الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة للاستيقاظ والتوازن سيد أردوغان

فتحي سالم أبوزخار

2024 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لا جدل في أن انتخابات البلديات في تركيا تجسد العمق الديمقراطي الذي تميزت به تركيا عن باقي ديمقراطيات الكثير من بلدان العالم، وخاصة الغربية، التي تدعي الديمقراطية! وهذا باعتراف من السيد جوزيف بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي حيث ذكر على منصة أكس: "إجراء انتخابات بلدية بهدوء واحتراف يشرف تركيا ويثبت التزام المواطنين لصالح ديمقراطية محلية". بالطبع هذا من جانب وهو مهم جداً إلا أنه في المقابل الخاسرة، المُزلزلة والمُفاجئة بقوة زلزال كهرمان مرعش كما ذكرت سكاي نيوز عربية، التي منيَ بها حزب العدالة والتنمية الحاكم كانت دعوة للسيد الرئيس أردوغان للاستيقاظ والمراجعة وربما الموازنة. والكاتب يرى بأن عنوان مقالته هو ما يستشفه من رسالة الشعب التركي وتحديداً المحافظ منه والجاد في عمومه، لرئيس الدولة ورئيس حزب العدالة والتنمية السيد أردوغان بعد فشل الوعود بتحسين الوضع الاقتصادي، ومعالجة آثار زلزال فبراير 2023م. فعنوان المقالة: رسالة قصيرة للسيد رجب طيب أردوغان بالاستيقاظ والتوازن.

التوازن بين سياسات الشأن الداخلي والخارجي:
الرئيس الناجح هو الذي يوفق في التوازن بين اهتماماته بالشؤون الداخلية وكذلك الشؤون الخارجية، وبمراجعة لسياسات السيد رئيس حزب العدالة والتنمية نأمل أن نعمق ونوضح الرسالة للسيد أردوغان، المستوحاة من نتائج انتخابات البلديات.

الشؤون الداخلية: لقد نحج السيد أردوغان في الشؤون الداخلية بحيث حسن من القدرة الاقتصادية وعمل على أن تكون من أكبر 10 اقتصادات في العالم ومن المؤشرات المؤيدة لذلك ما أفادت به وكالة موديز للتصنيف الائتماني حيث رفعت مؤشر نظرتها المستقبلية لتركيا إلى "إيجابي" بعد أن كان "مستقر" وهذا النجاح المبهر واضح بالرغم من كارثة زلزال قهرمان مرعش من قبل حوالي سنة في 6 فبراير 2023م والتي راح ضحيتها 51000 قيل و 120000 مصاباً، وانخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار.
في المقابل تسير تركيا بخطوات ثابتة في استراتيجيتها الذكية حيث رسمت الرئاسة في منشور استراتيجية وطنية للذكاء الصناعي 2021-2025 ذكر فيها السيد أردوغان بأن: "الوقت قد حان لبلدنا لتحقيق اختراق في مجال الذكاء الاصطناعي.. لدينا فرصة لإضافة قيمة للإنسانية ككل من خلال تحقيق اختراق تقني واقتصادي جديد ممزوج"، زد على ذلك تسعى تركيا إلى أن تستقل بصناعاتها الحربية عن الهيمنة والاحتكار الغربي للأسلحة المتطورة. بل نجحت تركيا في تحويل صناعة السلاح إلى قطاع استثماري، وفي هذا الشأن يشير الكاتب طارق حمو في مقالته بتاريخ 2 مارس 2024م بعنوان: "طريق تركيا إلى التحول إلى مصدر عالمي للسلاح" إلى أن هناك دراسة من المعهد الألماني للدراسات السياسية والأمنية تحمل نفس عنوان مقالته! إذن فالواضح أن الفشل في الوعود الاقتصادية هي السبب في عدم رضى الناخب التركي بولاية إسطنبول، وأنقرة، وأزمير، ومانيسا، وأفيون قره حصار. إلا أنه بالنظر إلى الشؤون الخارجية سنجد أن الموضوع قد يختلف وهو مبهر ولكن الشعب لا يرى ذلك.

الشؤون الخارجية: ما تميزت به السياسة التركية في عهد أردوغان هو النجاح في المناورة والحركة مع المتناقضات الدولية بحيث كانت لها قنوات التواصل مع الجميع أمريكا وروسيا، وبريطانيا والصين وفرنسا، وألمانيا وإسرائيل.
ينشر الكاتب عماد قدروة بتاريخ 13 ديسمبر 2015 على موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فيرى أن لها "الدبلوماسية الإنسانية في 2013 وفي عام 2014 عملت على تعزيز الديمقراطية والاقتصاد والدبلوماسية النشطة. لذلك نجد أن عندها من العلاقات ما يمكنها من تثبيت أقدامها على مسرح السياسة وخاصة بعد أن عزز السيد أردوغان من سلطته بتحول تركيا إلى النظام الرئاسي في 2017. فلها من الإمكانات التي حرصت عليها لتلعب أدواراً هامة ومتعددة في العالم، وهذه الإمكانيات جاءت في تقرير عن السياسة الخارجية الوطنية في "المئوية التركية" تتلخص في الأتي:
• تمتد الشبكة الدبلوماسية لتركيا لتصل 261 بعثة دبلوماسية بفكر عالمي وبعمل محلي وطني.
• عضو مؤسس في مجلس أوروبا وكذلك منظمة الأمن والتعاون وتقريباً في جميع المؤسسات الأوروبية.
• من بين أكبر 5 دول أعضاء في الناتو مساهمة في عمليات النيتو، ومن أكبر 8 دول مساهمة في الميزانية.
• تعمل بفعالية مع منظمة العالم الإسلامي.
• أنشأت مشروع جذور الحضارة التركية ضمن منظمة الدول التركية.
• لها مبادرة تحالف الحضارات مع إسبانيا.
• حوار التعاون الأسيوي، وميكتا (المكسيك وأندونيسيا، وكوريا، تركيا، وأستراليا)

ما يمكن استخلاصه بأنه تسعى: " تركيا للعمل بفاعلية ضمن التحالفات الغربية وبالتنسيق معها في جوارها المباشر والابتعاد عن العمل وحدها .. (و) سعيها لإحياء الدور الإقليمي باتجاهٍ تدّخلي أمني وعسكري، ومحاولة إظهار القوة وقدرات الردع، بتنسيق مع الحلفاء أيضًا".

إلا أنه بعد محاولة الانقلاب في 2016 حرصت على تأمين حدودها البرية بالعديد من العمليات العسكرية على حدودها مع سوريا بدأت بعملية غصن الزيتون في 2018 وانتهت في 2020 بالعملية الأشرس "درع الربيع" ومع مواجهات حزب العمال الكردستاني في العراق. وبالنسبة لمياهها البحرية فكانت عملية المناورة "الوطن الأزرق" ببحار: المتوسط، والأسود، وإيجة في 2019. بل أمتد خارج حدودها حيث أنشأت قاعدة عسكرية بقطر عام 2017، وفي ليبيا بعد اتفاقية عسكرية ساهمت في رد عدوان حفتر على العاصمة بعد ستة أشهر من صد العدوان في أبريل 2019. وكان لتركيا تدخلها في حرب أذربيجان وأرمينيا في 2020م.
كما ولعبت تركيا أدواراً كضامن كما هو الحال بقبرص ومرور الحبوب الأوكرانية، والذي أرادت إسقاطه على الحالة الفلسطينية-الإسرائيلية. حيث رأت تركيا أن قرارات الأمم المتحدة لم تجبر إسرائيل على حل الدولتين، ولا منع هجماتها على المدنيين والفلسطينيين، وتهجيرهم ولا منع أي خروق قد تسببها إسرائيل. فاقترح السيد أردوغان أن تكون تركيا الدولة الضامنة لفلسطين بحيث تمنع أي تصعيد أو أي خرق للاتفاقية وبالطبع ستكون أمريكا هي القادرة على أن تلعب دور الضامنة لإسرائيل.

تحتل تركيا الترتيب الرابع في التمثيل الدبلوماسي بأفريقيا بعد الولايات المتحدة، والصين، وفرنسا، حيث أرتفع عدد التمثيليات الدبلوماسية، بعد أن أصبحت عضواً مراقباً في الاتحاد الأفريقي، من 12 سفارة في عام 2002 إلى 44 سفارة وقنصلية في عام 2022. كذلك لها قنوات اتصال مع دول الكاريبي وأمريكا اللاتينية، حيث امتدت الدبلوماسية التركية، متمثلة في الدولة العثمانية، إلى 1860، وكانت تشيلي أول دولة تعترف بالجمهورية التركية في عام 1926.

الاتفاق مع مبدأ تأسيسي للجمهورية التركية الذي وضعه أتاتورك وهو : "سلام في الوطن، سلام في العالم" وانضمام تركيا إلى حلف "كيلوغ بريان" وما يعرف بميثاق برياس ينبذ الحروب وعدم اللجوء إليها وتسوية النزاعات سلمياً. إلا أنها تعاطت مع الواقع بحيث أمنة حدودها مع سوريا والعراق بأعمال عسكرية، وعمقت مصالحها الخارجية بقواعد عسكرية في قطر، والصومال، وليبيا.


الخلاصة:
بالتأكيد سياسة القوة الناعمة وصفر مشاكل مع الجيران سمحت لحزب العدالة بعد وصول السيد طيب أردوغان إلى منصب رئيس الوزراء في 2003 بأن يركز على الشأن الداخلي وينهض بتركيا اقتصاديا إلا أن التجربة تقول بأن محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 دفعت بالسيد أردوغان إلى المراجعة السريعة والتحول إلى النظام الرئاسي في 2017 ليعزز من سلطته. إلا أن التضامن الشعبي الذي رآه السيد أردوغان ونزول الشعب للشوارع لمواجه الانقلابيين ربما جعله يطمئن لإدائه بالشأن الداخلي، والتفت بتركيز إلى الشؤون الخارجية وخاصة بعد أن رأى الدعم الخارجي الذي تلقاه الانقلاب العسكري من الخارج وحضانة أمريكا للمتهم الأول وراء الانقلاب السيد فتح الله غول.
فوز رئاسة البلدية للسيد أكرم إمام أوغلو لحزب الشعب الجمهوري، نتيجة لفشل وعود الحزب الحاكم بتطور اقتصادي وعدم تمكنه من معالجة المدن المنكوبة جراء الزلزال في فبراير 2023 بمدن أخرى، وربما نقد فتح نجم الدين أربكان رئيس حزب الرفاه والمزايدة بعدم دعم غزة قد ساهمت في الإقلال من فرص نجاح حزب العدالة والتنمية في انتخابات البلدية. وكما ذكر السيد أردوغان في تعليقه على نتائج انتخابات البلدية : هي نقطة تحول تستدعي مراجعة كافة السياسات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن