الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البوليس السياسي مصاب بالإسهال وفقدان البصيرة

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2024 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


النظام السياسي المزاجي المخزني الطقوسي البوليسي ، أصيب بالدوخة وبالرشد ، واصبح تائها عندما فقد البصيرة ، واصبح مثل الناقة العمياء تدهس كل من وقف في طريقها .. وهنا يبقى السؤال . من يحكم في النظام النيوبتريركي ، النيوبتريمونيالي ، الرعوي ، الطقوسي ، التقليداني ، الثيوقراطي ، ( المحافظ ) والافتراسي ... الخ . هل من يحكم هم البوليس خاصة فرع الشؤون السياسية ، وهنا يكون التنسيق مع الجهاز السلطوي ضروريا من باب الاخبار ، لان الجهاز البوليسي ، من حيث التركيبة يبقى خاضعا ( للجهاز ) السلطوي الذي تمثله وزارة الداخلية ، لان المديريتين ، المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني DGST ، والمديرية العامة للأمن الوطني DGSN تعتبر مديريات من المديريات الاخريات التابعة لوزارة الداخلية . طبعا هذا من حيث الشكل العام . اما من حيث التطبيق والتنزيل ، فالعلاقة التي تجمع وزارة الداخلية الام ، بهاتين المديريتين ، يبق سندها طبعا شخصية المدير او المديريْن اللذين يتوليان إدارة تلك المديريات ، وهذه العلاقة طبعا يحددها درجة العلاقة التي تربط المدير او المديرين مع الملك ، وفي الحالة الراهنة ، تكون درجة العلاقة بين المدير او المديرين ، مع ( صديق ومستشار ) الملك فؤاد الهمة ، هي من تتحكم في شخصية المدير او المديرين ، لان فؤاد الهمة ونظرا لمرض الملك الخطير ، ونظرا لطابع ( الصداقة ) مع الملك الذي عينه ( مستشاره ) ، طبعا في الشؤون البوليسية ، وفي شؤون وزارة الداخلية ، وهنا تفعل فعلتها العلاقة التي ترسخت بالمدرسة ( المولوية ) او ما يسمى ب Le collège royale ، يمكن ترتيب شخصية المدير العام للمديريتين ، كما جرى به الامر زمن ادريس البصري ، الذي كان هو المسؤول الأول عن الشؤون البوليسية والشؤون السياسية ، حيث يتم التعيين في هذه المناصب اشخاص ، خلصاء لشخص ادريس البصري الذي رقاه الملك الحسن الثاني الى وزير دولة في الداخلية . فالعلاقات الشخصية ، والذمة والانبطاح ، والسرعة في التنفيذ من دون طراح السؤال . لماذا ، هو المعيار ادريس البصري في تعيين خداما أوفياء له اكثر من وفائهم واخلاصهم لشخص الملك نفسه ، لأنه بعد توغل ادريس البصري ، في فهم شخصية الحسن الثاني ، كان يجتهد في تنزيل قرارات الملك ، فكانت له من السلطات ما جعلته يكيف القرارات حسب مزاجه ، خاصة وانه وزير دولة مزاجية في الداخلية المسيطرة على العالم القروي ، وسيطرت على ( النخبة ) الهجينة من أساتذة الجامعة المغربية ، وبالضبط أساتذة كلية الحقوق بالرباط التي كان لها شأن ودعاية ، ومن أساتذة المدرسة الوطنية للإدارة ، المتخصصة في تكوين الأطر المقتدرة التي ستتولى الاشراف على تسيير الدولة ، من خلال الانتساب الى وزارة الداخلية التي كانت المفضلة عند ( النخبة ) الهجينة الوصولية . فمهمتها هو تنزيل سياسة القصر مهما تعقدت الظروف الاجتماعية ، وحصلت الازمة السياسية .. لان البصري حينما كان ينفد القرارات والتعليمات الملكية ، كان يجتهد في تفسيرها ، حتى ولو كان التفسير والفهم متناقضا للسياسة التي رغب فيها الحسن الثاني .. وبما ان فؤاد الهمة ( صديق ومستشار ) الملك ، او كله امر الدولة ، فنظرا لضعف الملك ، واستغلال ل ( صداقته ) ، وعندما مرض الملك المرض الخطير ، والكل يتذكر كيف كان بين رؤساء وحكام الدول في فرنسا ، عند احياء مائة عام عن الحرب العالمية الأولى ، ينام ، ويفقد الوعي ، ويفقد التحكم ، ويفقد التمييز .. كان هذا ، والرئيس Donald Trump يتابعه بنظرات اعطته فكرة عن شخص محمد السادس ، واعطته صورة تقريبية عن من يحكم الدولة المغربية . وكانت تلك الصورة للملك المريض سببا في طي صفحة تمويل الملك ل " هيلاري كلنتون " في الانتخابات الرئاسية الامريكية ب 16 مليون دولار ، ومع ذلك لم تفز السيدة " هيلاري كلينتون " ، وفاز Trump ، الذي وجد في شخص محمد السادس اغراضه الخاصة ، حين استدرجه لإخراج العلاقات مع الدولة الإسرائيلية الى العلن باسم التطبيع ، والنظام لم يطبع ، لان التطبيع كان قبل 1965 ، في مؤتمر القمة العربي الذي تسبب في النكسة ، أي تسبب في الهزيمة العربية في سنة 1967 .
ضعف الملك من جهة ، واصابته بالمرض الخطير من جهة أخرى ، اعتبرت الفرصة السانحة للانقضاض على النظام ، ومنه السيطرة على الدولة . واصبح وضع محمد السادس كالشبح ، الذي يجهل كل شيء عما يجري بالدولة ، لكن الخطورة ان القرارات تخرج باسمه ، ويبصم عليها بأصابعه ، فوصلت حالة الملك درجة فرضت خروجه من المغرب منذ توليه ( الحكم ) . هاجر المغرب بمجرد تعيينه ، وبعد ضمان استمرار الوضع كما هو عليه ، خاصة وان حركة 20 فبراير ، أعطت الفريق الذي يشتغل باسمه ، ضمانة تامة في المواصلة بدون خوف ومن تردد .
ولو كان محمد السادس يميز ، ويحلل ما بين السطور ، هل كان ان يوقع بخط يده كل شيء قدم له . فلو كان يميز. هل كان له ان يبصم بيده ويوقع على قرار الاعتراف امام العالم بالجمهورية العربية الصحراوية ، ويصدر ظهيرا يوثق هذا الاعتراف الذي ذهب بعيدا حين نشره بالجريدة الرسمية للدولة العلوية . عدد : 6539 يناير 2017 ، وهل كان له ان يعفو على مغتصب الأطفال الاسباني " دنيال گلفان " المحكوم بثلاثين سنة ، وهل كان له ان يصمت عندما تم تهريب البيدوفيل الكويتي من السجن ، ليلتحق بالكويت .... لخ .
لقد ساهم فشل حركة 20 فبراير ، واحداث الريف في تقويت نفود البوليس السياسي ، التي طالت حتى القضاء الذي كان ينفد تعليمات البوليس ، بالحكم في قضايا تم تعويمها من الجرم السياسي ، او جرم حرية التعبير والرأي ، الى جرم الحق العام ، بتهم تلتقي في الجنس ، ليتم تشويه المناضلين والتقليل من مكانتهم .. لكن هيهات فمنظمات حقوق الانسان ، والتقرير الذي أصدرته وزارة الخارجية الامريكية ، والبرلمان الأوروبي ، اشارا الى هذا الخلل المُدان ، وطلب الجميع بإصلاحه ..
اذن . من يحكم اليوم الدولة ؟ . هل الملك الغائب وكان قبل مرضه مغيبا بسبب ضعفه ؟ ام البوليس السياسي الذي اوكله المغرب عندما جعل على رأسه ( صديقه ومستشاره ) فؤاد الهمة ؟ ام الجهاز السلطوي الطقوسي الذي يخضع بدوره الى سلطة ( صديق ) الملك فؤاد الهمة ؟ . ام الجيش ؟ ام الدرك ؟ ام الغرب من فرنسا الى إسرائيل . بل ما موقف الجيش من هذا الخلل ، ومن هذا الانقلاب الذي خطف الدولة ، وحولها الى دولة بوليسية قمعية فاشية ؟ . هل سكوت الجيش دليل على مساندته للانقلاب ، ما دام الانقلاب يحفظ جميع مزايا الضباط الكبار ؟ . وهل اضحى الجيش يشتغل تحت أوامر الانقلابيين ، مما يعني مشاركته ولو من بعيد في الموافقة على الانقلاب ؟ . وكيف سيتحول الانقلاب الى " بنية سرية " من خلال اشخاصها الذين ينتمون الى جميع الوحدات الإدارية ، يشكلون دولة داخل الدولة ، في التشطيب على الدستور وفي تفادي وتجاوز عقد ( البيعة ) الذي يعطي للأمير الراعي ، سلطات توجد فقط عند العفاريت والجن ..
ومرة أخرى . هل حقا ان محمد السادس تعرض لانقلاب ابيض قاده ( صديقه ومستشاره ) فؤاد الهمة ، سبقا مع الزمن ، لقطع الطريق عن اشخاص اخرين في تولي الولاية عند موت الملك المريض ، خاصة ويأتي على راسهم هشام بنعبدالله العلوي ، الذي حقه في الإرث واضح ولا غبار عليه ..
لكن ونحن نتساءل . هل يتناسب هذا الانقلاب ، مع الدستور ، ويتناسب مع عقد البيعة الذي يعني شخص الأمير ، ولا يعني غيره من الذين سيطروا على الدولة بسرقتها ؟ .
ان من الأخطاء الكبيرة والثغرات ، في نظام المخزن ، تنافيه مع القوانين ، وتنافيه مع الوضوح في ممارسة الشأن العام بالدولة . فالنظام عندما يترك الشفافية والوضوح ، وربط المسؤولية بالمحاسبة ، فانه يصبح غارقا في فوضى التنظيم ، بحيث تتجسد قوة النظام في مشروعية واحدة ، هي القمع ، طبعا يترافق كل ذلك مع شخص الأمير والامام والراعي الكبير .. فكلما كان الأمير قويا ، كلما زادت فوضى النظام المخزني ، لان المزاجية في اتخاد القرارات ، وفي تدبير الدولة ، تطغى بشخصية الملك الذي يصبح هو الدولة ، والدولة تصبح هي الملك . وقد جسد هذا النمط المزاجي عند تدبير الدولة الحسن الثاني كشخصية بوليسية مشروعية ممارستها الحكم ، يبقى فقط القمع . اما ما يسمى بالدستور ، فرغم انه دستوره ، فهو موضوع كشكلية للتخاطب مع المغرب الذي كان يحق جميع الدساتير التي عرفها النظام طيلة حكم الملك الحسن الثاني . إضافة الى اعتماد تسيير الدولة المزاجية ، بقمع اخر ، هو القمع الروحي حين يعتبر نفسه من اهل البيت ، ومن سلالة النبي .. وهنا في الممارسة السلطوية وليست ممارسة السلطة ، بالاعتماد على اللاهوت والغيب ، يصبح الأمير محصنا ومحجبا من اية رقابة رادعة بالقانون الديمقراطي الغير موجود ، وتصبح شخصية الأمير هل الكل في الكل .
لكن عندما يكون الملك ضعيفا بل اكثر من ضعيف ، ويصاب بمرض مهدد لبقائه ، هنا تصبح الفوضى الدستورية العارمة ، هي سيدة القاعدة وليس الاستثناء ، فيصبح الملك الضعيف طبعا مغيبا في ممارسة الحكم الذي هو اكبر منه ، ويصبح غائبا لنفسه عندما يصاب بمرض لعين .. وبين الملك المغيب والملك الغائب ، تظهر ممارسة السلطة الحقيقية ، في جهة أخرى تتصرف باسم الملك ، الذي يوقع بيديه ما يجهله تمام الجهل . فتصبح السلطة تمارس من قبل جماعة لا يربطها مع الملك سوى اسمه ، للاستفراد بالدولة والتقرير في مصير رعايا امية جاهلة .
بطبيعة الحال ، عندما يكون الملك اكثر من ضعيف ، ويصاب بمرض خطير ، ويستعمل ادوية ضد الغياب وضد التركيز .. هنا يكون الممارس للسلطة باسم الملك المريض ، هو الحاكم الفعلي ، ما دام يحظى برضى ضباط الجيش والدرك ، ما دامت مصالحهم مضمونه وثابتة ، فيصبح ضباط الجيش يمارسون السلطة من بعيد ، وبتزكيتهم لجماعة الحكام الجدد ، يكونون منخرطين تمام الانخراط ، في التحول الناتج عن الملك الغائب والملك المغيب . وهنا تأتي جماعة " البنية السرية " حكام الدولة المحتضرة ، عند سرقة الدولة بسرقة سلطات الملك . وتكون جماعة " البنية السرية " رغم ظهورها بالسيطرة على الدولة ، فإنها ومن دون حصولها على موافقة الجيش ، يستحيل عليها القفز على اختصاصات الملك الدستورية ، واختصاصاته الدينية .. لان لو لا مباركة الجيش للانقلاب الأبيض على الملك ، ما كان لجماعة " البنية السرية " ان تتحرك دون اخد الضوء الأخضر من الجيش .. والجيش عندما يكون قد اقر وضعا ولو انه منافي للدستور ، ومنافي للسلطة الدينية ( امير المؤمنين ) ، فلان مصالحة مضمونة ، وامتيازاته مصونة ..
ان الحاصل اذن ، ومن خلال تحليل بسيط ، ان النظام المخزني مع محمد السادس ، اصبح محل أطماع شخصيات من نفس الدائرة ، لكنها تختلف عن جماعة السلطة الحالية ، بانفتاحها على الغرب الذي يرشحها لتولي زمام الحكم ، غدا ان تعقدت السلطة السياسية ، واستفحلت الازمة السياسية ، لان بديل الغرب المفضل ، ان يكون ذا ثقافة ليبرالية غربية بالأفعال وليس بالأقوال . اذن نحن امام صراع على الحكم ، بين ورثته من كل حدب وصوب .. والصراع انخرطت فيه باكرا جماعة " البنية السرية " البوليسية ، حتى لا تسرق من بين أيديهم ، وحتى يستمروا أصحاب نفود وسلطة وجاه في دولة أصبحت تخالف حتى دستور الملك الممنوح ، وخالفت عن سبق إصرار ( عقد البيعة ) الذي يعطي للملك سلطات هي فقط عند الجن والعفاريت .. فالغرب الذي يراقب عن كثب ما يجري بالدولة المزاجية ، ينتظر بلوغ الازمة حدها الأقصى ، ليتصرف من خلال مشروعية الصحراء الأممية ، طبعا فرض الاستفتاء وتقرير المصير ، الذي يبقى المدخل الأساسي ، لشرعنة وتبرير أي تغيير في النظام المزاجي المغربي .. فتقسيم المغرب مطروح على الطاولة الغربية ، وبما فيهم إسرائيل البراغماتية التي تتحرك اين وجدت مصلحتها ، وتبرر علاقاتها مع بعض الأنظمة كالنظام المزاجي المغربي ، بالعلاقة مع الدولة اكثر من تبريرها مع شخص الملك المعرض للموت بسبب مرضه الخطير ..
وحين تطفو على سلط الاحداث فقط مشروعية القمع البوليسي والروحي ، ويصبح المجتمع نتيجة هذا التحول في ممارسة السلطة والشأن العام ، بالمجتمع الخامل ، لكن المجتمع الذي غدا سيثور عند استفحال ازمة الخبز ، لانه خبزي ، وتتأزم الوضعية الاقتصادية ، ويصبح النظام عاريا امام الرعايا ، الذين لن يبقوا رعايا ، عند نفض غبار الرعية عن اكتافهم ، وينزلون الى الشارع ، عندما تكون نتيجة الاستفتاء في الصحراء هي الاستقلال .. وهنا وبدعم من الغرب وإسرائيل ، ولتشتيت الجميع ، قد يتحول النزول الى مقاومة مسلحة خاصة في الصحراء ، وقد يتحول الى " أنا ركية " سياسية عامة ، نتائجها اقبح من تغيير النظام بالانقلاب عسكري ، او ب ( ثورة ) ما ، ذات مقاصد اسلاموية ، لتصبح المواجهة حضارية مع الدول وخاصة إسرائيل المتدخلة في موجهة التغيير في المغرب ..
الآن جماعة " البنية السرية " التي يظهر انها تتحكم في الشأن السياسي ، لا تستطيع الخروج عن المبادئ العامة التي يؤمن بها الجيش ، لان الحاكم الفعلي يبقى الجيش والدرك ، المتحكمين من بعيد في جماعة " البنية السرية " التي يسيرونها " البتلكوموند " من بعيد . أي دون اثارة لكل المشتغلين بالشأن العام ، بان جماعة " البنية السرية " التي تتولى تدبير الدولة ، هي تخضع للجيش ، فيكون انقلاب " البنية السرية " انقلاب للجيش الذي من المفروض انه يرتبط بالملك ، غير الملك .. فاصل القوة التي تدبر المغرب اليوم يبقى الجيش والدرك ، و جماعة " البنية السرية " تبقى فقط كمعول في خضم القوى الحقيقية التي تسيطر على الوضع ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة