمت مرغمة فى أحضان رجل، لا تعرف طبائعه ولا حتى هويته، بعدما كاد الموت أن يغتال روحها!!
اختارت أن تستنفذ كل ما تبقى لها من طاقة الحياة!
وانصاعت لما أمرها هذا الرجل بفعله:
"التقطى صورا هنا وصورا هناك "
"خذى هذا الدواء"
"اظهرى فى فيديو لايف، لتعلنى عن تطبيق جديد".
وهى كالموتى ..شبه غائبة عن الوعى..تمتثل لأوامره وتنفذها بالحرف!! وللأسف تم هذا الزواج بموافقة خالها ومعاونته!!
هذه الفتاة التى رفعت ضدها قضايا تمس الشرف والسمعة، كانت مجرد فتاة خجولة، حساسة، مطيعة لأهلها ..بارة بهم..ولم يكن أحدهم يحسن معاملتها فى المقابل، خاصة الأم؛ التى ظلت تحط من قدرها، وتنتقص من قدراتها وحقها؛ فتشعرها دائما أنها لا تستحق من الدنيا هداياها مثلما تستحقها أختها الكبرى، أو الأخت الأصغر منها!
نشأت هذه الإبنة وهى جائعة للإهتمام الذى لم تنله يوما من أمها..كانت دائما فى احتياج نهم للتشجيع والتقدير.
ومع أول كلمة حب وأول احتفاء بها، استسلمت وامتثلت!!
فلم تكن هذه حفاوة عادية، ككلمة مديح تنتظرها من أحدهم، بل آلاف من المعجبين الذين يتمنون التقاط الصور بجانبها!
ولأول مرة تشعر أنها "محبوبة"وأنها "مرئية"، لا كما كانت تعاملها أمها بجفوة وتجاهل وصفات سلبية تنعتها بها طوال الوقت؛ فتواجه الفتاة أمها فى أحد المشاهد، لتعلن عن تاريخ إساءة معاملتها:
"مش أنا بنتك "الفاشلة"..مش انتى دايما كنتى تقولي عليا انى وحشة، وماليش لازمة، وبضرب لاخمة..وأنا صدقتك..
ده انا حتى بستغرب لما حد بيقوللى كلام حلو"
تخيل أن تصبح الأم_ وهى المنبع الاساسى للأمان والرحمة والمديح والاحتواء (الغير مشروط)_مجرد شبح تخشى الابنة أن تلتقيه، وتتشكك فى قدراتها وإمكانياتها بدلا من أن تعزز ثقتها بنفسها، وتبنى ما أهدره الآخرين فيها!!
كل ما أرادته هذه الفتاة هو" الاعتراف"؛ الاعتراف أنها ذات أهمية وتستحق الحب!!
وبين ليلة وضحاها بضربة حظ، أو ربما
"بخطة قدرية محكمة" ..وصلت لأكبر مما صور لها خيالها
وأبعد كثيرا مما أرادته!
فمن أمنية بسيطة تمنتها تجاه زميلها؛ وهى أن يبادلها فقط "ذات الشعور"، أو حتى يلتفت إليها، أصبح الكل يسعى لأن يلفت انتباه تلك الرقيقة المحبوبة، التى اشتهرت بخفة دمها على التيكتوك!!

الابنة التى لفظت من بيتها، وطردت من أذرع حنونة تحتوى ضعفها وسقطاتها، تلقفتها أيادى عبثت بجسدها وتوجهاتها، بل وأفسدت حياتها وجعلتها سببا فى فساد حياة أخريات وسمعتهن!
الفتاة الرقيقة التى كانت تخجل حتى من أن تشير بالسلام لأحدهم، أصبحت تدير بيتا للدعارة "الالكترونية"_دون علمها_
ولذلك اخترت(القوادة البكر) عنوانا لهذا المقال؛
فهى لا تدرى كيف تتم العملية التى تحصل من خلالها على أموال طائلة. فتاة بكر؛ بكارة النية والنفس وحتى العقل الساذج الذى يصدق ما يقال له دون مراجعة، ويمتثل لأوامر الكبار مهما كانت نواياهم!
فتاة، كانت مطيعة، ودودة وبارة بأهلها، أصبح الكأس لا يفارق أصابعها التعيسة، ولا تتوقف عن الظهور ورفع الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى !!
الفتاة التى حرمت من احتواء أقرب الأقربين، احتوتها الجريمة بامتياز، واحتضنها الفساد بأذرع ترحابة!!
وقبل أن تتطور الأمور وتلقى بنفسها إلى التهلكة ..لجأت لأهلها فأذلوها وأهانوها..بدلا من أن يحتووها!
وأخيرا، اعترف الأب بذنبه، بعدما وقفت ابنته لا حول لها ولا قوة أمام المحكمة ليعلن بندم:
"ياريتنى كنت خدتك فى حضنى يا بنتى..ماكانش كل ده حصل!"
استفاق بعد أن دمرت حياتها كليا وحكم عليها بالسجن والحرمان من "الحرية"!
نحن مرآة آباءنا وأمهاتنا؛
فإن وجدت سلوكا لا يرضيك فى أحد أبناءك؛ سل نفسك:
هل أخطأت فى حقه؟! هل فرقت فى المعاملة بينه وبين إخوته؟ هل منحته الحب والاهتمام الكافى الذى يستحق؟ هل كنت مستمعا جيدا وحاضنا أمينا لمخاوفه وتشككاته؟! هل كنت له منصفا عادلا؟! هل أحببته دون قيد أو شرط؛حبا استثنائيا خالصا ؟!
فهذه الفتاة التى ارتمت فى أحضان (التيكتوك) واللايك والشير، عوضا عن حضن أمها التى لم تكن تحنو عليها أو تشعرها بأهميتها وقيمتها؛ شبيهة أيضا بأبناء ارتموا فى مستنقعات الإدمان بأشكاله؛ سواء مخدرات أو إباحيات أو حتى ممن لديهم اضطرابات "طعام"، بحثا عن سد فراغ قلوبهم، لا عقولهم..واشتهاءا للحب والاحتضان، لا إدمانا للذة أو رذيلة. كلهم ضحايا آباءهم وأمهاتهم..ضحايا الحرمان من الأمان والاحتواء والاهتمام..ضحايا التجاهل الذى أدى ببطلتنا إلى الخوض فى علاقات مع أشخاص مؤذيين؛ كانوا سببا "ثانويا" بعد أهلها، فى هلاكها.
احذروا انتم أيضا من أن تصبحوا يوما "سببا رئيسيا " فى ضياع أبناءكم!
احتضنوهم قبل أن ينوب عنكم غيركم!
احتووهم قبل أن تتلقفهم أيادى الضالين؛ فيعيثوا فى نفوسهم فسادا!
أرجوكم انتبهوا
انتبهوا قبل فوات الأوان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم


.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24




.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو