الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بَقيةٌ مِن سِيجار

علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)

2024 / 4 / 12
الادب والفن


مخالبُ طفليَ النَّمرِ الصغير قدِ إلتَقَطَتْ بقيةَ جثمانٍ من سيجارْ. على حين غفلةٍ من بؤبؤي الشاردِ، ومابرح بؤبؤي بخلجاتِهِ متأبِّطٌ محتارْ. وأنا ما ألفتُه في ثوانيَ عُمُرِهِ إلّا شارد النظراتِ محتارْ.
ثمَّ شهَقَ نمريَ الصغير فنفثَ الدّخانَ بمنخريه فحلّقَ والدخانَ في العنان وطارْ،
فقهقهَ صغيري وكأنه قيصرٌ روما، أو ربما ظنَّ أنّهُ هارون الرشيد قد صارْ ،
فقهقهتُ معه على قطارِ زمانٍ فينا ثقيلٍ وومستطار، لا يحملُ لنا إلّا سيجاراً يلدُ دخاناً من بطن نارْ.
مهلاً عليَّ يا ذا عمامةٍ مُتّحفِّزَةٍ لزَلَّةٍ كمثلِ فأرٍ في الأزقةِ دار..
ومهلاً أنتَ ياصاحُ وألجمْ ذرفَكَ إن ثار ، ومهلاً ياجارُ وأحجمْ حرفكَ يا جارُ إن جار...
مهلاً عليَّ، وذروا سيوفَ النُّصحِ في أغمادِها ولا تنعتونيَ بسوءِ تربيةٍ من جهالةٍ وسفاهةٍ وأقذارْ، فهكذا هوَ فكري يقضي دقائِقَهُ إذ أعياهُ غمُّ الزمانِ ورقصَ على كتفيهِ الهَمُّ ودار..
وباتَ رقَّاصُ الزمان فيهِ هامداً، فلا تبخترَ فيهِ ولا سمرَ ولا فيه خبرُ سارْ، وما عادَ يدفعُ عن الفكرِ عِلمٌ تعلّمَه ولا ينفعُ مجلسُ حكمةٍ كان قد زارْ...
فتراهُ مُعتَكفَاً عن غوغاء زمانِهِ هذا وعن الصاحبِ بالجنبِ وعن الآلِ والجارْ...
وتراه لاهياً يعبثُ ببقيةِ عيدانِ ثقابٍ محطماتٍ ويعدُّ بهنَّ مالديهِ من أوظار..
وما فتأ ينفُثُ وصغيره برهفٍ وبشغفٍ دخاناً من سيجار، بينما أمست دارُنا تغبطُ مُقامَ أصحابِ القبورِ وتتمنى منامهم ومن رقوهم تغار.
إمرحْ!
إمرحْ يا صغيريَ الأمير، وإفرحْ ببهجةٍ لانملكُ غيرها وتلكَ هي شهقةٌ من سيجار.
وإني وإياكَ لعلى هدىً أو في ضلالٍ منه يُستَجَار، إمرحْ فلن نباليَ بمَن يتَصَيَّدُ فينا العيبَ، والعيبُ في عِبِّهِ قد تكَدَّسَ وتيَبَّسَ وبارْ.
لا عليك منهم يا أميري، ودعنا نضحكُ ونذرُ لعبةَ التربيةَ فيما بيننا بمناوراتٍ بينَ القطّ والفار.
إشهق الدخان وأخرجْهُ من منخريكَ فما كان الدُّخان يوماً بضار. وكذبَ الناصحونَ بتنمُّرٍ بأنَّ السيجارَ آفةٌ مُسرطنةٌ سمُّها يدَمدِمٌ الأبدانِ ضار. أوليس سرطانُ زمانهم أشدُّ إيلاماً على روحيْنا إن تغلغلَ خِلسةً بيننا في الدار.
إشهقْ ثمَّ إنهقْ أيا صغير وإرتقبْ إذ يلبسُ الناصحونَ عباءةِ أولياءٍ أبرار أو عصمة أنبياء أخيار.
يالمنخرينِ في فيكَ آسرينِ ساحرين صغار..
إنهم يمنعونني وإياكَ بهجةَ دخانٍ يتيمةٍ إن تَحلَّقَ في الفضا وطار، بل وينعَتونني بالسفاهةِ والصلافةِ والعار!
صلافةٍ وعار!
أيَّةُ صلافةٍ وأيُّ عار !
أنا ماطعنتُ بعرضِ رسولِ الله الذي تستنيرُ بسناهُ الأقمارُ والأبصار..
وأنا ما قتلتُ أبنَ بنتِه في العراق وماسبيتُ ذريته من كوكبةِ آلٍ أطهار..
وما سئمتُ من ذكرى مسرى المصطفى المختار، وما التئمتُ معانقاً قردة بني صهيون لا في خفاءٍ ولا في جهار ، فأينَ سفاهتي وأينَ هيَ الصلافةُ والعار !
أفٍّ لهم من ناصحين جلّادينَ بالسنةٍ حدادٍ على شهقةٍ دخان من سيجار!
أفٍّ لهم ولِمَا يتنطعون بنفاقٍ خوّارٍ أغبرٍ أعورٍ ختَّار.
أفٍّ مبثوثةٌ بنفثِ دخانِ (كوبيٍّ) وذلكَ فخر الأصنافِ في عالمِ السيجار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل