الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتطف 2 من روايتي: من النور إلى نور ثم إلى فتيات العالم

أسماء عبدلي

2024 / 4 / 17
الادب والفن


اشرقت شمس الرابع عشر من إبريل ، لتتواصل رحلة البحث المعتادة..
يوم باهت يبدو عاديا ! هل تستفيق العجوز اليوم أم الطفلة؟،سؤال يُحيِّرُ نور كل صباح
يبدو أن العجوز في كامل طاقتها اليوم لتتولى حجرة القيادة
تجلس العجوز في الغرفة المظلمة على الكرسي المتحرك امام لوحة المفاتيح ترمي شالها الرمادي على كتفيها و تضع يدها البيضاء الشاحبة على الطاولة و تطقطق بأناملها عليها مرتين بِوتيرة هادئة و كأنها تخمن قبل النقر على اللوحة،
انزعجت نور من هذا الصوت بالرغم من هدوءه، و أحست كأن طبلا يُقْرٓعُ في رأسها، اخفضت رأسها قليلا مسحت بكفيها على وجهها كمحاولة منها كي تستعيد خط افكارها بعد أن قطعته تلك الخرقاء !
يا إلاهي خذني مني إليك لم أعد أحتمل..!!
تنقر العجوز على زر الخمول فتشعرُ نور بِمصْلٍ يسري في دمها و يصل إلى كل بقعةٍ من جسدها فتبرد اطرافها و يرتخي جسدها و يثقلُ رأسها .. فتغمِضُ عينيها و ترى صديقيها
ظلام و ضياء
يبتسم لها الأول قائلا: أتيتي في موعِدكِ دقيقة ٌ في مواعيدُكِ كالعادة عزيزتي سعيدٌ بلقائك، يبدو أننا إلتقينا كثيرا مؤخرا ..
أما الثاني فيبدو منزعجا نظر لها نظرة شفقة و لم تتحرك شفتاه بكلمة
لم تُنزِل نور عينيها عنه تنتَظر أن يشفي قلبها و لو بِحرفٍ واحد ..و لكن لا ..هيهات ..يبدو أن الرحلة لازالت مطولة .. ..يا للمسكينة..طال إنتظارها كادت أن تبيَّضَ عينيها من الحزن ، إشتاقت لأحاديثه و ضحكاته كيف كان يبُثُ فيها من روحه فَتُشْرقُ. لا مجال ..كل المحاولات بائسة..يبدو أن صيامه عن الكلام لم يَحِنْ له أن ينتهي ..يبدو أنه لا يجد ما يقوله للمسكينة فيُفٓضِل السكوت.
تتململ نور و ينبعث الدم في اطرافها فتدفئ و تفتحُ عينيها اللذان يبدوان كأنهما نجمان لامعان بل قَمٓران ينطفئان و يناران بتأثير صديقيها ..
هيا نور إنهضي وقت العمل أُخرجي من رَأسُكِ ..
العمل ! العمل ..حسنا ليس لي طاقة لغسلِ وجهي اليوم قطنة مبللة تفي بالغرض ! منظفات البشرة الباهضة التي أصرف عليها راتبي لا تسبب السعادة كما يعتبرها بعض الفتيات ..يا إلاهي عدد البثور في وجهي ..ماهذه الهالات السوداء يبدو أن الليل أسدل ستائره على ما تيسر من جفوني السفلية ..! تمرر اناملها على شفتاها لتتحسس التشققات..لا بأس مرطب الشفاه يحلُّ الأمر..تحدث نفسها
تلبس نور على عجلٍ و تغطي كل أثرٍ على وجهها للمعركة التي خاضتها البارحة مع الحياة
كل الشكر لظلال العيون و مُخفي الهالات السوداء و بودرة الخدود و احمر الشفاه على المساندة و الدعم
تسير نور في الشارع بخطوات سريعة ثابتة و متزنة
فيتحركا كتفيها بثبات وانسيابية مع كل خطوة، حيث يتحركان بتناغم وتوازن على جانبي جسدها ، مما يضفي على مشيتها لمسة من الثقة والجاذبية. أما رأسها، فيظهر بثبات وتماسك، حيث يبدو مرفوعاً بفخر وثقة،
إعاتدت هذه النظرات من العامة فلم تعد تهتم
كانت تبتسم للكل فتتلقى دعوات من العجائز و تلويحات من الصغار و نظراتِ إعجاب بل إنبهار من الشبان
فتشعرُ ببعض الحياء من نظراتهم
هي تعلمُ جيدا أنها مختلفة ولكن لا تعلم ما الذي يجعلها كذلك لم تكتشف هذا السر بعد
تشعرُ نور انها تنتمي للسماء و لم تشعر يوماً أنها قد تكون مخلوقا عاديا
تستمد غموضها و جاذبيتها من النور
يشعر الكل بذبذباتها فور إقترابه منها
تخاطب العقول فتحصل على ما تريد بدون طلبه و تتلقى الإجابات و الإطراءات التي تريد سماعها .
يستثنيها الكل منذ صغرها حتى بات هذا عاديا، بل اصبحت تنزعج عندما لا تتلقى الإستثناء المعهود
تبدو لوهلة فتاة عادية ذات بشرة فاتحة أو ربما باهتة و عينان لوزيتان يتحولان للأخضر عندما تعانقهما أشعة الشمس..مع شامة على الجانب الأيسر من شفتها السفلية .. و شعرٍ أسود متوسط الطول . لكن التعمق فيها يجعل سحرها يأسر قلبك و عندها يراودك الشعور هل يمكن لهذه الفتاة أن تكون حقيقية ؟
أكره العمل و مايقربني إليه من قولٍ أو عمل ..!!
ماذا إذا كنتُ أنا سيِّدٓة المحل ! "بيتي الصغير"
هكذا كنت أسميه قبل أن يصبح "سجني الصغير"
لا هذا ليس ما أسعى إليه
قدمتُ لهذا العالم بمهمة مقدسة، وبمجرد إتمامها سأعود إلى عالمي.
هيا نور لم تنتهي رحلَتُكِ بعد ربما ينزل الصحنُ الطائِرُ في أي لحظة ليعود بكِ لموطِنُكِ..!! حيث الكواكبُ و النجومُ و الأنوار .
أُخرُجي من رأسكِ نور..
في محل المجوهرات، تجد نفسها محاطة ببريق يبهر العيون، حيث تتألق الأحجار الكريمة بألوانها الزاهية كأنها نجوم ساطعة في السماء الليلية. تعكس المعادن أشعة الضوء بأناقة، مما يمنح المكان أجواءً من السحر. ومع ذلك، تدرك في داخلها أن هذه القطع ليست إلا قيدًا يجعلُ رحلة البحث عن" النور" أكثر تعقيداً و عسرًا
كلُّ هذا البريق لا ينتمي لي و لا أنتمي له
أشعرُ بالغربة !
أبحث عن النور الحقيقي ! ليس هذا إلَّا كذبةٌ تختفي بمُجرٓدِ أن أُغمِضٓ عينايا.!
تغمضُ نور عيناها و تُسنِدُ ظهرها على الكرسي المتحرك خلف المكتب تُريدُ أن تتأكد أن هذا النور زائل.. فتلتقي بصديقيها "ظلام و ضياء" يُشّعُْ ظلام وجهه نورًا عند رؤيتها يبتسمُ لها ويَدُه ممدودة نحوٓ يدها ليسحبها إليه..
أما ضياء فكأنما أُغشيَ وجهه قِطعًا من الليل مظلِمًا كأن كلُّ حزنُ الأرضِ به ..
تستسلم نور لِظلام و تَمُدُّ يدها لِيُقٓبِّلها و هو ينحني برشاقة واضعاً يده الأخرى وراء ظهره :"تَبْدين كالحُلم في هذا الفستان الأزرق..إقتربي"
تشُّدُْ نور طرف ثوبها الحريري و ترفعه قليلاً ..و تتقدمُ نحوه بِخَوف..يَسْحَبُها هو بِلُطف و يتجهان نحو المجهول.. فُتِحٓ باب المحلْ فٓدٓقّٓ الناقوس معلنا عن موعد العودة إلى الواقع فتراجعت نور إلى الوراء و هي ممسكة بطرفي ثوبها مهرولة :" حان وقتُ الذهاب ..لنا موعد"
يقفُ ظلام في مكانه و نظره مثبتا نحو نور و هي مسرعة و شعرها يرقُصُ على إيقاع الرياح :" ماذا عن الشموع..و الموسيقى و الورد؟؟." يلعنُ ظلام حظّٓهُ و الفتاة التى دخلت المحلّ !
تفتحُ نور عيناها :" مرحباً تفضلي.."
، تلتقط عينا الفتاة البريق اللامع للمجوهرات المعروضة في « الفترينات » « الواجهات الزجاجية ». تتوقف للحظة، مدهوشة بالجمال التي تعكسه القطع . تبدأ بالتجول ببطء بين الأرفف، معلقة نظرها على الخواتم المرصعة بالماس والقلائد اللامعة.

تُشيرُ بيدها إلى خاتمٍ بماسة زرقاء، : « أُريدُ هذا » تقترب نور و هي تردد تعليمات صاحبة المحل في باطنها « le client est le roi »
« le client est le roi » .
العميل هو الملك، حتى و إن كان في داخِلُكِ حريق إبتسمي و قولي ماهي إلا حفلةُ شِواء.
تُّعٓبِّئُ نور الخاتم و تغلفه تغليفًا مرتبًا لا يعكسُ فوضى داخلها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش


.. -إيقاعات الحرية-.. احتفال عالمي بموسيقى الجاز




.. موسيقى الجاز.. جسر لنشر السلام وتقريب الثقافات بين الشعوب