الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( ألقاب) بين القبول والرفض

محمد بلمزيان

2024 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


أصبحنا نعيش في عصر تحولت فيه القيم الى عملة نادرة، وأضحى تشييء الإنسان وتبضيعه شأنه شأن باقي السلع الأخرى المتواجدة في السوق سيان، وكلما تقدمنا في العمر إلا ونصادف في حياتنا لوحات ومشاهد يومية مشمئزة ومدعاة للسخرية والإمتعاض، مشاهد أقل ما يقال عنها بأنها تنطوي على مدى انهيار القيم الإنسانية النبيلة المتأصلة التي توارثتها البشرية جيلا بعد جيل، وكيف استفحلت ظواهر اجتماعية منتشرة في شوارعنا واسواقنا وتجمعاتنا البشرية، وتبادل كلام أقل ما يقال عنه بأنه مخل بالآداب ومخلخل للقيم البشرية، صياح وتنابز بالألقاب الوضيعة بين البعض أصبحت عادات متشنجة رائجة بينهم وبدون اية فرامل .
مناسبة هذا القول هو ما استرقته سمعي وأنا متوقف باحدى الشوارع بالقرب من احد المطاعم الفخمة بالمدينة، حيث يبدو من الوهلة الأولى بأن ثمة حالة من الرواج في ذلك المطعم من خلال حركة الدخول والخروج للزبناء، ونداء أحد عمال المطعم على أحد زملائه باستعمال لقب ( بيرو) PERRO ، وهي كلمة تعني ( الكلب ) بالإسبانية، وبينما وهو يناديه بهذا الإسم صاح المنادى عليه بما يشبه الإعلان عن سماعه للنداء قائلا : نعم، فكرر المنادي لثلات مرات كلمة PERRO، ورد عليه المنادى عليه بالجواب ثلاثة مرات وبصوت مرتفع يكاد يسمع على مسافة مهمة، وهو ما يشي أنه يريد أن يطلب منه خدمة أو تحضير وجبة أو تقديمها الى أحد الزبناء أو شيء من هذا القبيل، فاستغربت من هذا السلوك المتهجن، حيث تقبل ذلك الآدمي بتسميته باسم ( كلب ) ففكرت مع نفسي هل هذا الشخص لا يعلم معنى هذا اللقب أم أنه يعلم ذلك ومع ذلك رضي بوصفه بهذا اللقب، مع أن تسمية ( الكلب ) هو اسم لحيوان يرمز الى الإخلاص والوفاء ، وما قد يقدمه هذا الحيوان الأليف من خدمات جمة وبالتضحية في سبيل حماية صاحبه وممتلكاته ومحيطه بعيدا عن أية سلوكات الإرتشاء او الغدر التي يمكن أن يقدم عليها بني الإنسان تحت ضغوط الإغواء والإغراء والتهديد ، وأنا استرسل في متاهة محاولة فهم هذا السلوك الغريب بين عامل وزميله، استحضر حجم امتهان كرامة العمال في ظل سيادة قوانين مجحفة في حق الأيدي العاملة وقبولها بالعيش في ظل ما يشبه انكسار الذات وامتهان الكرامة في سبيل الحصول على لقمة العيش، وكيف أن البشر قد يتفاوتون في حجم الإحساس بالكرامة العزة، فبينما قد يكون طرفا لا يبالي بمن يصفه بأقدح النعوت والأوصاف مهما كانت مسببة لأذى شخصي ومعنوي وبين طرف يتوفر على حساسية مفرطة وغير قادر على تحمل تلك العبارات الحاطة من كرامة الإنسان، وتدعوه الى الإنفعال والإحتجاج عليها بكل ما أوتي من قوة وضراوة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعش يتغلغل في أوروبا.. والإرهاب يضرب بعد حرب غزة | #ملف_الي


.. القرم... هل تتجرأ أوكرانيا على استعادتها بصواريخ أتاكمز وتست




.. مسن تسعيني يجوب شوارع #أيرلندا للتضامن مع تظاهرات لدعم غزة


.. مسؤول إسرائيلي: تل أبيب تمهل حماس حتى مساء الغد للرد على مقت




.. انفجار أسطوانات غاز بأحد المطاعم في #بيروت #سوشال_سكاي