الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مآلات الصراع الإقليمي بين تهديدات الردّ الإيراني المباشر وأولويات الصبر الاستراتيجي!

نزار فجر بعريني

2024 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


هذه الضجة الإعلامية الأمريكية التي تتحدّث عن معلومات استخباراتية مؤكّدة حول ارجحية توجيه " ردّة فعل" "بالستية و مسيّرة" إيرانية داخل " فلسطين المحتلة "، وعن زيارة " قائد القوات المركزية الأمريكية، الجنرال" مايكل كوريلا" لتنسيق مواجهة إسرائيلة أمريكية ( وربما عربية ) مشتركة ضد طهران (١)، تؤشّر كما يبدو لي إلى احتمالين:
١ تعزيز مبررات عدم حصول الردّ الإيراني التي نظّرت لها طهران في دعايات أولوية " الصبر الاستراتيجي" !!
فهل من الحكمة أن تهاجم طهران " القدس المحتلة " ، في مواجهة إسرائيل وامريكيا معا ،( وربّما تحالف" قيادة القوات المركزية" التي يقودها " كوريلا " وتضم السعودية والإمارات .ومصر والأردن )؟!
٢ التنسيق الأمريكي مع" الإسرائيليين "، في موازة محادثات مسقط مع الإيرانيين، لتحديد مكان وتوقيت وأهداف " الرد " على طريقة هجوم " عين الأسد " في أعقاب اغتيال قائد فيلق القدس السابق " قاسم سليماني " ، ويبتغي من حيث الشكل والدعاية " الحفاظ على "ماء وجه طهران" وقواعدها الشعبية ، و هي في النهاية حاجة أمريكية لمواصلة النظام الإيراني تنفيذ ادواره ، في إطار شراكة النهب والسيطرة التشاركية الإقليمية مع واشنطن ! (٢).
شخصيا ، يبدو لي أرجحية الاحتمال الثاني- الردّ على طريقة " عين الأسد " بالصوت والكاميرا، وصواريخ عديمة الفاعلية ، ولا مانع من إصابة مواقع داخل " القدس المحتلة " كما فعلت صواريخ الراحل صدام حسين !
يرتكز استنتاجي على عدّة عوامل ، ترتبط بسياسات النظام الإيراني الخاصة من جهة ، و بأجندات الولايات المتّحدة المرتبطة بمواجهة عواقب هجوم طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية العدوانية اللاحقة في ضوء أهداف وخطوات مشروع التطبيع الإقليمي.)(٣)
أ- على الصعيد الإيراني، أصبحت أكثر وضوحا حالة المأزق السياسي التي تواجهها سياسات ودعاية المقاومة الإيرانية، التي بدأت تفقد مصداقية الشارع الداعم " للمقاومة " بشكل غير مسبوق في أعقاب هجوم طوفان الأقصى، وما نتج عنه من سياسات إسرائيل العدوانية التصعيديّة التي وصلت في هجوم الاوّل من نيسان إلى مرحلة مهاجمة " القنصلية الإيرانية "، في كسر واضح لقوانين الاشتباك التي كرّستها واشنطن طيلة عقود ، وللقانون الدولي المرتبط بحماية المقار الدبلوماسية في حالات الحرب. المواقف الإيرانية السياسية ، الداخلية والإقليمية، المرتبطة بالمقاومة، باتت أكثر من ضعيفة ، ومثار شك وتساؤل، حتى من قبل أنصار طهران (٤). في تقديري، لايخرج عن إطار الهروب من مواجهة متطلّبات المقاومة كما تتوافق مع دعاية وحدة الساحات ، والمصير ، والحرص على عدم الانكشاف أمام التصعيد الإسرائيلي الخطير ضدّ غزة وقيادات الحزب ، محاولة حزب الله نقل معركتةالرئيسية مع إسرائيل إلى الداخل اللبناني ، من خلال افتعال أزمة مع خصمه الرئيسي، جعجع وحزب القوات اللبنانية ، الذين التقطوا فحوى الرسالة واعتبروا ان مقتل " باسكال سليمان " يأتي في إطار " الجريمة السياسية "، ويستهدف إشعال حرب أهلية ! .
ب- على صعيد مشروع التطبيع الإقليمي الأمريكي.
إذ سعت الولايات المتّحدة في إطار حرصها على أن لاتدمّر نتائج الحرب خطوات وإجراءات مشروع التطبيع الإقليمي التي اطلقتها واشنطن منذ مطلع ٢٠٢٠ ، ونجحت حتى قبل الهجوم الإسرائيلي النوعي على دمشق في الاوّل من نيسان في منع محاولات حكومة الحرب تجيير الصراع لتوريط إيران، وتحويل الحرب إلى منازلة إقليمية مع طهران ، تتيح لها ضرب أهداف استراتيجية داخل العمق الإيراني ؛
وإذ يشكّل الهجوم على القنصلية تحدّيا خطير لسمعة طهران ، ومواقع سيطرتها وعلاقاتها الإقليمية ، يتطلّب بالضرورة ردّا ما ، يحافظ على ماء وجه " المقاومة " الذي ليس من مصلحة واشنطن ذهابه ؛
وفي ضوء إدراكنا لأهمية وأولوية في سياسات واشنطن أن تعزز نتائج الهجوم والحرب إجراءات وخطوات التطبيع الإقليمي والتسوية السياسية في سوريا واليمن؛
وفي ضوء إدراكنا لوقائع وصول حرب إسرائيل العدوانية على القطاع إلى نهاياتها المرجوّة إسرائيليا ، التي شكّل أبرز مؤشّراتها جريمة اغتيال اولاد القيادي التاريخي اسماعيل هنية ؛
من الأرجح أن تصل الولايات المتّحدة إلى صفقة تفاهمات ، تسمح لطهران مهاجمة مواقع محددة داخل فلسطين المحتلة، في إطار صفقة سياسية شاملة بين واشنطن و"تل أبيب" وطهران ، توفّر على المدى القريب ظروف حصول تهدئة شاملة ومستدامة على جبهات الصراع المشتعلة منذ السابع من أكتوبر، وتشكّل على المدى المتوسطة فرصة لإزالة آخر العقبات في طريق قطار التطبيع ، على كافة المسارات والمستويات ، بما يجعل من الحرب الأخيرة آخر المعارك الكبرى في صراعات التنافس على السيطرة الإقليمية بين شركاء الولايات المتحدّة، ويؤسس لبناء " الشرق أوسط" الأميركي الموعود .(٥).
(١)-
مما جاء على موقع
الحرة نت ، بتاريخ ١١/ ٤،" تحت عنوان
" قائد عسكري أميركي يزور إسرائيل للتنسيق بشأن مواجهة هجوم إيراني محتمل":
" من المتوقع أن يتوجه قائد القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم"، الجنرال إريك كوريلا، إلى إسرائيل، الخميس، للتنسيق بشأن هجوم محتمل من قبل إيران ووكلائها في الشرق الأوسط، حسب ما نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمهما.
ومن المقرر أن يلتقي كوريلا بوزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، وكبار المسؤولين في الوزارة، حسب الموقع......
ونقل "أكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين، أنهم "يستعدون لهجوم مباشر غير مسبوق من الأراضي الإيرانية، باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار وصواريخ كروز".
وقال المسؤولون إنه "في مثل هذا السيناريو، سترد إسرائيل بهجوم مباشر على إيران".
وقبل ساعات، نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية، عن أشخاص مطلعين على معلومات استخباراتية، أن الولايات المتحدة وحلفاءها "يعتقدون أن الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي على قنصلية طهران في دمشق، أصبح وشيكا".
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن الهجمات التي يرجح أن تقوم بها طهران أو وكلاؤها في المنطقة، "ستستهدف مواقع عسكرية وحكومية في إسرائيل".
وأكدت المصادر للوكالة، أن الهجوم المحتمل "ربما سيحصل خلال الأيام المقبلة، باستخدام صواريخ عالية الدقة أو طائرات دون طيار".
وأجرى المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون مناقشات خلال الأيام القليلة الماضية للتحضير للرد الإيراني، حسبما صرح مسؤولون من الجانبين لموقع "أكسيوس".
وتحدث غالانت هذا الأسبوع، مع وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، بشأن التهديدات الإيرانية.
ونقل أكسيوس عن مسؤول لم يحدد هويته، أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، أجرى اتصالا هاتفيا، الثلاثاء، بشأن هذه القضية مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إن بلينكن تحدث مع غالانت، الأربعاء، "وأكد دعم الولايات المتحدة لأمن إسرائيل، وأوضح أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب إسرائيل ضد أي تهديدات من إيران ووكلائها".
وقال المسؤول الإسرائيلي أكسيوس"، إن "إسرائيل والولايات المتحدة قامتا أيضا بالتنسيق في الأيام الأخيرة بشأن الدفاع الجوي والصاروخي المشترك في المنطقة، قبل هجوم إيراني محتمل".
وفي بيان صحفي صادر عن مكتبه هذا الأسبوع، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إن "الاستعدادات اكتملت" للتعامل مع أي سيناريو قد يتطور مع إيران".
(٢)-
تعبّر أبرز الحقائق التي كشف عنها المشروع السياسي الأمريكي في أعقاب جريمة احتلال بغداد في ٩ / ٤ / ٢٠٠٣ عن طبيعة علاقات مشروع السيطرة والنهب الإقليمية التشاركية بين النظام الإيراني والولايات المتّحدة ، وقد شكّل" العراق الجديد" بين ٢٠٠٦ - ٢٠١٦ قاعدة إرتكاز لتحقيق خطوات مشروع السيطرة الإقليميّة الأمريكية الإيرانية التالية ، كما جسّد " الخَيار العسكري الطائفي" في مواجهة استحقاقات ديمقراطية في سوريا واليمن ربيع ٢٠١١ ، الأداة المشتركة ، وقد أكّدت سياقات الحروب اللاحقة حقائقه الكبرى :
تقاطع مصالح وسياسات الدولتين " الإمبرياليتين" ، حول أهداف تفشيل دول المنطقة، بأدوات الإسلام السياسي الجهادي، والعمل معا لبناء شبكة سيطرة تشاركية إقليمية بديلة لما كانت قد صنعته الولايات المتّحدة خلال حقبة الحرب الباردة، و على أنقاض الشعوب وأنظمة الشركاء السابقين في مراكزها الرئيسية - السعودية وتركيا ومصر .
لايقلل من موضوعية هذه القراءة فشل مشروع التفشيل الإقليمي في إضافة تلك الدول المركزية إلى القائمة -وقد "نجت" نسبيّا بأقل الأضرار ، لعوامل داخلية وأمريكية -ارتبطت أساسا بوصول ترامب إلى البيت الأبيض ٢٠١٦ وقد شكّل لاحقا قبول الولايات المتّحدة لوقائع نتائج الفشل والانتصارات أبرز سمات مشروع التطبيع الإقليمي والتسوية السياسية في سوريا واليمن .
فقد سعت منذ نهاية ٢٠١٩ لتحقيق أهداف وإجراءات شرعنة وجود وتثبيت وقائع نتائج انتصاراتها في سوريا واليمن من خلال تطبيع علاقات سلطاتها الجديدة مع انظمة الدول "الناجية " ، ودمجها في نظام سياسي تشاركي ، إقليمي - جديد في سياق مشروع تطبيع إقليمي، تعمل واشنطن على ربطه استراتيجيا بشرق آسيا وغرب أوروبا ، وبما يعزز جهود " احتواء" روسيا اوّلا، والصين في درجة ثانية .
(٣)- فجّر هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ أكبر الألغام وأخطرها في مواجهة إجراءات التطبيع الإقليمي والتسويات السياسية في سوريا واليمن ، وهو ما يفسّر طبيعة ردّات فعل و سياسات واشنطن لاحتواء اخطار نتائجه، ودفعها على المسارات التي تعزز لاحقا خطوات وإجراءات مشروع التطبيع الإقليمي والتسويات السياسية.
لقد نجحت جزئيا من خلال منع انتشار النزاع إقليميا وتحويله إلى منازلة إقليمية بين شريكيها الرئيسيين، ينسف كلّ جهودها ، ويقوّي أوراق منافسي النظام الإيراني- تركيا والسعودية ، وما تزال إدارة بايدن تضع في رأس أولويات سياساتها منع نجاح جهود حكومة الحرب الإسرائيلية لتوريط النظام الإيراني في حرب إقليمية شاملة، كما تصارع حكومة اليمين المتطرّف لمنعها من تقويض شروط التسوية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية- أبرز القضايا اللازمة لتقدّم قطار التطبيع الإقليمي والتسوية في سوريا.
(٤)-
تحدّث عن هذا الجانب في القضية الكاتب الصحفي " حسن فحص" على صفحات " اندبندنت عربية" بتاريخ ١١/ ٤ الجاري تحت عنوان "إيران والتأرجح بين الرد والتوظيف،
الهدف إدخال الجانب الإسرائيلي في حالة انتظار وترقب واستنفار".
"هذا التأرجح بين إمكانية الذهاب إلى خيار تسوية شاملة "مكتوبة" ومعلنة مع واشنطن، وبين خيار الرد، لا يلغي حتمية الرد نتيجة الضغوط التي تتعرض لها القيادة الإيرانية داخلياً ودولياً من أجل استعادة "معادلة الردع"....
"النظام الإيراني يبدو محرجاً أمام المنظومة الإقليمية التي أنشأها في عدد من بلدان المنطقة، ودخلت المعركة، هذه المعركة ضد إسرائيل تحت عنوان محور المقاومة ووحدت الساحات " ،
ولأن عدم الرد الإيراني سيترك أثراً سلبياً لدى هذه الفصائل وشعوراً بتركها وحيدة في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية وما فيها من مسؤولية عن خيارات أسهمت في تدمير البنى التحتية في بلدانها إلى جانب الخسائر البشرية الكبيرة، وبالتالي فإن مصداقيتها أمام هذه الفصائل التي ترتبط معها برابط عقائدي، قد تصاب بانتكاسة قاسية، وتفقد بالتالي مسوغات الخطاب الأيديولوجي الذي عملت على بنائه وتكريسه في العقود الماضية" .
(٥)-
للمزيد من المعلومات عن طبيعة مشروع التطبيع الإقليمي:
https://m.ahewar.org/s.asp?aid=821540&r=0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا : لماذا أقال بوتين وزير دفاعه ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. عنفت طفل من ذوي الهمم.. معلمة تثير غضب الشارع الأردني | #منص




.. تلون السماء وتهدد الاتصالات.. تأثير العاصفة الشمسية يصل بلد


.. بينَ إسرائيل والولايات المتحدة.. تقاربٌ وتضارب.. دعمٌ وتحذير




.. مهاجم مانشستر سيتي إيرلينغ هالاند يحافظ على لقب هداف الدوري