الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظلال وضباب 1991(وودي ألن): كافكا وكاليجاري وعاهرة لليلة واحدة

بلال سمير الصدّر

2024 / 4 / 11
الادب والفن


الفيلم من كتابة واخراج وودي الن ،وتشاركه ممثلته الأثيرة ميا فارو في البطولة الرئيسية مع نخبة من ممثلين تلك الحقبة،من جون مالكوفتش وجون كوساك ومادونا وجودي فوستر.
الفيلم هو بالابيض والاسود،ولكن هذا الوصف ليس دقيقا لأن الفيلم بألبيض والاسود والسكني(رصاصي)،حيث يبدو هذا اللون الأخير هو اللون الأكثر حضورا وبروزا حتى اكثر من الابيض والأسود التقليدي.
هناك انعكاسات شبحية وظلال،ولاريب ان وودي الن يستخددم ثيمات أفلام الرعب،وحتى القصة التي هي عبارة عن قاتل متسلسل تقدم تحية للتعبيرية الالمانية بجميع عناصرها.
ثم،أن نقول او وودي الن يقدم تحية للسينما التعبيرية الألمانية وهو الاتجاه المدين له اي فيلم رعب صنع من بعد،فهذه قصة بحد ذاتها...
ولكن هناك قصة أخرى ايضا،فاللقطة الثانية في الفيلم هي محاكاة لمحاكمة فرانز كافكا...
كلينمان(وودي ألن) يدخل عليه فجأة محققين في وقت متأخر من الليل:
نريدك ان تكون معنا،المجنون الذي قتل ابن ايسلر وقام بخنق جنسن حتى الموت بسلك البيانو
لا تتغابى، الليلة ضبابية وهو دائما ما يقتل بالليالي الضبابية
هل كلينمان هو الظاهرة،هل هو انتوني هوبكنز في صمت الحملان...؟!
صمت الحملان تم انتاجه في نفس عام هذا الفيلم 1991
كلينمان ستوكل اليه مهمة غير معروفة ولا معرفة حتى بالنسبة اليه،وهو لابد ان يقوم بهذه المهمة حتى لو كان في خضم منافسة للحصول على ترقية.
قبل ان نشير اكثر الى كوميدية هذه الحبكة المختلطة،فكافكا له علاقة بالليل وضبابية التعبيرية،فان تقيم علاقة بين شخص مع قائمة طويلة من قوائم السلطة ومن طرف واحد،بحيث يبدو المسار ضبابي جدا بالنسبة للطرف الثاني،فهي أجواء فيلمية تصلح لمحاكاة كافكا على العموم...
عندما عمد كلينمان الى مقصورة الدكتور،اعتقدت ان وودي الن كان يريد اعادة انتاج فيلم مقصورة الدكتور كاليغاري،لكن كل هذه المعمعة لن تقدم سوى حبكة كوميدية كثيرة الخبطات التي هي ليست غريبة على وودي ألن ومألوفة بالنسبة لمتابعيه.
سيرك وخيانة:
ميا فارو بدور ايرمي تهجر السيرك لخيانة حبيبها المهرج الفنان لها(جون ماكوفتش)،وفي هذا الليل لاتجد ملاذا أوليا للتستر فيه سوى بيت دعارة.
هنا يحدث شيء...هنا مايحدث هو شيء لايمكن سوى ان يذكر بحسناء النهار،أقصد لويس بونويل طبعا...
لويس بونويل الذي اهدى كاثرين دينوف أفضل فيلما في تاريخها...
يعجب الشاب جاك( جون كوساك) بايرمي العرضية في هذا البيت،ويعرض عليها 700 دولار من اجل قضاء ساعة واحدة معها،فتوافق هي ضمن قوة المال غير المحدودة...لكن الذي يحدث غير الذي كنا نتوقعه على الاطلاق:
حسنا،لديك 700 دولار بامكانك أن تبدأي حياة جديدة....يا الهي أنا عطشان
ايرمي:كنت رائعا
جاك:شكرا،ليس من الضروري أن اكون رائعا فقد دفعت مالا
ايرمي:مع ذلك
اسمعي،اخبريني الحقيقة...؟!
هل أغمضت عينيك وفكرت بالنقود...؟!
حستا،في أول الأمر فعلت ذلك،ولكن بعد ذلك استمتعت به،الآن اشعر بغرابة مع ذلك
جاك:غرابة بأي طريقة...؟!
لا أعلم،كما لو أنني لست انا
جاك:لست انت،ام لأنها بالفعل أول مرة لك...؟!
الحوار اعلاه من الممكن ان يعيدنا بقوة الى سينمائية لويس بونويل وحسناء النهار،بل وسردية ألبرتومورافيا الأدبية،وان قلت ان فيها شيئا من فرويد وباتاي فأنا لا أبالغ...
لكن وودي الن لن يسمح لها بالانطلاق إلى أي حد او طرف من هذه الحدود أو الاطراف.
قد نصفج عن الفيلم لعدة اسباب،لأننا أولا نعرف سينما وودي ألن جيدا،كما ان المعادلة الكوميدية للفيلم منذ البداية لن تسمح بالانطلاق أكثر من ذلك...الى اكثر من التقاء عرضي محسوب بين ايرمي وكلينمان ليقول لها:
حسنا،عندما يكون السيف تحت حنجرتك ماذا ستفعلين لو أتتك الحازوقة...؟!
انها كليشيهات وودي ألن التي لايمكن محاكاتها أو تقليدها
يلتقي جاك مع بول(المهرج) بطريقة عرضية،ويخبره عن حبه لإمرأة نام معها ليلة واحدة،بينما تشعر ايرمي بالندم وتقرر أن تتبرع بالمبلغ للفقراء...في الكنيسة هناك قائمة يقوم باعدادها القس مع احد رجال الشرطة ،واسم كلينمان مكتوب في هذه القائمة،ولكنهم يشطبون اسمه عندما يقدم هذا المبلغ من المال،ولاحقا عندما يريد استرداد شيئا من هذا المال يعيدون كتابة اسمه من جديد...تقريبا انه فيلم الجمهور لماركو فيري
ولتكتمل الخلطة:في الحقيقة أنا ارى شيء من الليالي البيضاء أيضا...مزيج من دوستيوفسكي ولوكينوفيسكونتي
وضمن كل هذه الثيمات المتعددة،لابد ان تقتحم تلك العصابية الخاصة بوودي ألن،الشيء الذي من الممكن أن أدعوه بالقفزة الايمانية الوجودية،المربع الخالد الخالد عند وودي ألن:
الموت-الحياة-الانتحار-الجنس
لكن ايضا هناك حوارات ملفتة للنظر،ولكنها باتت مبتذلة بالنسبة لطريقة معالجة الحبكة...يقول يقول سايمون كار منافس كلينمان على الوظيفة في خضم لقاء ايضا عرضي بينهما :
ذهبت للسيد بولس سابقا،سيمنحني الترقية،في الحقيقة قال أنه رآك كحشرة ذليلة...هذا تعبير كافكاوي بالتأكيد
الفيلم استند ايضا الى مسرحيتان كتبهما وودي الن: الموت يدق الباب والاله.
الفيلم استقبل نقديا بفتور شديد،ولاحقا،صنف الفيلم كأحد أسوا افلام وودي ألن على الاطلاق.
بالنسبة لي،الفيلم ثوري،جيد،وومتع ان لم يكن مقنع،باختصار هو ليس أحد اسوأ افلام وودي ألن على الاطلاق،بل هو أفضل افلامه متوسطة المستوى الفني.
25/07/2023








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ


.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش




.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح