الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام المنحاز وأدلجة الحقيقة

غالب المسعودي
(Galb Masudi)

2024 / 4 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الإعلام المنحاز هو نوع من وسائل الإعلام التي تعرض المعلومات والأخبار بطريقة تفضيلية لصالح جهة أو مجموعة معينة، وتحاول توجيه وجهات النظر والتأثير على الرأي العام. يمكن أن يكون الانحياز في الإعلام سياسيًا، أي يخدم جدول أعمال سياسية محددة، أو اقتصاديًا، أي ينصب تركيزه على مصالح مالية معينة، أو ثقافيًا، أي يروج لقيم ومعتقدات محددة. إن الإعلام المنحاز يمكن أن يؤثر بشكل كبير على تشكيل وجهات نظر الجمهور ومعرفته بالأحداث، وقد يؤدي إلى تشويه الحقائق وعرض الأخبار بطريقة مغلوطة أو جانبية. يعد الإعلام المنحاز تحديًا كبيرًا للحصول على معلومات موثوقة ومتوازنة، وقد يتطلب من الجمهور أن يكونوا على دراية بمصادر الأخبار المختلفة وأن يعتمدوا على مجموعة متنوعة من المصادر للحصول على صورة أكثر توازنًا للحقيقة. إن تمييز الحقيقة من خلال الإعلام المنحاز يعتمد على قدرة الأفراد على تقييم المعلومات وتحليلها بشكل نقدي واستنادًا إلى مجموعة متنوعة من المصادر والمعلومات المتاحة. يمكن للإعلام المنحاز عرض الأخبار والمعلومات بطريقة تجعلها غير دقيقة أو مغلوطة، وذلك من خلال التلاعب بالحقائق أو حذف جوانب مهمة من القصة. هذا يؤدي إلى تشويه الحقائق وإفساد فهم الجمهور للأحداث. للإعلام المنحاز دورا في تحفيز الانقسامات والتوترات في المجتمع عن طريق تعزيز وجهات النظر المتناحرة وتجاهل الآراء المختلفة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعميق الانقسامات وتفاقم الصراعات بين المجموعات المختلفة. يعد الإعلام المنحاز تهديدًا للديمقراطية، حيث يمكن أن يؤثر على حرية التعبير وحق الجمهور في الحصول على معلومات موثوقة ومتوازنة. عندما يكون الإعلام متحيزًا تجاه جهة معينة، يقلل من قدرة الأفراد على اتخاذ قرارات مستنيرة والمشاركة الفعالة في العملية الديمقراطية. يمكن أن يؤدي إلى تراجع الثقة العامة في وسائل الإعلام نفسها. عندما يشعر الجمهور بأن الإعلام يعرض الأخبار بطريقة متحيزة وغير موضوعية، قد يفقد الثقة في مصادر الأخبار ويعتمد على مصادر غير موثوقة أو ينسحب بشكل عام من العملية الإعلامية. يؤدي الإعلام المنحاز إلى تعزيز العقلية الطائفية الضيقة والعنصرية، حيث يمكن أن يروج للتحيز ضد المجموعات الأخرى وتعزيز الانقسامات الاجتماعية والثقافية.
يستخدم الإعلام المنحاز غالبًا تقنيات الدعاية والتكرار لزرع آراء معينة وتعزيزها في عقول المتلقين. على المدى الطويل، يمكن لهذه التقنيات أن تؤدي إلى تشكيل اعتقادات واتجاهات لدى الأفراد، حتى لو كانوا على دراية بعدم المصداقية. يؤثر الانتماء الاجتماعي والانتماء الثقافي على استجابة المتلقي للإعلام المنحاز. قد يكون للأفراد انتماءات وانتماءات سياسية أو اجتماعية تجعلهم أكثر عرضة لتصديق وتبني الرؤى المقدمة من الإعلام المنحاز التي تتوافق مع آرائهم الحالية. يميل البعض إلى البحث عن المعلومات التي تؤكد معتقداتهم الحالية وتفضل تجاهل أو رفض المعلومات التي تتعارض معها. قد يعتقد الأشخاص المتلقون للإعلام المنحاز أيديولوجيًا أنهم يستفيدون من الاحتفاظ بآراء قائمة والتمسك بمصادر تؤيد تلك الآراء. تكون لبعض الأفراد قدرة محدودة او عدم معرفة في الوصول إلى مصادر إعلامية متنوعة ومتوازنة. قد يكون الإعلام المنحاز هو الخيار الأكثر توفرًا أو الأكثر وضوحًا في بعض الحالات، وهذا يقلل من قدرتهم على الحصول على وجهات نظر متنوعة ومعلومات متوازنة.
الدعاية والتكرار هما أدوات قوية يستخدمها الإعلام والجهات المعنية لتأثير على اعتقادات الأفراد. الدعاية تشير إلى استخدام تقنيات التأثير والإقناع لتعزيز فكرة أو رؤية معينة. تتضمن التقنيات الشائعة في الدعاية استخدام العواطف، وإبراز الفوائد وإخفاء العيوب، واستخدام شهادات وشهود الزبائن، وإنشاء حالات استثنائية. الهدف الرئيسي للدعاية هو إقناع الأفراد بشراء فكرة أو تبني وجهة نظر معينة.
التكرار يعتبر طريقة فعالة لزيادة تأثير الرسائل على الأفراد. عندما يتكرر مفهوم أو رؤية معينة بانتظام، فإن ذلك يؤدي إلى تعزيز الاستجابة العقلية لهذا المفهوم. الأفراد يصبحون أكثر عرضة لتجاوب مع الرسائل التي تتكرر مرارًا وتكرارًا، حتى إذا كانوا يعرفون بوجود التكرار.
تلعب الدعاية والتكرار دورًا في تعزيز التأكيد لدى الأفراد. عندما يتعرض الأفراد لمعلومة مرارًا وتكرارًا، يزداد اعتقادهم في صحتها ودقتها، حتى لو كانت المعلومة غير صحيحة أو غير دقيقة. يمكن أن يؤدي هذا إلى تشكيل اعتقادات قوية وصعبة التصحيح. الدعاية والتكرار يمكن أن يستخدما لاستغلال العواطف البشرية والاستجابة العاطفية. عندما يتم تقديم الرسائل بطريقة مؤثرة عاطفيًا، فإنه يصبح أكثر احتمالًا أن تؤثر في الأفراد وتشكل اعتقاداتهم. تستخدم الدعاية والتكرار تقنيات مثل استخدام القصص المؤثرة، والصور القوية، والموسيقى العاطفية لإحداث تأثير عاطفي قوي.
هذه هي بعض الطرق التي يمكن للدعاية والتكرار أن يؤثرا في تشكيل اعتقادات الأفراد. ولذلك، فإن الوعي بتلك الأدوات والتحلي بالتفكير النقدي يمكن أنقول أن الأفراد يكونون أكثر قدرة على تقييم المعلومات بشكل مستقل واتخاذ قرارات مستنيرة.
لكن السؤال الأساسي هو لماذا لا يكون لدينا حوار فكري غير صحي وفعال في الوقت الحالي حتى لا يتمكن الاعلام المنحاز من فعل دوره في التأثير التدميري على وعي الشعوب هناك عداء متقابل وان مصدر العداء في الحوارات الفكرية يمكن أن يكون متعدد الاسباب ومتنوعًا. هذه بعض الامثلة الشائعة للعداء في الحوارات الفكرية:
العنصرية والتحيز: قد يكون هناك تحيز أو عنصرية متجذرة في أفراد الحوار، مما يؤدي إلى انحياز في النقاش ومعاملة غير عادلة للآخرين. قد يكون العداء مبنيًا على الجنس، العرق، الدين، الجنسية أو أي خصائص أخرى تؤدي إلى التمييز.
الانفعالات الشخصية: يمكن أن تؤدي الانفعالات الشخصية مثل الغضب، الاستياء أو الحقد إلى تصعيد العداء في الحوارات الفكرية. عندما يكون الحوار محمّلاً بالعواطف الشخصية، فإن القدرة على التفكير الهادئ والمنطقي تتناقص، مما يعوق سير الحوار بشكل بناء.
الاختلافات الثقافية والعقائدية: قد يكون هناك صدام في الحوارات الفكرية بسبب الاختلافات الثقافية والعقائدية. قد يؤدي الاختلاف في القيم والمعتقدات والتوجهات الثقافية إلى صعوبة في التواصل وفهم وجهات نظر الآخرين.
سوء التفاهم والتواصل: قد يحدث سوء فهم في الحوارات الفكرية نتيجة لعدم وضوح الرسالة أو عدم القدرة على التواصل بشكل فعال. الأفكار والمفاهيم المشوشة قد تؤدي إلى سوء التفاهم وتصعيد العداء بين الأطراف.
الثقافة التنافسية: قد يكون هناك رغبة قوية للتفوق والفوز في الحوارات الفكرية، مما يؤدي إلى اعتبار الآخرين كخصوم بدلاً من شركاء في البحث عن الحقيقة. هذه الثقافة التنافسية يمكن أن تؤدي إلى ظهور العداء والتعامل بشكل غير بناء مع الآخرين.
بالتالي لا يمكن الوصول إلى تفاهم من خلال الحوار بوجود تناقضات رئيسية في فلسفة الأشخاص. الحوار الفكري المفتوح والمتعاطف يمكن أن يساعد في إيجاد نقاط التوافق وفهم وجهات النظر المختلفة. عندما يتم إجراء حوار بناء، يتطلب من الأطراف المشاركة الاستماع بعناية وتبادل الأفكار بصدق واحترام. يمكن أن يكون الحوار الفكري بيئة آمنة حيث يمكن للأشخاص التعبير عن آرائهم ومخاوفهم بدون خوف من الانتقاد أو الإدانة. من خلال الحوار المفتوح، يمكن للأفراد أن يتبادلوا وجهات النظر والأدلة المدعمة لمواقفهم. يمكن أن يؤدي هذا إلى فهم أعمق للتفاصيل والتجاذبات في الفلسفة المختلفة. قد يتم الوصول إلى بعض التفاهم من خلال الاعتراف بالاختلافات والتعرف على المناطق المشتركة والمتقاربة. على الرغم من أن الاتفاق الكامل قد لا يكون ممكنًا في جميع الحالات، إلا أن الاعلام المنحاز وطغيانه المستمر الذي لا يحترم الحقيقة يمكن أن يساهم في إيجاد عزلة أكبر وتبني أسوء الآراء. قد يتطلب الأمر الوقت والصبر للتوصل إلى بعض النتائج الإيجابية بعد ان تعرى الحقيقة فكريا وفلسفيا، وكذلك الحوار الصادق والمتعاطف يمكن أن يسهم في تقريب وجهات النظر المتنافرة في فلسفة الأشخاص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا