الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لحراك الثوري السوري- سلوك الريف الاشكالي

محمد علي ابراهيم باشا
محام

(Mohammad Ali Ibrahim Bacha)

2024 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


الحراك الثوري
سلوك الريف الاشكالي
- بتاريخ 2003 وخلال حوار بيني وبين خبير عسكري يرأس مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمكتب الأمن القومي بدمشق و في سياق حديثنا عن السياسات السلبية المنتهجة من قبل الحكومات المتتالية تجاه الريف السوري والأهمال المتعمد له من كافة النواحي الأقتصادية والاجتماعية و الخدمية والتعليمية ...الخ وما نتج عن ذلك من فقر وبطالة و أمراض ومشاكل لا حصر لها أدت الى هجرة داخلية كثيفة ونزوح باتجاه العاصمة ومراكز المدن الكبيرة و السكن ضمن عشوائيات شكلت فيما بعد حزاما فقيرا يحيط بها و بؤر توتر متفرقة حاولت جاهدا اقناعه بهواجسي _شارحا الواقع المزري لغالبية أبناء الريف السوري سواءا من هاجر منهم هجرته الداخلية أو من بقي منهم مغتربا نفسيا ضمن قراه وبلداته ومدنه التي أفتقرت لابسط مقومات الحياة الكريمة _ و بضرورة توجه الحكومة نحو دعم المشاريع الزراعية والصناعية الصغيرة والكبيرة وتحسين البنى التحتية في تلك المناطق لتأمين فرص العمل وتحسين الوضع الاقتصادي لأبناءها بالقدر الذي يمنعهم من النزوح و يجعلهم يتشبثون بأرضهم ويدعم الأقتصاد السوري ويخفف الضغط على العاصمة والمدن الكبيرة ويقلل من نسبة الجرائم وضربت له أمثلة عديدة منها ما تعلق بمحافظة الحسكة التي أقيم فيها مذكرا بمعاناتها من الأهمال رغم أنها سلة الغذاء السوري و مصدر طاقته و أفتقارها للمعامل الغذائية و للمصانع _ على سبيل المثال_ التي من شأنها أن توفر آلاف فرص العمل وتنهض بالأقتصاد المحلي وتحسن مستوى دخل سكانها كما تطرقنا لمعاناة الكرد المجردين من الجنسية السورية وتأثير ذلك على حياتهم اليومية التي غدت بائسة لعدم قدرتهم على التملك أو الانتساب للنقابات المهنية أو التوظيف لدى مؤسسات الدولة واضطرارهم_ تحت وطأة الفقر و الحرمان والاضطهاد السياسي_ للنزوح عن قراهم ومدنهم الى العاصمة والمدن الكبرى والعيش ضمن الحزام المشار اليه آنفا ليتحولوا مع شركائهم من باقي فئات الشعب السوري المقهور الى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة وهو ما أصر على نفيه بلطف مصطنع وهو يربت على كتفي مودعا و مطالبا الثقة بقيادة هذا البلد و مؤسساته الأمنية التي أهتزت وظهرت عيوبها بعد عام واحد فقط _من ذلك الحوار_ في أحداث عام 2004 لأبقى مقتنعا بصحة هواجسي وآرائي حول ضرورة النهوض بالريف السوري و الترويج لها في كل المناسبات بما فيها مناسبة الاجتماع بشكل مباشر مع أعلى سلطة سياسية في البلاد أي مع بشار الأسد شخصيا في اللقاء الذي جمعنا في القصر الجمهوري بتاريخ 11/4/2011 حيث طرحت مجددا أفكاري لجهة خطورة الحزام الأمني المحيط بالعاصمة و ضرورة تطوير الريف السوري بشكل عام والحد من الهجرة الداخلية وعدة مشاكل أساسية تعاني منها محافظة الحسكة بشكل خاص كأحتكار أولوية التعيين في المنشآت النفطية و مشاريع الري الكبرى من قبل الساحل السوري و المحافظات الداخلية الأخرى – من مهندسين وخبراء - على حساب المهندسين والخبراء من أبناء المحافظة بالقدر الذي جعل غالبيتهم عاطلين عن العمل أو سائقي سيارات أجرة في شوارع دمشق أو عمال في مطاعمها أوفي أحسن الأحوال موظفين في احدى المدن النائية البعيدة عن محافظتهم وتطرقت كذلك لمشكلة الكرد المجردين من الجنسية و الاهمال الذي تتعرض له المحافظة بشكل عام وريفها بشكل خاص وضرورة الاسراع في ايجاد الحلول لمواكبة الأحداث المتسارعة التي بدأت ملامحها تظهر في الشرق الأوسط (الربيع العربي ) فجاءت أجوبته ووعوده باهتة ،باردة، ناكرة للواقع المزري الذي يعاني منه السوريون، لاترقى لحجم معاناتهم، ولاتعترف بحجم المشاكل المتراكمة التي لا بد لها وأن تنفجر يوما ما و لم يتحقق منها شيئ _ باستثناء مرسوم تجنيس الكرد فازدات قناعتي بعدم قابلية هذا النظام للأصلاح وأن سوريا مقبلة على كوارث لا يعلم بها الا الله .
- بدأ الحراك الثوري السلمي السوري وبعد شهور عدة أخذ المنحى الذي يعرفه الجميع نتيجة لبدء التدخلات الدولية والاقليمية _و لأمور كثيرة لسنا بصدد ذكرها اليوم _الا أن عيوني بقيت شاخصة ترقب ردة فعل السوريين بشكل عام و الريف السوري بشكل خاص وكلام كلاً من بشار الأسد كما الخبير العسكري حول ثقتهم بالمؤسسات الأمنية وقدراتها ونفيهم لأي خلل مقصود ورغبتهم بالابتعاد عن تهويل الأمور بما قد يوهن نفسية الأمة القوية يتكرر في ذاكرتي .
- هذا المنطق المُنحرف الذي اعتمد الحل الأمني والعنف المفرط ظهرت نتائجه مباشرة من خلال فقدان النظام لقدرته في الحفاظ على أي نوع من أنواع الاستقرار ليبدأ الشرخ المجتمعي الذي طالما رسخه بالبروز بانقسامات مُجتمعية متعددة المحاور، لعل أبرزها الانقسام الحاد بين الريف السوري وبين المدينة .
- بدأت المحافظات والمدن والبلدات والقرى تتساقط تباعا الواحدة تلو الأخرى و أطبق الحزام الفقير على العاصمة وعلى المدن الكبيرة وسط تخبط النظام الذي أنهارت كل دفاعاته وأنكشفت عورته خلال أشهر معدودة وعبثا حاول الحفاظ على نقاط تمركزه ليبدأ الريف السوري والحزام الفقير رحلة الانتقام طلبا للحرية و ثأرا لكرامته المهدورة و فقره وعوزه و مرضه وجهله فحاصر دمشق وأمطرها بالصواريخ على مدار الساعة وقطع عنها الماء والغذاء و اقتحم أحياءها حتى وصل الى حي العباسيين المتاخم للقصر الجمهوري كما أطبق على المدن الكبرى فحاصرها واقتحمها كما حدث في حلب وحمص وحماة و الساحل والرقة ودير الزور والحسكة ودرعا لتسيطر فصائله على 75% من الأراضي السورية ولينكلوا بالقوات النظامية و القوات الرديفة التابعة لها من دفاع وطني و فصائل شيعية و مرتزقة تنكيلا لا مثيل له ثأرا وانتقاما وأملا بمستقبل أفضل فجرف هذا السيل _من جملة ما جرف_ معدات مصانع المدن الكبرى وورشها وآليات المؤسسات العامة والخاصة وكافة المعدات الأخرى التي ظهرت أمامه فحمل الكردي السلاح وحارب ثأرا لكرامته المهدورة و حقوقه المنهوبة وكذلك فعل العربي أبن ريف درعا و ريف دير الزور وريف حلب و ريف حماة وحمص والساحل والريف الشرقي والجنوبي لمحافظة الحسكة الذي عانى الفقر و العطش والذل والقهر والحرمان ، كافة مكونات الشعب السوري حملوا السلاح غير آبهين بنوايا مقدمه ومموله و أهدافه السياسية التي يرنوا اليها فمنهم من حمل بندقية الفصائل الاسلامية الراديكالية كداعش والنصرة وأحرار الشام ومنهم من حمل بندقية الجيش الحر الممول خليجيا ومنهم من حمل بندقية الأتراك ومنهم من حمل بندقية الأمريكي ومنهم من تناوب على حمل بنادق جميل الفصائل التي مرت على منطقته ...ألخ بنادق مختلفة والهدف المباشر واحد هو القضاء على النظام والثأر من قياداته التي أذلت الشعب السوري وأفقرته _غير آبهين بأهداف تلك الاجندات التي كان من جملتها تحويل سورية الى دولة اسلامية أو دويلات مقسمة أو ساحة حرب لتصفية الحسابات السياسية الدولية والأقليمية أو ساحة لصراع أهلي لا حدود له...الخ من الأجندات التي عاثت فسادا في بلدنا _ فقتلوا وقتلوا و وأسروا وأسروا وسرقوا و تعفشوا وأغتصبوا واغتصبوا والخاسر الوحيد كانت سوريا .
- رغم كل الجدل والارهاصات الجارية حول هذا الموضوع الا أننا لا نستطيع نكران حقائق الفارق الكبير بين سلمية أبن المدينة التي ركن اليها في بداية الحراك الثوري كوسيلة لتحقيق أهدافه كزهور غياث مطر وزملائه ومظاهرات أنصار اعلان دمشق و مثقفي المجتمع المدني السوري والعصيان المدني لبعض التجار السوريين و بين عنف ابن الريف الذي ثار حاملا بندقيته ابتداءا كما لا نستيطع نكران حقيقة اختلاف ظروف كلا منهما الاقتصادية والاجتماعية وحقيقة الآلام التي عانى منها الطرف الثاني والتي فاقت آلام كافة شرائح المجتمع السوري الأخرى و جعلته يستعجل العمل المسلح ويحبذه تحقيقا لهدفه المباشر بالثأر من النظام كما لا نستطيع نكران حقيقة خروج أبن المدينة ثائرا سلميا وخروج ابن الريف ثائرا منتقما نتيجة للشروخ المجتمعية التي سببها النظام متعمدا ليسلك لاحقا منحى سلبيا أشد وطأة من خلال مصادرة قراره و ارتهان بنادقه للأجندات الاقليمية و عبورها الجغرافية السورية باتجاه جغرافية أخرى أرتآها الممول .
- فهل الأرياف ثآرت لنفسها من خلال مشاركتها في الحراك الثوري السوري وهل كانت نتائج مشاركتها ايجابية ام سلبية وهل كان لها دور سلبي فيما وصلت اليه الحال في يومنا هذا ؟؟ أسئلة برسم الاجابة عليها من قبل النخب السورية.
- بكل تحفظ واحترام
فرنسا
المحامي محمد علي ابراهيم باشا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أونروا: فرار نحو 360 ألف شخص من رفح وليس هناك أمان دون وقف ل


.. نيويورك تايمز: ملفات حماس السرية تظهر كيف كانت تتجسس على الف




.. سوليفان: لا نعتقد أن ما يحدث في غزة إبادة جماعية وينبغي على


.. كيف يرى الإسرائيليون حرب غزة؟




.. فلسطينيون عالقون في العريش يبحثون عن فرص عمل