الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع العربي الاسرائيلي و مراجعات في صفحات التاريخ 4-2.

عبير سويكت

2024 / 4 / 21
القضية الفلسطينية


عبير المجمر (سويكت)

الجزء الثاني

مواصلةً لسلسة مقالاتي حول الصراع العربي الاسرائيلي و مراجعات في صفحات التاريخ ، و تأملات في مواقف القوى السياسية السودانية بشكل خاص حول الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، و متابعةً لما أنقطع من حديث حول تباين الآراء السياسية الداخلية السودانية من القضية، يعتلي قائمة المؤيدين البارزين للتطبيع مع إسرائيل القيادي السياسي السوداني مبارك الفاضل المهدي المنسلخ من حزب الأمة و وزير استثمار أسبق، يقول في هذا الشأن أن القضية الفلسطينية أخرت العالم العربي كثيرا، وبعض الأنظمة العربية استغلتها ذريعة وتاجرت بها، وقال كذلك ان “الفلسطينيون باعوا أراضيهم، و ان الفلسطينيين طبعوا العلاقات مع إسرائيل، مضيفًا ان حتى حركة حماس أنشأتها إسرائيل وتحاورها رغم ما يظهر بينهما من خلاف.

من جانب اخر هناك بعض المعارضين لموقف الإمام الراحل الصادق المهدي الذي ظل مؤيدًا للقضية الفلسطينية و معارضًا للتطبيع ، هؤلاء المعارضين و ان كانوا قلة إلا انهم كتبوا مدافعين عن التطبيع قائلين ليس من العيب ان يستفيد العرب من إسرائيل و تستفيد منهم، قائلين ان دولة اليهود و بكل علميّة مثال دون سابق، واصفين عزيمة اليهود بالجبارة واصرارهم خارق في المضي قدماً على طريقٍ يُؤمِّنُ السِّلم لشعوبهم التي هامت آلاف السنين مشردة في بلاد الله الواسعة دون مأوي، دون هدف ودون سكينة على حد وصفهم!مردفين : أليس لأي شعب كان حقّه في الأمن والأمان؟ مضيفين ان إسرائيل لَمْ تَعُدْ دولة تعتمد في بناء حضارتها الجبّارة على دول الغرب بل العكس. أصبحوا في كل المجالات على قمة الأولمب، حققوا ما وصلوا إليه بالمثابرة والدأب على حد وصفهم، و ان اليهود تفوقوا في كل المجالات: الصناعية، التقنية، الزراعية، الإنسانية وحتى في مجال الديموقراطية! مواصلين وصفهم لليهود أنهم رغم عيشهم في الدياسبورا (الشتات) كمشردين ونازحين، بل كانوا أسرى وعبيد في كل الأزمنة التي انتهت بكارثة الهولوكوست الكبرى (المحرقة) والتي قتل فيها ما يقارب الستة مليون يهودي من كل بلدان العالم؛ ورغم كل هذه الكوارث فقد أثبتوا للبشرية جمعا مقدرتهم في تخطي الصعاب وقوة جأشهم في تسخير الجبال لتمور بهم ومعهم، وفوق هذا وذاك أثبتوا إنسانيتهم على حد تعبيرهم. متغزلين في الدولة اليهودية بالتى انصهرت فيها كل الثقافات من كل الجنسيات والأعراق والتوجهات (الفلاشا – العرب – الروس – الأمريكان، الخ.) في بوتقة الدولة الكبرى إسرائيل لتجعل منها قوة عظمى ضاربة غير قابلة للهزيمة لا من قبل الغرب و لا العرب.

في الوقت الذي نجد فيه آراء اخرى مثل الراحل الصادق المهدي أخر رئيس وزراء شرعي للسودان الذي قاد ديمقراطيتان و كذلك قائد المعارضة السودانية الذي لطالما عبر عن رفضه لاي تطبيع مع إسرائيل على حساب التنازل عن حق الفلسطينيين على حد قوله، واصفًا التطبيع بانه مؤامرة أمريكية إسرائيلية ضد فلسطين، واصفًا كذلك الدعوة للتطبيع مع إسرائيل بانها أسم " الدلع" للاستسلام، واصفًا أيضا إسرائيل بأنها ليست دولة طبيعية تكونت بشعار شعب بلا أرض، لأرض بلا شعب. أكذوبة فسكان الأرض المعنية يسجل التاريخ لهم وجود منذ ثلاثة آلاف عام قبل ميلاد السيد المسيح، وظهروا في عملات نقدية. على حد قوله.
موضحًا أنه صحيح ان اليهود أمة عانت من الاضطهاد الروماني الظالم، حيث استقرت في دول إمبريالية واجهت اضطهادًا ما أفرز نحوها معاداة السامية. وفي مرحلة لاحقة في القرن التاسع عشر تكون شعار حزبي قومي هو العودة إلى أرض صهيون في أرض فلسطين، وهو شعار قومي تبناه يهود علمانيون خلافًا لموقف المؤسسة الدينية اليهودية –الحرادييم- شعار عبأ به يهود علمانيون الإشكانزي، اقتبسوا أساليب الكولونيالية لتكوين دولة إسرائيل للتمدد في الأرض واحتلالها وطرد سكانها، وساعدهم على ذلك تعاطف الدول المنتصرة في الحرب الأطلسية الأولى 1914-1918، على حد تعبيره.
مستشهدًا آنذاك بقول مايكل أورن (Michael Oren) المؤرخ الأمريكي في كتابه بعنوان: "القوة والاعتقاد والخيال: سياسة أمريكا في الشرق الأوسط منذ 1776م حتى الآن"، قال: "لا يوجد عمل في مجال الهندسة الاجتماعية الأممية أوقح من تأييد أمريكا لقيام دولة يهودية وسط عالم عربي شديد العداء لذلك". وقال "إن النقاد منذ الحرب العالمية الأولى أجمعوا على مقولة إن هذا الإجراء سوف يؤدي لحروب مستمرة في المنطقة"، وقد كان.
و في تصريحات له سابقًا عن إسرائيل قال : قصتهم الأكثر ذيوعا في التاريخ الحديث أنهم ظلموا وبطش بهم فوجدوا عطفا عالميا كبيرا كمظلومين، هذا الظلم الذي استجلب لهم العطف في العصر الحديث جاءوا إلى فلسطين ومارسوه بشكل أكثر بشاعة وحماقة ومبالغة في حق الشعب الفلسطيني المظلوم صاحب الحق الضائع- هم في مشهدهم الحالي يجردون أنفسهم معنويا من أهم دور لهم في التاريخ القديم وأهم دور لهم في التاريخ الحديث ويلبسون هم أزياء الظالم الباطش الجلاد بينما يجعلون أهل فلسطين هم الذين يقومون بالدور التاريخي في التاريخ القديم والتاريخ الحديث.

في وصف الصادق المهدي "فكريًا " لما أسماه خلاف أساسي حول قضية الإرهاب، يقول ان موضوع الإرهاب يحتاج تعريف و تحديد لمفهومه، موضحًا بانه بأي حال من الأحوال لا يشمل مقاومة الاحتلال ولا يشمل حركات التحرير الفلسطينية، مبينًا: الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه السياسة الأمريكية هو السماح بالربط بين الإرهاب وبين حركات التحرير مما أعطى (صيغة المبالغة من الشر: شارون) الفرصة لكي يجعل الموقف الدولي ضد الإرهاب موقفا مشتركا ضد حركة التحرير الفلسطينية وفي هذا تجاوزات أساسية، فأمريكا نفسها خاضت حرب تحرير ضد بريطانيا ودعمت حركات تحرير في أمريكا اللاتينية وفي أفريقيا. فحركات التحرير يجيزها القانون الدولي كما يجيز الشرع الإسلامي المقاومة من اجل التحرير، و يضيف قائلًا: قد فرح التطرف الإسرائيلي بالموقف الدولي من الإرهاب والفهم الفضفاض للإرهاب واعتبر أن له الضوء الأخضر في تصفية القضية الفلسطينية، وهذا نفس الأسلوب الذي اتبعه هتلر في تصفية القضية اليهودية.

وفي ظل هذه الظروف برز تباين بين الموقف العربي الرسمي والموقف الشعبي كما ظهر تباين في الموقف بين أمريكا وحلفائها وبين أمريكا والموقف العربي، وتصاعدت المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وبين العدوان في الأراضي المحتلة، وأحال العدوان سياسته إلى محرقة ومجزرة. على حد وصفه.

يصف الصادق المهدي إسرائيل بأنها فرضت وجودها بالقوة، مضيفًا انه بعد هزيمتها للدول العربية في 1967 ضمت مساحة كبيرة: سيناء، وغرب الأردن، والجولان. ولإبرام صلح قررت الأمم المتحدة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة بموجب القرار الدولي رقم (242)، ولكن إسرائيل رفضت تنفيذه. هذا الاختلاف صار سببًا في حركات المقاومة الفلسطينية والعربية المختلفة، ويمثل النزاع الملتهب في الشرق الأوسط. على حد قوله.
مضيفًا أنه بموجب الاعتماد على قوتها أبرمت إسرائيل اتفاقيات سلام مع الدول المجاورة: في 1978 اتفاقية كامب ديفيد مع مصر. وفي 1994م اتفاقية سلام مع الأردن.
وفي 1993م مع منظمة التحرير الفلسطينية. هذه الاتفاقية لم تنفذ بل اليمين الإسرائيلي قتل إسحاق رابين الداعي لها. حسب تعبيره.
و يستمر الصادق المهدي في وصف وجود إسرائيل بهذا الشكل بالجسم الغريب المعتمد على القوة لا الشرعية أدى بعد حرب 1973 إلى موقف حدده هنري كيسنجر في 1974 قائلًا: "ينبغي انشغال العالم العربي بحروبه المحلية عن إسرائيل"، بهدف نهائي هو تقسيم العالم العربي رأسيًا وأفقيًا وإعادة خارطة دوله.
في ذات السياق يصف الصادق المهدي ما أسماه بالكيان الصهيوني بأنه مصمم على التشبث بدولته وضم احتلالاته، يقول : وفي 2002 قررت الدول العربية تقديم مشروع تسوية للقضية أهملته إسرائيل، بل انتهزت وجود شخصيات صهيونية أمريكية: مستشار الرئيس الأمريكي، والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، والسفير الأمريكي في إسرائيل -لمزيد من التشدد واقتراح "صفقة القرن" الاسم الخادع فلا هي صفقة ولا صلة لها بالسلام، بل تعني تصفية القضية الفلسطينية، ولن تُقبل أبدًا بل ترسم خطوط العداء المستمر.

و كان الصادق المهدي قد تنبأ بان تحالف دول بعينها مع إسرائيل الهدف منه تحضير حرب ضد إيران منبهًا آنذاك بان إيران ستجد معها تحالفًا دوليًا روسيًا وصينيًا وربما أوروبيًا، ولكنها تمثل كيان الشيعية السياسية الذي يضم عربًا في العراق، وفي لبنان، وفي سوريا، وفي البحرين، وفي اليمن، وعندهم قوى عسكرية غير رسمية مدربة ومسلحة ومعبأة عقائديًا كما أثبت الحوثيون في اليمن. وليس من مصلحة أية دولة عربية خوض حرب في تحالف مع إسرائيل؛ إذ أن مجرد هذا التحالف سوف ينفر الشعوب، وكل بلاد طبعت مع إسرائيل مع وجود تعددية فكرية وسياسية أدت لردة فعل نقضت التطبيع كما في موريتانيا وفي لبنان. على حد قوله.

في ذات الوقت تنبأ الصادق المهدي موضحًا ان مستقبل الرئيس الاميركي الأسبق ترامب و رئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو سيكون السجن عاجلًا او آجلا، مضيفًا بان جميع الواهمين بأن التطبيع سوف يمنحهم حماية من أية مساءلة جنائية، مع أن الرجلين المنوط بهما هذه الحماية، ترامب ونتنياهو، مرشحان للسجن في المستقبل القريب. الحماية أو العفو هو بيد المتضررين خاصة والشعب السوداني عامة.

مضيفًا في بعض تصريحاته ان التطبيع خيانة و لا علاقة له بالحريات، مطالبًا بتصعيد دولي ضد إسرائيل و مقاطعة إقتصادية و مطالبة فرض عقوبات. و كان قد هدد آنذاك بإسقاط حكومة حمدوك و العسكر حال أكملت التطبيع مع إسرائيل. موضحا ان التطبيع لن يحقق اي مصالح للسودان بل تحدث عن خطر ما اسماه بالكيان الصهيونى و إتهامه بالمشاركة في فصل جنوب السودان لتحقيق أجندته و سعيه لتفكيك السودان الى خمس دويلات.

و في حديثه آنذاك عن إمكانية تطبيع السودان مع إسرائيل قال : السودان أرض "اللاءات الثلاث"، لتهزم بالنعمات المستجيبة، وهو قد أعلن مع آخرين تلك اللاءات وهو حر الإرادة. ولكن يبدو الآن أننا سوف نساق بالعصا للتطبيع بادعاءات وهمية: فالإدارة الأمريكية لا تملك منفردة إلغاء الدين الخارجي، وهو بيد نادي باريس. وقد صار واضحًا أن للدول الأوربية الآن نهجًا مستقلًا.
ومسألة اسم السودان في قائمة رعاية الإرهاب موضوعيًا سقطت؛ فلا يعقل تحميل الشعب المعتدَى عليه ذنوب المعتدِي عليه، والأمر على أية حال بيد المشرعين الأمريكان. أما حجم الغرامة المطلوب سدادها فهو بيد المتضررين والقضاء الأمريكي المستقل. الرئاسة الأمريكية تعطي ما لا تملك.
التطبيع بهذه الطريقة الابتزازية يدل على عدم وعي بإحساس السودانيين الكبير بالكرامة، وحتى الذين يؤيدون لأسبابهم إقامة علاقات مع إسرائيل؛ سوف ينفرون من هذا الأسلوب المذل.

مضيفًا ان في مقابلة له مع المبعوث الأمريكي للسودان بتاريخ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2020، قال له: راعوا آثار سياساتكم التي تعود بنتائج عكسية. وقلت له: إن إصراركم على جر السودان للتطبيع، وإن تخلفكم عن الاعتراف بالتغيير الثوري الإيجابي ورفع اسم السودان المستحق بعد الثورة مباشرة، والمناورة بهذا الموضوع سوف يساهم في إفشال المرحلة الانتقالية وتصير السياسة الأمريكية شريكًا في تعويق التحول الديمقراطي وفتح المجال للمغامرات أو الفوضى أو تمدد حركات التشدد المختلفة. قلت له: إن أية سياسة تحقق عكس مقاصدها مؤذية لأصحابها.
كما قلت للمبعوث النرويجي بتاريخ 28 تشرين الأول/أكتوبر: أرجو أن تقوم بلادكم بنصح زملائها في الترويكا بخطر انتهاز هشاشة وضع السودان لإجباره على تطبيع مذل. على حد قوله.

أخيرا و ليس اخرا، و بعد وفاة الصادق المهدي في الإمارات العربية المتحدة التى نُقل لها بالطائرة بتوصية من رئيس الوزراء السابق حمدوك بالرغم من إصرار الراحل الصادق حالعلاج داخل السودان في مستشفى علياء العسكري، و إصرار شخصية معينة في مكتب حمدوك ان يتم إخراج بيان رسمي من اسرة الصادق لإعلان انه مصاب بي كورونا، و إصرار شديد على نقله للإمارات التى توفي فيها، إلا انه بعد فترة من وفاته نشرت إحدى بناته فيديو مسجلا له قبل وفاته يقول فيه انه اذا اصابه اي مكروه يتهم إسرائيل بتصفيته بسبب توعده مجابهة اي محاولة لإدخال السودان في تطبيع مع إسرائيل، و وصفه محاولة أجبار السودان على التطبيع بمحاولة تركيع السودان و سلب كرامته على حد وصفه.

نواصل في الأجزاء القادمة في استعراض تباين المواقف السياسية السودانية المختلفة حول الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. مصادرنا: استهداف مسيرة إسرائيلية لسيارة في بنت جبيل جنوبي لب




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. مصادر عربية متفائلة بمحادثات القاهرة.. وتل أبيب تقول إنها لم




.. بروفايل | وفاة الداعية والمفكر والسياسي السوري عصام العطار