الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكبة اليمن مع القات الحبشي

خالد حسن يوسف

2024 / 4 / 13
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


# نكبة اليمن مع القات الحبشي

على خلفية الصراع اليمني السياسي برزت اشكاليات اقتصادية واجتماعية عديدة، وفي حين تشكل آفة تعاطي القات موروث اجتماعي قائم بحد ذاته، إلا أن واقع الصراع السياسي الراهن ما بين المكونات السياسية اليمنية قد أسفر إلى حالة تجاذبات ذات صلة مع تجارة القات المنتج محليا.

وعند النظر إلى الجغرافيا اليمنية يتجلى أن محافظات الشطر الشمالي السابق، تشكل المنتج الرئيسي لمادة القات على مستوى البلاد، بينما ينحصر إنتاج القات على مستوى الشطر الجنوبي السابق في مناطق يافع والضالع، وبتالي فإن السكان في تلك الجهوية يعتمدون بدرجة كبيرة على تعاطي القات المنتج في محافظات البيضاء، اب وذمار، والتي تغطي بصورة كبيرة حاجة الاستهلاك في الجنوب.

وانطلاقا من قانون العرض والطلب وكون الاقتصاد اليمني ذو بعد راسمالي، فإن أسعار القات الشمالي أصبحت مرتفعة الثمن، وبصورة أثرت على معيشة قطاع كبير من سكان المحافظات الجنوبية، والذين أصبحوا يمثلون مستهلاكين أساسيين للقات القادم من تلك المحافظات الشمالية، خاصة وأن المواطنين يشكون من الارتفاع المستمر لأسعار القات، في ظل عدم أكثرات تجار القات وبايعيه بمصلحة متعاطيه في محافظة عدن وغيرها.

ويأتي ذلك في ظل حالة التدهور المعيشي المستمر، وعدم قدرة الكثير من متعاطي القات شرائه حتى في ظل عدم المغالاة في أسعاره، فما بال حينما يتم رفع أسعاره بصورة لا تراعي القدرة الشرائية للامستهلاك وواقع تدهور الحياة المعيشية عموما.

وعلى وقع تلك الخلفية الاقتصادية والاجتماعية القائمة في اليمن عموما والجنوب تحديدا، أراد المجلس الإنتقالي الجنوبي أن يستثمر واقع تلك الافة اقتصاديا وسياسيا، وذلك على خلفية المواجهة مع مكون الحوثي والذي يمثل بأكبر اللاعبين السياسيين على مستوى البلاد.

وبحكم أن تلك الجماعة السياسية تستفيد بدورها من عائدات القات المنتج في شمال اليمن من خلال الضريبة المفروضة على من يعملون في إنتاج القات وبيعه، وبتالي فإن المجلس الإنتقالي يرغب في أن يوقف ويعيق مصدر دخل مادي كبير لجماعة الحوثي، وفي المقابل يريد أن يستثمر بدوره في المصدر ذاته ممثلا بمادة القات.

وبحيث أن يجد رافد مادي يحقق بعض الدخل له، أكان في صورة فرض الضريبة على القات، أو من خلال منح تجار القات تراخيص استيراد القات من إثيوبيا، في مقابل أن يدعم هؤلاء التجار المجلس الإنتقالي سياسيا.

وفي المحصلة فإن إيقاف تداول القات القادم من شمال اليمن، يعتبر مجرد مكيدة سياسية وواحدة من أدوات الحرب التي يستخدمها المجلس الإنتقالي في الجنوب على مستوى تصفية حساباته مع جماعة الحوثي، وعلى ضوء ذلك فإن أية مصلحة حقيقية لسكان الجنوب تعد غائبة عن برنامج ذلك المجلس.

والذي يرى ذاته أنه الممثل الحقيقي لمعارضة أبناء الجنوب تجاه المكونات السياسية القائمة في الشمال اليمني، وكان الأجدر به أن يمنع أو أن ينظم تجارة القات وتعاطيه معا في المحافظات الجنوبية، لاسيما وأن تلك المادة أصبحت تؤثر على الحياة المعيشية اليومية.

الا أن ذلك لم يحدث إطلاقا وتلك حالة إنتهازية سياسية يمارسها المجلس في هذا الصدد تجاه أبناء الجنوب.

وبدوره فإن القات سيعمل على استنزاف الاقتصاد اليمني بصورة يومية، واستيراده سيكون مقرون بحالة إحتكار من قبل عدد محدود جدا من تجار القات.
وسيسفر عن ذلك إرتفاع سعر شرائه بصورة أكبر من المعهود، كما أن المنافسة ستؤذي إلى فتح باب استيراد القات من كينيا أيضا.

ولكونه سيصبح مستورد يوميا فتكاليف نقله من المطارات اليمنية إلى مناطق الداخل، ستعمل على رفع كلفة نقله إلى كل مدينة،قرية والريف.
فهل يمكن تصور تلك النفقات اليومية ومدى اثرها على الاقتصاد اليمني؟!

والنتيجة أن إجراء المجلس الإنتقالي لن يحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المصاحبة لتداول وتعاطي القات، رغم قدرته على إتخاذ قرار سياسي يحول دون معاناة المواطن اليمني مع الإدمان، وقدرته لانقاذ متعاطي القات من حالة الافقار المستمر التي يتعرضون لها بفعل اخفاقات النخبة السياسية.
وفي سياق مماثل فإن نشوة الإحتفاء الراهن برخص القات المستورد، ستنتهي في القادم بعد ترسيخ أقدام المنتج الحبشي، وستفضي الأمور إلى حالة الاذعان لأمر الواقع.

كما أن استيراد القات سيعرض حياة اليمنيين إلى ضرر صحي بالغ للغاية، حيث يتم إستخدام رش مواد كيميائية على مادة القات في إثيوبيا، وهي تعمل على الإصابة بأمراض منها السرطان، ويمكن تلمس ذلك في ظل التجربة الصومالية مع القات الحبشي والكيني.

والمفارقة أن المنتفعين من استيراد القات الحبشي المزروع في مناطق قومية الأورومو، يروجون أن هذه النوعية من القات والتي يطلق عليها بالهرري، يعد خاليا من رشه بالمواد الكيميائية!
ويمكن القول أن كل من القات اليمني،الحبشي والكيني عرضة لاستخدام المواد الكيميائية، والأمر ليس حصرا على المنتج اليمني.

وعلى المدى القادم، فإن استيراد تلك النوعية من القات سيصاحبه استيراد مخدر الحشيش الرائج في إثيوبيا، والمسمى (شاشماني)، الرخيص الثمن، بالإضافة إلى الخمور الحبشية الرخيصة بدورها، وتلك المواد أصبحت تجارة رائجة تصدرها إثيوبيا إلى دول القرن الافريقي، ومنها السودان، جنوب السودان، الصومال، كينيا وجيبوتي.

المحصلة أن إشكالية الصراع بين القوى السياسية اليمنية ستفضي إلى ضرب عرض الحائط بالمصالح العليا للبلاد ، في مقابل تمرير الحسابات السياسية القصيرة النظر، والنتيجة أن الجنوب تحديدا سيجد ذاته في ظل حالة افقار ممنهج ومتعمد، وسيجد المواطن ذاته ضحية قرار سياسي خاطئ مدمر لنسيج اليمني الجنوبي تحديدا، ويصاحب ذلك ظواهر اجتماعية دخيلة على المجتمع اليمني، والتي سيتضرر منها فئة الشباب تحديدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال