الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقامة الأمهات .

صباح حزمي الزهيري

2024 / 4 / 7
الادب والفن


مقامة الأمهات ( سيرة علاقة ) :
أمي كنتِ تُضيئينَ البيتَ الشاسعَ , بدفئكِ وترانيمكِ وأُمومَتِكِ الحانيةْ ,وقطوفكِ الدانيةْ , حيثُ تحضنيننا بلا كَلَلٍ ولاضجرٍ , أنت ملاك يصعد بين حجاب نوراني فأراه يجلجلني.
عندما تنتابني عاداتي في ساعات الوحدة , أجدني ابسط يدي وأبدأ بعد الذين احببتهم , أنفق في العد اصابعي , لأجد بأني طاعن في الحب, وعندما أتذكرها أزداد ارقا على أرقي , تمنيت لو اني لازلت في بيت امي فربما ايقظها عطش الليل فشربت ثم تفقدتني كعادتها , ولكانت داعبت شعري وطبعت فوق جبيني قبلة , فأمتصت كل ما في من أرق.
لا أذكر متى تعرفت اليها , كل ما اعرفه اني فتحت عيني على الدنيا فوجدتها امامي , وكذلك لا اذكر متى ادمنت الأخضر في عينيها , كل ما اعرفه ان غيابي عن بقجة البرتقال الخضراء في بيت جدي لأمي , والذي لا زال راقدا بين الجفنين يشعرني بأني لا شيء , الأخضر الرابض في عيني امي هو ( أل ) التعريف التي تحولني من نكرة الى معرفة.
لاأدري متى ألتقيت بها , ذات صيف لم يأتها مايأتي النساء كل شهر , فأستبشرت خيرا وكنت انا بشراها , عذبتها اول الطريق ولكنها أحبتني حتى الهلاك , كانت تتحايل على الدوار والأعياء الذي يصيبها بتخيل تفاصيل وجهي وكيف تراه سيكون , كانت ترسم حدود جبيني ولون عيني , وكنت انانيا اقتات على خيرها كبرغوث يقتات من دم شاة.
عندما تحركت في بطنها ذات مساء , شعرت بأنها تملك الدنيا بأحشائها , كانت تبتهل الى الذي زرعني ان يرعاني , وحتى لو يأخذها ويبقيني , وعندما كنت ارفسها في خاصرتها بشقاوة وأسلبها نومها كانت تبكي فرحا , كانت تنتظر بفارغ الصبر تلك اللحظة التي ستقبل فيها القدم الصغيرة التي سببت لها ألألم , ومضت الأيام كسلى حتى أتيت .
كل من رآني قال بأني على قدر من البشاعة الا هي , كانت تراني أجمل ولد , كانت تريدني ان اكبر بسرعة , كل الذين عاصروا طفولتي قالوا اني كنت جنيا بهيئة بشر , كنت أوقظ امي في الليل مرات ومرات , أحيانا لأرضع وأخرى لأني احب حضنها اكثر من حبي لسريري , كانت تحضنني وتقبلني وكأن الذي سلبها نومها شخص غيري , كانت تعتبرني بلا ذنب وكل ما أفعله حلو , حتى بكائي كان عندها قصيدة.
لم تكن تضربني أبدا , ولم تصرخ علي , اول مرة تعرفت على غضب امي يوم هربت من المدرسة , في ذلك اليوم لااعرف ماحدث لها , ضربتني وضربتني ولما تعبت عضتني في كتفي , عدت الى المدرسة فأجتهدت ودرست وتخرجت من الجامعة وألأخضر في عينيها يحرسني , وعندما تزوجت سكنت قريبا منها , بعد يومين من زواجي خرجت لأصلي الجمعة , وعدت الى بيت امي , قادتني قدماي اليها , بكت وبكيت , مازحتها قائلا (( ما الحب الا للحبيب الأول )) , ضحكت وقبلتني في جبيني وترضت علي .
عندما حملت زوجتي , الكل تمنى ذكرا الا انا تمنيت انثى كي اسميها بأسم أمي , فتحققت الأمنية , وتعلقت البنت بجدتها.
أمي , حين تستهويني العزلة , أخلد في محراب ذكراك , أرتل ملامح وجهك , وأقرأ صفحات هواك , وستبقى العين ثابتة توزع التنهدات , كم يروق لي أن أتأمل وجهك المضيء حين يظهر ويختفي , على مسرح الروح , معك تبدأ الأغنية, لحن خالد, خلود موسيقى القلب, مع همس الآيات بهدوء , المفاتيح الإيقاعية للقلب , كل ملاحظة سرية صغيرة, شوق عارم لنقلها, سيمفونية من المشاعر, من الفرح إلى الحب إلى الذكاء, من خلال تناغم العاطفة, في الرسم البياني المعقد للحياة , انت كنت معي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا


.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ




.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت