الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قيمة اللحظة اللبنانية الراهنة

بدر الدين شنن

2006 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ليس من الموضوعية بشيء .. ولامن مصلحة التغيير الديمقراطي ، اعتبار أن ما يحدث الآن في لبنان هو مجرد صراع يدور بين محاور إقليمية ودولية للسيطرة على هذا البلد الصغير ، أو أنه يدور حول ا شكالية د ستورية أو ميثاقية ، بمعزل عن مفاعيله وجذوره وامتداداته الداخلية ، وأن أهله المشهود لهم بالثقافة والرجولة هم أدوات منفعلة أو نفعية في هذا الصراع . وكأن البنانيين أناس مجردون من المشاعر الوطنية ومن الوعي السياسي والمعرفي ومن التأثر بقوانين وحركة الاجتماع ، وليسوا كبقية شعوب العالم ، على تفاعل مع الهم الاقتصادي ، وعلى علاقة مع العدالة وحس الكرامة

وإذ تبنى على هذا الآراء والمواقف .. ’تغيب قيمة اللحظة اللبنانية الراهنة .. من حيث هي طفرة تمرد ديمقراطي للقطع مع عفن وفساد وعسف الماضي والانتقال إلى مستقبل جديد مغاير .. ومن حيث هي رد وطني مشروع على التحالف الأميركي الفرنسي الاسرائيلي ، الذي حاول بالحرب قبل شهور تجريد لبنان من المقاومة ، وهو يحاول الآن عبر الحكومة بسط هيمنته ووصايته على لبنان وتحويله إلى جزء من خريطة الشرق الأوسط الجديد ، ويوسم حراك الشعب اللبناني بالعبثية ، وتقيم الاصطفافات على الهوية الطائفية ، و’تهمل مقاربة هذا الحراك في عمقه وأسبابه ومكوناته وآفاقه وانعكاساته الاقليمية ، ما يضيف مزيداً من اللغط والالتباس حول الحالة اللبنانية ، ويسمح بالتحرر من مسؤولية الموقف المبدئي في التعاطي معها ، كما يمنح النظام السوري خاصة شهادة مجانية ، بأن نفوذه في لبنان يتمتع بشعبية كاسحة ، ويعزز مساعيه لاسيترداد دوره الاقليمي ، ويقدم له إضافة ذات وزن في مقومات ا ستدامته وتشديد قبضته التعسفية في الداخل السوري ، في وقت تؤشر المعطيات الملموسة ، على أن ليس كل معارض لحكومة السنيورة هو بالضرورة موال للنظام السوري ، وعلى أن هناك قوى في قلب المعارضة اللبنانية مصممة على أن لاعودة للوصاية السورية ، بل وعلى أن معظم فصائل هذه المعارضة ، ولمصلحة لبنان بالذات ، تتمترس عند تحديد الموقف من العلاقة مع سوريا بالندية والمساواة وبالاحترام المتبادل والمصالح المشتركة

إن الاتهامات المتبادلة بين فرقاء الصراع اللبناني - اللبناني ، حول دور القوى الخارجية في الصراع ، تبرز جزءاً من الحقيقة ، ينبغي أخذه جدياً بعين الاعتبار ، لكن هناك أجزاء أساسية أخرى متممة للحقيقة قد أفضى التعمد بسوء التعاطي معها ، والدفع الحثيث من قوى لبنانية ذات هوى غربي " أميركي فرنسي إ سرائيلي " أفضى إلى تعبيد الطريق للتدخل الخارجي ، ينبغي أخذها جدياً بعين الاعتبار أيضاً

يأتي الموقف من مسألة الوصاية الخارجية على البلد في مقدمة المسائل الخلافية الأخرى . فعلى الرغم من المعاناة المريرة التي كابدها الشعب اللبناني من الوصاية السورية ، إلاّ أنه ماكاد يرحل آخر جندي سوري عن لبنان ، حتى بدأت قوى 14 آذار تمارس سياسات وعلاقات خارجية تشي ، بل وفهمت شعبياً ، على أنها مساع لوضع لبنان تحت الوصاية الأمريكية الفرنسية مرفقة بما يستدعيه ذلك من سياسة مواجهات مع مايمكن تسميته بالآخر من العهد " السوري " السابق .. تصفية مراكز قوى أمنية وإدارية .. الهجوم المتواصل على رئاسة الجمهورية .. ومواجهات بشكل خاص مع المقاومة ، بكل ما يتضمنه ذلك من ملف الصراع اللبناني الاسرائيلي كجزء مستقل عن الصراع العربي الاسرائيلي ، ومن إعادة قراءة لسيرورة هذا الصراع ’تغبن حق المقاومة ودورها في تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة .. وهذا ما انعكس على دورهذه القوى الحكومي والحزبي سلبياً إبان العدوان الإسرائيلي في تموز الماضي على لبنان .. وعلى دورها اللاحق مابعد العدوان . الأمر الذي كرس صراعات واصطفافات جديدة في الداخل اللبناني تحت عناوين .. الوصاية .. المقاومة .. الدولة .. الديمقراطية " اللبنانية

وقد لعب ا ستثمار التحقيق في اغتيال " الحريري " وتحويله إلى أداة سياسية ثأرية للإجهاز على من يرفض الموالاة للعهد الجديد وتقويض النظام السوري ، لعب دوراً موتراً للداخل اللبناني ، وساهم إلى حد كبير ، لتبرير وتمرير الكثير من التقصير في الواجب الحكومي على المستويات اللاقتصادية والاجتماعية والادارية السيئة ، وكذلك على مستوى معالجة المسألة الطائفية المعوقة لإنتقال لبنان إلى مصاف الحداثة الحضارية في هذا المضمار ، وتكريس حق المواطنة الكامل ، وإعادة بناء الدولة على أ سس ديمقراطية عصرية

كما يأتي من طرف آخر ، الواقع الد ستوري الطائفي المتخلف الموروث ، الذي يزاوج بين الحق " الطائفي " والحق الديمقراطي ، بين حق النقض للطائفة الواحدة وحقوق المكونات الطائفية مجتمعة ، بين توزيع ثابت للمحاصصة الطائفية في سلطات الدولة وحق الحرية للجميع . وهذا ما أفضى ويفضي عند الأزمات الوطنية والاجتماعية الكبرى إلى إختلال معايير الحقوق والديمقراطية ، وإلى الوقوع في إشكالية التناقضات العصية على الحل ، التي تنتهي إلى أحد خيارين لاثالث لهما .. إما التوافق .. وإما الحرب الأهلية

من هنا يصح القول ، لو أن قوى 14 آذار كانت مخلصة حقاً في التخلص من عهود الوصايات على لبنان ، وقامت ببناء البيت اللبناني حسب مصالح لبنان الوطنية ، لاسيما فيما يتعلق بالإصلاح الد ستوري ، وفي التصدي لاستعادة الأراضي اللبنانية المحتلة ، وتصفية آثار الوصاية السورية ديمقراطياً وبقوة المثال ، ووظفت قضية اغتيال " الحريري " كرافعة لتعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق العدالة للشعب اللبناني كله ، لكان التدخل الخارجي محدوداً أو لايكون ، ولكان انعكس مثل هذا التطور الديمقراطي ضعفاً وحصاراً للنظام السوري ، ولكانت الخلافات والاختلافات في المسائل الاجتماعية والاقتصادية والديمقراطية انحصرت ضمن القوى اللبنانية .. وضمن جدران لبنان

ولهذا ، فإنه من الخطأ بمكان ، نقل الاختصاص في الشأن اللبناني إلى قوى الخاج .. واعتبار قضية لبنان الداخلية بامتياز قضية صراع محاور لاتحل إلاّ عن عن طريق الخارج .. واعتبار الخارج .. لأن اللبنانيين كما يزعم منقسمون وموزعون على المحاور الاقليمية والدولية .. هو صاحب القرار اللبناني والمصير اللبناني

كما أن من الخطأ .. بل من الظلم للشعب اللبناني ، أن يحدد نضاله فقط بالتبعية لهذا المحور أو ذاك ، ويفرغ هذا النضال من مضامينه الوطنية والسياسية والاجتماعية اللبنانية ، حتى وإن نهض من نهض هنا أو هناك ، مفتخراً بولائه للنظام السوري . إن من الأهمية القصوى تفويت الفرصة على النظام السوري لاستغلال الحراك الشعبي اللبناني العظيم المعادي للوصاية الأميركية والمقاوم للعدوانية الاسرائيلية والرافض للإستئثار الطائفي ، لتبرير وعودة وصايته على لبنان . وذلك باتخاذ موقف مبدئي متفهم لظروف اللبناني المضطهد المقاوم ، الذي يقاوم الآن حتى لايبقى لبنان مزارع لسادة الطوائف .. وحتى لايتحول لبنان إلى مربع في خريطة الشرق الأوسط الجديد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 3 خطوات ستُخلّصك من الدهون العنيدة


.. بمسيرات انقضاضية وأكثر من 200 صاروخ.. حزب الله يهاجم مواقع إ




.. نائب وزير الخارجية التركي: سنعمل مع قطر وكل الدول المعنية عل


.. هل تلقت حماس ضمانات بعدم استئناف نتنياهو الحرب بعد إتمام صفق




.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل