الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظل

سرحان الركابي

2024 / 4 / 19
الادب والفن


. هل سبق أن تسائلتم عن طبيعة ظلالكم ؟ وعن كثافتها , وسرعة لحاقها بحركة أجسادكم , وما سر مرافقتها لكم في حلكم وترحالكم ؟ ,
في البداية كنت أظن أن الظل , هو تلك الحزم الداكنة الغريبة التي يبدو مثل غيمة مبهمة وغير واضحة المعالم , والتي ترافقنا دائما وأبدا , الا في الليل , حينما يتحول كل العالم الى ظل كبير وقاتم ويجثم على صدر الوجود بكثافته وحلكته المعتمة , ويخفيه عن الأنظار . لكن نظرتي تلك كانت قاصرة , فالظل له من الأسرار والخفايا مالم يخطر على بال , ورغم التصاقه وأرتباطه بأجسادنا وحركاننا وسكناتنا الا أننا نشعر أحيانا انه كائن غريب عنا , لم يسبق لنا أن تعاشرنا أو تواصلنا معه بلغة أو اشارة أو غيرها , انه يرافقنا بصمت مريب بكتلته المعتمة وهالته التي يلقيها بجانب أجسادنا ,
,. دائما هو في حالة هروب , فهو يخشى من الشمس والمصابيج وكل الأضوية وينزوي بعيدا عنها , خلف ستارالاشياء المعتمة , انه يلوذ بنا خوفا من كل اشراقة ضوء , وينزوي بعيدا عن كل بصمة نور أو وضوح , فهل كنا مجرد مخابيء يلوذ بها هذا الكائن المعتم والغامض
. الأجساد والأشياء التي يعشعش فيها , لابد وأن تكون قادرة على حجب الأشعة عنه , لهذا فهو يرافقنا دون كلل أو ملل , ولا يترك لنا مجالا لمعرفة كنه هذه الكتلة الهلامية الغريبة التي تشبه هيئتنا الخارجية , انه يجد فينا ملاذه
. في مرة من المرات , خيل لي ان ظلي يشكل عالم آخر قائم بذاته , لكنه نسخة طبق الأصل مني , من قوامي وهيأتي وحركاتي وسكناتي , وربما له تاريخ نفس تاريخي , ولديه من الهواجس والهموم كهواجسي وهمومي , و أتذكر حينما كنت صغيرا , كان ظلي يحيرني , فراقبته بامعان شديد , وأردت أن أعرف ما مدى علاقتي به أو علاقته بي , ولهذا كنت أركض سريعا لأرى ماذا سيفعل , هل يركض خلفي أو يظل واقفا في مكانه ,
. لقد جربتها عدة مرات وكان يركض سريعا بجانبي في الجهة المعاكسة للشمس , وحينها كان يزداد التصاقا بي كلما أسرعت , وكأنه يخشى أن أسبقه فيتجرد من كثافتي التي تحميه من الأضوية والأشعة التي تبدده وتشتت أشلائه ,
كان يرافقني دائما الا مرة واحدة , حينما كنت أسير مسرعا بجانب جدار طويل ومرتفع , واذا بي أجده وقد تخلف عني , ظل واقفا ينظر الي باستغراب , كانه لم يعد يعرفني , حينها ناديت عليه أن يلحق بي خوفا عليه من الاضوية والانوار الطائشة في هذا العالم , لكنه ظل واقفا دون حراك , ترى ما الذي حدث , وكيف استطاع ظلي أن يفترق عني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة