الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل للظاهرة الترامبوية

لبيب سلطان
أستاذ جامعي متقاعد ، باحث ليبرالي مستقل

(Labib Sultan)

2024 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


1. مقدمة لا بد منها
يشكل بروز الترامبوية خلال العقد الاخير ظاهرة جديدة في الحياة السياسية الاميركية ولم يشهد مثلها المجتمع الاميركي الحديث وعلى مدى قرن تقريبا، حيث ساد تناوب الحزبان الاساسيان ، الجمهوري والديمقراطي ، يتباريان على كسب الفئة الوسطية والمعتدلة ،والتي تمثل الغالبية العظمى من المجتمع الاميركي التي تقف بين الجمهوريين المحافظين والديمقراطيين الليبراليين ، بطروحات محلية مثل توفير الوظائف ، الموقف من الاجهاض وتقليص الضرائب، توسيع الضمان الصحي والاجتماعي ، وغيرها من الطروحات والسياسات التي تركز على كسب هذه الاغلبية بمخاطبتها بالمصالح ، ومنها الفوز في الانتخابات معتمدة ان وزنها يشكل 60 % تقريبا من عموم المجتمع الامريكي، بينما يتقاسم كلا منهما بنسب شبه متساوية تقريبا 20% من بقية السكان مناصرا مضمونا لمعتقداتها ومنهحها، ويمثلان اليمين واليسار الفكري والاجتماعي المتجذر في اصول وجذور كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي . كانت هذه الظاهرة ملازمة للحياة السياسية الاميركية خلال قرن تقريبا، تماما كما هو الحال في بريطانيا بين حزبي العمال والمحافظين، والى حد كبير في المانيا وحتى فرنسا مابعد الحرب الثانية، ووصل الامر انه ، ومن خلال نهج ارضاء وكسب الاغلبية اللامنتمية، تجد من الصعوبة بمكان التمييز بين اليمين واليسار في الطروحات والممارسة الا في قضايا جانبية وفرعية لاتشكل منعطفا حادا سواء لليمين ولا لليسار ( مثلا ان وقع خلافا واضحا فسيكون في اميركا في الموقف من حق الاجهاض للمرأة ، او اصلاح المناهج المدرسية الدارونية، او نسبة تقليص الضريبة قليلا عن الاغنياء للجمهوريين او زيادتها قليلا عليهم من الديمقراطيين ،وهكذا) .
لعل اول مظاهر الترامبوية تشكلت في الخروج على هذه المعادلات الاعتدالية والتوجه مباشرة لمخاطبة المجتمع بخطاب يميني قومي عنصري مغلف وشعبوي امبراطوري لم يكن مألوفا سابقا تحت شعار " لنجعل اميركا قوية من جديد " Make America Great Again " واختصارها " MAGA " ليصبح يمثل تيارا قوميا شعبويا استطاع السيطرة على الحزب الجمهوري المحافظ المعتدل، والفريد هنا، او ماندعوه الظاهرة الترامبوية، هو ان MAGA لم تطرح نفسها كحزب جديد في اميركا وتكسب الجمهور، بل بحركة سريعة انجزت سيطرة ترامب على حزب تاريخي كالجمهوري ،ومنه ورثت قاعدة انتخابية واسعة دوة الحاجة لبنائها من الصفر، ومنها نجحت في ايصال ترامب للفوز بالرئاسة عام 2016 .هذه الحركة هو مايميزها ، فهي تماثل كما لو سيطرت حركة التغيير في المانيا على الحزب الاجتماعي المسيحي او حركة استقلال بريطانيا على حزب المحافظين، او سيطرة حركة لوبان القومية المتطرفة على الحزب الديغولي في فرنسا وجميعها حركات تناضر MAGA فكرا ومنهجا وطروحاتا ، بل تتفوق عليها في نواحي عديدة . حدث هذا في اميركا على يد ترامب، ومنه غير المنهج التقليدي لاحزاب اليمين الاجتماعي وسعيها لكسب المعتدلين ، بل بالتبني الواضح الصريح لمواقف اقصى اليمين القومي المتطرف من احزاب كبيرة لليمين المحافظ المعتدل، او لنقل كسر ظاهرة الاعتدال في مخاطبة المعتدلين ، بل بكسبهم مباشرة لطروحات اليمين القومي المتطرف من خلال تجييش المشاعر القومية والعنصرية والدينية والمسيحية البيضاء ، كما سنأتي لبحثه لاحقا.
والميزة الثانية لظاهرة الترامبوية القومية هو دعوتهالاعادة مجد وعظمة الامبراطورية، والتي يصعب تفسيرها حقا، فاميركا ليست مثل روسيا مثلا ولم تنهزم كامبراطورية امبريالية عظمى في العالم كما حصل بانهيار الاتحاد السوفياتي ليرجع بوتين ويطالب بعودة المجد الامبراطوري، كما لم تنهزم في حرب عالمية كالتي مهدت لظهور هتلر في المانيا، ، وكلاهما ، رفع وتسلق للسلطة برفع شعار اعادة مجد الامة والامبراطورية ، وهو نفس او المقارب لشعار MAGA ، ليطرح ترامب نفسه انه المنقذ والمخلص لهذه الامة كما طرح هتلر اوبوتين انفسمهما لانقاذ الامة بعد هزيمة الامبراطوريات. فاميركا لم تنهزم في حرب او سلم كي يظهر فيها مسيحا مخلصا ومنقذا مثل ترامب ( وعام 1916 قالها ترامب علنا انه يجب النظر اليه كمسيح مخلص لهذه الامة واليوم يقول انه مانديلا ) ، فهي لازالت في اوج قوتها ولم تتعرض لانحلال نفوذ امبراطوريتها ولا في اقتصادها ولا في قوتها العسكرية ولا في تفوقها التكنولوجي ، بل العكس مازال كل مايجري في العالم يخضع بشكل او باخر وفق ارادتها ومصالحها ورؤيتها للعالم، ولها وسائل ضغط كثيرة، اهمها ماتتبناه من منهج فكري يلقى قبولا واسعا في العالم سواء في نجاح تجاربها في الديمقراطية وتطور منظومة الحقوق والحريات ، او نجاحها الاقتصادي ، او التنمية الناجحة للادارة اللامركزية وتقليص هيكلية السلطات الحكومية وتقوية المجتمع المدني في ادارة شؤونه ذاتيا ، وكونها مجتمعا متعدد الاجناس والثقافات وجلها تعود لاجداد مهاجرين نجحت هذه المبادئ بصهرهم في تجربة ناجحة ،غيرها من الامور التي اعطت لاميركا وتجاربها شأنا وتأثيرا فكريا ودعاية كبيرة في العالم ومازالت لحد اليوم يضرب بدمقراطيتها وحرياتها وقوة اقتصادها وتطورعلمها وجامعاتها مثلا.
لم يفهم او يفقه احد لليوم، لا في اميركا ولا خارجها ،ِلمَ نصب ترامب عزاء الميت ولا بد من ارجاع مجد الامة والامبراطورية وعظمتها من جديد، وهي ما زالت حية ترزق وبكل قوتها ومركزها ونفوذها واقتصادها. وحال اميركا ترامب ليس كحال هتلر او بوتين بعد الانهيار لاستنهاض الهمم وللنهوض لانقاذ الامة من جديد. انها ربما اقوى لعبة شعبوية في التاريخ الحديث وربما حتى القديم سنأتي لتشريحها وتحليل اسسها لمعرفة الدوافع الترامبوية من نصب هذا العزاء الخرافي المبكر لميت ما زال حيا. وسيتضح الامر وراء رفع طروحاته القومية الشعبوية ، وبشكل ادق، استغلها واستخدمها لتحقيق تطلعاته الشخصية في الشهرة والتمجيد وبسط عقائده الشخصية على المجتمع لطرح نفسه مخلصا ومنقذا للامة التي هي اساسا لا في مأزق حرج ومصيري " تكون او لا تكون " كي تحتاج لمنقذ لها مثلما يطرح ترامب نفسه. ان هناك عوامل واقعية دون شك يستغلها ترامب شعبويا لفرض معتقداته وتحقيق امجاد شخصية لابد من الوقوف عليها وفحصها كعوامل موضوعية متواجدة ويتم استغلالها ذاتيا من سياسة شعبويين مثل ترامب في اميركا وما يناضره في اوربا من حركات قومية يمينية شعبوية اخذةت بالصعود والاتساع وحتى الفوز في الانتخابات في السنوات الاخيرة، وهم لم يحلموا بالامس حتى من الوصول الى عتبة 5% في العديد من البدان الاوربية، وصعدوا بشكل مماثل للترامبوية، في موجة تكاد تكون عالمية . سنحاول قراءة بعض هذه العوامل التي وقفت وراء صعود هذه الظواهر الشعبوية في اميركا والقارة الاوربية ،فلها مشتركات منها ان كليهما يستخدمها في خطابه الشعبوي حتى وان كانت باشكال مختلفة ولكنها بجوهر واحد، مخاطبة المشاعر القومية لاخفاء العنصرية اساسا، والدينية بشكل اقل، وتجييش الهمم لانقاذ الامة من خطر ماحق على وجودها، وتصوير واخراج هذا الخطر بشكل يكسب حتى عواطف الناس المعتدلة. سنتناول هذا الموضوع من مراجعة مضامين الخطاب والطوحات الشعبوية نفسها، ومن تحليل ومناقشة العوامل الكامنة تحت والتي ادت لبروز وقبول طروحات التيارات اليمينية القومية الشعبوية في هذه المجتمعات وانعكاساتها المستقبلية على العالم ، وعلى العالم العربي.
2. ركائز الخطاب والمنهج الشعبوي الترامبوي
تقوم الترامبوية على خمسة ركائز ، اربعة منها يشترك بها مع الحركات القومية الشعبوية في اوربا الغربية، والخامسة يشترك بها مع نموذج الشعبوية البوتينية والصينية .سنناقش هذه الركائز والاسس التي ينطلق منها واحيانا يخفيها عند الترويج الغير مباشر لها فيخطابه الشعبوي وسنميز بين الركائز الحقيقية وشكلها في تغطيتها الخطابية، ولكن معرفة الركائز وواقعها هي الاهم دون شك.
1. العنصرية القومية وتغطيتها بالموقف من الهجرة والمهاجرين
يشترك ترامب بشكل واضح مع الشعبويات القومية الاوربية ان ثقافة اممها وتقاليدها مهددة من الهجرة ، وان زيادة عدد السكان من اصول اخرى ستطغي على ثقافتها وتقاليدها التاريخية ، فبلدانهم في خطر ماحق ومحدق وعليهم التحرك لانقاذ اممهم من الهجرة .وربما يمكن تفهم حال امم صغيرة كثيرة في اوربا مثل دول البلطيق وحتى دولا اوربية مثل هولندا والسويد والدانيمارك وغيرها يقل عدد سكانها عن مدن مثل القاهرة او بغداد مثلا ، خصوصا وانها جديدة العهد بالهجرة والمهاجرين واغلبهم وصلها لاجئين واستقبلتهم بترحاب منذ الثمانينات ، ولكن كيف الحال مع اميركا وهي تاريخيا قامت وترعرعت وكبرت وعظمت على استقبال واستقطاب المهاجرين سواء كانوا مزارعين او حرفيين او عمال بناء او بطالة اوعلماء وذلك منذ ثلاثة قرون، وهل توجد حقا ثقافة اميركية ذات تقاليد اصيلة مهددة، كما لدى الدول والشعوب الاوربية ، كالايطالي والسويدي والدانيماركي واليوناني والبريطاني والفرنسي تكونت عبر مئات بل الاف السنين، فكيف اصبحت الثقافة الاميركية مهددة وهي اساسا ثقافة حديثة تطورت بفضل مفاهيم تحررية حداثوية كثقافة الديمقراطية والتعايش والحريات وحقوق متساوية للمواطنة والتحرر من كسر القيود الاجتماعية الاوربية في نظم وسيطرة الملوك والامراء والدوقات والنبلاء والاقطاعيين ،انهم اساسا هربوا منها للعيش بكرامة الحرية في اميركا وهذه هي ثقافتها الحقيقية و لازالت عليها حتى اليوم ، فكيف اصبحت الهجرة موضوعا خطرا على ثقافة اميركا وهي اساسا بلد الهحرة والمهاجرين؟ .
واقع الامر ان ما يريد ترامب طرحه ويخفيه هو عنصريته البيضاء وهو احيانا يقولها ولا يخفيها " انه لايعارض الهجرة ولكنه يريدها من الاوربيين". أي بدقة اكثر انه يريد اميركا بيضاء ، وبه يخاطب شعبويا ثلثي سكان اميركا ذوي الاصول الاوربية ، ان وجودهم وثقافتهم في خطر من اللاتين مثلا ويلصق بهم انهم قتلة محترفين ومجرمين ومهربي مخدرات ويهربون لاميركا واستفحل امرهم عندنا وعلينا مواجهتهم وايقاف هجرتهم( كما في اوربا يصفون المهاجرين انهم اسلامويين متطرفين وداعشيين). الخطاب الشعبوي هنا يخفي الاسس العنصرية ويدفع بتهديد الثقافة والتقاليد للامام متوجها لكسب الفئة الادنى من قليلي التعليم والثقافة والتحصيل المعرفي والمهني والدخل الاقتصادي من سكان المدن وسكان الولايات الداخلية الزراعية او الصناعية المنعزلة وما يحيط بها من مدن صغيرة محافظة لا دور اقتصادي لها سوى مد الكبيرة بايدي عاملة قليلة التعليم لتنضم لجوق المدن الصناعية الكاسدة اساسا التي فقدت تنافسها الصناعي امام جنوب شرق اسيا والمكسيك بسبب العولمة ( كما سيأتي تفصيله تحت) ، وهنا يأتي خطاب ترامب ليدغدغ المشاعر العرقية والكراهية للثقافات الاخرى ويضع على المهاحرين اللاتين مثلا وزر مآسيهم الاجتماعية والعيش في المدن الصناعية الكاسدة وتراجعها الاقتصادي وسوء خدماتها. انه دوما يردد ان الحكومة تصرف على المهاجرين اموالا طائلة تاركة الاميركيين الاصليين ( البيض) بحالتهم المزرية. لحد قبل عشر سنوات لم يكن هذا الخطاب مألوفا في اميركا سواء في الحياة الاجتماعية اوالسياسية او اليومية العادية ،وما زال هو كذلك ، ولكن التهجم العلني على المهاجرين من ترامب هو علامة على بداية مرعبة لاميركا فهو اول من ادخل قضية الهجرة في مفردات السياسة الاميركية، فهي كانت تصدر من حركات وتجمعات نيو نازية عنصرية صغيرة لاقيمة لها في الحياة السياسية والعامة ، فادخلها في قاموس الحزب الجمهوري الذي لم يشهد من قبل رئيسا اميركيا ولا اعضاء في الكونغرس او حتى قادة محليين قالوا بها علنا، فهي دوما ضد التقاليد الاميركية. ان ما نجح به ترامب هو كسر هذا التقليد، والغرض منه واضحا ويأتي ضمن حسابات صعوده للسلطة بكسب النصف الاقل تعلما من السكان البيض ( لاشيئ اخر يفتخرون به غير عرقهم ) ونصف النصف الثاني منهم باعتبار ان مشكلة الهجرة من اللاتين هي فعلا قائمة وتجب ايجاد حل لها ( مثلا تصاعد نسبتهم الى 38% في ولاية كاليفورنيا واعلى من البيض36% ورغمها لن تجد اثرا لذلك في هذه الولاية الليبرالية الاغنى في اميركا) ، وترامب هنا يراهن على خلق قضية تجذب السكان البيض من الداخل الاميركي الكاسد للتصويت اليه تحت شعار انقاذ حضارة اميركا من خطر الهجرة وعلى ثقافتها وتقاليدها (البيضاء). لم يجرأ احدا قبله قولها ، فقالها ، وبها اصبح قبلة ودواء للاكثر فشلا وللاقل علما من العاطلين في المدن الداخلية الكاسدة، بينهم عددا كبيرا من العمال الذين كان يراهن عليهم الحزب الديمقراطي. انها مناورة ذكية للترامبوية لكسبهم باسم مساوئ الهجرة ، فهو ان لم يكسبهم بمخاطبة العرق فسيكسبهم بمخاطبة المصلحة ان المهاجرين يزاحمونهم على الوظائف ويببلون العمل باجر اقل ، وهذا ماقاله حرفيا واكثر من مرة. ولكنها واقعا تعبيرا عن ايمانه العنصري العقائدي بان امريكا يجب ان تكون بيضاء ، وغطاء الهجرة لدحر نفوذ الحزب الديمقراطي في المدن الصناعية بادخال العرقية وتهديد الهجرة لوظائف السكان البيض لتحويلهم لصالحه . ومالم يتحرك الديمقراطيون لطرح برنامج واضح معاكس يناقش هذه المسألة بواقعية ويدحض ادعاءات ترامب في دور المهاجرين ،ويأخذ بعين الاعتبار التوازنات الاجتماعية في مسألة الهجرة فسوف تستمر الترامبوية في ربحها ، خصوصا وان واحدة من اهم ادعاءات ترامب ان الحزب الديمقراطي هو المستفيد من الهجرة والمهاجرين للتصويت له، ومنه يطلب من المدن البيضاء التصويت له لاحداث التوازن، وهنا هو يخاطب نصف النصف المتبقي المعتدل في هذه المدن الداخلية. ويكفي ان نذكر للقارئ لدحض ادعاءات ترامب ان هناك اكثر من 1500 مدينة في اميركا يتناقص سكانها باستمرار سنويا وحتى شهريا ،وبعضها اعلن بدفع حتى 10 الاف دولار لمن يقرر الهجرة والسكن والعمل فيها لادامتها اقتصاديا، ومعدل البطالة اليوم الاقل منذ قرن ، اما احصائيات الجرائم فهي قلت في تكساس واريزونا مثلا عما قبل عشرين عاما الى النصف ،مع العلم ان الهجرة اللاتينية لها ازدادت باضعاف. وهذه الا امثلة بسيطة على بطلان طروحات ترامب حول خطر الهجرة على العمالة والثقافة والامن .

2. الموقف الرافض للعولمة
يقف ترامب بقوة ووضوح ضد العولمة ومنهج النيوليبرالية الاقتصادية ويعتبرها هي المسؤولة عن فقدان اميركا لمكانتها ومرافقها الصناعية لصالح الصين والهند وكوريا والمكسيك وجنوب شرق اسيا وفقدان الوظائف فيها بتحول الشركات الاميركية للتصنيع اليها حيث الايدي العاملة ارخص وقيود العمل اقل ومنه تجني الشركات ارباحا طائلة غير عابئة بما يحل من كساد في المدن الصناعية الاميركية وفقدان الوظائف وفرص العمل فيها. وهذا النقد الترامبي اساسه مناجاة وكسب اصوات الطبقة الصناعية العاملة في المدن الداخلية الاميركية الكاسدة وسحبها من نفوذ الديمقراطين وليس منطلقا من مواقف الحزب الجمهوري التقليدية الذي لايعادي العولمة طالما كانت مفيدة للشركات ولكبح التضخم الداخلي بنفس الوقت ( والغريب هنا ان ترامب والماركسيين العرب يلتقون ويهاجمون معا العولمة والنيوليبرالية الاقتصادية ، ولكن الصينيين والكوريين مثلا والهنود وبلدان اميركا اللاتينية وغيرها من البلدان المستفيدة منها لا يهاجموها ، وهنا يتداخل الحابل بالنابل في تناول مفهوم العولمة الاقتصادية بتلاقي اليسار الماركسي واليمين الشعبوي الترامبوي او مثيله الاوربي، وهو فعلا امر مدهش، وحتى تاريخيا دعا رئيس الوزراء اليساري السويدي اولف بالمة لنقل التصنيع لبلدان لعالم الثالث لمساعدتها في حل مشكلة التشغيل ونقل الخبرة الصناعية والانتاجية ،كما ودعا لها كيسنجر باسم اليمين لزيادة ارباح الشركات الاميركية وتخفيض التضخم الداخلي بانتاج سلع اقل كلفة اضافة لزيادة نفوذ اميركا في العالم النامي).لا احد يعتقد ان ترامب يختلف عن توجهات كيسنجر ، ولكنه يهاجمها ليستخدمها شعبويا لكسب الطبقة العاملة الاميركية البيضاء لاغير، واعدا انه سيجبر الشركات الاميركيةعلى ارجاع مصانعها واعمالها للمدن الصناعية الداخلية الكاسدة ، وسيرجع لها الوظائف والازدهار من جديد ، وسيفرض الضرائب الباهظة على منتوجات الصين والمكسيك وغيرها من البلدان، وهو مايلقى ترحيبا بالغا وحماسا من الطبقة العاملة، فارجاع اميركا عظيمة هو بارجاع صناعتها لمدنها بعد ان غادرتها . ( لابد من كلمة هنا وان كانت خارج الموضوع حول موقف اليسار العربي من العولمة ، فنحن لا في العير ولا النفير حقا ، فلا البلدان العربية استفادت من العولمة بنقل التصنيع اليها كما استفادت الصين وكوريا والهند وماليزيا والمكسيك والبرازيل وغيرها العشرات من الدول ، ولا هي منتجة وتقف ضدالعولمة لحماية منتوجها الوطني من المنافسة، واساسا فما ينافسها هو المنتوج الصيني اليدوي الرخيص مثل الاحذية والنسيج والالبسة وليست الصناعة الاميركية او الاوربية،. واضحا ان يسارنا يردد ما تقوله الكتب المؤدلجة عن الرأسمالية بينما كانت الصين مثلا وعشرات البلدان تقدم الامتيازات والعروض المغرية لنقل التصنيع والاستثمارات اليها وتصدير منتجاتها لنفس هذه البلدان وتسعى لادخالها بما سمي واسعا بعدئذ بالعولمة ، فبلدان مثل مصر مثلا كان بامكانها جذب الشركات الصناعية الاميركية والاوربية للعمل والانتاج في مصر ،كما فعلت الصين وكوريا وماليزيا ، ولكن الموجة التي بدأت في الثمانينات قد مرت وذهب القطار ولم يحصد العرب غير مقالات يسارية تنتقد وتفضح العولمة دون تبيان من استفاد منها (وهما الطرفان اعلاه ) ومن تضرر الاكثر ضررا هو الذي لم يستفد منها بالطبع، وهي بلداننا العربية التي بقيت لليوم غير صناعية حيث اخطأت القطار مرتين ، الاخيرة في ركوب قطار التصنيع الذي وفرته العولمة منذ انطلاقه بداية الثمانينات، والاول كان عكسه، عدم ركوب قطارقضى على صناعتها الناشئة ، قطار التأميمات الاشتراكية وفق الوصفة السوفياتية ، ومنه تجد بلداننا خاصة الكبيرة منها ، متخلفة اقتصاديا واغلبها بقي باقتصادات ريعية غير صناعية ولا انتاجية وتسودها البطالة المتفشية بنسب خرافية ، فلاهي استطاعت تجنب القطار الاول ولا ركوب القطار الثاني).

ان موقف الترامبوية من العولمة كاذب ومخادع يستخدمه للكسب الشعبوي لاغير. انه امرا لاترفضه الطبقة العاملة الاميركية بلاشك بل وتقف معه ومنه سيحصد ترامب اصواتها له مستغلا ضعف بصيرتها وبصرها مناغيا مصالحها ، وهي الاقل تعلما ومعارف ووعيا لكشف شعبويته وخداعه ، مقارنة بصعوبة خداع الطبقة المتعلمة والمثقفة والمتوسطة " البرجوازية ". فهي تستطيع ان تفرز وتفرزن جوهر وهدف الخطابات الشعبوية .
ان الطرح الترامبوي سيجد له اذانا صاغية في ولايات صناعية هامة مثل اوهايو وميشيغان وويسكنسن وبنسلفانيا ، وهي من الولايات المتأرجحة ، وعلى الارجح ستصوت طبقتها العاملة له ، فهو يخاطبها بما تلمسه وتفهمه وليس بعموميات الديمقراطيين التي تناغي طروحاتهم الطبقة المتوسطة الاميركية والنساء والمهاجرين. المهم هنا ان خطاب ترامب الشعبوي يكسب رغم انه يكذب ولا حل له للطبقة العاملة وهي بالنسبة له مجرد انها بيضاء وسهلة الخداع ويريدها ان تصوت له وليس للديمقراطيين.

3. التجارة بالدين والقيم والتقاليد الاجتماعية وتغويل الليبرالية

يستهدف هذا المرتكز الثالث للترامبوية مخاطبة الفئات المحافظة في المجتمع الاميركي والتي تشكل تقليديا القاعدة الاساس للحزب الجمهوري الذي يتوارث شعار "الله العائلة الوطن " والتي بدء عددها ونفوذها في المجتمع الاميركي يتضائل منذ الستينات ( هبطت نسبة العوائل التي تزور الكنائس ايام الاحاد كتقليد اميركي عائلي من 75% في الخمسينات الى اقل من 35% فقط مع بداية هذا القرن )، ويتهم ترامب في خطاباتت اليبرالية بهذا الانحسار ويخاطب المحافظين انه جاء لينقذ الدين والتقاليد العائلية من خطر الليبرالية واليسارية التي ستقضي وتقوض المسيحية والتقاليد العائلية باسم الحريات ويجب عليهم النهوض والاصطفاف خلفه لمواجهة هذا الهجوم الدائم والخطر الداهم من الليبرالية . وهكذا بعد كسب الطبقة العاملة البيضاء برفع راية محاربة العولمة وارجاع الوظائف الصناعية الى اميركا، يرفع ترامب راية ارجاع المسيحية لعظمتها في اميركا لتكون اميركا قوية بيضاء ومسيحية من جديد بعد غزوها من الليبراليين والمهاجرين. ورغم ان خطاب ترامب بالدفاع عن القيم المسيحية لايشمل جميع المسيحيين ، وكما يعرف متتبعيه، انه يقصد الكنيسة البيضاء البروتستانية الانجليكانية ، لان اتباعها من البيض والارستقراطيين ذو الاصول الانكليزية ،وهم من يساهم في تمويل حملاته الانتخابية ويطرح نفسه لهم انه مسيحهم المخلص ، فهو لا يقصد الكنائس الكاثوليكية الفقيرة للايرلنديين اوكنائس السود والمكسيكيين والايطاليين او اللوثرية التي تمتاز بليبراليتها فهي لاتناسبه، ولكنه مع ذلك يخاطبهم جميعا شعبويا ككتلة انتخابية باسم انقاذ المسيحية والقيم الاخلاقية للعائلة الاميركية من تغول الليبرالية . انه امر مثير للسخرية ان هؤلاء يصدقون مايقول باعادة القيم الاخلاقية والعائلية وهم يرون على الشاشات ان هناك 37 امرأة رفعت ضده قضايا اعتداء جنسي عليهن من ترامب، وثمانية من عشرة من مديري حملته الانتخابية وجهت لهم تهم الاعتداء الجنسي ، بما فيهم الاب الروحي لمحاربة الليبرالية جيمس بانون ( نظير دوغين لدى بوتين في روسيا) حتى قيل انه ان لم تكن مدانا باعتداء جنسي فلن يضمك ترامب لحملته. ومع ذلك تصدق هذه الفئة المحافظة انه انما يعمل لاعادة قيم المسيحية الاخلاقية والعائلية وانه المنقذ والمخلص للمجتمع الاميركي من شرورالليبرالية. انه الهوس الديني التقليدي للانقياد الاعمى وراء من ادعى انه يناصر المسيحية من السياسيين الشعبويين. والامر المهم هنا ان هذه القاعدة الراسخة المحافظة للحزب الجمهوري صارت لاتنتخب ممثلا في الكونغرس او حاكما لمدنهم من المعتدلين الجمهوريين المحافظين ، بل مالذين يرشحهم ترامب فقط ومنه بسط نفوذه على الحزب الجمهوري الذي هو اليوم فعلا وواقعا حزب ترامب وليس حزب لينكولن الجمهوري الذي قاد تحرير السود في اميركا من العبودية، وها هو ترامب وبنفس هذا الحزب سيقسم المجتمع عرقيا ويطور خطابا عنصريا لم تعهده امريكا منذ زمن لينكولن اي منذ الحرب الاهلية في القرن التاسع عشر.
4. الركيزة الانعزالية
الترامبوية بتركيزها على المصالح القومية طورت خطابا يقول للاميركان ان العالم هو عبء على اميركا ، فمشاكل اوربا لاتنتهي ومثلها الشرق الاوسط وافريقيا، فما شأننا بها ، ويضيف ترامب من يريد من اميركا العون فليدفع ويضمن مصالحنا فنسنده . مبدأ بسيط يتقول به دوما ترامب ويلقى اذنا صاغية من جديد، كما اعتادت عليه اميركا تاريخيا ومنذ بروزها كقوة دولية في القرن العشرين، لم تسعى لمستعمرات ولم يكن لديها منها ورفضت دخول الحربين الاولى والثانية بدعوى انها شؤون اوربية وحروبا لاتنتهي لا شأن لنا بها ، ونتاجر مع الجميع، ودخلت للحربين متأخرا بعد ان تم سحبها عنوة اليهما. فالدعوة الانعزالية متجذرة في الوعي الاجتماعي الاميركي وها هو ترامب يناغيها من جديد. وهذا السؤال يلقى نقاشا واسعا اليوم ويطرح نفسه ،فاذا كانت اميركا خاضت حروبا خارجية مبررة اياها لمواجهة خطر تمدد الاتحاد السوفياتي والشيوعية كخطر قومي عليها، فما المبرر اليوم بعد انهيار السوفيت لصرف اموالا طائلة وللحماية ممن ؟ يدعو ترامب لترك اوربا لشأنها ويستثني الصين من هذه المعادلة ويرى فيها خطرا على اميركا رغم ، ان الصين لاتتبنى كالسوفيت الدعوة لثورات عالمية مثلا لقلب الرأسمالية ، ولاهي قامت بغزو بلد اخر ولا اقامت تحالفات عسكرية. وبعض محللي ترامب يرجعون الامر الى عنصريته فهو لايرغب ان يرى العنصر الاصفر يتفوق على الابيض اقتصاديا او عسكريا ، ومنه فهو يحاول سحب روسيا عن الصين وضمها للمعسكر الاوربي الابيض ، وهنا يخرج بوضوح عن دعوته الانعزالية. اما موقفه من الاتحاد الاوربي فهو يلتقي تماما مع الدعوات القومية الشعبوية الاوربية ومع البوتينية بحله واعادة الاعتبار للدول القومية للحفاظ على خصوصيتها وثقافاتها التي تجاوزت عليها الليبرالية التي تحكمت بالاتحاد الاوربي وسننت قوانين ليبرالية بما فيها في مجال الهجرة وحقوق الانسان والحريات على حساب المصالح القومية. ويبدو ان عدم التنسيق بين الشعبويات القومية الاوربية مع شعبوية بوتين القومية للسير قدما بهذه الدعوة ، وقيامه بغزوه المبكرلاوكرانيا ، قد اضعفت هذا التوجه للخروج وحل الاتحاد الاوربي، بل عكسه بدأت الشعوب الاوربية ،والصغيرة منها خاصة، اكثر تمسكا بالاتحاد الاوربي وبالناتو لمواجهة التوسع البوتيني ، وجعلها تلتف حولهما ، ولكن ترامب يرى الامر بصورة اخرى، انه شأن اوربي ولايجب على اميركا التدخل فيه وربما حتى الانسحاب من الناتو الا اذا دفعت اوربا ثمن حمايتها ( مساويا لرفع ميزانيتها العسكرية لشراء السلاح منه اي بصفقة تجارية) ويصر انهم جميعا ( اي المعسكر الابيض بما فيه اميركا وبوتين والاوربيين) يجب ان يتوجهوا لكبح جماح الصين ، وانه يستطيع اقناع بوتين بالامر وايقاف حرب اوكرانيا ، باهدائها له ، عربونا لاصطفاف بوتين في معسكره الابيض. هذه القراءة ليست تنظيرا بعيدا عن الواقع بل بالاحرى انه الواقع المشتق من طروحات الترامبوية وركائزها القائمة على العرقية والعنصرية .

5. الدعوة الامبراطورية
تمثل هذه النقطة افتراق الشعبوبة القومية الترامبوية ألأميركية عن مثيلاتها الشعبويات القومية الاوربية. فهنا ترامب يماثل الشرق في تقديس قادته العظماء ويماثل بوتين وتشينغ جاو بينغ وكيم ايل سونك الحفيد وحتى اية الله في ايران ولو بقي حيا حتى هيلاسي لاسي امبراطور الحبشة وصدام ، فقط قادة عظام لهم مهمة تاريخية يستطيعون قيادة اممهم التي عليها تقديسهم وتبجيلهم وحتى تأليههم كمنقذين لها واعادة الامجاد القومية ، قائد يهابه الجميع ويمثل روح الامة وملهمها والمنقذ للامة من تدهورها. هذا مايراه ترامب في دوره لاميركا ، في قراءة لشخصيته ، كما هي لشخصيات بقية المنقذين المقدسين اعلاه ومنه اعجابه ببوتين وحرصه على لقاء كيم وتشينغ ووصفهما اصدقاء وقادة عظام وطالب عام 2018 باقامة استعراض عسكري سنوي في واشنطن ليؤدي قادة الجيش التحية لقائده الاعلى ولاظهار جبروت الامة ( ورفض الكونغرس ألديمقراطي بالاكثرية طلبه ) . انه امرا غريبا حقا ان مجتمع مثل الامريكي قام تاريخيا على مبادئ ازالة القداسة من الحكام والملوك والنبلاء بل وحتى من الحكومات والسلطات وجعلها للخدمة وليست للحكم ورئيسها موظفا عاما ذو صلاحيات همها الدفاع عن البلاد وحكومة فيدرالية صغيرة تشرف اصدار العملة والسياسة الخارجية وادارة شؤون عليا ذات شأن قومي تاركة الامور لتدار لامركزية للولايات والبلدات ولايمكنها التدخل في شؤونها . " اللا تقديس للحاكم وللسلطات " هو واحدا من أهم عناصر وتقاليد الحضارة الاميركية، وها هو ترامب يريد قلب الطاولة ومبايعته منقذا " مسيحا " من جهة ، و" امبراطورا " من اخرى ، واذ ان الاولى كاذبة ( بدليل انه اقام وربح 198 دعوة اخلاء لمواطنين عجزوا عن دفع ايجارات سكنهم منه لعدة اشهر ورماهم في الشارع، عدا فضائحه الجنسية بالعشرات فهو لايمت لا للمسيح ولا للمسيحية لا من قريب او حتى من بعيد) ، ولكن الثانية حقيقية ، فهو لايرى نفسه الا "امبراطورا " ، اعظم من يوليوس قيصر ربما ،وهذا ليس خيالا بل قراءة متأنية لشخصيته وطروحاته وخطاباته ، وكان اخرها انه مانديلا لكسب يمين الليبراليين كما طرح نفسه المسيح للانجليكانيين ونابليون لصقور الجمهوريين ، والحقيقة انه ليس ايا منهم ، سوى ان مبايعته بلقب الامبراطور المنقذ يراود خياله ، اما جوهر ترامب السياسي الحقيقي فهو قائد فعلي جديد لعصابة كو كلوس كلان البيضاء التي كانت قد رجعت بقوة من جديد في عشرينات القرن الماضي لمواجهة التوسع المفرط في الهجرة ومواجهة البلشفية واليهود والليبرالية ( عدا عنصريتها ضد السود في القرن 19 ) وسادت لقرابة عشرة سنوات قبل انحلالها وانقراضها، وتحريمها بتحريم اشاعة الكره العرقي والديني قانونيا، اضافة لنبذها واسعا اجتماعيا كما هو نبذ النازية . واقعا ترامب يحاول اعادة اخراجها بنفس الهدف والمحتوى ولكن بشكل جديد،ربما هذا اصوب وصفا لحقيقة ترامب والترامبوية ، وربما مساهمته الأهم وصعودها سياسيا هو تخطيطه الناجح في السيطرة على الحزب الجمهوري ووصوله للرئاسة باسمه، ولولا ذلك ولو حااول اعاجة ولادتها واخراجها كحزب جديد فلن يفوز بمقعد واحد في اميركا ( واقعا لولا مخططه في السيطرة على الحزب الجمهوري لما حتى انتبه له احد) ، وهذا هو سر صعود الظاهرة الترامبوية .
3. هل سيفوز ترامب في انتخابات 2024 وماذا سيحدث لو فاز؟
واقع الحال يقوا ان ترامب لو كوَّنَ حزبا لنفسه لما استطاع حتى الفوز بولاية اميركية واحدة ( كان الحديث باسلوبه حتى مخجلا اما الظهورباتباعه المعتوهين فهو اكثر مخجلا كما رآهم الناس في الهجوم على الكونغرس عام 2020) ولكن ذكاء تخطيط ترامب بالستيلاء على الحزب الجمهوري ( ليس بالضرورة ذكاءه الشخصي تحديدا قدرمخطط مستشاريه من اعداء الليبرالية وعلى رأسهم بانون وامثاله من طاقات اليمين القومي الاميركي) ومنه استطاع وراثة القاعدة الانتخابية الواسعة للحزب الجمهوري لتصوت له ( تشمل عمليا كل الولايات والمدن الداخلية والجنوبية بين الساحلين الشرقي والغربي ،بينما الديمقراطيون على الكبيرة القائمة على الساحلين وولايات الشمال ) وهي خريطة ثابتة مع وجود عدد يصل الى سبعة في الوسط بينهما تتأرجح والفوز فيها او ببعضها تحسم كفة الفوز لاحدهما ، وهي ولايات صناعية ومنه يركز ترامب في خطابه بمهاجمة العولمة وارجاع اميركا عظيمة صناعية لكسبها، كما طرح ارجاع اميركا مسيحية وبيضاء ( مبطنة باسم محاربة الهجرة اللاشرعية) لكسب الكنائس، واثارة المشاعر الوطنية لكسب المعتدلين ويطرح نفسه انه من خارج المؤسسة الرتيبة للحزبين لكسب المستقلين، أي ان الترامبوية تطرق جميع الابواب من اقصى اليمين الديني والقومي العنصري والى طبقة العمال والى المعتدلين والمستقلين واسماع كل منهم بما يحب ان يسمع ولا جامع يجمعهم غير الخطاب الشعبوي الموجه لكل منهم. والواقع ان المجتمع الاميركي اليوم منقسم الى نصفين متساووين ( كقطع الرقية الى نصفين متساووين) الاول هم انصار ترامب ممن اسمعهم كلاما معسولا وغالبهم من الكهول وغير المؤهلين مهنيا والمهوسين دينيا وبعضهم قوميا وعنصريا، والثاني من المتعلمين والمثقفين والمؤهلين علميا ومهنيا من الطبقة الوسطى ويميلون لليبرالية، وطبقة الشباب وخصوصا الجامعي، واغلبية النساء التي ترى في طروحات ترامب وجماعاته محاولة ارجاع سيطرة مجتمع البيض الذكورية ، اي الطيف الليبرالي الواسع من المجتمع الاميركي يضاف لهم الحجم الكبير من السود والمهاجرين اللاتين الذين طالما يستهدفهم ترامب في خطاباته . وبدقة اكبر فالفوز في الانتخابات الاميركية يعتمد على الفوز باربعة من هذه الولايات السبعة المتأرجحة . ويعتمد ترامب على قاعدة انتخابية ولائية من الكهول والمتدينين والقوميين العنصريين تذهب مبكرا صباحا لتملأ الصناديق باصواتها بينما يعتمد الديمقراطيين على ربات البيوت والشباب الذين عادة يعزفون عن التصويت ويتكاسلون فيه ،مع العلم ان سبب خسارة ترامب عام 2020 كان توجه الشباب بكثافة للتصويت ضده لغرض اسقاطه ، وهذه الانتخابات لن تختلف عن سابقتها ونتيجتها ستعتمد على حجم مساهمة الشباب فيها، ولكنه امرا لم يحسم بعد اذ يميل الكثير من الشباب لمعاقبة الحزب الديمقراطي بعدم فسح المجال امام الدماء الشابة المتحمسة بدل الكهول الحكيمة النائمة كبايدن. وخلال الشهور القادمة سيجري الصراع على كسب المعتدلين الجمهوريين ممن يرفضون ترامب وعلى قدرة الديمقراطيين على دفع الشباب للتصويت ، ودونها فربما يفوز ترامب وسنرى.
ولكن حتى في حالة فوز ترامب في اميركا فلن يغير فيها من الداخل كثيرا نظرا لترسخ الديمقراطية والحريات وقوة المؤسسات فيها وتوزيع السلطات واللامركزية وحيادية الدولة وصرامة تطبيق القوانين اضافة لسيطرة شبه مؤكدة للديمقراطيين على الكونغرس ستجعل من رجوعه تكرارا لرئاساه السابقة وفشله في تحقيق اي وعوده المعلنة مشاريعه واهدافه المخفية ، فهو امضى اربعة سنوات ملاحقا مدافعا عن نفسه من فضح الصحافة والاعلام لاغراضه الحقيقة ، والاستهزاء الواسع اجتماعيا باقواله ومواقفه المتقلبة وفضائحه، وقيد الكونغرس والرأي العام اضافة للاعلام الحر القوي التأثير جعله لا يجرؤ على طرح اي هدف كان يسعى لتحقيقه،وكان يلقى المقاومة حتى من وزراءه ( واغلبهم من المعتدلين المحترفين كون لايوجد بين جماعته الرعاعية حقا من يستطيع تقديمه كوجه مؤهل لشغل منصب رفيع فلا يحصل على موافقة الكونغرس فيضطر للاستعانة بالمعتدلين المحترفين الجمهوريين وهؤلاء يقفون ضد مشاريعه وطروحاته فيضطر لاقالتهم وخلال حكمه استبدل ثلاثة طواقم للدفاع والخارجية مثلا ، وهكذا امضى السنوات الاربعة دون اي انجاز لوعوده او مشاريعه الخفية الموجهة اساسا لضرب وتحجيم الليبرالية وزيادة وزن وتأثير الكتل الدينية والقومية والعنصرية في الولايات المتحدة) . ففوز ترامب لايغير في الواقع كثيرا في الواقع داخل الولايات المتحدة.
ولكن عكس ذلك، ففوز ترامب له اهمية وتأثير كبير على العالم والشؤون الدولية. فهو ينبئ الاوربيين ان الوقت حان للتحول من حكم الاحزاب التقليدية المعتدلة الى اليمينية القومية. كما وسيتنفس بوتين الصعداء، فها هو شريك له في منهج وفكر "ارجاع عظمة الامرراطورية من جديد" . سيكون ترامب على رأس اميركا ومنه حديث بناء واتفاق مصالح امبراطورية ، لك الحضوة في كل اوربا الغربية ولي فقط الشرقية السلافية ودع جمهوريات البلطيق والشمال لالمانيا الامبراطورية وماتبقي لامبراطورية فرنسا وايطاليا ،ومنه نصبح اخوان وسيطرح ترامب شرطا نحن اخوان من اصل ابيض ولن تحتاج روسيا لكوريا والصين وايران، بل سنعمل معا في ارجاع قيم المسيحية والامبراطوريات القومية "البيضاء " ونجبرالجميع هندها وعربها واصفرها ولاتينها ان يتعاملوا معنا باحترام ( قد يبدو هذا خيالا ولكنه قراءة واقعية لما في رأس ترامب ومثله بوتين مستمدة من دوغين ومن بونان مما يطرحونه حتى علنا في الجيوسياسيا او بشكل مغلف كما يفعله بونان ولوبان في فرنسا). ما امكانية نجاحهما في تحويل مشاريعهم الامبراطورية الى واقع في العالم ؟ الواقع لن ينجح ترامب بتمريره، فاميركا هي اليوم امبراطورية قائمة ولن تكسب من المشروع شيئا، وبالتالي سينفضح جوهر دعواه القومية العنصرية الاصل وكل الغرض هو لمحاربة اللببرالية وارضاء نزوته الشخصية بتتويجه امبراطورا في دولة قضت على هذه المفاهيم قبل قرابة 300 عام. اما نجاحه فيبقى مرهونا بنجاحه في نشر الديماغوغية والشعبوية في اميركا والقارة الاوربية ووصول الاحزاب القومية المتطرفة للسلطة ،وضعف مجابهتهما من القوى القومية التقليدية والمعتدلة اضافة للاحزاب والحركات الليبرالية اليسارية).
وبما يخص عالمنا العربي فسنبقى نقرأ مقالات وتحاليل جديدة حول خطر العولمة والامبريالية والقضاء على الرأسمالية ، وقليلا عن خطر الفكر القومي الامبراطوري الترامبوي البوتيني على العالم، ومنه للعالم العربي خيارا السير وراء حركات تنتظر ظهور المنقذ المهدي كما ظهر بوتين في روسيا وترامب في اميركا. اما قضايا اقامة نظم الديمقراطية والحريات والقفز لتطوير الاقتصاد فهي مؤجلة لحين القضاء على الرأسمالية والامبريالية العالمية، ولكن السؤال يبقى هل ستحدث قبل او بعد ظهور الامام المنقذ المهدي المنتظر،وايهما سيحدث اولا ، سواء ادعى الداعية فكرا علميا بامكانية زوال الرأسمالية كي نقيم الديمقراطية الحقة ونتوجه لتطوير الاقتصاد على مبادئ الاشتراكية ، او غيبيا ، يقوم المهدي باقامة دولة العدل ، لا احد يعرف، فكلاهما واحد وغيبي في العالم العربي. ولكن نفس هذا العالم العربي ، وكما شهدنا الانتفاضات المدنية في السنوات الخمس الاخيرة في العراق ولبنان وايران، وقبلها في سوريا ومصر، سيتغير عاجلا ام اجلا ويأخذ بسبل ا يجاد حلولا واقعية قائمة على اسس التحضر والمدنية بعيدا عن المدارس المؤدلجة غيبيا، فالطريق للتمدن يصبح يوما بعد يوم اكثر وضوحا مع تقدم الحضارة وتجاربها ودروسها ، وهو يمر بموجات صعودا وهبوطا ، وليس كالسير في الصحراء اعتمادا على نجوم او بفرضيات غيبية او غيبية سميت علمية ، فاول خطوات التحرر والتحضر والتمدن تبدأ من النقلة الفكرية للتعامل مع الواقع بعلمية وواقعية وبراغماتية وطنية والتخلص من تخدير الغيبية الانتظارية بشكليها اعلاه، وهو امر قادم بلا شك حتى لو كنا اليوم واقعا في الحضيض، فالشمس دوما تشرق بعد ان تغيب لبرهة.
د. لبيب سلطان
07/04/2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عاشت ايدك بالعراقي على هذا العرض والتحليل العقلاني
المتابع ( 2024 / 4 / 8 - 15:04 )
الراءع علما ان الامر يتطلب ليس مجرد القراءة السريعه وانما دراسة معمقه وهذا ماساقوم به من هذه اللحظه والشكر كل الشكر مع الامتنان للاستاذ الدكتور زميلنا العزيز لبيب سلطان على هذه الدراسة وعلى كل دوره التنويري والتثقيفي لنا نحن القراء العراقيين وحتى العرب الذين نفتقر الى كاتب ضليع وصاحب افق واسع وبعيدا عن الايديولوجيات الاقطاعيه الثلاث المعروفه التي تسببت في اضاعتنا لنيف و١-;-٠-;-٠-;-سنه حتى اصبح الشرق الاوسط يضرب به المثل السيء في التخلف والجمود تحياتي


2 - ترامب والقضية الفلسطنيه
على عجيل منهل ( 2024 / 4 / 8 - 18:48 )
دونالد ترامب الرئيس --شغل هذا المنصب في الفترة (2017 إلى 2021) ألحقت سياسة ترامب بالقضية الوطنية الفلسطينية أضراراً كبرى، من خلال إجراءات على أرض الواقع تؤدي إلى حل القضية الفلسطينية حسب الرؤية الاسرائيلية. فهو صاحب صفقة القرن أو صفقة ترامب التي لم تكن صفقة بين طرفي النزاع، إنما صفقة نتنياهو -ترامب، تشبه الوعد المشؤوم صفقة بلفور- روتشيلد، إذ اعترف ترامب بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل، واعترف بشرعية الاستيطان، وأيد إجراءات الضم، ودعا إلى توطين الفلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء حق العودة، كما اعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل
تحياتى لك مقاله مهمه وتحليل عميق


3 - جهد يستحق التحية ... وكفاكم ادانة للضحية
محمد ناجي ( 2024 / 4 / 8 - 22:15 )

تحياتي استاذ لبيب
1- استفدت حقا مما كتبت ، فهو جهد يستحق التقدير من مثقف متابع عن قرب لحالة ولشخص مثير للاهتمام ، وفي حالة فوزه في الانتخابات سيؤثر كثيرا وبشكل دراماتيكي على الوضع في أكثر من مكان في عالم متوتر جدا ، خاصة في قضية أمن أوروبا ومستقبل أوكرانيا والشرق الأوسط . من خلال متابعتي ، وبعض ما يصلني من مصادر أمريكية مختصة ، أرى أن أسلوب ترامب لا يختلف عن غيره من الطغاة في الماضي واليوم ايضا ، وهو ما تفضلت انت بالكتابة عنه ، وخاصة خصوصية الوضع الأمريكي ، ولكني انتظر منك شيئ من التفصيل عن دور النخبة المثقفة ودور الإعلام في دعم ترامب .

2- أرى فيما كتبت دليلا آخر ، آمل أن يطلع عليه الشارع والمثقف والكاتب العربي ، ويدين المجرم بدلا من إدانة الضحية (الشعب) ! الشعوب ، مهما بلغ تطورها ، يمكن أن تقع ضحية (الشعبوية - خيانة المثقف لدوره- والتضليل الإعلامي) وتساعد أي طامع بالوصول للسلطة ، كما حصل مع هتلر وموسوليني وربما ترامب وغيرهم ، فكيف وشعوبنا يضج تراثها وحاضرها بالشعبوية والتضليل والخداع !


4 - الانا المتضخمة عند ترامب
منير كريم ( 2024 / 4 / 8 - 23:31 )
عزيزي الدكتور لبيب
تشكر على مقالك الممتاز وفيه توضح الترامبية كشكل خاص من اشكال الشعبوية اليمينية
تسيطر على ترامب انا متضخمة مافوق سياسية خطرة
اود ان اضيف بان ترامب استفاد من اخطاء مجموعة اوباما في قيادة الحزب الديمقراطي اذ كانت هذه المجموعة ومنها بايدن منفصلة عن الجماهير
وفي منطقتنا تمادت هذه المجموعة في مهادنة الاسلام السياسي وخاصة ايران وتوابعها حتى بدات تستقوي على امريكا نفسها وتسبب الكوارث في منطقتنا وتضر سياسة النيتو في اوكرانيا
لابد من مناقشة العلاقة المريبة بين الدول الكبرى والاسلام السياسي عندنا سواء السني او الشيعي
فاخطر ماتواجه شعوبنا هو الاسلام السياسي
تحياتي


5 - جهد يستحق التحية...وكفاك إدانة للضحية
محمد ناجي ( 2024 / 4 / 8 - 23:42 )
تحياتي استاذ لبيب
1- استفدت حقا مما كتبت ، فهو جهد يستحق التقدير من مثقف متابع عن قرب لحالة ولشخص مثير للاهتمام ، وفي حالة فوزه في الانتخابات سيؤثر كثيرا وبشكل دراماتيكي على الوضع في أكثر من مكان في عالم متوتر جدا ، خاصة في قضية أمن أوروبا ومستقبل أوكرانيا والشرق الأوسط . من خلال متابعتي ، وبعض ما يصلني من مصادر أمريكية مختصة ، أرى أن أسلوب ترامب لا يختلف عن غيره من الطغاة في الماضي واليوم ايضا ، وهو ما تفضلت انت بالكتابة عنه ، وخاصة خصوصية الوضع الأمريكي ، ولكني انتظر منك شيئ من التفصيل عن دور النخبة المثقفة ودور الإعلام في دعم ترامب .

2- أرى فيما كتبت دليلا آخر ، آمل أن يطلع عليه الشارع والمثقف والكاتب العربي ، ويدين المجرم بدلا من إدانة الضحية (الشعب) ! الشعوب ، مهما بلغ تطورها ، يمكن أن تقع ضحية (الشعبوية - خيانة المثقف لدوره- والتضليل الإعلامي) وتساعد أي طامع بالوصول للسلطة ، كما حصل مع هتلر وموسوليني وربما ترامب وغيرهم ، فكيف وشعوبنا يضج تراثها وحاضرها بالشعبوية والتضليل والخداع !


6 - ترامب والدول الجيده
على عجيل منهل ( 2024 / 4 / 9 - 13:37 )
مهاجري الدول -الجيدة- مثل الدنمارك وسويسرا والنرويج لا يأتون إلى الولايات المتحدة بعكس مهاجري إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط.
جاء ذلك -نقلا عن ترامب، الذي قال، خلال حملة لجمع التبرعات في فلوريدا، إن المهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة هم -خريجو سجون-، ووصف البلدان التي يأتون منها بأنها -كوارث-، وتابع: -لماذا لا نسمح للأشخاص من البلدان الجيدة أن يأتون إليها.. بلدان جيدة، مثل الدنمارك وسويسرا؟


7 - تحية لاستاذنا المتابع
د. لبيب سلطان ( 2024 / 4 / 9 - 14:01 )
اشكركم على الاطراء الذي اعتبره ليس لي شخصيا بل موجها لكل مثقفينا الوطنيين ذوي الفكر المتحرر وتشجيعهم للنهوض بدور هام ورائد في بث فكر الوطنية والمدنية والعلم والتنوير وايقاظ شعوبنا من تخدير ( الاقطاعيات الفكرية الثلاث كما تذكرونها صائبا) التي سيطرت على الفكر العربي بخطابها المؤدلج دينيا وقوميا وطبقيا البعيد عن قراءة اهم مهام واقع النهوض بمجتمعاتنا للسير في دمقرطة مجتمعاتنا وتنمية اقتصادها ومعارفها العلمية والمعرفية والتحررية واكتفت بترديد المقولات المترجمات الجاهزات ومنها سادت السلفيات الاقرب لفهم الناس وتعزيتهم بمصابهم في واقعهم الاليم وانا دعوت كلاهما غيبي وتغييبي
اقرأ دوما تعلقاتكم ودوما تنال اهتمامي لما فيها من صراحة ومكاشفة وحكموية وطنية
لكم مني افضل تحية وكل شكر وتقدير.


8 - الاخ الدكتور علي منهل
د. لبيب سلطان ( 2024 / 4 / 9 - 14:50 )
تحية طيبة
ان ترامب اساسا يقف ضد القضية الفلسطينية ولايعترف اساسا بوجودالشعب الفلسطيني ولم يذكرها يوما كما ولايعترف بحل الدولتين ( عكس الموقف الرسمي لكلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي)، ولو تتبعنا اصل موقفه فهو نابع من موقف الكنيسة الانجليكانية ان فلسطين ( اسرائيل) هي ارضا يهودية ومنها سيخرج المسيح المخلص، وجولات صهره كانت لرشوة ووعود للخليجيين للاعتراف باسرائيل مقابل حماية اميركية من ايران، ليست لحل القضية الفلسطينية بل لقبرها ..اما تزلفه للوبي الصهيوني فهو لم يمر فاليهود هنا لاينتخبونه،عكس العرب، يعرفونه عنصريا وحصلوا منه مايريدون ولم يعطوه شيئا.، فهم ينتخبون الديمقراطيين
خارج ترامب تسود قوة الدعاية الاسرائيلية انها هي المهددة بالابادة وانها تخوض دفاعا عن النفس وعن الشعب اليهودي ويعزز ذلك ماخطب به ناصر وصدام والحركات الحهادية يدعم المقولة والدعاية الاسرائيلية انهم ينوون ابادتها من الوجود..ورغم ذلك وبفضل انتفاضات الشعب الفلسطيني ( وليس بفضل العمليات الجهادية ) يتم تحول ولو بطيئ بفهم جوهر القضية، قضية شعب فلسطيني وحقوقه .. وليست عرب ويهود، ومنه رفضا لليمين الصهيوني وطروحاته
مع الشكر


9 - نقطة صائبة يطرحها استاذ منير
د. لبيب سلطان ( 2024 / 4 / 9 - 15:12 )
تحية طيبة
اشاركك استاذنا العزيز بنقطتك حول اوباما وبايدن وعموم الحزب الديمقراطي في التماهي والتمادي مع الاسلام السياسي في منطقتنا العربية ..انها قراءة اقل مايقال فيها انها صبيانية عاطفية استطاع الاخوان واردوغان تمرير ان الاسلام لايتعارض مع الديمقراطية ويجب احترام ثقافة وتقاليد الامة الاسلامية وغيرها ونجحوا في تمريرها في قيادات الحزب الديمقراطي التي كانت تسعى لاثبات انها ليست مع التوجهات الامبريالية وامركة العالم وكما ضد التحجر كما في السعودية حليفة اميركا .الخ..حقا هم اعتقدوا ان نموذج اردوغان قد يكون نموذجا محليا ناجحا للتحول للديمقراطية..ولكن نتائجه اتت وبالا من دعم الاخوان مثلا..فسرعان ما اظهرت اسنانها الداعشية والاخرى الميليشياوية الايرانية ..ومنها لليوم تدفع شعوبنا ثمن ذلك..وتدريجيا بدء يفيق الحزب الديمقراطي ولكن عقدته انه يحس بالذنب كما وخوفا من الاتهام انه يريد فرض نموذج الليبرالية الاميركية على الشعوب الاخرى وكأن الديمبراطية والحريات تهمة او تصح لشعب دون اخر..لخبطة فكرية تسود الحزب الديمقراطي وانتم محقون تماما
لكم الشكر على اغناءاتكم الجميلة الهامة ولكم افضل تحية


10 - نطقت الحقيقة يا استاذ محمد ناجي
د. لبيب سلطان ( 2024 / 4 / 9 - 16:09 )
استاذنا العزيز
وااقعا ان جميع الشعوب، متحضرها اونصفها او معزولا،يمكنها ان تنقاد لسيطرة الشعبويات، وتكون ضحية لعتاة وأوغاد وعنصريين ومتخلفين ومن لهم حلما بامجاد شخصية دعك عن مؤدلجين لايرون العالم الا من خلال مقولات مقدسات احادية الطرح مطلقة الحقيقة .. كما واشارككم الرأي بالدور الهام والحاسم للمثقفين
بمواجهة وفضح وكشف زيف خطاب ودعوات الشعبويات، وفي حالة العالم العربي،رأينا الأسوء وللاسف، غالبا ما رأينا العكس،بدل الكشف والتنوير ورد الشعبويات، لتزويق والتجميل والتبرير، كما رأيناهم حول ناصر واسد وصدام ، هؤلاء يمكن اطلاق عليهم -المثقفين المؤدلجين -، ولغياب الحريات والقمع في العالم العربي ضمر صوت المثقفين الحقيقيين المتحررين مما جعل شعوبنا لقمة سهلة للشعبويات بكل اصنافها. دليلا تجد عكس الحال مع ترامب مثلا، فالمثقفين يلعبون دورا بارزا في فضح ادعاءته من خلال اجهزة الاعلام، وحقيقة الامر لاتجد مثقفا من يساند ترامب،بل عكسه تجدهم يدحضونه بالطرح العقلاني
الغير مؤدلج وتنوير الناس ..اما نجاح ترامب فهو لمهرجانته الشعبوية وليس للاعلام الذي يفضحه بصوت المثقفين
لكم التقدير ولكم التحية


11 - د.لبيب سلطان
د.محمود يوسف بكير ( 2024 / 4 / 9 - 19:58 )
أشكرك د.لبيب على هذا البحث القيم والذي يكس إلمامك الجيد بالوضع السياسي المقلق السائد في أمريكا حاليا والذي يحظي باهتمام العالم كله، المتابع للانتخابات الأمريكية يلاحظ التغير الكبير والخطير الذي أدخله ترامب عليها منذ تسع سنوات على وجه التحديد كما ألمحت في بحثك، الآن ترامب يقود أمريكا والعالم إلى منعطف خطير ولا يوجد من يستطيع وقفه بما فيهم زعماء الحزب الجمهوري الذين تحولوا إلى ذيول له. في فترته الرئاسية الأولى ركز ترامب على الهجوم على العولمة والان يركز الهجوم على العلمانية مدعوما بالمسيحيين الأفانجيليكل البيض وأنصاف المتعلمين والفلاحين والعمال البسطاء وهو يعرف كيف يسيطر عليهم بمهاراته الإعلامية العالية ،ولعلك شاهدته وهو يروج لنسخ الانجيل التي طبعها ووضع أسمه عليها كي يبيعها للغلابة بعد أن تحول من نصاب ومتهرب من الضرائب وبتاع نسوان إلي راهب .لو خسر ترامب الانتخابات فسوف يلحق ضررا كبيرا بأمريكا ولو فاز فسوف يكون الضرر من نصيب العالم،مع أطيب تحياتي وتقديري


12 - تحية للدكتور محمود يوسف بكير
د. لبيب سلطان ( 2024 / 4 / 9 - 22:29 )
لدكتورنا العزيز الف تحية
بودي اعادة نهاية تعليقك لجماله وصحته ودقته ( لو خسر ترامب الانتخابات فسوف يلحق ضررا كبيرا بأمريكا ولو فاز فسوف يكون الضرر من نصيب العالم) وفعلا حتى لو غادر هذا المعتوه المسرح فيون قد ترك شرخا عرقيا في المجتمع الاميركي ولو فاز سيدخل العالم في دوامة قد تنتهي بارجاعه لقرن للوراء لزمن هتلر وموسوليني وبقية النظنم الفاشية ويدخل العالم مرحلة تقاسم النفوذ والامبراطوريات ومنها حروبا اهلية تحركها مصالح امبراطورية لاتنتهي..ولكني ووفق قراءتي الخاصة لا اجد ان نموذج ترامب بوتين سينجح..فاليوم قيم الحرية والديمقراطية قد ترسخت، عكس القرن الماضي حيث كانت ناشئة وضعيفة ، وهناك مؤسسات كااتحاد الاوربي تقف بوجههم وشخصيا اعتقد ان امريكا ستلفظ ترامب سريعا كظاهرة مؤقتة وقوة نظم و تقاليد الديمقراطية المترسخة اليوم تبقى الاقوى ، وكما حمت بريطانيا العالم من الهتلرية في وقت استولى فيه على كل اوربا تقريبا.فاليوم يضاف لها الاتحاد الاوربي وا ميركا ونظمها الديمقر اطية الراسخة ولن تقبل شعوبها بترهات وطروحات ديكتاتورية حتى لو مرت برياح انتخابية فهي موسمية
لكم مني التقدير والتحية


13 - امريكا ليست جمهورية موز
على عجيل منهل ( 2024 / 4 / 10 - 00:57 )
شخصية ترمب- تثير مزيداً من الانقسامات؛ ليس فقط داخل أميركا، ولكن خارجها. المعارضون لترمب يرون أن سلوكه إهانة للرئاسة، وأنه يسهم في انقسام المجتمع ويهدد الديمقراطية. الأوروبيون خائفون منه لأنهم يرون أنه سيضعف «الناتو» والتحالف معهم، وسيقترب من بوتين هل يمكن أن يهدد ترمب الديمقراطية ويتسبب في انهيار الولايات المتحدة؟ لماذا لم يفعلها في المرة الأولى؟ - ورغم أنه هدد وتوعد سابقاً بالبقاء فإنه غادر البيت الأبيض في موعده. أميركا ليست جمهورية موز، ولا يمكن لترمب أن يغير نظامها أو يحوّلها إلى ديكتاتورية. .


14 - مقال واقعي
ماجدة منصور ( 2024 / 4 / 10 - 03:28 )
لو أمكن د لبيب أن تتوسع في هذا المقال أكثر لأنك لمست نقاط جوهرية في الشخصية الترامبية حسبما ذكرت0
خالص الإحترام لكم وللأساتذة المعلقين


15 - تعليق رقم 13 يقول فيه المعلق:
nasha ( 2024 / 4 / 10 - 11:03 )
تعليق 13 علي عجيل منهل يقول فيه :
أميركا ليست جمهورية موز، ولا يمكن لترمب أن يغير نظامها أو يحوّلها إلى ديكتاتورية.
--------
شخص واحد جبان وكذاب ( يرى مصلحته فقط ) فعلاً لا يمكن ان يغير النظام المزيف اللاشرعي.

ولكن شخص واحد شجاع ذكي مضحي وصادق (لا تهمه مصلحته) يمكن ان يُغير ليس النظام المزيف اللاشرعي فقط ، بل النظام العالمي برمته.

الذي له الحق في تحديد من يجب ان يقود اميركا هم مواطني أميركا من المحبين للنظام الديمقراطي الجمهوري الحقيقي ، وليس مستقطني اميركا الكارهين لاميركا ودستورها ،المتمنين سقوطها وسقوط العالم الغربي باجمعه بأسرع وقت ممكن.

مقال الاخ العزيز د. لبيب سلطان جذب تعليقات كثيرة لانه يعكس امنيات وتصورات تصب في مصلحة من يكره اميركا والغرب عموماً.

الانسان دائما يُحب ان يقرأ ويسمع ويشاهد ما يتمنى ان يحدث، ويكره ان يقرأ او يسمع او يشاهد ما لايتمنى ولا يحب.

هذه هي طبيعة كل انسان بلا استثناء.

تحياتي للكاتب د.سلطان وجميع ضيوفه.


16 - تحية للاستاذة ماجدة منصور
د. لبيب سلطان ( 2024 / 4 / 10 - 13:37 )
بعد السلام والتحية للاستاذة العزيزة
تحليل الظاهرة الترامبوية ينقل صورة عن مفارقات هذا العالم اليوم، وترامب كشخصية لايثيرالاهتمام حقا وامثاله في كل ركن وزاوية، ولكنه يمثل ظاهرة ظن الجميع انها اختفت من العالم المتقدم ديمقراطيا، وفي طريقها للعالم الثالث، ولكن ها هي تعود وتظهر في اكثر الديمقراطيات تحضرا وتقدما و ترسخا، الاميركية،فهو لي يماثل شخصيات نكرة ظهرت في العالم العربي مثلا، كشخصية صدام اوهتلرعريف في الجيش تسلق وسيطرعلى المانيا ،وحتى تسلق بوتين في روسيا ..ومثلهم ترامب، جميعهم بنفس الاساليب بطرح نفسه المنقذ للامة، يبدو من الخارج الامرلا يحتاج لمفكرين عظام أو قادة تحررين كبار مثل غاندي اومانديلا ،وهنا دورنا في فضح شعبوين قادرين على التلاعب بعواطف الدين والقومية لجمهورغاضب، والسؤال المحيرهو على ماذا غاضبا ؟ فاميركا واوربا دولا ديمقراطية وغنية وذات حريات وقانون وحقوق وبرامج اجتماعية متطورة، فكيف بحال شعوبنا وبلداننا، بلاشك مهمتنا اصعب ، ولكن يقينا كمثقفين مهمتنا التنويرلوضع حد لقمع الشعبويين امثال هؤلاء ، واظهار الاسس الحقيقة
للتحضرلمواجهة الشعبويات عندنا
لك السلام والتحية


17 - جمهورية الذكاء الاصطناعي وجمهورية الموز
د. لبيب سلطان ( 2024 / 4 / 10 - 14:26 )
عزيزي دكتور علي
اتفق معك ان اميركا ليست كجمهوريات الموز، يركب صدام مدرعة ويحتل القصر الجمهوري و الاذاعة وينتهي الامر( مثله عبد الناصر والاسد والقذافي وفي افريقيا حتى مؤخرا وقبلهم في اميركا اللاتينية). واليوم الوصول للرئاسة لشعبوي في البلدان المتقدمة ديمقراطيا، ليس كوصول هتلر مثلا ..فلن يستطيع تغيير بناء ترسخ في واقع ووعي شعبي من الحريات والديمقراطية التي يساويها بحقوقهم كدافعي ضرائب لتمويل سلطات لخدمتهم وليس لحكمهم ( هذا في الواقع فضل عظيم للرأسمالية بعدم اعتماد الناس في عيشها على رواتب توظييف حكومية لتسيطر عليهم بل العكس الحكومات تعتاش عليهم ومنها تضعف سلطة القمع والسيطرة) ..كل ذلك يقول ان الشعبويات يمكنها الفوز بانتخابات ولكنها لا تستطيع تغيير نظم الديمقراطية والحريات المتوطدة اليوم.
ولكن السؤال المحير يبقى قائما ان الظواهر الشعبوية، ومضمونها واحد مخاطبة اعادة مجد الامة ، والتمسك بالتقاليد طريقا اقصر للوصول والتسلق للسلطة، تراه في جمهوريات الموز وجمهوريات الذكاء الاصطناعي بان واحد .هل هو ضعف انساني عاطفي ام هو تقسيم طبيعي كما تجده في صف لمدرسة ابتدائية
لك التقدير والتحية


18 - الكره للغرب هو الكره للتحضر للحضارة الانسانية
د. لبيب سلطان ( 2024 / 4 / 10 - 15:08 )
عزيزنا الكريم استاذ نجيب
مقالتي في محتواها وواقعها تحليلية وليست ذات منطلقات كالتي ذكرتموها ولا اعتقد ان تعليقات ) الاساتذة الهامة كانت تدور حول ماذكرتموه اعلاه في تعليقكم
( يعكس امنيات وتصورات تصب في مصلحة من يكره اميركا والغرب عموماً)
بل ارى العكس انها تطرح ان نظم الديمقراطية والحريات العامة وطرق الحكم والادارة التي نهضت بها واقامتها الحضارة الغربية هي من المتانة والقبول من شعوبها بحيث حتى لو استطاع شعبويين مثل ترامب من التسلق للرئاسة فلن يستطيعوا تغييرها..فهي ليست جمهوريات الموز كما يصفها د.علي منهل
اتفق معكم ان الشعبويات الثلاثة في منطقتنا قد تفننت في زرع ثقافة الكره في الوعي العربي للغرب وحضارته ومنه خسارة مجتمعاتنا الجسيمة بعزلها عن فهم هذه الحضارة العظيمة التي مجدت الانسان كمواطن وعظمت حقوقه واحترمت ذاته وحرياته ووفرت له الرفاه وعدم الخوف من السلطات ومعارف متطورة وطرق ادارة كفوءة لشؤون المجتمع والاقتصاد و الثقافة والانفتاح على الثقافات في العالم واحترامها..كل هذه تهاجمها الشعبويات انها كافرة، استعمارية رأسمالية ، اومعادية للعروبة
مقالتي تدحض هؤلاء مع ترامب
مع الشكر


19 - د. لبيب سلطان
nasha ( 2024 / 4 / 11 - 02:36 )
-تعليق 18 عنوانه -الكره للغرب هو الكره للتحضر للحضارة الانسانية

تفضل شاهد الفيديو لترى الحب بكل العمق للحضارة الانسانية! في ديربورن ميشكان الاميريكية


https://www.youtube.com/watch?v=qRyuX8CDE0s

اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟