الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بماذا يحلم الموتى ؟ع

علوان حسين

2024 / 4 / 10
الادب والفن


كنت أسند ظهري على الحائط , تحتي بطانية مهترئة وعازل قديم أخف من حصيرة حيكت من الخيطان . كان الوقت ليلاً وأنا في زواية ميتة من المهجع لا يراني فيها الحارس الليلي في سجن تدمر الصحراوي . لا أدري بماذا أفكر في تلك اللحظة التي فاجأني بها زميل لي ينام لصقي ويبدو أنه قد جافاه النوم مثلي: ( بماذا تحلم ؟ ) . إحترت بماذا أجيبه والأحلام تولد في ذلك المكان في كل حين وتموت كأنها لم تكن . ( أحلم أن أرى وجه امرأة جميلة . امرأة حقيقية من لحم ٍ ودم , أراه وأتلمسه بأصابعي كما يفعل الأعمى . قد يكفيني النظر إليه وتأمله والتحديق فيه طويلاً وعميقاً بحواسي كلها .) ( ماذا عنك بماذا تحلم ؟ ) أعدت عليه السؤال ( في هذه اللحظة حلمي بسيكارة حشيش تفعل بي كما يفعل السحر . ) ( ماذا تفعل بالضبط ؟ ) ( تأخذني من نفسي معها إلى سموات أخرى , تحررني من جسدي ومن هذي الجدران المطبقة من حولي إلى حيث العالم بكل فتنته وجماله . ) ( دع خيالك يأخذك حيث تشاء , العالم ليس سوى خيال . ) ( الخيال لا يُشعرني بالإمتلاء أظل أشعر بالخواء مع الإدمان عليه وتكرار الأحلام حد التخمة ثم ماذا بعد ؟ أعود أتقيأ أحلامي بعد أن نزفتها كما يلفظ المرء روحه . هذا الحائط الذي أمامي كم تمردت عليه ؟ كم عدد المرات هدمته ولازال ماكثاً أمامي متسلحاً بصمته وكثافته وبجيش خلفه مسلح حتى الأسنان وشرطة عسكرية ومحاكم صورية وظلام وليل وشعب يلفه الصمت يكتوي بالنار ويتلذذ بعذابه يخاف حتى من ظله . ) ( الناس خلف الجدران يعيشون حياتهم يأكلون ويشربون ويمارسون الجنس لا حاجة لهم بالحرية كونهم يفتقرون للخيال كل ما يسعون إليه هو العيش والتكاثر , لا أحد يقف أمام نفسه في لحظة تأمل منتبهاً للعالم وما يجري من حوله وكأنه يعيش في غابة منفصلة عن الحياة بعمقها وإتساعها وغموضها كالسائر في نومه أحدهم لا يشعر بشيء . ) هز رأسه موافقاً على ما قلته . ثم أردف قائلاً ( مشكلتي مع الوقت يقصر ويطول يخف أو يكون ثقيلاً كالرصاص ويزيد من تعذيبي أن لا قوة لي ولا قدرة على ترويضه ولا اللعب معه . الوقت يمر من فوقي بأسنانه الحادة يهرس جسدي ويلعب بأعصابي , ينهش روحي بصمت ٍ وبطء بلا رحمة سرق مني الشباب الجميل والأحلام والشمس والحياة بكل متعها ولم يمنحني سوى الكهولة والشعور بالحرمان تمر الأيام تكر تشبه بعضها كلها لها طعم الموت . هذه الحياة عبارة عن كذبة بيضاء أو سوداء لا معنى لها , هي في الحقيقة ليست سوى فخ وقعنا فيه مصادفةً والكلام عن المستقبل ليس سوى هراء . نحن محكوم علينا بالضياع نتفسخ على مهلنا حتى تفوح من أجسادنا رائحة الموت نحمل على عازل ثم ندفن بصمت ٍ في الصحراء موتى بلا قبور كما يقول سارتر ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين


.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض




.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار