الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجوه - -أنا- -

ابتسام لطيف الموسوي

2024 / 4 / 8
الادب والفن


"أنا"
1
اليوم يبدو غريباً بعض الشيء، فمنذ ان استيقظت في السابعة صباحاَ وأنا أشعر بوجود صوتٍ مكتوم، يطلب مني ان امسك القلم، تلك الأداة التي هجرتها منذ زمنٍ بعيد، بعد ان كنت ألاعبها على الورق، كنت أرى في استخدام القلم فعلاً ذكورياَ، تستهويني خربشاته على تلك الصفحات البيضاء.
خطوط تنحني وخطوط تتكسر ربما بفعل الزمن وربما لسبب آخر تخشى الكلمات ان تصفه، لكنني أتذكر جيدا ان كل محاولات القلم فشلت في ان ترسم خطاَ مستقيماً ولو لمرة واحدة.
2
فكرت كثيراً في معاني تلك الخربشات ولم أصل الى معنى، ربما لأني فسرت الأمر كما أسلفت، أو ربما لأني كنت أرى في تلك الخطوط نوعاً من الجمال الطفولي، والذي يملأ مملكتي الصغيرة.
خطوط بذرت نفسها في أرضي لتنمو وتورق في ولادة تجعل من الألم نشوة، تلك الخطوط التي رُسِمَت بألوان مختلفة وبذات القلم اقامت بنيان قصري ومملكتي، تلك المملكة التي تطرق أبوابها وجوه مختلفة، بعضها يختار جوار الأسوار، والبعض الآخر يمر مرور الكرام، البعض يترك أثراً وذكرى والبعض الآخر يجاهد ليجد له مكان في فضاء الرؤية.
3
اليوم قررت ان ألملم أوراقي وأعيد ترتيبها بعيدا عن الغزو الرقمي الذي يحتل أيامي، وربما هذا يمنحني بعض الوقت لأنظر في تلك الوجوه التي تدور حولي، فكرت في الكتابة عنها، لكنني احترت فيمن سأبدأ، وتساءلت عمن سيكون بطلا لقصتي أو لقصصي؟ إذا أردنا الدقة في القول، وفي آخر المطاف لم أجد سوى القرعة حلاً لتجاوز حيرة البداية، فكتبت الأسماء على قصاصات ورق ووضعتها في إحدى الصناديق التي أخبئ فيها أشيائي.
4
أدخلت يدي في الصندوق لتنتشل أصابعي أول وجه، لكنها التقطت قصاصة كنت أخشى ان تتصدر اهتمامات القلم، فلا أدري ما الذي سيبوح به القلم، هل سيكون اعترافات بنكهة من الحزن أم انه سيرسم وصفاً يفتضح ما حاولت كتمه من أسرار.
5
"أنا" .. ضمير منفصل مبني على السكون لكنه يغلي في بعض الأوقات، فكثيراً ما يتذكر تلك الأيام التي عصفت بجسدٍ لا زال يقاوم تارة بادعاء القوة وتارة أخرى بجلد الذات أو الانتقام من الآخر من خلال العيش في خيالات مبهمة، لا ملامح لها، تسير بي في دهاليز موحشة، ولا أدري ما الغاية منها وإن كنت اعرف السبب.
6
"أنا".. لست سوى فتاة لا زالت تتمنى ان تعود الى أيام الطفولة لا لتشعر بأنها صغيرة بل لتتمسك بذلك العالم الذي أُجبِرت على مغادرته دون ان تعلم ان القصص التي ستعيش أحداثها ليس سوى عروض مسرحية تكررت في الماضي وستُعاد مستقبلاً بأبطال جدد وشكل مختلف.
7
لا أدري لماذا فكرت كثيراً في كوني أنثى!؟.. أو لماذا حُددت ألوان الأنوثة بالوردي؟!.. وقد يضحك قارئي من قولي ان بعض الذكور لا علاقة لهم باللون الأزرق، فالوردي يليق بهم أكثر، والبعض الآخر لا لون له
المهم.. أسألة كثيرة تدور في رأسي عني وعن هذا وعن تلك وعن أولاءك وحتى عن تلك الأشياء الجامدة، كالوطن مثلاً.. ما قيمته إن كنت تحيا غريباً على أرضه؟!.. أو ما معنى وجود تلك الوجوه التي تحاول ان تقتحم عالمي أو ان تكون جزءاً من حكاويه، وفي كل الأحوال لا إجابة عندي، ولا معرفة لسبب، لكني سأترك الحال كما هو فـ "أنا" لا زلت ذلك الضمير المنفصل المبني على السكون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه


.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان




.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو


.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف




.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول