الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مِداد قلم بنت أبيها في زمن الشِدّة القيسيّة ( الأخيرة)

كريمة مكي

2024 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


تونس في 07/07/2023
سيدي طبيب قلب الوطن المكلوم:
لاستمالة القلوب و ضمان وفائها للمبادئ العظيمة و الخالدة لثورتنا المغدورة يلزمك صِفتان لا ثالث لهما:الأدب و الحزم، و لَكَ في زياد ابن أبيه أروع مثال في الحُكم الرّشيد و الرّأي السّديد.
لقد وُلي على البصرة زمن خلافة معاوية و عندما كانت البصرة في قمّة اضطرابها غداة الفتنة الكبرى فسادَها التناحر و الفساد و اشتدّت فيها المعارضة لحكم الأمويين و تعدّدت فيها البِدَعُ و الأقوال و الأحزاب.
دخل زياد البصرة يحدوه العزم و الإقدام لوضع حدّ للتّدافع و التقاتل و الاضطراب و لكن هيهات...هيهات...
لقد هاله ما وجدَ عليه أهل البصرة من مساوئ و آثام فقام يخطب فيهم ببلاغة بالغة و يقول لمن ʺسدّت مسامعهم الشّهواتʺ:ʺ قرّبتم القرابةَ و باعدتم الدينَ... تعتذرون بغير العذر و تغضُّون على المُختلس...كلّ امرئ منكم يَذُبُّ عن سَفِيهِهِ صنيعَ من لا يخاف عاقبةً و لا يرجو مَعادًا، ما أنتم بالحُلماء و لقد اتّبعتم السّفهاء... الخʺ.
لذلك و ما إن دانت له البصرة حتى عمل على ضبط أمورها المنفلتة باعتماد سياسة إصلاح عامة لخّصها في خطبته المرجعية المشهورة فيما قلّ و دلّ من الكلمات: ʺاللين في غير ضُعف و الشِدّة في غير عُنفʺ.
و هي كما ترون، سيدي الحاكم، قاعدة ذهبية تصلحُ في إدارة تونس اليوم و إن بَعدت تونس عن البصرة في المكان و بَعُد زماننا هذا عن ذاكَ الزّمان.
قد يقول المتكلّمون بغير علم و ما أكثرهم بيننا: كيف يكون زياد ابن أبيه الحاكم العراقي الدموي و المستبد مثالا نسترشد به في حكم تونس اليوم؟؟!
أجيب المتسائلين الخائفين على ما يعدّونه من الحريات كحقوق المثليين و من والاهم: لقد آل حُكم زياد ابن أبيه في الأخير إلى العنف و إراقة الدماء ليس لأن ابن أبيه كان يُحبّ ذلك بل لأنّه حَكم في أرض اسمها العراق يشهد التاريخ كله أنّها لم تُحكم جيّدا و لم يستتب فيها الأمن إلاّ بالحديد و النّار و ذلك مهما ثَبتَ عدلُ و حِكمة حُكّامها.
أما تونس الخضراء فلا خوف عليها من مصير البصرة أو الكوفة زمن زياد ابن أبيه فتونس دولة متوسطية هادئة دِينها الإسلام السّمح المعتدل وشعبها الصغير يُحبّ الحياة و يكره الحروب و الفِتن.
ثمّ إنّ جميع حكّامها، المدَنيين، منذ استقلالها، كانوا من خريجي جامعات القانون و الحقوق( الحبيب بورقيبة، فؤاد المبزّع، الباجي قايد السبسي، محمد الناصر، قيس سعيد)*.
أمّا العسكري الوحيد الذي حكمها (زين العابدين بن علي) فقد كان مسلما معتدلا و وطنيا بامتياز و قد كان، برغم أخطائه كأكثر نظرائه في زمانه، يُعتبر مجرّد مستبد صغير ليس إلاّ، فلا يصحّ حينئذ تسميته بالدكتاتور كما لا تجوز أبدا مقارنته بطُغاة العراق الحبيب و آخرهم القائد الشهيد صدّام حسين المجيد.
سيدي الرئيس و أستاذ القانون و الحقوق:
إنّ المعضلة عندنا اليوم في تونس هي كيف نُصلح حال الإدارة؟؟؟
كيف نجعل الإدارة بكلّ من فيها مع الثورة و الوطن؟؟؟
كيف نقطع فعلا لا قولا فقط مع الفساد الذي- و رغم حربك المُبشِّرة عليه- مازال يتنفّس و يتحرّك على أصابع رجليه داخل الممرّات السرّية في أعماق الإدارة.
يا لحزن الثورة اليوم و يا لعظيم الخسارة للدّولة و للإدارة!!
مازلنا نسمع، إلى اليوم، من الأعوان المفسدين أنّ الرّشوة وحدها تقضي الحوائج المستعصية...و مازلنا نرى المحاباة بين المتنفّذين بمثابة حجر الأساس عند ضبطهم لقوائم التعيينات و الترقيات...
و مازال العمل عندهم جاريا و حثيثا لإبعاد كلّ الصادقين من الكفاءات...
و مازل التخاذل ملحوظا في حسم الملفات و البتّ في الشكايات...
و مازال التعطيل المقصود واضحا و جليّا في بدء و إنهاء المشاريع و الإنجازات!!!
سيدي الإداري الأوّل في البلاد:
إنّ الإدارة إذا فسدت صارت بيت الدّاء في جسد الدولة. و حتى لا يتعمّم الداء و ينخر قوائم البنيان وجب إصلاح أخلاق أهل الإدارة هنا و الآن.
أصلحوها ما استطعتم، ينصلح لكم البال و كل الأحوال في زمنكم هذا و في قادم الأزمان.
سيدي الكريم:
كيف تجعل الإدارة ذات مُثُلٍ و أخلاق؟
عليك أن تتفكّر جيّدا كيف تجعل، و دائما بالحزم و بالأدب، كلّ أعوانك – مهما كانت مراتبهم- مؤمنين بدورهم...مخلصين في خدمتهم...أوفياء لمبادئ ثورتهم و مجاهدين متطوّعين في سبيل إحلال الحق و العدل على أرض دولتهم.
سيدي المُعلّم المخلص الأمين:
هذا قلمي و هذا مِدَادُه...
و هذا زمنك فبلِّغهم، كما يجب، فَهمُك و غاية مُرادك.
و السّلام.

من بنت أبيها: بنت الدولة و بنت الثورة و بنت الإدارة...و بنتُ تونس الأدب و الشِّعر و الحضارة.


*ملاحظة:
منصف المرزوقي: لا أعترف به رئيسا لتونس من يوم أن وبّخه ذلك الأمير الخليجي في بلادنا و أمام كاميرا تلفزتنا الوطنية...و عجز لحظتها، خوفا و طمعا، عن ردّ الإهانة في وجه مُهينه، مبتلعا ماء وجهه و متناسيا أنّ وراءه تاريخا و وطن.
لذلك أسقطته عمدا و مَحَاهُ قلمي من قائمة رؤساء الوطن و ذلك منذ تلك الواقعة الأليمة إذ كتبتُ له عنها رسالة عام 2013 و كان وقتها في السلطة عَنوَنتُها بِ: ʺتونس المنحوسة يا دولة الرّئيسʺ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد