الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق أصدقاء أمريكا في المنطقة

معقل زهور عدي

2006 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ربما حان الوقت ليبدأ أصدقاء أمريكا في العراق في استحضار مشهد الانسحاب الأمريكي من فييتنام ، وما تبعه من سقوط مريع لقوات فييتنام الجنوبية أمام قوات هوشي منه التي تقدمت بثبات حتى محاصرة سايغون واسقاطها على مسمع الولايات المتحدة والعالم رغم أن أمريكا لم تقصر في تزويد جيش فييتنام الجنوبية بالأسلحة والعتاد ، كما أن عدده كان بمئات الألوف ، لكن مايحصل عادة هو انهيار معنويات الحليف الصغير حين ينهار الحليف الأكبر .
على الأرجح سيحدث في وقت قريب انقسام في صفوف التحالف الحاكم في العراق ، بحيث سيقترب جزء من ذلك التحالف من خط مقاومة الاحتلال ، ويبتعد عن خط عبد العزيز الحكيم ، بحيث يبدأ خط الحكيم يعاني العزلة والظهور بمظهر التبعية الذليلة للاحتلال .
تواتر الأخبار من واشنطن حول الاتجاه نحو الانسحاب ( آخرها كان نشر النيويورك تايمز لتقرير رامسفيلد السري الذي يصل التشاؤم فيه حد اليأس من تحقيق النصر ) سيؤدي الى تغيير طريقة تفكير السياسيين في العراق في التحالف الذي جلبه الاحتلال للسلطة ، فالبعض سيفكر في تغيير لباسه القديم وارتداء لباس يوحي بالوطنية ومعارضة الاحتلال مثل السيد اياد علاوي ، والبعض الآخر سيفكر في تأمين مصادر خارجية أخرى للدعم والمساندة كايران ( الحقيقة أن النفوذ الايراني ماكان له أن يحقق ما حققه سوى بوجود الاحتلال الأمريكي) . أما الآخرون الأقل ذكاء فسوف يفاجؤون ذات صباح بمنظر الجسر الجوي من الطائرات الأمريكية العملاقة وهي تنقل القوات الأمريكية بعيدا وبعيدا جدا عن مطار بغداد .
كل الطبخات السياسية التي تمت في مطبخ الاحتلال سترمى للمزابل ، فلا الدستور العراقي الحالي يمكن ان يقيد له الحياة ، ولا الفدراليات ومشاريع التقسيم ، وسيتراجع نفوذ الطالباني والبرزاني نحو السليمانية في انتظار صحوة الجماهير الكردية الفقيرة التي ستكتشف حجم التضليل والمراوغة في الخطاب السياسي للمافيا الكردية المتحكمة التي ربطت مصيرها بالاحتلال الأمريكي وأوهمت بعض النخب الكردية بأن العمالة للمشروع الاستعماري الأمريكي هي بوابة الجنة .
الاحتلال الأمريكي هو بالتحديد من أوقد النزاع الطائفي في العراق ( هل يمكن ان ننسى تصريح مارتن اندك المتلفز حين قال وقد أثملته خمرة النصر بعد احتلال بغداد ( سياستنا هي فرق تسد) هكذا بكل وقاحة !)
والاحتلال الأمريكي هو من يسعى لاستمرار ذلك النزاع وتفاقمه رغم كل المزاعم ( ترتكز خطة بيكر المقترحة كاسترتيجية خروج من العراق على انشاء فدرالية الجنوب ) ، وباندحار الاحتلال سوف يتخامد لهيب النزاع الطائفي وستفقد ميليشيا فيلق بدر سندها العسكري ، وتعود الروح الوطنية للظهور والتسيد .
هل يعني ذلك استبعاد أشكال الفوضى والصراع ؟ لا بالتأكيد ولكنه سيعني عودة النظرة الواقعية والوطنية التي طمسها وهمشها الاحتلال وعملاؤه حين تم الاخلال بالتوازن الوطني باستقواء فريق بالاحتلال على فريق آخر بحيث تم تدمير أي اساس للتعايش المشترك . تلك النظرة الواقعية الوطنية كفيلة بايجاد الأدوات الضرورية لحل النزاع على أسس وطنية – ديمقراطية .
أزمة أصدقاء أمريكا من الأنظمة العربية نابعة من مصادر متعددة :
أولا : انهيار النظام الاقليمي باحتلال العراق وانهياره ثانية بخروج القوة العسكرية الأمريكية كقوة مهزومة .
ثانيا : المرحلة القادمة ستكون فيها أمريكا عاجزة عن تقديم الدعم للأنظمة العربية التي عاشت طويلا بفضل ذلك الدعم ولتنذكر مرحلة الانكفاء الأمريكي بعد حرب فييتنام .
ثالثا : سوف يصاحب انكفاء القوة الأمريكية في المنطقة صعود القوى المناهضة للهيمنة الأمريكية كرد فعل على الممارسات الوحشية والدموية ومحاولات اذلال الشعوب واظهار الاحتقار لقيمها وتاريخها ، ولن يفوت موجة الغضب القادمة تذكر مسؤولية تلك الأنظمة في احتلال العراق والتمكين للهيمنة الأمريكية في المنطقة ( القواعد العسكرية والتحالف الأمني والدعم المالي ) .
باختصار فان الأنظمة العربية الصديقة للولايات المتحدة ستجد نفسها في المرحلة القادمة مجبرة على تقديم التنازلات لمجتمعاتها لاكتساب شيء من الشرعية مقابل افتقاد فعالية الدعم الخارجي ومحاولة استيعاب موجة ردود الأفعال القادمة.
أما التيارات الليبرالية الجديدة التي نبتت كالفطر بعد احتلال العراق لتبشر بالمخلص الأمريكي فسوف تنتهي كفقاعات الصابون وقد بدأنا نشهد تراجعها في سورية ، فقبل سنة من الآن لم يكن يمر يوم الا ويطلع فيه علينا كاتب جديد قادم من أقصى اليسار ليعلن توبته وندمه واكتشافه لفضائل الرأسمالية وقيم الليبرالية الخالدة ، وليدشن تعمده الليبرالي بالهجوم على القومية والاشتراكية والاسلام والتأكيد بأن الليبرالية وحدها هي عقيدة الفرقة الناجية ، أما الآن فسوف يتعب المرء بالتفتيش حتى يعثر ليس على كاتب ليبرالي جديد ولكن على النجوم القديمة التي انطفأت حين شعرت بقرب نهاية العصر الأمريكي في المنطقة .
مأزق أصدقاء أمريكا لايكمن فقط في أن القوة التي ساندتهم طويلا ستخرج مهزومة من العراق وسيتبعها انكفاء أمريكي مؤكد لفترة غير محددة ، ولكن مأزقهم يكمن في عدم تصديقهم لتلك الحقيقة حتى الآن كأنهم لم يتصوروها ويحسبوا لها قط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟