الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منشار الإحتلال الإمبريالي

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2006 / 12 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


المنشار ينشر الخشب سواء بدفعه شمالا ، أو يمينا . فهكذا غدت حال العراقيات و العراقيين . فمنذ اشتداد التصارع بين المحتلين و القوى القومية والرجعية كان الأبرياء ضحايا هذه المعارك ، وهم يحترقون في نيران الصراع على النفوذ والسلطة، وهذا ما ينشره المنشار من أهل العراق أشلاء بتحريكه باتجاه الشمال ، ولكن بعد ما يسمى مبادرات المصالحة ، المفاوضات الجارية بين الإمبريالية الأمريكية المباشرة وغير المباشرة والأنظمة في المنطقة والمقاومة البعثية ، يستمر العراقيون والعراقيات أيضا في الإحتراق في نيران المساومات الجارية بين كل هذه القوى.

و كيف يمكن للمرء أن يتصور أن الأنظمة العربية العنصرية ، و قوى العروبة المليتانت المتورطة في جرائمها بحق الأبرياء من العراقيين أن تساهم في عمليات السلام في العراق؟

وكيف يمكن للرئيس الإيراني أحمدي نجاد جلاد سجون إيران ، وخامنئي المجرم أن يساهموا في أعمال تؤدي إلى الإستقرار في العراق ، وصيانة اسقلاله ووحدته؟
كما ادعى جلال طالباني أيضا أنه توصل _ كما عهدناه دوما_ إلى عقد اتفاقيات مهمة مع قادة الجمهورية الإسلامية ألإيرانية في مجالات التعاون في سبيل " تأمين الأمن والإستقرار " في العراق.
لكن أين الحقيقة ؟ و هل حقا ، يمكن للرئيس الإيراني الذي يعتبره حتى أوساط في الحكومة الإيرانية من المتطرفين أن يكون معاديا للعنف والإرهاب في العراق، ويواجه القوى الطائفية والقومية التي ترتكب مجازر يومية بحق الإبرياء ؟
كيف يمكن لقوى يتوقف وجودها على المآسي التي أنزلتها الإمبريالية المحتلة على الشعب العراقي الجريح ، أن تتحول إلى خمامات سلام ؟
فالمسألة سوريالية لللغاية!!!!!
فإدارة بوش والحكومة التحاصصية التي فرضتها على العراقيين ، والبرلمان الكارتوني لملوك الطوائف تدرك ادراكا جيدا أن النظام الإسلامي الإيراني ينشط في العراق عبر المليشيات الطائفية العلنية والسرية مثل جيش المهدي و قوات بدر و الفضيلة ، وهو يتدخل لصيانة مصالحه التي لا تتقاطع مع مصالح جماهير العراق، وأن المليشيات والعصابات الموالية للنظام الإيراني بطائفيتها وعنصريتها ورجعيتها وتخلفها هي الضالعة ضلوعا خبيثا في خلق كل هذه المصائب والمآسي ، وكل هذه الفرقة والشقاق ، وعمليات الذبح على الهوية .

فهذه حقيقة لا تخفى على أي مراقب سياسي ، ولا حتى على أغلب المواطنين المكتوين بنار القومية والطائفية والعمالة والإرتزاق، أن السياسة الأمريكية في العراق و أفغانستان و كثير من المناطق قد فشلت.
فاستقواء الإسلام السياسي وخاصة الجمهورية الإسلامية الإيرانية و ازدياد نفوذها في العراق ، وخروج القوى الإرهابية من جحورها ، و تجاسر قوى الظلام والرجعية كان من عواقب الإحتلال الأمركي للعراق وأفغانستان.
ولم تؤدِ المساعي الأمريكية لمونتاج حكومة واحدة قومية طائفية عشائرية ، والمساومة مع المقاومة البعثية ، سوى لإلى المزيد من العنف والإرهاب والحرب الأهلية التي ضحاياها الأبرياء من الكسبة والعمال والفقراء حسب الذين لا ناقة ولا جمل لهم في المنافسة الدامية الدائرة بين القوى التي تتنازع على الحصة الأكبر من أشلاء العراق. كانت أول نتائج فشل السياسة الأمريكية في العراق هي هزيمة المحافظين الجدد والجمهوريين و مهندسي الحرب القذرة على العراق في الإنتخابات النصفية للكونجرس . وبذلك أصبح موقع مهندسي سترتيجية الحرب وراء المشهد العراقي، والواجهة العراقية. لكن أمريكا لن تقف مكتوفة الأيدي ، فلابد لها من البحث عن مخرج من المستنقع للخلاص بجلدها . سياسة اقتراح لجنة بيكر ومن ضمنها اجراء مباحثات مباشرة بين امريكا و حكومتي سوريا وإيران للسيطرة على الأوضاع في العراق ، واشراك " جيران العراق" في تحقيق الأمن والإستقرار فيه، و تصريحات بوش عن أن " العراق له حوكة مستقلة، و يستطيع أن يتباحث مع أية حكومة في المنطقة ، و مع جيرانه حول مختلف القضايا"، تعني فيما تعنيه اعطاء امتيازات للنظامين الإيراني والسوري مقابل التعاون مع أمريكا و الحكومة العراقية.

وهل أن هذه السياسة تؤدي إلى نتيجة ايجابية لصالح جماهير العراق في الأمن والإستقرار ؟
فالجواب هو ، كلا. فالقضية العراقية ليست فقط إيران وتدخلاتها . فالأنظمة العربية ، والنظام الإيراني ، وأمريكا وحلفاؤها، وفروع القاعدة و القوى والجماعات القومية والطائفية والدينية كلها تشترك في سيناريو الحرب الأهلية ، و اعداد هذا الجحيم في العراق وادامته. فأية بادرة في سبيل تثبيت الأمن والإستقرار في العراق تنبغي أن تبدأ في لجم هذه القوى الظلامية الإجرامية و كبح جماحها.
فمنذ اليوم الأول لتشكيلة الحكومة التحاصصية كانت بوادر المأساة العراقية ، والجحيم العراقي تبدو في الأفق ، واليوم باتت حقيقة واقعة.
إن ّاستنجاد الإمبريالية الأمريكية بإيران وسوريا وأنظمة المنطقة و بقايا البعثيين للخلاص من المستنقع العراقي ، يستوجب منح أتاوات . لكن لا يمكن لتعهدات العصابات والمافيات أن تدوم طويلا ، فكل اتقافاتها آنية ، ويندر أن تلتزم بها كل الأطراف ، لأنها لا تلبث يرى طرف أو أكثر مصالحه في نقض تعهداته، لنيل حصة أكبر و هذه القاعدة وليست الإستثناء. فهذه الاتفاقيات و معاهدات التعاون تساوي في قيمتها الشعارات الجوفاء التي تترافق مع اعلانها في الميديا الرسمية ، والتي لا تلبث تزول مثل فقاعات الصابون بعد بضعة أيام. فهذه الاتفاقات لا قيمة لها ، و أن أي رجاء فيها في الأمن والإسقرار ليس أكثر من مضحكة ساذجة . وإن هذه الإتفاقات بين أمريكا و الحكومة الطائفية في العراق وبين الأنظمة الدكتاتورية والقوى البعثية والقومية ، بما فيها ما ادعاه الرئيس العراقي من اتفاقات مع الجمهورية الإسلامية إنما هي جزء من المأساة العراقية وليست الحل. وإن نجاح أي طرف فيها يتوقف على هزيمة طرف أو أطراف أخرى ، ودماره، وأنها تفتح فصولا جديدة من الجرائم والإرهاب والذبح . فمثلما العراقيون اليوم هم ضحايا حرب الإرهابين ومناطحاتهم ، أمسوا ضحايا توافقاتهم أيضا.
إن وضع حد للمأساة العراقية متوقف على إرادة البشرية التحررية في كل العالم في اقامة نظام تقدمي متمدن في العراق متحرر من الخرافات القومية والطائفية والدينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: لماذا تتهم مارين لوبان الرئيس ماكرون بتنفيذ -انقلاب إ


.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية: هدم منازل وضم مزيد من الأرا




.. تقدم ميداني روسي جديد في شرق أوكرانيا.. ما التفاصيل؟


.. من سيفوز بآخر بطاقتين لربع نهائي كأس أمم أوروبا؟




.. ماذا حصل بين محتجين والجيش التركي في شمال سوريا؟