الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(سليل الخيال)(*) للروائي إبراهيم سبتي -البحث عن الحياة وسط خرائب الموت -

محمد عبد حسن

2024 / 4 / 20
الادب والفن


مع أنّ زمن السرد في الرواية يبدأ في مطلع كانون الأول 2003 بمشروع بناء مستشفى خاص "عاد إلى الواجهة بعد أن توقف أو الغي قبل تغيير نظام الحكم بعد دخول القوات الأمريكية قبل تسعة شهور من الآن" ص7.. إلا أنّ الحرب، منذ حرب السنوات الثمانية وما تلاها، حاضرة عبر آثارها التي تركتها سواء على الإنسان العراقي أو البيئة العراقية. يأتي ذلك عبر عملية استدعاء في كلّ من جزئي المتن السردي المكتوبين بصيغة ضمير المتكلم؛ الأمر الذي يشعر القارئ أنّه أمام رواية سيرة ذاتية.
مثّل فصل الرواية الأول، الممتد بين الصفحات (5-16) مدخلًا تعريفيًّا أراد الكاتب، من خلاله، رسم الخطوط الأولى لروايته.. ليفترق السرد، بعد ذلك وعبر (14) فصلًا مثّلتْ كل فصول الرواية، إلى خطين يتناوب من خلالهما المؤلف على سرد حدثين.
(1):
يأخذنا الراوي معه، في خطّ سرده الأول، للبحث عن سند العقار الذي يثبت ملكيته للدار التي يسكنها أمام قوى نافذة تحاول الحصول عليها سواء قبل التغيير عام 2003 أو بعده.. مؤشرًا بذلك استمرار محنة الإنسان العراقي أمام السلطة متخذًا من هذا الجانب مثالًا.
والسؤال الذي فات الراوي توجيهه لأبيه: "لماذا لم تقم أنت بالبحث عنه أو إخراجه إن كنت تعلم بمكانه" ص53، مع أنّه يقول له: "لا تفرّط بشبر من بيتك هذا" ص54.. هذا السؤال يؤجل الراوي إجابته إلى ص155 من الرواية حين يجد صندوق جدّه المدفون قرب (شجرة البنات) وعثوره ليس على سند العقار الذي يسكنه فقط: "رأيت سندًا ثانيًا باسم جدي أيضا، دققت رقم العقار المثبت عليه وتبين أنه سند البيت الذي يسكن فيه الحاج رشيد!".. رجل الأمن السابق المتهم بالوشاية بالعديد من معارضي النظام السابق وتصفيتهم.. "الناجي من محاولة اغتيال مؤخرا" ص14.. والمصاب، لاحقا، إصابة أقعدته في محاولة اغتيال ثانية نفذّتْ بطلب من الراوي: "قررتْ أنْ ينفذ هذا الأمر دون قتله أي إصابته ودون أنْ أكون متواجدًا في بيتي أو حتى في مدينتي" ص125-126. فالاصطدام من السلطة، أو مَنْ يمثلها، الذي أجّله الجد ومن ثم الأب.. سارع إليه الحفيد في محاولة منه للاحتفاظ بالدار للتخلص من ضغط المطالبات المتكررة والمشفوعة بأوراق مزورة قدها الحاج رشيد.. دون أنْ تفوتنا الإشارة هنا إلى رمزية الدار، وإلى الأسلوب الذي لجأ إليه الراوي والذي يتفق مع حالة الفوضى التي سادت بعد 2003 وما تركته من آثار على شخصية الفرد العراقي.
(3):
خط السرد الثاني يتعلّق بالبحث عمّا يدعم استمرار وإدامتها وسط ركام الموت ومخلّفاته التي أنتجتها حرب الخليج الثانية سنة 1991. فمن خلال رحلة بحث الراوي مع أصدقائه ( طاهر/ سالم/ فؤاد) عمّا يمكن الاستفادة منه من مخلّفات الحرب في الصحراء الممتدة من الناصرية وحتى حدود العراق الجنوبية؛ يكشف لنا الروائي إبراهيم سبتي حجم المأساة والدمار اللذين تعرض لها الجيش العراقي، وبالتالي الإنسان فيه، المنسحب من الكويت: "كل شيء يخبرنا بحجم المأساة والوجع وكأنني أسمع أنين الجرحى والحفاة الذين يتلوون من ألم الموت النازف. .......... إنها مصائر توزعتْ على رجال امتهنوا الموت قبل كل مهنة وراحوا يتراكضون هربا منه" ص95-69.
وبعيدا عمّا إذا كان (سالم) قد فقد فعلا في الرحلة.. أو أنه اختار الرحيل وحيدًا؛ فإن الرحلات التي قادها (حسون) بعد غيابه بحجة البحث عنه.. كشفت التغيير الذي طرأ على زملائه، أو ظهوره حين توفرت له أسباب الظهور. فـ(فؤاد)، أكثرهم إصرارا في البحث عن سالم.. و(طاهر) الذي كان "يرمي شباك نظراته حول المكان برمته علّه يحظى برؤية المفقود" ص98.. نراهما على حال أخرى حين أتيحت لهما فرصة الحصول على لقى ثمينة: "ودون تردد نزل فؤاد يختار عجلته وقد تلاشى حماس إيجاد سالم لديه وفعل طاهر مثله ورفضت أن أنزل فيما صاح بي حسون أن أقود سيارته "إن كنت لا أريد الحصول على غنيمتك"" ص98-99.
ولئن كان الروائي إبراهيم سبتي يضع حدًّا لرحلة البحث (الحقيقية) عن سالم ص104 بقوله على لسان الراوي: "لأول مرة أشعر بأننا قتلنا سالم، نحن كذابون مراوغون! أي بحث هذا الذي نقنع به أنفسنا بعد ثلاثة أيام من اختفاء الرجل؟" فإنه في روايته (سليل الخيال) يكشف لقارئه بعض آثار الحرب التي عاشها المواطن العراقي منذ عقود.. وما يزال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): سليل الخيال / رواية / إبراهيم سبتي / ط1 / 2020 / دار الورشة الثقافية للطباعة والنشر والتوزيع / بغداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس