الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انطفأ كوكب حمزة لحظة مغادرة العراق

كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)

2024 / 4 / 10
الادب والفن


عندما سألت كوكب حمزة بحماسة الصحافي عام 2001 عما يمكن أن نترقبه منه، بينما ذاكرتنا تعيش على ما خلفه من أثر موسيقي في العراق، قال لا شيء! لأنه أدرك متأخرا أن قيمته اللحنية تكمن في عراقيته، وبمجرد مغادرة بغداد افتقد إلى الإلهام. ذلك ما عبر عنه لاحقا بقوله “كنتم تعيشون في كوخ رديء، وكنا نعيش في تابوت نظيف”. كان يعبر في هذا الكلام عن موته المبكر هو الذي غادر البلاد عام 1974 ليتوفى في الدنمارك في الثاني من أبريل، متسائلا “لمن إذن ذهبت إلى هناك ولم خسرت وطنك ولم تحفظ حتى كيانك؟”.
بوسعي القول إن هذا الكلام على لسان كوكب يعبر عن حقيقة الموسيقي الذي يفقد حاضنته من الجمهور، فلا يجد من يستمع إليه، وذلك ما حصل مع كوكب فما أنتجه من ألحان في مغتربه ولم تصل إلينا أكثر مما يعرفه الجمهور عنه، لكن أين هي؟
ذلك أيضا يفسر لنا لماذا رفضت سليمة مراد الهجرة من العراق تحت ضغط ملحنها صالح الكويتي وهو يهاجر إلى إسرائيل، ردت عليه ماذا أفعل هناك، جمهوري هنا في العراق. بقيت سليمة باشا في بغدادها وضاع الموسيقار صالح الكويتي في سوق الغبار الإسرائيلي!
مهما يكن من أمر فرحيل كوكب حمزة يعيد التذكير بألم الجرح العميق الذي ألحقه مبدعون عراقيون بأنفسهم، عندما اختاروا السقوط في وحل الحزب الشيوعي واكتشفوا بعد فوات الأوان أن الشيوعيين كانوا بمثابة البسطال للمحتل الأميركي ثم الهامش لأحزاب طائفية فاسدة. وهو نوع من الندم دفع كوكب حمزة إلى الخروج مع ثوار تشرين ضد عملية سياسية قضى نصف عمره ينتظرها!
رحيل كوكب موجع مثل أغانيه التي لم تغادر المخيلة الجمعية العراقية، فقد ترك لمسته الأولى في كل صوت تعامل معه، فحسين نعمة كان اكتشافه الأول في أغنية “يا نجمة” التي كتبها كاظم الركابي وصنع فيها كوكب من أغنية “مرابط” الفلكلورية من مقام الرست أغنية معاصرة أصبحت فيما بعد هوية حسين نعمة، وعندما جدد اللقاء معه أختار أن يوظف الإيقاعات الدرامية في أغنية “ابن آدم” التي كتبها ذياب كزار “قتل في الحرب الأهلية اللبنانية”، وهي نص تراجيدي مبتكر في اللحنية العراقية.
عندما طلب الجمهور في آخر زيارة لحسين نعمة إلى لندن عام 2001 أن يغني “ابن آدم” عقدت لسانه الدهشة، ولأن الأغنية تعبر عن مكون عميق في صوته برع أيما براعة في أداء هذه الأغنية فائقة الصعوبة مع فرقة موسيقية بسيطة.
تكرر الحال مع فؤاد سالم في أغنية “وين يالمحبوب” التي استثمر فيها كوكب تساؤلات حزينة في نص ذياب كزار، بيد أن كوكب اتهم وقتها بسرقة اللحن من قارئ مراثي حسينية معروف آنذاك، لكنه عاد مع نفس الشاعر في لحن “تانيني” وبصوت فؤاد أيضا ليؤكد أنه من يبتكر جملته الموسيقية.
كان كوكب حمزة هوية سعدون جابر، وصار الأخير يعرّف نفسه بالطيور الطائرة الأغنية التي كتبها زهير الدجيلي، مع أنه لحن له قبل ذلك إحدى ألمع الأغاني التعبيرية “القنطرة” التي كتبها ذياب كزار، ثم “هوى الناس” للشاعر زهير الدجيلي.
مع مائدة نزهت كان كوكب يعبر بامتياز عن أغنية البيئات عندما يصنع من هذا المزيج البغدادي مع الحس الريفي أغنية معاصرة، كما في “ثلاثة للمدارس يروحون”و”حاصودة” التي كتبهما كزار أيضا.
كل هذا الشغف في ألحان كوكب حمزة كان فاصلة تاريخية انتهت بمجرد مغادرته العراق، ومع أنه حاول أن يجد نفسه من جديد مع المغربية أسماء منور مثلا، لكن اعترافه المذكور في مستهل المقال يكشف لنا مامعنى أن يكون الملحن بعيدا عن جمهوره.
رحل كوكب حمزة لكن أغانيه لن تخفت في مهج العراقيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفنان كوكب لم يرتضي العيش في مستنقع البعث
أمير أمين ( 2024 / 4 / 10 - 10:09 )
الى النكرة كرم نعمة ..كيف تتجرأ على القول التالي عن المناضل والفنان الكبير كوكب ..
مهما يكن من أمر فرحيل كوكب حمزة يعيد التذكير بألم الجرح العميق الذي ألحقه مبدعون عراقيون بأنفسهم، عندما اختاروا السقوط في وحل الحزب الشيوعي واكتشفوا بعد فوات الأوان أن الشيوعيين كانوا بمثابة البسطال للمحتل الأميركي ثم الهامش لأحزاب طائفية فاسدة. وهو نوع من الندم دفع كوكب حمزة إلى الخروج مع ثوار تشرين ضد عملية سياسية قضى نصف عمره ينتظرها!
..صدقني لو كان كوكب على قيد الحياة وقرأ ما كتبته عنه وعن حزبه الشيوعي لبصق في وجهك او ضربك كف على وجهك ..! من سمح لك بالتهجم على فنان غادرنا قبل أسبوع ..أن كوكب عاش ويعيش في أفئدة رفاقه الشيوعيين وهو الذي حمل السلاح في كردستان ضد النظام البعثي الفاشي وحينما غادر العراق بوقت مبكر في عام 1974 وذلك خوفاً عليه من التصفية ..حيث كان إسمه مطروح في قائمة الاغتيالات وعاش في سوريا وكردستان والدنمارك في احضان رفاقه الذين ودعوه وهم بالمئات وحينما واروه الثرى انطلقت حناجرهم بأغنيته ..صار
العمر محطات ..أن الفنان الكبيركوكب عاش بعز وفخر وهو بين أنبل الناس , رفاقه
وأهله وأصدقاءه


2 - امير أمين
بشير ( 2024 / 4 / 10 - 12:53 )
عجبني تعليقك الواقعي وتعترف فيه بواقع اليم كان ح ش جزاءا منه مثلما تقول
اما نحن لانقول هذا الكلام حفاظا على مشاعر اصدقائنا الشيوعيين الذين يتهربون لابل يرفضون من سماع الحقيقة
اشكرك على سعة صدرك وشجاعتك

اخر الافلام

.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس