الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ومضٌ راقص

نضال مشكور

2024 / 4 / 8
الادب والفن


(رقصات على حافات الومض )
ديوان شعري للشاعرة د. نضال مشكور
ومضات تمازج الواقع والخيال والحلم واليقظة
عقيل هاشم
المسار الشخصي للشاعر د.نضال مشكور حافلا من صور التفرد والجاذبية الشعرية ، والتي تحظى بها أعمالها . فمن هذا المنطلق تتداخل نصوصها القصيرة ان كانت –سرد/شعر- والتي تدون مساراتها الذاتية، مع نصوص سيرتها الشعرية، مفضية بذلك إلى استحداث حالة قصوى من التوتر والانفعالية القرائية لدى قارئها، والتي تتجسر جماليا ما بين الذاتي/الموضوعي.
(رقصات على حافات الومض )ديوان شعري للشاعرة د. نضال مشكور ديوان الصادر في سوريا عن دار أمل الجديدة.
في ديوانها الجديد ,تحتفي النصوص بجمالية قصيدة الومضة الرمزية والاشارية وذاك باستخدام النص الومضي – الإيجاز- بشكل واضح، وفاعل دلاليا؛ لنقْل الفكرة الأساسية ؛ بعيدا عن التفاصيل والتعقيدات، وتقدم الفكرة الأساسية بشكل مباشر ومركز، حيث تعد قصيدة “الومضة” شكلاً مصغرًا من الشعر، ويتميز بالاقتصاد في اللغة، والتكثيف الإيحائي، وبالتركيز على التفاصيل الصغيرة واللحظات العابرة، والحميمية في الحياة، و يسعى الشاعر من خلاله إلى استخلاص الجوهر الإنساني، والمشاعر الوجدانية العميقة، في إطار محدود من الكلمات، لذلك هو مناسب للتعبير عن المشاعر الشخصية، والتجارب الشعرية العاطفية، والحياتية، التي تستحضر طاقات الخيال؛ فتدهش، وتحرك طاقة الانفعال؛ غوصاً وراء ظواهر الأشياء. وهذا اللون من الشعر يعتمد على بلاغة “التكثيف” فإن الاختزال، والإيجاز من : الاقتصاد اللغوي، وقوة التعبير الإيحائي، والانتقال السريع بين الأفكار، والمقارنة، والاستثناء، بما يحقق أكبر قدر من الحساسية. ويسعى هذا النمط الشعري إلى إيصال رسالة شاعرية مؤثرة، إن كتب في إطار التقنيات الفنية المحددة له،ويعتمد هذا النمط الشعري فنيّاً على آلية كسر التوقع، أو المفارقة الجمالية التي تتكئ على التناقضات، أو الاستثناءات، بما تولدها من مفاجآت، تعزز التأثير العاطفي، وتساهم في إثارة حاسة التلقي، والتأمل لدى القارئ..
الديوان وبما يتضمنه من نصوص ترقى إلى مستوى قصيدة الومضة المعاصرة، بمحمولاتها الفنية، الجمالية، والشعرية، وبما تحقق من كشوفات مضمونية لمفهوم الومضة الشعرية التجريبية ,وهنا نجد النص الشعري لدى الشاعرة كأنه في لحظة يتحول إلى نص بصري، وهذا البعد الذي تتحرك به قصائد الديوان لتكشف عن مضمونها الذي يتناسب مع انسيابية الفكرة وموسيقية الكلمات.
يحمل العنوان توتّـُرا بين الجمال والتجريد يعكس مفهوماً للجمال،مابين الرقص وحافة الاشياء الوامضة القاسية ,وفي العنوان تنعكس الشخصية الشاعرية لذاتية الشاعرة على نحو طاغ،مابين مفردات الفرح –الاغتراب- الحب- الفقد والاسى بحيث تاتي القصيدة على شكل حركة رقص فحسب بدون روح، وهذه الرقصات مغلف بتشبيه بليغ الحياة/ الموت، امتزج كلياً بهمس الشاعرة وذاب في الذاتية الشاعرية الحاضرة /الغائبة من الذاكرة..
حين تتراقص الدهشة
على حافات الغيوم
ينبض
الومض
في هذا النص تجعل الشاعرة المعاني تدور في الكلمات مع الموسيقى وتذوب شوقا واشتياقا بكلمات متدفقة، حيوية ومتآلفة مع إيقاعية الجمل ، لذلك تتشكل الصور لدى الشاعرة نشوة جمال حضورها الذي يعبر عن مقدرة الشاعرة على خلق الحياة بالرغم من القسوة , قسوة الفقد والاغتراب.
دعك من فراء الشتاء
وتدفّأ
بصقيع قلبي
المشبوب
هذا الحضور الفني والجمالي للدفقة الشعورية، جاءت آسرة غنيّة باختلافها وتنوّعها وبعمقها الفكري وقوتها الانفعالية وجمالها، تشير إلى ما هو مدهش في علاقته بالوجدان الإنساني,فالشاعرة في قصائدها نجدها متمكنة من أدواتها، فهي تمتلك لغة شعرية تأثيرية فائقة التعبير.
إن لم تلق من تحبّ
تغزّل بنفسك
لأنَّه
يسكن فيك .
الانتقالات الشعورية نجدها حاضرة في اللحظة الانفعالية، بمفارقتها الدلالية،والتي تكمن في كيفية تحويل (الاغتراب) من القلق، والاضطراب إلى الرغبة في الاقتراب، والاستقرار حينما تتحدث عن الوطن ومدنه وازقة محلاته القديمة.وهو نوع من التضاد العاطفي بين القلق والاستقرار، وبين الأمان والحب، هذا التضاد هو الذي يولّد مفارقة كسر التوقع لدى القارئ؛ فيحفز الانفعال لديه..
شرطة الشواطيء
هل يشعرون بقيد أسى
عند القبض
على جثة طفلٍ غريق
أم يزغردون
لإصابة الهدف !؟
في المجمل اتسمت نصوص الديوان بالخيال الخصب والتصوير مزخرف بأعمق الدلالات المنبنية على قاعدة التجربة وفهم الذات والرؤية، للدخول إلى تفاصيل المعنى وانتقاء وساوسه الفاضلة، والخوض في مشروع التعابير المحاكية لذلك اليوميِّ المتكدس في وجيب الشاعرة .
اما اللغة الشاعرية الجاذبة المكثفة كانت متسربة في الديوان ، ونهضت بالتالي بدورها البنائي في تشكيلاتها، فضلا ما نجده من سمة «اللاتحدد» حاضرة بقوة في بعض النصوص ما يجعل لها سياقا سرديا عاما ومن هنا تظهر بوضوح شديد جدلية التفاعل الفني بين الماضي والحاضر.
وختاما اقول ان الديوان حمل انساقا من التناغم والانسجام، وأن كل شيء فيه جميل ومؤلم كما في الحياة، فأينما نتجه، نجد أنفسنا عالقين في شاعريتها، التي استولى عليها التجلي في الرؤيا، قصائد الديوان ساحرة ومبهرة وكأننا نؤول مركبا عاشقا يتهادى في الحلم ونرى نهراً يخفق بضفتيه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري