الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواجب الأول في السياسة تأكيد إستقلال وسيادة العراق

أحمد إبريهي علي

2024 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


نعم، والمطلوب من السياسيين والأحزاب الإثبات العملي لإلتزامهم هذا المبدأ الحيوي وهو جوهر الكرامة الوطنية لشعب العراق وضمانته للمستقبل. من المعروف أن الحهات المؤثرة في صناعة الوعي قد شاركت، عن قصد او سذاجة، في إضعاف الإحساس بالضرورة الأخلاقية والعملية لأولوية الإستقلال واالسيادة، حتى صارت مفردات بائسة مثل التوازن والشراكة من ثوابت الخطاب السياسي. التوازن بمضمون تقديم تنازلات متعادلة للأطراف الأجنبية التي تنازعت النفوذ في العراق وإسترضاء أتباعها وأصدقائها المحليين؛ والشراكة تعني حضورها الضاغط أو مراعاتها في القرار وإنتفاعها من موارد الوطن بالإنسجام مع سياسة التوازن البغيضة.
لقد واجه الكشف عن الوضع القانوني لإلتزامات العراق تجاه الأمم المتحدة ومجلس الأمن ودول كبرى وغيرها، والتذكير بالقواعد المتعارف عليها لتنظيم العلاقات الدولية، وبيان عدم وجود أساس يُعتَد به يبرر حرمان العراق من التمتع بالوضع الطبيعي، حملات تجهيل وتهويل وإستغفال. تلك الإعاقة المتعمدة باركتها أو تواطأت معها قوى سياسة ومعها الكثير من ذوي الألقاب والسلطة الأدبية المكتسبة بتضليل الجماهير وإضطراب المعايير وفقدان الدليل. لقد أصرّ الكثير من ذوي الكلمة المسموعة على إنكار حق العراق في الوجود الطبيعي مثل الدول الأخرى، والترويج لنفي البديهيات و تخريب المفاهيم وإشاعة الخرافات، لإزاحة الحقائق عن أذهان الناس في الاقتصاد والتجارة والمال والأمن والدفاع وسواها. لهذه المواقف أهداف منها محاولة تكريس نموذج سلطة الإئتلاف المؤقتة، أو تثبيت إنقسامات أيام الحرب الداخلية المشؤومة، لتعويم وتأخير إستحقاق الدولة الوطنية.
تصوير العلاقات الخارجية على النحو الشائع في بلادنا والمخالف لوقائع تأريخ العالم منذ الحرب العالمية الأولى، ومشتركات تجارب بناء الدول عبر هذا المسار، لا يضمن الأمن والرخاء للعراق. بل يوسع نطاق الخلل ويراكم المزيد من نواقض السلام، ويُبقي العراق مهددا بالحروب على جبهات عديدة وسفك الدماء. ولا بد أن يَعترف قادة السياسة والأحزاب وأوساطها الاجتماعية خطورة إهمال الكفاح النبيل لإعادة العراق إلى الوضع الطبيعي في العالم ، مع تحريم توظيف هذا الهدف السامي في الجملات الانتخابية والتدافع على السلطة.
ليست للعراقيين مصلحة في المشاكسات الصبيانية مع الغرب ومراكز الإستقطاب، او دول ومحاور إقليمية، تمجيدا لهويات قومية أو دينية عابرة للحدود ؛ ولا " قيادة فقراء العالم ضد الإمبريالية". بل إستقلال وحياد العراق، وإلتزام معيارية أخلاقية في التعامل بين الأفراد والجماعات والدولة ، من اجل الإرتقاء والحياة الطيبة للجميع. ويتطلب هذا النمط من السلوك، إبتداءا، إدانة ونبذ الإنتفاع الأناني على حساب الوطن والناس، وعددم التواطؤ مع شطارة الشعبذة والتجحفل خلف المتدافعين على إلإفتراس الهمجي للموارد ومواقع القرار الحكومي. ومطالبة أنشطة الإعلام والسياسة الحزبية والإنتخابية بوجوب الحضور الفعال للعقل والضمير والمعلومات الدقيقة والمعرفة المتخصصة في تناول الشأن العام.
من المعلوم ان دولة العدل والكفاءة والنزاهة، المستقلة والتي تتعامل مع الدول الأخرى على أساس تكافؤ السيادة، لم تكن في أي مكان وزمان مشروعا يتبناه الجميع. ومن المخزي التخلي عن هذا المبدا الشريف بدعوى مسايرة عراقيين يرون في النفوذ الأجنبي وضعف العراق أمنا لهم. تلك ذريعة تُسوَّق لتغطية فقدان الثقة بالنفس والإنبهار بالأجنبي وإستجداء رضاه، أو توظيف العلاقة معه لتهديد المنافسين على الدور والموقع.
إن تبرير تمكين الأجانب من التحكم في العراق بحجة الحرص على وقايته من ضربة عسكرية، أو لتجنب فرض عقوبات تمنعه من تصدير نفطه، أو لحماية أمواله، او طمأنة المستثمرين، هذه كلها لا سند لها ، ويدل تداولها على ضآلة دور المعرفة الرصينة والخبرة في فهم نظام العالم والمديات المحتملة للتجاوز على حقوق العراق، ويصل إلى حد عدم التمييز بين الدول وعصابات الجريمة المنظمة.
من الواضح غياب القدرة على التصور النظري المحكم لوظائف الدولة المعاصرة ونظامها وإدارتها، وكيفية إنتظامها في عالم الدول لما بعد الحرب العالمية الثانية، وإحتمالات تعرضها للمخاطر، وشيوع عدم الإكتراث، وفقدان المقاومة الذاتية للمعلومات الخاطئة وتشويه الحقائق. في مثل هذه البيئة تصبح الممارسة والتجربة السابقة هي المعين النظري، خاصة مع تمزق او شواش النسق المعياري. وصارت هذه الحلقة المفرغة سجنا للعقل، ولا بد من تهشيمها كي ينطلق العراق نحو آفاق التحرر والرخاء والسلم الدائم.
لا شك أن الهزال الإداري والفساد المالي وإرتباك آليات فرض القانون، والفئوية السياسية، ومكاثرة الأحزاب والزعامات، والقيمة العليا للسلطة والرئاسة في الثقافة المتوارثة، هذه وغيرها غيبت الإحساس بالذات الجماعية العراقية وقيم الإستقلال والسيادة. وتقتضي المواجهة الفعالة لتلك التحديات، من جملة المتطلبات الملحة، فك اإرتباط المثقفين وأهل الفكر بمجريات تكريس الوضع الراهن، والتعصب الأيديولوجي والفئوي. والتوجه نحوالإلتزام القطعي بالحقيقة والعراق في صناعة الرأي العام والمواقف، وبلورة المشتركات الضامنة لوحدة المجتمع في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب في دولة قوية مستقلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح