الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتحدة و-فوبيا- الضعف

حسن احمد عبدالله

2024 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


في كتابه "هجوم على العقل" يصف نائب الرئيس الاميركي الاسبق أل غور كيف تصنع الولايات المتحدة الخوف، وتستخدمه من اجل تحقيق مخططاتها، وتعمل على اقناع العامة بالمشاركة في ذلك، وفيما هو يضع الحق على سياسة الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الابن، فإنه يتناسى ان حزبه ايضا، والادارات الاميركية المتعاقبة، الجمهورية والديمقراطية، كلها تنفذ تلك السياسة، وهي استراتيجية قديمة، قدم وجود الولايات المتحدة.
لهذا حين نرى السلوك الاميركي في المنطقة العربية خصوصا، والعالم عموما، لن نستغرب ذلك، لان الدولة التي قامت على المجازر في الهنود الحمر، وقتلت ما يزيد عن خمسين مليونا منهم، والتي قصفت مدينتين يابانيتين بالقابل الذرية وقتلت فورا نحو ثلاثة مئة الف اعزل، وابادة نحو مليون ومئتي الف عراقي، ونحو خمسين الف افغاني، واربعة ملايين مدني فيتنامي، ونحو مليون و500 ألف مدني في الفيليبين، فهي لا شك تدلس على العالم في ما يسمى "حقوق الانسان" والديمقراطية"حين ترد كل هذه المجارز انها من اجل كذبة "اقامة نظام ديمقراطي" والدفاع عن "حرية الشعوب"، فلا نستغرب اليوم هذا الصلف في مناصرة الابادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل في قطاع غزة، والتصفيات اليومية للفلسطينين العزل في الضفة الغربية.
في هذا الشأن نستعير من أل غور جملته الشهيرة في كاتبه المذكور "لقد جعلوا الذئاب الخاصة حرسا على حظائر الدجاج"، فعلا ان واشنطن في استراتيجيتها تستخدم هذه القاعدة في محاولة تنزيه الحلفاء، من جهة، وايضا العمل وفق قاعدة "العصا والجزرة" معهم، لكن عندما يصل الامر الى اسرائيل فهي تعود، وفقا لما كتبه أل غور في كتابه الى "روحية بناء الحقوق المدنية وفقا لنظرة توراتية يهودية"، وتعمل ايضا على تسويق ذلك من خلال الهيمنة على وسائل الاعلام، وتزيين الافعال السيئة عظيمة وانها تخدم الانسانية، وهي بذلك تستخدم الدعاية وتجعل تلك المفاسد تعويضات نقدية، على شاكلة مساعدات، في الداخل والخارج.
ثمة من يرى ان سياسة الولايات المتحدة في المنطقة "متهورة"، خصوصا بعد عملية "طوفان الاقصى"، وما نتج عنها انهيار القوة الاسرائيلية التي راهنت عليها واشنطن منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وخلال الحرب الباردة، ويقول لهذا حشدت اساطيلها في البحرين الابيض والاحمر، واستنفرت بقية قواعدها في المنطقة، لانها خافت من فقدان اداتها العظمى الاقليمية قوتها، وبالتالي وجود اكثر من قوة يمكن ان تتفوق على تل ابيب، التي فشلت في التصدي لمنظمات مسلحة صغيرة، ومنيت بخسائر لا يمكن تعويضها، خصوصا في ما يتعلق بالامان والثقة بين المستعمرين المحتلين فلسطين، وهذا لا شك فيه الكثير من الصحة، لان الضعف الاسرائيلي يؤدي الى اعتماد الحلفاء على شريك افضل من الاسرائيلي والاميركي، ولقد بدأت عملية الالتفاف هذه تؤتي بعض ثمارها، لكنها تحتاج الى زمن طويل كي تكرس تخليا عن القوة الاميركية والاسرائيلية.
عند هذا الواقع احيت واشنطن البعبع الذي صنعته في سجونها في العراق، اي "داعش" بالتوازي مع الدفاع المستميت عن القوة الاسرائيلية، حتى ولو كان ذلك على حساب هيبتها ووجودها في الاقليم، لانها رأت بالضعف الاسرائيلي نكبة لها، وهي مستعدة لمواجهة اي شيء من اجل المحافظة على الحد الادني من تلك الهيبة الكاذبة، وباي ثمن.
علينا ان نتعرف ان الولايات المتحدة ليست قدرا، وهي ليست مطلقة القوة، كما تحاول الـ"بروباغندا" الاميركية تصويرها، بل يمكن معرفة مدى ضعفها، داخليا من خلال معالجتها مشكلة اعصار كاترينا عام 2005، وقبلها تخبطها في معالجة احداث الحادي عشر من ايلول/ سبتمتر 2001، وكذلك احداث الكابيتول العام 2021، وكلها تدل على عدم وجود رؤية اميركية، وانها تعمل على ردود الفعل لا اكثر.
اما خارجيا، فهي ضعفت كقوة مهيمنة بانسحابها المذل من فيتنام في العام 1975، وخروجها المهين من الصومال ولبنان في الثمانينات والتسعينات، وكذلك من العراق وافغانستان في العقدين الماضيين، وبالتالي ليس لها في الشرق الاوسط اليوم الا اسرائيل، لذا تستميت بالدفاع عنها.
في هذا لا بد من ملاحظة جدا مهمة وهي قاعدة غريزية، تنطبق على الدول والاشخاص والحيوانات، "عندما تحشر قطاً في الزاوية فحتماً سيُهاجمك، ويتحول نمراً"، وهو ما عليه اليوم الولايات المتحدة التي حشرت نفسها في اكثر من زاوية، بدءاً من العراق والتدخل في سورية، وصولا الى اوكرانيا ومحاولة استفزاز الدب الروسي، مرورا بكوريا الشمالية، وحتى حديقتها الخلفية اميركا الجنوبية التي قام عليها اساسا "مبدأ منرو"، لهذا هي كالقط الذي حاول اللعب بلفة صوف لكنه وجد نفسه اسير لعبته تلك، ولهذا انقلبت عليها صناعة الخوف، وباتت تعاني من "فوبيا" الضعف، وبسبب ذلك تضرب خبط عشواء، وتفتقد الى استراتيجية يمكن التعويل عليها في دور سلمي، لان فاقد الشيء لا يعطيه.
كاتب، صحافي لبناني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل