الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعريف : شهادة حب وشجاعة وصدق , نوري اسكندر مدير المعهد الموسيقي في حلب - 11

مريم نجمه

2024 / 4 / 12
حقوق الانسان


تعريف : قيثارة حب وشجاعة وصدق , شهادة نوري اسكندر مدير المركز العربي للموسيقى في حلب ( الكتاب الأحمر ) , مطرانين حلب المخطوفين غريغوريوس يوحنا إبراهيم كنيسة السريان الأرثوذوكس ومتروبوليت بولس يازجي عن الكنيسة الأرثوذوكسية -11

- " إنه قيثارة حب وشجاعة وصدق وحقّ ".
شهادة (الراحل) نوري اسكندر .

( تحرّكه ألحان الروح المقدّسة النابعة من أقاصي جبال الرُها ودير الزعفران والنصيبين , إنه مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم من خضم الغربة وخضم الموت الذي يحصد الناس الأبرياء في سوريا بالآلاف .
أحاول أن أتلمّس التذكر بالإنسان الكبير المطران مار غوريغوريوس يوحنا ابراهيم راعي أبرشية كنائس حلب للسريان الأرثوذوكس الذي اختطف من قبل أناس غريبي الأطوار والأهواء منذ أكثر من سنتين برفقة زميله المطران بولس اليازجي , فك الله أسرهما كل ساعة من حياته اليومية كان عملاً وتفكيراً بالخير لشعبه وللناس عامة .
تسمعه وهو يتكلم ويحاور تحسّ بروحه الشفافة وإيمانه الكبير تجاه الإنسانية والخير العام . التقيت بمعظم المطارنة في كنيستنا السريانية ولم أجد أحداً مثله محباً وعاشقاً للألحان السريانية كما ذكر في مقدمة كتاب بيت الألحان ( البيتجاز ) المطبوع . قال أنا شخصياً أعشق الألحان السريانية وأهيم بها وأشعر أنه في ساعات الضيق وأوقات الحرج في ملجأي الوحيد فأتغنى بالكلمات التي تسمو بالروح إلى العلاء وأسمع الألحان التي ترفعني إلى أجواء السماء فعلاً كان هكذا كما قال وقد عاشرْته ولمست هذه الأمور في شخصيته في فترات العمل معه أكثر من عشر سنوات .

أول لقاء تمّ بيننا كان عام 1967 في باحة البطريركية بدمشق سلّم عليّ وسألني كيف الحال وبماذا تشتغل في هذه الأيام , قلت كان الحديث مع قداسته البطريرك يعقوب الثالث حول مشروع تنويط وتوثيق ألحان البيتجاز لكن جوابه كان سلباً نظراً لعدم توفر الميزانية , وبعد عام 1979 بعد رسامته مطراناً لأبرشية حلب , أخذ يحضّر الملفات لمشاريع متعددة عمرانية , ثقافية , أوقاف , جمعيات إجتماعية , ترتيب المجالس المِليّة في كلا الكنيستين مار إفرام السليمانية ومار جرجيس بحيّ السريان , ومن أهم ما فكّر في تلك الفترة هو تنويط ألحان البيتجاز .
اتصل بي وجلسنا جلسة عمل وسألني هل لا زلت تريد تنويط ألحان البيتجاز قلت نعم , فقال إبدأ بالمشروع وقدم لي ملف حول الكيفية والمصاريف . تمت الموافقة بمباركته وبدأت بالعمل استغرقت عملية التنويط أكثر من أربع سنوات كان الإتفاق كما يلي , بما أن معظم الأبرشيات السريانية في الوطن والمهجر تتعامل بألحان دير الزعفران فإننا سوف نبدأ بها ثم نعمل على ألحان المدرسة الرهاوية .
بعد انتهائي من التنويط شكلت ورشة عمل مؤلفة من الخطّاط كاتب النصوص ملفونو نعمان حيداري رحمه الله , وخطّاط للنوطات الموسيقية مدرّس الموسيقا أحمد الخطيب ومني أنا , لمراجعه ما كتب من النوطات ومن سيادة المطران يوحنا مشرفاً على كتابه النصوص هذه . الورشة استمرت أكثر من سنة ونصف وذلك في مبنى المطرانية ..بالعمل الدؤوب يومياً أكثر من ست ساعات , الطبعة الأولى كانت في عام 1993 ثم طبعها عام 1996 بعدها بدأنا بتحضير البيتجاز الرهاوي وثم طبعها بعدها بدأنا بتحضير البيتجاز الرهاوي وثم طبعها عام 2003 .
عشقه للألحان السريانية وتأثره بالبطريرك يعقوب الثالث ( 1957 - 1980 ) المعلم الكبير للألحان السريانية دفعه إلى دراسة كل ما كتب عن الموسيقى السريانية الدينية والمدنية من قبل الأساتذة : الأب جانان البندكي والبروفيسور هوسمان الألماني والأب يوسف الخوري والأب إيلي كسرواني والشماس ملفونو ابروهوم صومي وجان ماري مالاكريدا الإيطالي والشماس نعمة الله دنّو وغيرهم , والإستماع إلى آرائهم وملاحظاتهم كل ذلك من أجل أن يكون كتاب البيتجاز ما يلي :
" لا ندّعي أن عملنا هذا كامل بل نتوقع بعض الأخطاء والنواقص فيه لأنها المحاولة الأولى في تاريخ كنيستنا ونتمنى أن نتلقى نقداً بناءً لعملنا لنتجنب الأخطاء في طبعات قادمة للمدارس الموسيقية الأخرى . " .

كل أيامه كانت مليئة بالأعمال والأسفار خارج البلاد إلى مؤتمرات عالمية دينية واجتماعية وبعد كل عودة يحدثنا كيف أنه أسمع المؤتمِرين ألحاننا السريانية بصوته وإيدائه الجميل وأيضاً كان يستمع إلى أي إنسان أو شماس يرتل ألحاناً جديدة لم يسمعها من قبل ويسجلها للدراسة . كان شغوفاً يتعلم ألحان جديدة من كافة الكنائس والطوائف .
في إحدى الجلسات الموسيقية الخاصة التي كنا فيها لوحدنا أعطاني مار غوريغوريوس كتاب الأنافورة مفتوح على صفحة ما وطلب مني أداء مقطعاً ما بلحن مرتجَل وبالمقام الذي أرغبه . أخذت أحاول قراءة النص لأفهم المضمون والمعنى حتى أرتجَل اللحن المناسب لهذه الجمل . أحسست بالحرج لصعوبة الموضوع تشجعت ورتلت فكان أدائي سيئ وفاشلاً لأن احتمالات التنويع في الأداء الإرتجالي كثيرة المهم أن يكون معبراً عن المعاني والموضوع .

أما سيدنا فكان تقطيعه لجمل النصّ واضحاً مع ارتجالاته اللحنية المناسبة لهذا النص معبراً عن المضمون والمعنى . ليس كل موسيقي قادرعلى القراءة اللحنية الإرتجالية للنصوص هذا النوع له خصوصيته كما في القصايد الغنائية ويعتبر نوعاً من التأليف الموسيقي . أثناء القداديس أحياناً بعض الشمامسة كانوا يغيرون المقام عن جهل وعدم دراية ويسبّبون النشاز فكان سيدنا يلتفت ويؤنب ليعلّم الذي أساء إلى ألأداء والمقام .
ما كان يقلّد أحداً في أدائه للألحان وبدون تكلف وافتعال يترك العنان لصوته منفعلاً متأثراً مع معاني الكلمات والنصّ .

دِقة أدائه للأجناس الموسيقية السريانية كان موضع احترام وتقدير منا لموسيقيين . ففي إحدى التراتيل : حاديث مليه رحميه بعوتو دمورو بالاي , الذي يرتل في رتبة الجناز كان يؤديها سيدنا بشكل رائع وهو من مقام البسته نكار يعني جنس صبا في الأعلى وينتهي بجنس السيكا في النهاية هذا المقام نادراً ما يستعمله اللآخرون فقط في التقليد الرهاوي موجود وفي أماكن خاصة من ليتورجية جمعة اللآلام في أداء سيدنا , كنت تحس بالزمن الغابر والتاريخ لأن اللحن كان يوحي بذلك تناغماً مع الحزن الجنائزي .
بعد الإنتهاء من طباعة البيتجاز بمدرستيه قال : الآن جاء دور تسجيل هذه الألحان صوتياً وبأداء الكورال في الإستوديو وعلى الأشرطة والأقراص المضغوطة وتوزيعها للناس لتكون مدرسة للتعلم والإستماع والإستمتاع لهذه الألحان ما رأيك ؟

كان السؤال مفاجئاً نظراً لصعوبته ثم لم يخطرعلى بالي مثل هذا السؤال , فكرت قليلاً وقلت: هذا المشروع أصعب بكثير من طباعة البيتجاز لأن تحفيظ ما يقارب أكثر من 800 لحن للكورال وبطريقة التلقين, ثم تسجيلها في الإستديو تابعت وقلت ممكن هذا إذا عملنا دوره خاصة لتعليم الموسيقى والسولفيج على الألحان والقولية ونسجل كل أسبوع عدد منها وهكذا حتى النهاية .
أجاب هذه الطريقة أيضاً صعبة , لأن معظم أفراد الكورال هم هواة وليسو محترفي موسيقى المهم بعد حوارات طويلة توصلنا إلى حلول معقولة عملياً . من ضمن هذا المشروع كنا نطمح إلى تحضير إمكانيات وكوادر كورالية جديدة ذو خبرة عالية للقيام بمشاريع موسيقية أكبر وأروع .
بعدها بفترة قال إن أجور ومصاريف التسجيل في أي ستوديو سوف تكلفنا كثيراً أليس من المنطقي أن ننشئ ستوديو خاص لنا من هذه الأجور, المكان جاهز لدينا في قبو المطرانية , إنها فكرة جيدة قال اتصل بالمختصين واعمل دراسة مالية لهذا المشروع وبعدها حضرت الملف لكن لظروف ما لم نستطع تنفيذ هذا المشروع .

يعني هذا مشروع تربوي ديني واجتماعيّ وموسيقي في آن معاً, جمهور المصلين كباراً وصغاراً رجالاً ونساء وشباباً , يشاركون الكورال والكاهن والشمامسة في القداس الإلهي , إنه جوٌ عباديّ يملئ الروح قداسة وطهراً وروحانية , أنه الهدف الكبير , وبعد سنوات كان الحلم قد تحقق في الكنيستين . كان يتمنى ويحاول تعميم هذا الأسلوب في كافة الكنائس السريانية الأخرى , وحتى يتم هذا سجل سجل عدة قداديس مع الكورال على الأشرطة لتوزيعها لكل بيت وعائلة , كان يهتم بكل ماهو موسيقي في مجتمع رعيته إيماناً ويقيناً لدور التربية الموسيقية .
إن تشجيعه واهتمامه للكورال كان كبيراً حضوره للبروفات وملاحظاته وتجديد برامج الكورال وإقامة حفلات خاصة ورحلات فنية للكورال مرتين في السنة على الأقل . ففي صيف 1988 بعد اتصاله بالمسؤولين في التلفزيون السوري بدمشق تم حجز الإستديو لتسجيل برنامج كبير من الألحان السريانية بمرافقة فرقة موسيقية إليه من خيرة فناني حلب وفي نفس الرحلة تم إقامة عرض خاص للمركزالفرنسي بدمشق .
وفي عام 1995 شارك نيافته مع الكورال في رحلة فنية أخرى إلى باريس بدير روايومون وافتتح الحفلة بكلمة ألقاها باللغة الفرنسية وشارك الكورال بترتيل سولو منفرد تخشفت جديد لكنه كان يحلم بشيئ أكبر وأعظم ألا وهو جعل جمهور المصلين المؤمنين كورالاً بحد ذاته مرافقاً الكورال الخاص .
الفرقة الموسيقية لكشاف السريان بحي السريان كانت قد بدأت بمرحلة جديدة من النشاط , فكان سيدنا داعماً ومبادراً وموافقاً لكل مطاليبهم وقراراتهم من شراء آلات موسيقية جديدة وإقامة حفلات وتظاهرات إحتفالية دينية ووطنية .
طلب مني اختيار مدرسة متفوقة لهذه المادة عندما قرر إنشاء مدرسة إبتدائية نموذجية , حيث كان في السنوات العشر الأخيرة قد حصل حماس واندفاع من قبل أولياء التلاميذ لتعلم أطفالهم الموسيقى والعزف اللآلي للوتريات والنفخيات , شجّع التلاميذ واقام لهم الكثير من الحفلات داخل الكنيسة وخارجها مع حضوره كافة الحفلات والنشاطات .
آخر حدث بيني وبينه كان مشروع حفلة التكريم الخاص لي وذلك بحضور وزير الثقافة السورية الأستاذ رياض نعسان آغا في المركز الثقافي بحلب . وهكذا كنا على تواصل حتى اختطفوه هو وزميله المطران بولس اليازجي .
وقبلا أن أغادر سورية مهاجراً بيومين في نهاية شهر أيار 2014 زرت البطريرك مار إفرام الثاني مهنياً له , لقد كان شاهداً لنشاطات سيدنا مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم وقصه الورشات لتنويط وتوثيق البيتجاز في المطرانية بحلب .
قلت لسيدنا مار إفرام ألا تريد تكميل مشروع معلمك الأول مار يوحنا في توثيق بقية الكتب الأشحيم والفناقيث والكتب الأخرى ؟
قال نعم إنه واجب وهام جداً ثم طالب مني تحضير ملف لهذا المشروع ).

******

The Harp Of Love , Courage , Sincerity And Truth
نوري اسكندر
Nouri Iskandar
-dir-ector Of THE Arab Institute Of Mosic
In ALEPPO , SYRIA
********



لعمري , هذا هو الخط والفكر اللاهوتي العبقري الجديد ,المتجدّد لما هوحضاري وراقي وتربوي وإنساني .
لا بد لي من كلمة ,
السلام والرحمة لروح الراقد في رجاء القيامة , الأستاذ نوري اسكندر.. لما كتب من شهادة وما ترك للكنيسة وللأجيال والتاريخ من آثار فنية موسيقية وثقافية رائعة ستخلده .


......
من 22 نيسان ابريل 2013 - 22 نيسان 2024
ذكرى اختطافهما على الأبواب في هذه المناسبة الأليمة الحزينة , لا بد لنا من تجديد صرخة ورجاء للعالم أجمع أولهم وعلى رأسهم " هيأة الأمم المتحدة " ومنظماتها والجمعيات الممثلة للعدالة وحقوق الإنسان ولكل إنسان حر على كوكبنا الأرضي أن يقف وقفة حق ويتضامن مع في هذه الصرخة والحملة العالمية ...متمنين من كل قلوبنا الإفراج عن المخطوفين كل المخطوفين والمأسورين والمعتقلين والمختفين في سجون وأقبية سوريا , والإخبار عن مصيرهم فورا , كفى , كفى استهتارًا واحتقاراً بأرواح البشر.. للشخصيات الدينية للأرواح النقية المسالمة , وغير الدينية , احتراماً للكرامة الإنسانية والعمر والموقع السوري العربي العالمي الذي يخدمون فيه رسالتهم ورعيتهم وأهلهم ووطنهم , كلنا أمل بالغد وبانتصار الحق والعدالة للبشرية جمعاء ... لتعيش شعوبنا الأعياد كافة بفرح ومحبة وسلام ..
-----------------------------------------
المصادر :
- الكتاب الاحمر : ميكائيل أويز , و عزيز عبد النور
غريغوريوس يوحنا ابراهيم
- بوستيرات - قراءات - الإعلام المرئي والمسموع
تحية شكر للقراء والاصدقاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة هيومن رايتس ووتش تدين مواقف ألمانيا تجاه المسلمين.. ما


.. الخارجية السودانية: المجاعة تنتشر في أنحاء من السودان بسبب ا




.. ناشطون يتظاهرون أمام مصنع للطائرات المسيرة الإسرائيلية في بر


.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر




.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ