الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريقة تقديم التراث في قصيدة -لئلا يُقال- عبد الناصر صالح

رائد الحواري

2024 / 4 / 7
الادب والفن


طريقة تقديم التراث في قصيدة
"لئلا يُقال"
عبد الناصر صالح
"لئلا يُقال
أنثُروا القمحَ فوقَ رؤوس الجبالْ
لئلا يُقال ..
جاعت الطيرُ تحتَ عُذوقِ الهلالْ
يا عُمَرْ
جاعت الطيرُ في غزّةَ الجرحِ ..
واحترقَ الزرعُ والناسُ
والبيتُ
والولَدُ المُنتَظَرْ
وتلاشى الأثَرْ
يا خليفتَنا العادلَ المُرتَضى
يا عُمَرْ
هل أتاكَ الخبَرْ ؟"
استحضار التراث العربي لتناول الواقع المعاصر له أثر على المتلقي الذي يتعرف على حالتين متناقضتين، الأولى تأخذه إلى الماضي المجيد، والثانية إلى الحاضر التعيس، فعندما يقارن بينهما يصل إلى أن أجداده/تاريخه لم يكن على ما هو عليه الآن من بؤس والذل وانحطاط/ مما يدفعه للفعل، للثورة، للتغيير، وبهذا تكون القصيدة ليست مجرد كلام عابر، بل فعل مؤثر، فالشاعر له دور اجتماعي يقوم به لأنه يمثل روح الأمة ونبيها، وعلينا الاستماع له ولما يقوله وإلا أخذتنا الصاعقة/الطوفان كما أخذت الأمم السابقة.
إذا ما توقفنا عند طريقة تقديم الشاعر، سنجد إنه يختزل قصة توزيع الزكاة في زمن عمر بن عبد العزيز، مختزل الحدث ب"لئلا يقال، يا عمر" وكيف تم إلقاء الحبوب للطيور بعد أن استكفى الناس ولم يعد هناك من هو بحاجة، ويقارنها بواقع أهلنا في غزة وما يعانونه من جوع، وهذه الطريقة في عرض التراث تنم على أن الشاعر يحترم عقلية المتلقي، فهو لم يسهب في الشرح، تاركا للقارئ أن يفكر بطريقته ليصل إلى الفكرة/الغاية من القصيدة.
ففي بداية تناوله للواقع يصدم المتلقي بحقيقة مناقضة لما جرى في الماضي، فالآن: "جاعت الطير (مكررة)، احترق الزرع، والبيت، والولد، تلاشى الأثر" فنحن نعلم أن الحرق لا يبق من المحروق شيء، سوى الرماد، الذي من الشهل أن تأخذه الرياح أينما شاءت، من هنا نجد دقة الألفاظ التي يستخدمها الشاعر، فبعد "احترق" جاء "تلاشى" وهذا ما يؤكد (واقعية/حقيقة) الحدث والجحيم الذي يحدث في غزة.
وبما أن هناك خراب/دمار/موت/حرق طال كل مظاهر الحياة، الطير، الزرع، الولد، الأثر" جعل الشاعر ينادي على المنقذ/المخلص من خلال نداءه "يا عمر" لكن المقصود هنا ليس عر بن عبد العزيز، بل المتلقي/القارئ الذي يجب أن يتحرك ويفعل ليوقف الحرق والتلاشي في غزة.
هذا على صعيد فكرة القصيدة، أما على صعيد الشكل الذي قدمت به، فنجد أن هناك توازن بين ثنائيات مكررة في القصيدة: "يا عمر، جاعت الطير" وهذا التكرار يخدم عملية الربط/المقارنة بين الماضي والحاضر، كما أن صيغة السؤال "هل أتاك الخبر" تأخذ القارئ للتفكير والتوقف، مما يجعل فكرة القصيدة غير مباشرة، فالشاعر يستحث المتلقي ليس من خلال التعبئة العاطفية فحسب، بل من خلال التفكير وإيجاد حالة وعي بحقيقة ما يجري.
من هنا نقول: لقد استطاع الشاعر أن يتجاوز سخونة الحدث، ويقدمه بطريقة معاصرة حديثة، إن كان من خلال الاختزال والتكثيف، أم من خلال الابتعاد عن المباشرة واستخدام صيغة السؤال، وهذا ما يجعل القصيدة متميزة ولافتة.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا