الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدنمارك: من الرفاهية إلى التسلّح والحرب

شابا أيوب شابا

2024 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



بقلم : هنريك ستامر هيدين(١)

نشرت جريدة الشيوعي التي يُصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي في عددها الرابع نيسان - 2024 المقال التالي :

في مقابلة مع صحيفة Berlingske Tidende (٢)
قِيلَ أن رئيسة وزراء الدنمارك ميتي فريدريكسن قالت عن الحرب المستمرة في أوكرانيا: "أنا لا أستخدم مصطلح الحرب العالمية الثالثة، ولكن ...".

وتُقارن رئيسة الوزراء الوضع في أوروبا الآن بالفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية في عام 1938. وأنّ بوتين هو هتلر ، وإذا لم يتم إيقافه في أوكرانيا، فإن بقية القارة في خطر.

لا تعتقد ميتي فريدريكسن أنه من الصواب مقارنة الوضع الحالي بالحرب الباردة، وتقول رئيسة الوزراء: "هذه حرب ساخنة".

لا شك أن رئيسة الوزراء على حق فيما يتعلق بالمسألة الأخيرة. فهذه الحرب فعلاً ساخنة، ومما زاد من سخونتها هو خطأ الدنمارك. فالدنمارك، إلى جانب بقية دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، هي التي تزود الحكومة العميلة في كييف بالأسلحة التي، على الرغم من احتمال الهزيمة المؤكدة لأوكرانيا، تجعل من الممكن لزيلينسكي ورفاقه تحقيق ذلك. بإطالة أمد الحرب وإرسال آلاف الأشخاص إلى الموت الذي لا مبرر له.

ولكن عندما تُقارن رئيسة الوزراء الوضع بعام 1938، فهي تسير على المسار الخاطئ. ما تُلمّحْ إليه هو خيانة ميونيخ، حيث قامَ تشامبرلين البريطاني ودالادييه الفرنسي، في مفاوضات مع هتلر وموسوليني في المدينة الألمانية، بإهداء ألمانيا منطقة السوديت التشيكية على أمل أن يوجه هتلر بعد ذلك عدوانه نحو الشرق - ضد الإتحاد السوفييتي.

وهنا أُعرج على شيئين. فأولا، لم تقف أوروبا اليوم كما كانت أوروبا في عام 1938. فقد أَشعلتْ خيانة ميونيخ شرارة الحرب العالمية الثانية، ولكن الحرب لم تكن قد بدأت حينذاك، إذ جاءت الحرب بعدَ عام . أمّا اليوم فالحرب قائمة ومستمرة منذ عشر سنوات.

ثانياً، تقوم رئيسة الوزراء بتغيير أدوار المُمثلين. إن الدور الذي لعبه بوتين في الفترة التي سبقت الحرب الحالية لم يكن دور هتلر، بل دور تشامبرلين ودالادييه. لقد كانت روسيا ورئيسها بوتين هما اللذان اعتقدا، في اتفاقيتي مينسك بعد وقت قصير من انقلاب الميدان في عام 2014، أنهما قادران على التخفيف من عدوان الإمبريالية على روسيا من خلال تقديم تنازلات: السماح لكييف بالاحتفاظ بالمنطقتين الانفصاليتين اللتين يسكنهما الروس، لوغانسك ودونيتسك. عِبر منح حكم ذاتي موسع للمنطقتين وَ وعد بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو.

بالطبع لم تنجح هذه المساعي. إن القوى الإمبريالية، التي وقفت بخوف وراء اتفاقيات مينسك (كما اعترفت هي نفسها لاحقاً)، لم تحلم بوقف عدوانها على بقايا الاتحاد السوفييتي، مُمثلاً في المقام الأول بروسيا بوتين، التي، على الرغم من الثورة المضادة والمسار العام، لا يزال يُنظر إليه على أنه عقبة أمام هيمنة الولايات المتحدة على العالم وأمام سياسة Drang nach Osten (٣)
للاتحاد الأوروبي.

لقد رأت الإمبريالية في اتفاقيات مينسك وسيلة للمُماطلة لإعادة تسليح أوكرانيا. ومثلما حدث في عام 1938، كانت التنازلات الروسية تعني "السلام في عصرنا".

في 19 شباط/فبراير 2022، تحرك جيش نظام كييف المُجهز حديثاً لاستعادة السيطرة على منطقة دونباس المتمردة، وبالتالي كانت الحرب قد بدأت. أَعلنت ذلك صحيفة الإذاعة الدنماركية قبل يوم من تدخل روسيا. لذا، عندما تُريد رئيسة الوزراء مِنّا "الرد" على "العدوان غير المبرر" من جانب روسيا، فإنها لا تُغيّر الأدوار فحسب، بل تُغيّر أيضا تسلسل الأحداث.

ويُواصل الكاتب حديثه: بالطبع، كل هذا لا يهم، لأن النقطة المهمة هي أننا يجب أن نكون خائفين - "الروس قادمون!" خائفون معنى هذا علينا أن نقبل زيادة الضرائب. وتقول رئيسة الوزراء إن "الدفاع عن الحرية" يُكلّف أموالاً. وسوف تكون مُكلِفة. هناك شائعات عن فرض «ضريبة الحرب» بنسبة 5 بالمئة، ويجب تخصيص 200 مليون كرونة دانمركية (٤) لتحديث مصنع الذخيرة (Krudten) في Elling بالقرب من مدينة فريدريكسهاون Frederikshavn.

قالت رئيسة الوزراء لصحيفة فايننشال تايمز: "لم ندفع ثمن حريتنا طوال الثلاثين عاماً الماضية"، وأضافت أننا أنفقنا الأموال على الرعاية الاجتماعية وتخفيض الضرائب، والآن قد حان الوقت للحكومات الأوروبية مُناقشة مواطنيها بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي.

وبعبارة أخرى: التخلّي عن الرفاهية - وإتباع سياسة التسلّح والحرب.

كانت ميتي فريدريكسن منذ مدة طويلة محسوبة على الجناح اليساري للإشتراكيين الديمقراطيين.

(١) هنريك ستامر هيدين هو سكرتير الحزب الشيوعي الدنماركي بالتناوب مع رايكه كارلسون

(٢) Berlingske Tidende
هي صحيفة يومية وطنية دنماركية مقرها في كوبنهاكن. وتُعتبر صحيفة تاريخية..
(٣) مفهوم Drang nach Osten
كان عنصراً أساسيا في القومية الألمانية وعنصر رئيسي في الأيديولوجية النازية. كما قال أدولف هتلر في 7 فبراير 1945، «إنه شرقاً، فقط ودائماً شرقاً، يجب أن تتوسع عروق جنسنا.
(٤) تُعادل 29 مليون دولار أمريكي.

ترجمة: د. شابا أيوب
الدنمارك ١٠ نيسان ٢٠٢٤








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - تعرف إلى أدوات الذكاء الاصطناعي المفيدة والمج


.. ماذا وراء المطالب بإلغاء نحر الأضاحي في المغرب؟




.. ما سرّ التحركات الأمريكية المكثفة في ليبيا؟ • فرانس 24


.. تونس: ما الذي تـُـعدّ له جبهة الخلاص المعارضة للرئاسيات؟




.. إيطاليا: لماذا تـُـلاحقُ حكومة ميلوني قضائيا بسبب تونس؟