الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلمان الكارتوني في حرب

شابا أيوب شابا

2024 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بقلم هنريك ستامر هيدين (*)

نشرت جريدة الشيوعي الشهرية التي يُصدرها الحزب الشيوعي الدنماركي في عددها الرابع - نيسان 2024 مقالاً بعنوان
" برلمان الاتحاد الأوروبي إتّخذَ قراراً حربياً آخر "

تمَّ وصف الحرب الأوكرانية بأنها حرب أمريكا بالوكالة ضد روسيا. وفي هذا الوصف جزءاً كبيراً من الحقيقة.

كان عِداء الولايات المتحدة تجاه الاتحاد السوفيتي يرجع في المقام الأول إلى حقيقة أن الاتحاد السوفيتي كان يمثل عقبة أمام هيمنة الولايات المتحدة على العالم، وتُشكل روسيا الحالية المُعادية للثورة هذه العقبة.

لكن هذا التوصيف يتجاهل الدور الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي، وهو دور مختلف وأكبر من مجرد التبعية للولايات المتحدة. طوال حياته، سعى الاتحاد الأوروبي بنجاح إلى التوسع شرقاً نحو ما كان يُعرف بالاتحاد السوفييتي وحلفائه. أوكرانيا هي اللقمة الكبيرة التالية التي يلقي عليها الوحش المفترس شهيته.

غير أنه، لم يكن جزء كبير من السكان الأوكرانيين يميلون إلى الاندماج في الاتحاد الأوروبي، وينطبق هذا بشكل خاص على المناطق المتقدمة صناعياً والخصبة في الشرق الأوكراني (دونباس). لقد خرجت هذه المناطق عن السيطرة، وبالنسبة للاتحاد الأوروبي فإن الحرب تتعلق على الأقل باستعادتها. حتى الآن، يحدث ذلك بالنيابة ــ عبر حكومة كييف وأجزاء أوكرانيا وسكانها التي لا تزال تُسيطر عليها.

لكن التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي ماكرون بشأن قوات الاتحاد الأوروبي على الأراضي الأوكرانية تُظهر أن هذا الأمر قد لا يبقى بالضرورة على حاله.

في التاسع والعشرين من فبراير/شباط، تبنى برلمان الاتحاد الأوروبي واحداً من قراراته اللفظية المعتادة، تحت عنوان مطول: "الحاجة إلى دعم الاتحاد الأوروبي الثابت لأوكرانيا بعد عامين من الحرب العدوانية التي شنتها روسيا ضد أوكرانيا".

لا يتمتع برلمان الاتحاد الأوروبي بسلطة تشريعية، والقرار غير ملزم لأي شخص - باستثناء رئيس التجمع، الذي يتعين عليه "إرسال هذا القرار إلى المجلس، والمفوضية، ونائب رئيس المفوضية/الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، وحكومات وبرلمانات الدول الأعضاء، ورئيس أوكرانيا، والحكومة والبرلمان الأوكراني، والأمم المتحدة والسلطات الروسية والبيلاروسية”. وربما ينبغي قراءته باهتمام بهذه الهيئات التي ليس لديها ما تفعله.

في 8 مراجع و30 إعتبار أولي وما لا يقل عن 44 فقرة، يعرض نص القرار وجهة نظر برلمان الكاريكاتير حول الصراع ودور الاتحاد الأوروبي. هذه هي الأكاذيب المعروفة جيداً حول "الحرب العدوانية غير القانونية (أياً كان معناها)، وغير المبررة، والمنتظمة ضد أوكرانيا" والتي تشنها روسيا منذ 24 فبراير 2022 (إعتبار A)، وعن "الشعب الأوكراني الشجاع" وعن "جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا" إلى جانب الأكاذيب الجديدة التي تقول إن "القوات المسلحة الأوكرانية حرّرت أكثر من 50٪ من الأراضي التي كانت محتلة مؤقتاً،(إعتبار L)، ادعاءات بشعة بأن "طبيعة أوكرانيا كانت هدفاً مُحدداً في الحرب (إعتبار AA)، وأشياء أخرى كثيرة، والتي سيستغرق الخوض فيها هنا وقتاً طويلاً.

الفقرات الـ 44 التي تلي 30 إعتباراً أولياً تُحدد سلسلة طويلة من أهداف الحرب، إذا لم يكن من الأفضل وصفها بأنها خيالات حرب.

ينطلق البرلمان الكاريكاتيري في الفقرة الأولى ليعلن "تضامنه الثابت مع سكان أوكرانيا وقادتها ودعمه لاستقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها داخل حدود البلاد المعترف بها دولياً".

وهنا بالفعل فإن المرء يَمدُ ساقيه إلى أبعد مما يمكن أن يتحمله البنطلون، لأن "حدود أوكرانيا المعترف بها دوليا" تشمل، كما يظهر لاحقا في الوثيقة، شبه جزيرة القرم، التي صوّتَ سكانها وقادتها بالفعل في عام 2014 بشكل لا لبس فيه في استفتاء أصدرته الحكومة الذاتية المعترف بها دوليا في المنطقة، أنهم لم يعودوا يريدون الانتماء إلى أوكرانيا. لذا كيف ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يكون "متضامناً" مع هذا الجزء من سكان أوكرانيا في نفس الوقت الذي يُحدد فيه لنفسه (حسب الفقرة 9) هدف "تحرير شبه جزيرة القرم وإعادة تأسيسها" ،إذ لا يزال هذا أمراً غير مؤكداً.

ويستمر القرار بنفس أسلوب التبجح وبنفس شهوة الحرب.

من الواضح أن البرلمان الكارتوني يتصور أن أوكرانيا يمكن أن تفوز بالفعل بالحرب ضد روسيا، ولكي تتمكن من ذلك، فإنها تحتاج بالطبع إلى الكثير من الأسلحة، التي يتعين على مواطني الاتحاد الأوروبي أن يدفعوا ثمنها - ربع الناتج المحلي الإجمالي السنوي لكل دولة من دول الاتحاد الأوروبي وفي أمد غير محدد (فقرة11).

دعم الأسلحة يجب أن يُستكمل بعقوبات صارمة أيضاً ضد الشركات التي "تساعد روسيا على تجاوز العقوبات"، سواء في داخل الدنمارك أم خارجها بما في ذلك الصين بشكل صريح (الفقرة 32). و"يجب اتخاذ المزيد من التدابير لمواصلة العزلة الدولية لروسيا، بما في ذلك ما يتعلق بعضوية روسيا في المنظمات والهيئات الدولية مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" (الفقرة 36). يمكننا أن نستمر بهذه التفاصيل، ولكن ليس هناك مجال لذلك.

الحقيقة

ولا يوجد سبب لذلك أيضا، لأن أحلام الحرب في البرلمان الكارتوني ليس لها مكان على الأرض. لا شك أن الاتحاد الأوروبي يستطيع أن يدمر نفسه بإرسال ما قيمته المليارات من المعدات العسكرية وشن حرب اقتصادية ضد البلدان الأكثر سكاناً على مستوى العالم وأكبر الأسواق الإقتصادية.

لكن الزمن الذي كان بوسع أوروبا الإمبريالية أن تقرر فيه ما سيحدث في العالم قد ولّى، رغم أن هذا لم يخطر ببال البرلمان، الذي لا يستطيع هو نفسه أن يقرر أي شيء، ولا حتى في الاتحاد الأوروبي.

لكن القوى التي تتخذ القرار في الاتحاد الأوروبي تقف على نفس الخط، حتى ولو لم تعبر عن نفسها بشكل مُنمّق للغاية. وعندما تتجلى الحقيقة لهم، فقد ينتهي الأمر كما توقع الرئيس الفرنسي، على الاتحاد الاوروربي إرسال جنود.

وكانت فرنسا وألمانيا وراء إنشاء الاتحاد الأوروبي، وهما الدولتان الأعضاء الرائدتان في الاتحاد. لقد حاول كل منهما شن حرب ضد روسيا، لكن كلاهما أفلت من الهزيمة. ويبدو أن ألمانيا تعلّمَت الدرس.
ولكن هل تعلّمت فرنسا الدرس؟

(*) هو سكرتير الحزب الشيوعي الدنماركي بالتناوب مع رايكه كارلسون

ترجمة: د. شابا أيوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية